لا يبدو أنهم توقفوا، ولا يوجد ما يشير إلى ذلك .
تواصل مقبرة أكمة الصغفاني الحضور كفريسة قابلة للسطو ، فيما يفضل رجل البر والتقوى ، تهدئة اللعب وإفساح المجال أمام مساعديه الميامين لإنضاج الصفقة المربحة بطريقتهم المخرسة لكل الأصوات الشاذة ، بحسب توصيف أبطال الموقعة العامرة بالورع والتقوى .
تتجمع الذئاب حول الفريسة ، وتكاد أن تنشب مخالبها في جسد المدينة الهش واليابس تماماً .
كنت كتبت ما يشبه التماساً بتوقيف هذا ( العمل الخيري ) ، وبيقين من اطمأن للنتيجة التي سيجلبها ذلك الإلتماس ، دون أن أدرك ( لامبالاة ) فريق الخير المرافق لرجل البر مروان صبرة ، إذْ بدا واضحاً أن فريق العمل الخيري ماضٍ في منح الموتى ما يستحقونه من التقدير والإكبار لحرمة أجسادهم المتحللة وعظامهم المنكشفة على مدينة ، أشعرها عصام المخادري وعبداللطيف المعلمي أنها تعيش بذمّةٍ معطوبة ووجه ( مدحوس ) .
يسعى البعض جاهداً إلى تضليلنا بطريقةٍ خبيثةٍ ، تنحصر بدايةً في الحديث عن الأبعاد الإنسانية والدينية في تسوير المقبرة ، وتصوير تلك الرغبة كأنها ناتجة عن إيمانٍ وورع ، وحدهما من كانا حاضرين في ذلك الهدف النبيل ، والذي يوجب - بحسب مستشاري السوء - تقديم الشكر والإمتنان لفاعل الخير سالف الذكر ، نظير هذا البذل والعطاء الإستثنائي بغية مرضاة الله . يسترسل ( الأباليس ) في تسويق خطورة العزوف والوقوف بوجه هذه الخطوة ، مع الإستشهاد بالأحاديث والأيات القرآنية التي تحض على مثل هذه الأعمال ، وضرورة تشجيع هكذا خطوات وأعمال خيرية ، قد لا يغفل أولئك المؤمنون اختيار ما يختتمون به هذه الدعوة بالقول إن ( الدال على الخير كفاعله ) ، وهي طريقة جيدة للتخفي خلفها وصرف أنظار المجتمع عن الهدف الحقيقي والمكاسب التي سيجنبها ذلك المؤمن الورع قياساً بما سينفقه في تسوير تلك المقبرة .
ربما يجب على الشيخين الجليلين الشيخ عبده عبدالله الحميدي ، والشيخ محمد المهدي ، لزوم منزليهما والتفرغ لتدبير شؤونهما وحياتهما الخاصة ، وأن يكونا مطمئنين لحال إب وقد ظفرتْ بأصحاب الفضيلة ( مروان صبرة وعصام المخادري ) كفاعلي خير ، لن يدخرا جهداً في سدّ الفراغ الذي سيخلَّفه الشيخان الجليلان ( الحميدي - المهدي ) حفظهما الله تعالى ، لتعيش إب مرحلةً جديدةً من التكافل والرخاء والفضيلة .
يواصل فضيلة الشيخ عصام المخادري إرسال مجساته في كل زوايا المدينة مستكشفاً ما يصلح لتهدئة وإرضاء نهم رجل الإحسان والبر القاضي مروان صبرة ، ويجهد نفسه في إثبات قدرته على تنفيذ ما أُوكل به ، والذي وصل ذروته بإحضار مجموعة من الشخوص ( عقال حارات المنطقة ) ، لا يبدو عليهم الورع ومظاهر التقوى ، غير أنهم يتمتعون بذمم معطوبة وضمائر تالفة ، لم تنجح حتى اللحظة في تمرير الصفقة المربحة تلك ، ليقف أهالي المتطقة ( أكمة الصعفاني ) في وجه العمل الخيري الذي حضر باكراً ببزّته العسكرية الرسمية في حادثةٍ ، لم يسبق لإب أن شهدت مثلها ذات يوم .
تتفوق إب على مثيلاتها من المدن ، ويرتفع مؤشر الفضيلة فيها ليصل الذروة ، والذي لم يكن متاحاً قبل بزوغ نجمي الأعمال الخيرية والإنسانية ( مروان صبرة وعصام المخادري ) ، والذين قدما سبقاً جديداً في تنفيذ المشروعات الخيرية والتي حضرت اليوم ببزتها العسكرية ، ومتشحة برغبة - متخففة من المصالح - في ستر عورات الموتى ، وسد المنافذ التي يتسلل منه الشيطان لإغواء البشر ، والنأي بالمكان ليكون روضة للموتى لا ساحة للعشاق ومحبي الإنحلال الأخلاقي والسقوط القيمي . بحسب ما يطرحه دائما فضيلة العلامة عصام المخادري وعلى النحو الذي يشعرك بحرصه المبالغ فيه ، على الذوق العام وتجنب خدش القيم المجتمعية أو التعرض لها بسوء .
لا يبدو عبداللطيف المعلمي بعيداً عن هذه المسرحية الهزلية ، غير أنه اكتفى بدور الكومبارس تاركاً للعلامة الجهبذ عصام المخادري دور بطلٍ ، انتهت به الأيام ليؤدي هذا الدور البائس والسيء وغير اللائق .
أدرك شهامة ومروءة الشيخ عبدالواحد صلاح ، وأدرك الخيرية التي تسكنه ، وأعلم تماماً كغيري أن الشيخ عبدالواحد صلاح يمتلك من القدرة واتساع الأفق ، ما يمكنه من رفض هذا المشروع والإنحياز لصوت أبناء المنطقة وإرادتهم ، وأنه سيدرك من خلال ما عرف به من نقاء وطيبة ، مكامن الخلل الذي سيعبر منه السوء وسيتمكن بحنكته من سد تلك الفراغات ، وبما يدفع عن أبناء تلك المنطقة - ونحن -الشعور بالغبن والمرارة .
ينظر الشيخ عبدالواحد صلاح إلى الجانب الجيد من عملية تسوير المقبرة ،
والتي قد تبدو - بحسب ما رشح من معلومات - هي الغائب عن الشيخ عبدالواحد صلاح .
ربما يتوجب علي الإفصاح عن الجانب الآخر من عملية تسوير مقبرة أكمة الصعفاني ، معتمداً على ما تبقى لدي من قدرات رياضية ، سيكون من اليسير على الشيخ عبدالواحد صلاح فهمها واتخاذ القرار المناسب تجاه هذه العملية.
سيصل تكلفة السور بحسب العلامة عصام المخادري إلى ما يزيد عن ستين مليون ريال ، سيتحصل بموجبها فضيلة العلامة القاضي مروان صبرة
على المساحة الأمامية المقابلة لمبنى الأوقاف في شارع الثلاثين والتي يقدر طولها بـ( 80 - 90 ) م وبعمق ( عرض ) 12 متراً ، ليكون إجمالي المساحة بضرب الطول في العرض 1080م مربعاً ، يتم قسمتها على 56م مربعاً ( مساحة القصبة ) وبما يعادل ( 19.29 قصبة ) ، قد تصل قيمتها إلى ما يزيد عن ثلاثمائة مليون ، وهو ما ينسف ادعاءات صبرة والمخادري والمعلمي وينفي الخيرية عن فعلهما الذي يمكن وصفه بالعمل الذي ظاهره الرحمة وباطنه الخراب والسطو والمصلحة .
أراهن على ما سيتخذه الشيخ عبدالواحد صلاح لمنع هذه العملية ، وبيقين من يؤمن من هو ( ولد أحمد صلاح ) ، كما يذكره كثيرون ويعرفون منبته الكريم وفطرته السليمة ، وأن الشيخ لن يتمسك بعاهتين ويدير ظهره لكل أبناء المنطقة بعد أن خرج الجميع ( رجال - شباب - أطفال ونساء ) رافضين هذه العملية الخادعة ، ومؤكدين على حقهم في مواجهة المعتدين وأذيالهم
والذين كانوا أشبه بمجسات قادرة على تسويق الزيف واستباحة القيم والثقة التي مُنحت لهم .
سننتظر ما يكون وبأمل من سيجد صرامة الشيخ وقوله الفصل كما حدث مع ساحة خليج الحرية .