بعد‭ ‬ثمانية‭ ‬أشهر‭ ‬في‭ ‬ثلاجة‭ ‬الموتى‭ ‬بإب دون الاقتصاص العادل..فيصل‭.. ‬نعشاً‭ ‬يُحمل،‭ ‬والقتلة‭ ‬يحتمون‭ ‬بمعسكراته

  • الوحدوي نت - إب - إبراهيم البعاداني:
  • منذ 13 سنة - Tuesday 06 July 2010
بعد‭ ‬ثمانية‭ ‬أشهر‭ ‬في‭ ‬ثلاجة‭ ‬الموتى‭ ‬بإب دون الاقتصاص العادل..فيصل‭.. ‬نعشاً‭ ‬يُحمل،‭ ‬والقتلة‭ ‬يحتمون‭ ‬بمعسكراته


قبل‭ ‬ثمانية‭ ‬أشهر‭ ‬انفردت‭" ‬الوحدوي نت"‭ ‬بنشر‭ ‬خبر‭ ‬أبشع‭ ‬جريمة‭ ‬شهدتها‭ ‬محافظة‭ ‬إب،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬عزلة‭ ‬الشراعي‭ ‬ومديرية‭ ‬جبله‭ ‬تضمن‭ ‬قتل‭ ‬المواطن‭ ‬فيصل‭ ‬قاسم‭ ‬علوان‭ ‬20‭ ‬عاماً‭ ‬بطريقة‭ ‬بشعة‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬عصابة‭ ‬مسلحة‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬عشر‭ ‬فرداً‭ ‬حين‭ ‬استدرجوه‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬عمله‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬الأصابح‭ ‬وانهالوا‭ ‬عليه‭ ‬ضرباً‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬أطلقوا‭ ‬عليه‭ ‬رصاصة‭ ‬في‭ ‬رأسه‭ ‬لينهوا‭ ‬المعركة‭ ‬لصالحهم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قاومهم‭ ‬وكاد‭ ‬أن‭ ‬ينتصر‭ ‬عليهم‭ ‬جميعاً،‭ ‬وبعد‭ ‬ان‭ ‬تأكد‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬الضحية‭ ‬قد‭ ‬فارق‭ ‬الحياة‭ ‬وخوفاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يفتضح‭ ‬أمرهم‭ ‬قاموا‭ ‬بنقل‭ ‬الجثة‭ ‬والقوا‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬حافة‭ ‬الجبل‭ ‬لتستقر‭ ‬في‭ ‬أسفل‭ ‬الوادي‭.‬
لكن‭ ‬وفي‭ ‬تلك‭ ‬الدقائق‭ ‬الإجرامية‭ ‬الدموية،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬تابع‭ ‬تفاصيل‭ ‬الاعتداء‭ ‬والقتل،‭ ‬حيث‭ ‬رأت‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬اللاتي‭ ‬كن‭ ‬يرعين‭ ‬الأغنام‭ ‬ويحتطبن‭ ‬من‭ ‬الجبل‭ ‬ما‭ ‬حدث،‭ ‬ولولاهن‭ ‬لضاع‭ ‬دم‭ ‬الضحية‭ ‬وسجلت‭ ‬القضية‭ ‬ضد‭ ‬مجهول‭.‬
النسوة‭ ‬سارعن‭ ‬إلى‭ ‬إبلاغ‭ ‬أهالي‭ ‬القرية،‭ ‬الذين‭ ‬بدورهم‭ ‬أبلغو‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬إلقاء‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬ستة‭ ‬من‭ ‬الجناة‭ ‬فيما‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬ثلاثة‭ ‬فارين‭ ‬من‭ ‬وجه‭ ‬العدالة‭.‬
ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬وجثة‭ ‬الشاب‭ ‬فيصل‭ ‬ترقد‭ ‬في‭ ‬ثلاجة‭ ‬الموتى‭ ‬بمستشفى‭ ‬الثورة‭ ‬بإب،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬رفضت‭ ‬أسرته‭ ‬وأهالي‭ ‬الشراعي‭ ‬دفنه‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬القصاص‭ ‬من الجناة‭.‬
ورغم‭ ‬اعتراف‭ ‬الجناة‭ ‬بارتكاب‭ ‬جريمتهم‭ ‬البشعة‭ ‬لم‭ ‬يقدم‭ ‬أحدٌ‭ ‬منهم‭ ‬إلى‭ ‬المحاكمة،‭ ‬فيما‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬والنيابة‭ ‬من‭ ‬إحضار‭ ‬باقي‭ ‬الجناة‭ ‬وهم‭ ‬أربعة‭ ‬جنود‭ ‬إلى‭ ‬وحداتهم‭ ‬العسكرية،‭ ‬ورغم‭ ‬وجود‭ ‬أوامر‭ ‬بإلقاء‭ ‬القبض‭ ‬القهري‭ ‬عليهم‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الأوامر‭ ‬تضيع‭ ‬عن‭ ‬بوابة‭ ‬تلك‭ ‬المعسكرات‭.‬
وحسب‭ ‬أهالي‭ ‬الشراعي‭ ‬وأسرة‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬وكذلك‭ ‬اعتراف‭ ‬الجناة‭ ‬أنفسهم‭ ‬فإن‭ ‬سبب‭ ‬ارتكابهم‭ ‬لهذه‭ ‬الجريمة‭ ‬البشعة‭ ‬تأتي‭ ‬لأسباب‭ ‬وخلافات‭ ‬أسرية‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬حلها‭ ‬بالاحتكام‭ ‬للعقل‭.‬
لكن‭ ‬تجبر‭ ‬الجناة‭ ‬جعلهم‭ ‬يغترون‭ ‬بأنفسهم‭ ‬ويستخدمون‭ ‬العنف‭ ‬لحل‭ ‬تلك‭ ‬الخلافات‭.‬
ثمانية‭ ‬أشهر‭ ‬وفيصل‭ ‬علوان‭ ‬يرقد‭ ‬جثة‭ ‬هامدة‭ ‬في‭ ‬ثلاجة‭ ‬الموتى،‭ ‬والجناة‭ ‬ينعمون‭ ‬بالراحة،‭ ‬وبعضهم‭ ‬يسرح‭ ‬ويمرح،‭ ‬فيما‭ ‬أسرة‭ ‬الضحية‭ ‬تحولت‭ ‬حياتها‭ ‬إلى‭ ‬جحيم‭ ‬وبؤس‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فقدوا‭ ‬معيلهم‭ ‬الوحيد،‭ ‬فلم‭ ‬يحتمل‭ ‬والده‭ ‬الحاج‭ ‬قاسم‭ ‬علوان‭ ‬الصدمة‭ ‬حين‭ ‬علم‭ ‬بمقتل‭ ‬نجله‭ ‬البكر‭ ‬بتلك‭ ‬الطريقة‭ ‬البشعة،‭ ‬فكانت‭ ‬فاجعته‭ ‬كبيرة‭ ‬ومن‭ ‬يومها‭ ‬وهو‭ ‬طريح‭ ‬الفراش‭ ‬لا‭ ‬يقوى‭ ‬على‭ ‬الحركة‭.‬
ثمانية‭ ‬أشهر‭ ‬وأهالي‭ ‬الشراعي‭ ‬يتابعون‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬والنيابة،‭ ‬ويطالبون‭ ‬بتقديم‭ ‬الجناة‭ ‬إلى‭ ‬المحاكمة‭ ‬وإلقاء‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬باقي‭ ‬الجناة،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬مجيب‭ ‬لمطالبهم‭ ‬كون‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬ظهر‭ ‬يريد‭ ‬حل‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬بشكل‭ ‬ودي‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الصلح‭ ‬القبلي‭ ‬فمن‭ ‬غير‭ ‬المعقول‭ ‬في‭ ‬عرفهم‭ ‬أن‭ ‬يتحمل‭ ‬كامل‭ ‬الجناة‭ ‬مسؤولية‭ ‬قتل‭ ‬الشاب‭ ‬فيصل،‭ ‬فالعدل‭ ‬في‭ ‬عرفهم‭ ‬أن‭ ‬تنتهي‭ ‬القضية‭ ‬بدفعهم‭ ‬الدية‭ ‬كون‭ ‬دم‭ ‬الضحية‭ ‬تفرق‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الجناة‭.‬
لكن‭ ‬أهالي‭ ‬الشراعي‭ ‬رفضوا‭ ‬تغليب‭ ‬الأعراف‭ ‬القبلية‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬والشرع‭.‬
‭ ‬ثمانية‭ ‬أشهر‭ ‬وهؤلاء‭ ‬يصولون‭ ‬ويجولون‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬مخرجٍ‭ ‬لهذا‭ ‬المأزق‭ ‬وإخراجهم‭ ‬من‭ ‬احراجات‭ ‬الأهالي‭ ‬الذي‭ ‬حملوهم‭ ‬مسؤولية‭ ‬تمييع‭ ‬قضية‭ ‬فيصل‭ ‬فأصبحوا‭ ‬كالغرباء‭ ‬بين‭ ‬أهالي‭ ‬المنطقة‭.‬
بعد‭ ‬هذه‭ ‬الشهور الطويلة‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬وجد‭ ‬وجهاء‭ ‬المنطقة‭ ‬وبعض‭ ‬مسؤولي‭ ‬المحافظة‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬فائدة‭ ‬مرجوة‭ ‬من‭ ‬تأخير‭ ‬أو‭ ‬تمييع‭ ‬القضية،‭ ‬كان‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬حدٍ‭ ‬لهذه‭ ‬المعاناة‭ ‬‭.‬
بعد‭ ‬ثمانية‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬الانتظار‭ ‬لتحقيق‭ ‬العدل‭ ‬وبعد‭ ‬ضغوط‭ ‬مستمرة‭ ‬من‭ ‬الأهالي‭ ‬وافقت‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬الجناة‭ ‬إلى‭ ‬المحاكمة‭ ‬والمطالبة‭ ‬بتسليم‭ ‬باقي‭ ‬الجناة،‭ ‬وبعد‭ ‬معرفة‭ ‬الأهالي‭ ‬برضوخ‭ ‬المسؤولين‭ ‬لمطالبهم‭ ‬وافقوا‭ ‬على‭ ‬إخراج‭ ‬جثة‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬فيصل‭ ‬قاسم‭ ‬علوان‭ ‬من‭ ‬ثلاجة‭ ‬الموتى،‭ ‬وفي‭ ‬صباح‭ ‬الخميس‭ ‬غادر‭ ‬فيصل‭ ‬ثلاجة‭ ‬مستشفى‭ ‬الثورة‭ ‬بإب‭ ‬لكن‭ ‬خروجه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بالمشي‭ ‬العادي‭ ‬فقد‭ ‬حضر‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬أهالي‭ ‬المنطقة‭ ‬لاستلام‭ ‬جثة‭ ‬قتيلهم‭ ‬يستقلون‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مائتي‭ ‬سيارة‭ ‬تتقدمهم‭ ‬السلطة‭ ‬المحلية‭.‬
هذه‭ ‬الحادثة‭ ‬المشئومة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الأخيرة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬استمر‭ ‬تخاذل‭ ‬السلطات‭ ‬ومماطلتها‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬قضايا‭ ‬المواطنين‭ ‬وعدم‭ ‬التعامل‭ ‬بجدية‭ ‬وحزم‭ ‬مع‭ ‬الخارجين‭ ‬عن‭ ‬القانون‭.‬
الكثير‭ ‬من‭ ‬أهالي‭ ‬جبلة‭ ‬وعزلة‭ ‬الشراعي‭ ‬أكدوا‭ ‬عدم‭ ‬سكوتهم‭ ‬عن‭ ‬ضياع‭ ‬حقوقهم،‭ ‬مؤكدين‭ ‬أن‭ ‬دم‭ ‬فيصل‭ ‬علوان‭ ‬لن‭ ‬يضيع‭ ‬هدراً‭ ‬ويتمسكون‭ ‬بكل‭ ‬خيوط‭ ‬القانون‭ ‬والشرع‭ ‬للوصول‭ ‬الى‭ ‬خاتمة‭ ‬مشرفة‭ ‬لهم‭ ‬ولقتيلهم،‭ ‬مطالبين‭ ‬محافظ‭ ‬إب‭ ‬ووزير‭ ‬الداخلية‭ ‬بسرعة‭ ‬إخطار‭ ‬بقية‭ ‬الجناة‭ ‬الذين‭ ‬يحتمون‭ ‬داخل‭ ‬معسكرات‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭.‬