الوحدوي نت تنشر نص تقرير "ميليس" حول اغتيال الحريري

  • الوحدوي نت
  • منذ 18 سنة - Saturday 22 October 2005
الوحدوي نت تنشر نص تقرير "ميليس" حول اغتيال الحريري

الوحدوي  نت تنشر النص الحرفي لتقرير "ميليس"بموجب قرار مجلس الأمن 1595 (2005)
بيروت في 19 تشرين الأول/أكتوبر 2005بشأن أغتيال رئيس الوزراء اللبناني توفيق الحريري والذي اعتبرته سوريا بانه تقريرا مسيسا

ملخص تنفيذي

1- اتخذ مجلس الأمن الدولي في 7أبريل/ نيسان2005 القرار رقم 1595 القاضي بإنشاء لجنة تحقيق دولية مستقلة مقرّها لبنان، لمساعدة السلطات اللبنانية في تحقيقها بشأن كل جوانب الهجوم الإرهابي الذي حدث في 14 فبراير/شباط 2005 في بيروت وقتل فيه رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري وغيره، وتتضمن مهامها المساعدة في معرفة المنفذين والمشرفين والمنظمين والشركاء في الهجوم.

2- الأمين العام(للأمم المتحدة) أبلغ المجلس أن اللجنة بدأت عملها الكامل في 16 يونيو/حزيران 2005. ومُدّد انتداب اللجنة الأساسي الذي أصدره المجلس حتى 26 أكتوبر تشرين الأول 2005.

3- حظيت اللجنة خلال تحقيقها بدعم كثيف من حكومة لبنان واستفادت من إسهام خبراء من عدد من الهيئات الوطنية والدولية.

4- الخطوط الأساسية لتحقيق اللجنة ركزت على موقع الجريمة، والجوانب التقنية للجريمة ، وتحليل الاتصالات الهاتفية المراقبة. وشهادة أكثر من 500 شاهد ومصدر، وكذلك السياق المؤسسي الذي حدثت فيه الجريمة.

5- ملف التحقيق في القضية نقل كاملا إلى السلطات اللبنانية في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2005.

6- يضع هذا التقرير الخطوط الكبرى لمجرى التحقيق الذي أجرته اللجنة، وملاحظاتها فيه، واستنتاجاتها، لينظر فيها مجلس الأمن. وهو يحدد أيضاً المسائل التي قد يكون من الضروري متابعة التحقيق فيها.

7- ترى اللجنة أن الاغتيال في 14 فبراير/شباط 2005 ارتكبته مجموعة لها تنظيم واسع وإمكانات وقدرات كبيرة.وجرى التحضير لها لأشهر عدة. ولهذا الغرض رصد توقيت تحرك السيد رفيق الحريري ومواقعه، وسُجّل مسار موكبه بالتفصيل.

8- بناء على ما توصلت إليه اللجنة والتحقيق اللبناني حتى الآن، وعلى أساس الأدلة المادية والوثائق المجموعة، والقرائن التي أمكن الحصول عليها حتى الآن، ثمّة أدلّة تتفق على أن ثمّة تورّط لبناني وسوري في هذا العمل الإرهابي. ومعروف جيداً أن للاستخبارات العسكرية السورية وجود واسع في لبنان، على الأقل حتى انسحاب القوات السورية، بموجب القرار 1559. وكان كبار مسؤولي الأمن اللبنانيين السابقين قد عيّنهم جهاز الاستخبارات السورية هذا. ولما كانت أجهزة الاستخبار السورية واللبنانية العاملة معاً متغلغلة في المؤسسات والمجتمع في لبنان، فإنه يصعب تخيّل أن يكون هذا الاغتيال المعقّد قد ارتُكب من دون معرفتها.

9- تستنتج اللجنة أن التحقيق المستمر ينبغي أن تتولاه السلطات اللبنانية القضائية والأمنية الملائمة، التي أثبتت أثناء التحقيق أنها تستطيع، بالمساعدة والمساندة الدوليين، أن تسير قدماً، وأحياناً أن تقود التحقيق بطريقة فعالة ومهنية. وفي الوقت ذاته على السلطات اللبنانية أن تنظر في كل فروع القضية، وبضمنها الحركة المصرفية. ولا بد من وضع انفجار 14 فبراير/شباط بوضوح في سياق تسلسل الانفجارات التي سبقته وأعقبته، ما دام يمكن أن تكون ثمة صلة بين بعضها، إن لم يكن بينها جميعاً.
10- لذا ترى اللجنة أن بذل المجتمع الدولي جهداً لإنشاء قاعدة دعم وتعاون مع السلطات اللبنانية في حقلي الأمن والقضاء أمر ضروري. وسيؤدي هذا إلى تعزيز ثقة الشعب اللبناني في نظام أمنهم، وفي ثقتهم بقدراتهم.


الفهرس

تسلسل الأحداث من منتصف عام2004 ـ إلى سبتمبر أيلول 2005

1 ـ مقدمة
2 ـ الخلفية
3 ـ الجريمة
4 ـ التحقيق اللبناني
5 ـ تحقيق اللجنة
6 ـ الاستنتاج


تسلسل الأحداث من منتصف عام 2004 إلى سبتمبر/أيلول 2005

26 أغسطس/آب 2004، التقى رفيق الحريري في دمشق الرئيس السوري بشار الأسد لمناقشة تمديد ولاية الرئيس لحود.

2 سبتمبر/أيلول 2004، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 1559 الخاص بالوضع في الشرق الأوسط، ودعا إلى انسحاب جميع القوات الأجنبية من لبنان.

3 سبتمبر/أيلول 2004، كتلة رفيق الحريري أيدت قانون تمديد ولاية الرئيس لحود.

3 سبتمبر/أيلول2004 مجلس النواب اللبناني أقر قانون تمديد ولاية الرئيس لحود وحوّله إلى الحكومة اللبنانية لتنفيذه.


7 سبتمبر/أيلول 2004، استقال من الحكومة وزير الاقتصاد مروان حمادة ووزير الثقافة غازي العريضي ووزير شؤون المهجرين عبدالله فرحات ووزير البيئة فارس بويز، اعتراضاً على التعديل الدستوري.

9سبتمبر/أيلول ، أبلغ رئيس الوزراء رفيق الحريري الصحافيين انه سيستقيل.

1 أكتوبر/تشرين الأول 2004 محاولة اغتيال مروان حمادة في بيروت، لبنان.

4 أكتوبر/تشرين الأول 2004 رفيق الحريري يستقيل من رئاسة الحكومة.

11 أكتوبر/تشرين الأول2004 الرئيس السوري بشار الأسد يلقي خطبة يدين فيها منتقديه في لبنان والأمم المتحدة.

19 أكتوبر/تشرين الأول2004 مجلس الأمن الدولي يعرب عن قلقه حيال عدم تنفيذ القرار 1559.

20 أكتوبر/تشرين الأول 2004 الرئيس لحود يقبل استقالة الحريري ويكلف عمر كرامي تأليف الحكومة الجديدة.
2005

14 فبراير/شباط 2005 مقتل رفيق الحريري و22 آخرين في انفجار ضخم عند ساحل البحر في وسط بيروت.

8 مارس آذار2005 حزب الله ينظم تظاهرة تضم مليون شخص "مؤيدة لسوريا".

14 مارس/آذار 2005 تظاهرة مضادة يقودها المسيحيون والسنّة تطالب بانسحاب القوات السورية وباعتقال رؤساء أجهزة الأمن والاستخبارات.

19 مارس/آذار2005 انفجار قنبلة في الجديدة، وهي حي شمال بيروت، وجرح 11 شخصاً.

23 مارس/آذار 2005 مقتل ثلاثة وجرح ثلاثة آخرين في انفجار في مركز تجاري في الكسليك، شمال بيروت.

25 مارس/آذار2005 لجنة تقصي الحقائق الدولية تصدر تقريراً في نيويورك.

26 مارس/آذار 2005 ، قنبلة في حقيبة تنفجر في منطقة صناعية شمال شرق بيروت، وتجرح ستة.
1 أبريل/نيسان 2005 جرح 9 أشخاص في مرأب تحت الأرض في مبنى تجاري وسكني خال في برمانا.

7 أبريل/نيسان 2005 مجلس الأمن الدولي ينشئ لجنة تحقيق دولية مستقلة في قضية اغتيال رفيق الحريري و22 آخرين في فبراير/شباط 2005.

19 أبريل/نيسان 2005 رئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي يعلن عقد انتخابات نيابية في 30 مايو/أيار 2005.

22 أبريل/نيسان2005 يقرر اللواء جميل السيّد مدير قوى الأمن الداخلي، واللواء علي الحاج، المدير العام في الأمن العام وضع نفسيهما في تصرف رئيس الوزراء نجيب ميقاتي.

26 أبريل/نيسان2005 آخر القوات السورية تغادر لبنان وتنهي وجوداً عسكرياً استمر 29 عاماً.
26أبريل/نيسان 2005 لجنة التحقيق الدولية تبدأ عملها لتأكيد انسحاب القوات السورية وجهاز الاستخبارات السوري تماماً من لبنان، والتزام سوريا الكامل للقرار 1559.
6 مايو/أيار 2005، انفجار قنبلة في جونية، شمال بيروت وجرح 29 شخصاً.

7 مايو/أيار2005 عقد مجلس النواب لاعتماد تعديل قانون سنة 2000 الانتخابي.

30 أمايو/أيار 2005 عقد الجولة الأولى من الانتخابات، وحصول لائحة الشهيد رفيق الحريري وتحالف حركة المستقبل التي يرأسها سعد الحريري، والحزب التقدمي الاشتراكي وتجمع قرنة شهوان على كثرة المقاعد في مجلس النواب.
2 يونيو/حزيران 2005 ، مقتل الصحافي سمير قصير بانفجار سيارته في شرق بيروت.
21 يونيو/حزيران 2005 ، مقتل زعيم الحزب الشيوعي السابق جورج حاوي بانفجار سيارته قرب منزله في وطى المصيطبة.
30 يونيو/حزيران 2005 فؤاد السنيورة، وزير المال السابق في حكومات رفيق الحريري يؤلف الحكومة الجديدة من 23 وزيراً.
12 يوليو/تموز2005 جرح وزير الدفاع الياس المر، ومقتل اثنين آخرين في هجوم بسيارة ملغومة في بيروت.

22 أغسطس/آب 2005 جرح ثلاثة أشخاص بانفجار في مرأب قرب فندق "برومناد" في منطقة الزلقا، شمال بيروت.

16 سبتمبر/أيلول2005 مقتل شخص وجرح عشرة آخرين بانفجار قنبلة قرب مصرف في الأشرفية.

19 سبتمبر/أيلول 2005 مقتل شخص وجرح اثنين آخرين بانفجار صغير في مكتب الاعلام الكويتي في بيروت.
25 سبتمبر/أيلول 2005 انفجار سيارة مفخخة يجرح مذيعة التلفزة الشهيرة مي شدياق، شمال بيروت.

مقدمة

1- التقرير الحالي يفصل التقدم الذي تحقق في تطبيق قرار مجلس الأمن 1595. في هذا القرار- الذي اعتمد في 7أبريل/ نيسان 2005- دان مجلس الأمن الهجوم الإرهابي في بيروت، لبنان، في الرابع عشر من شباط/فبراير 2005، الذي أدى إلى مقتل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري و22 شخصاً آخر، مجدداً تأكيد دعوته لاحترام استقلال لبنان وسيادته وسلامة أراضيه ووحدتها، وآخذا بعين الاعتبار الاستنتاجات التي وصلت إليها لجنة تقصي الحقائق الدولية المستقلة لمساعدة السلطات اللبنانية في تحقيقاتها في كل أوجه هذا العمل الإرهابي، لكي تساعد بين أشياء أخرى في تحديد المنفذين والراعين والمنظمين والمتدخلين.

2- قبل اعتماد القرار 1595، تفحص مجلس الأمن تقرير لجنة تقصي الحقائق إلى لبنان حول الموضوع نفسه، والذي قدم في 24 مارس/آذار 2005 . وكان رأي لجنة تقصي الحقائق أنه وطالما أن مصداقية السلطات اللبنانية التي أجرت التحقيقات كانت موضع تساؤل، فيجب إجراء تحقيق دولي مستقل لإقامة الحقيقة. ولهذا الغرض، هناك حاجة لإنشاء فريق له سلطات تنفيذية، يغطي كل حقول الخبرات الضرورية لتحقيق من هذا النوع، وعلى الرغم من الوقت المحدود وقلة العدد الذي عملت في ظله لجنة تقصي الحقائق فإن استنتاجاتها وتوصياتها كانت ذات قيمة معتبرة للجنة.

3- في رسالة مؤرخة في 29مارس/ آذار 2005 (س/2005/208). عبرت الحكومة اللبنانية عن موافقتها على قرار مجلس الأمن بإنشاء لجنة دولية للتحقيق وكذلك استعدادها للتعاون مع اللجنة ضمن آلية سيادة لبنان ونظامه القضائي.

4- بناء على القرار1595، حصلت مشاورات مكثفة في ما يتعلق بإنشاء لجنة التحقيق الدولية المستقلة، وأعضائها ودعمها اللوجستي. وفي 26 أيار 2005، وصل فريق متقدم صغير من اللجنة يرأسه ديتليف ميليس إلى بيروت. ولعلمه بالطابع العاجل للمهمة فإن الفريق ومن مقر موقت، سعى لإيجاد منصة دعم لعمله المستقبلي.

5- في 13 يونيو/تموز 2005 بعد مناقشات مكثفة مع السلطات القضائية اللبنانية، وقعت مذكرة تفاهم بين حكومة لبنان واللجنة. وفصلت المذكرة أشكال التعاون بين الفريقين. وكانت هناك أهمية خاصة بالنسبة للجنة الاتفاق حول أن حكومة لبنان سوف تضمن أن اللجنة ستكون حرة من أي تدخل في ممارسة تحقيقها، وأن تزود بكل المساعدة الضرورية لإنجاز مهمتها". كان على اللجنة أن تحدد إجراءاتها الخاصة، وجمع الأدلة، الوثائقية والمادية، وأن تلتقي وتستجوب أي مدني و/أو مسؤول تعتبره ضرورياً وأن يكون لها وصول غير مقيد الى كل المباني في كل الأراضي اللبنانية، آخذة في الاعتبار القانون والإجراءات القضائية اللبنانية. وكان على السلطات اللبنانية من جانبها أن تساعد اللجنة في عملها عن طريق تقديم كل الوثائق والأدلة المادية التي تملكها وعن طريق تحديد موقع الشهود كما تطلب اللجنة.

6- في 16 يونيو/حزيران 2005 أعلن الأمين العام بدء عمل لجنة التحقيق. وفي 17 يوليو/حزيران 2005، عقد رئيس اللجنة مؤتمراً صحافياً ليلتمس علناً مساعدة السلطات اللبنانية ويدعو الشعب اللبناني لتقديم المساعدة للجنة عن طريق تسليم أي معلومات قد تكون ذات أهمية للتحقيق. وتمت إقامة خطين ساخنين لهذا الغرض، شغلتهما السلطات اللبنانية.

7- ـ بعد وقت قصير من توقيع مذكرة التفاهم، أرسلت السلطات اللبنانية إلى اللجنة 8000 صفحة من ملف القضية احتوت على كل المعلومات والأدلة التي جمعت منذ 14فبراير 2005. ثم قامت اللجنة بإجراء تحقيق جنائي وقضائي شامل بالتعاون الوثيق مع السلطات القضائية اللبنانية المعنية (مدعي عام التمييز في الجمهورية اللبنانية) والشرطة (قوى الأمن الداخلي)، لتجنب ازدواجية وتداخل وتعارض الإجراءات.

8- ـ أقامت اللجنة روابط وثيقة مع السلطات الأمنية والقضائية اللبنانية. عقدت مناقشات منتظمة، وخصوصاً مع السلطات القضائية، لتبادل المعلومات والملفات المحدثة، وتشارك النتائج والتخطيط لمراحل جديدة من التحقيق. معظم الشهود الذين استجوبوا من قبل اللجنة، استدعوا من قبل السلطات القضائية والأمنية اللبنانية. وكانت عملية 30 أغسطس إشارة بارزة على ذلك، قامت خلالها القوات الأمنية اللبنانية ومحققو لجنة التحقيق بتنسيق مداهمات وعمليات تفتيش لمنازل مسوولين أمنيين بارزين سابقين، قبل نقلهم بمرافقة وثيقة إلى قاعدة عمليات اللجنة الرئيسية للاستجواب.

9- كانت السلطات اللبنانية مساعدة كبيرة في إقامة قاعدة العمليات الرئيسية وكذلك قاعدة عمليات أمامية لعمل اللجنة. وعملت فرق الأمن اللبنانية (الشرطة والجيش) يداً بيد مع الفريق الأمني التابع للجنة التحقيق لضمان سلامة وأمن أفراد اللجنة ومبانيها.

10- على الرغم من أن القرار 1595 أعطى اللجنة سلطات تنفيذية، فإن اللجنة كانت إلى حد كبير تتلقى دعم السلطات الأمنية والقضائية اللبنانية خلال عمليات المداهمة والتفتيش. أكثر من ذلك، وعلى الرغم من أن اللجنة كانت مؤهلة لتقديم الاقتراحات إلى السلطات الأمنية اللبنانية في ما يتعلق بتوقيف الأشخاص الذين يشتبه بتورطهم في الاغتيال، إلا أنها أبقت القرار المستقل للسلطات اللبنانية للتقدم في مثل هذه الأعمال.

11- من خلال مسارين للتحقيق، واحد لبناني وآخر للأمم المتحدة، برز تحقيق موحد ومتكامل نفذ بشكل مشترك من جانب اللجنة والسلطات اللبنانية. وأظهرت السلطات اللبنانية بثبات القدرة على أخذ مسؤوليات متزايدة في متابعة القضية. وهذا ظهر بحقيقة أنها أخذت المبادرة لتوقيف مشتبه بهم وتنظيم مداهمات وعمليات تفتيش.

12- بالنظر إلى انعدام الثقة العميق الذي ساد في أوساط الشعب اللبناني حيال أجهزته الأمنية والقضائية ، أصبحت لجنة التحقيق الدولية مصدر توقعات وآمال كبيرة من أجل التغيير، وكذلك "صلة وصل" بين الشعب اللبناني وسلطاته. والمؤتمران الصحافيان وخصوصاً الأول، بالإضافة إلى استجواب أول مشتبه به، وتوقيف المسؤولين الأمنيين البارزين السابقين وفقاً لاقتراح من اللجنة، كانت لها آثار مساعدة. كل ذلك كان دليلاً أن لا أحد فوق القانون في نظر اللجنة.وقد أدى ذلك إلى تعزيز الثقة اللبنانية.وتقدم مزيد من الشهود بينما كان عمل اللجنة يسير إلى الأمام. لكن عدداً من الناس أصروا على عدم كشف هوياتهم للسلطات اللبنانية.

13- هناك نقاط أخرى تستحق التركيز عليها. أولاً، أن هناك شهوداً كانوا يخشون أن يتعرضوا للأذى إذا تم الإعلان عن تعاونهم مع اللجنة. لهذا السبب، أعطت اللجنة اهتماماً كبيراً لضمان أن مقابلات الشهود تعقد بطريقة سرية. ولأن اللجنة تعطي مصداقية لمخاوف هؤلاء الأفراد على سلامتهم، فإن هذا التقرير لن يكشف هوية أولئك الذين جرت معهم مقابلات. ثانياً، كما يصح في أي تحقيق، فإن بعض الشهود قد يوفرون معلومات تتجاوز مدى التحقيق الذي يجري. قامت اللجنة وستواصل القيام بتزويد السلطات اللبنانية بكل المعلومات التي تتعلق بأي قضية جنائية خارج مدى تحقيق اللجنة. أخيراً، قابلت اللجنة أشخاصاً كانت أجندتهم توجيه اللجنة إلى غير الاتجاه الذي يأخذها إليه الدليل، ولكن في الاتجاه الذي يريد هؤلاء الأشخاص للجنة أن تذهب اليه. تعاملت اللجنة مع هؤلاء الأفراد وتلك الأوضاع بأنها ظلت على مهمتها الواحدة، وهي متابعة الدليل حيثما يقود وعدم متابعة أجندة أي شخص أو كيان محدد.

14- عكس الرأي العام اللبناني تصورا واسعا بأنه، عندما تسلم اللجنة تقريرها وتنهي عملها، فإن لبنان "سيترك لوحده". وهناك خوف سائد من أنه بعد أن تنهي اللجنة عملها، وعاجلاً وليس آجلاً، فإن أجهزة الاستخبارات والأمن السورية ستعود، وتنظم "حملة انتقام" في مجتمع ما زال "مخترقاً" من عناصر مؤيدة لسوريا. وحصلت تفجيرات واغتيالات ومحاولات اغتيال مؤخراً من دون عقاب. وساهمت شائعات متعمدة وتحليلات تنبؤية إعلامية في إبقاء هذه الحالة وردعت شهوداً محتملين عن الاتصال باللجنة.

15- على الرغم من المخاوف والامتناع عن التقدم للإدلاء بمعلومات في الوقت الذي بدأت اللجنة التهيؤ لإتمام عملها (في 25 كانون الاول)، يجدر القول إن الشعب اللبناني بصفة عامة كان تواقاً للتقدم لمساعدة اللجنة على تنفيذ عملها.

16- اللجنة لم يكن بامكانها العمل في فراغ إعلامي، تحديداً في لبنان. وكانت سياسة اللجنة الثابتة هي عدم الانجرار إلى حوار مباشر مع وسائل الإعلام اللبنانية، وتجنب أي تصعيد والبقاء فوق أي بيانات تتخذ طابع التحدي أو الاستفزاز. والمؤتمران الصحافيان كلاهما كان هدفهما الرد على تكهنات كهذه وتوضيح وضع التحقيق. وفي النهاية كان تأثير هذه الأمور قصير الأجل.

17- لتعزيز الشفافية وتوسيع التعاون، فإن العمل مع السلطات القضائية شمل إبقاء السلطات السياسية العليا مطلعة على تطورات التحقيق، بحدود أن عملاً كهذا لا يطرح تساؤلات حول استقلالية اللجنة ولا يكون له تأثير مباشر على مسار التحقيق. ولكن عدداً من الشخصيات السياسية اللبنانية أضافت إلى مناخ انعدام الأمن والشك، عن طريق تسريب معلومات للصحافة أو كشف معلومات حساسة من دون موافقة مسبقة من اللجنة.

18- خلال مسار التحقيق، كان على اللجنة مواجهة تحديات لوجستية رئيسية. في هذا المجال، كان الدعم والمساعدة المكثفان من جانب المنظمات الشقيقة في نظام الأمم المتحدة والانتربول لا يقدران بثمن في عمل اللجنة اليومي.

19- ـ المجتمع الدولي، من جانبه، كان دائماً يقدم الخبرات عندما يطلب منه. هذه المساعدة سهلت بشكل كبير عمل اللجنة وأعطت قيمة مضافة لعملها. لكن على الرغم من أن القرار 1595 دعا كل الدول لتزويد اللجنة بأي معلومات ذات صلة تتعلق بقضية الحريري، كان من المؤسف أن أي دولة عضو لم تنقل معلومات مفيدة كثيراً إلى اللجنة. وأفضت بعض الاتصالات إلى تبادل آراء و/أو بيانات حقائق. إن قراءة اللجنة للقرار هي أن المعلومات الدقيقة التي تحدث عنها مجلس الأمن كان يجب ان تتضمن بين أشياء أخرى معلومات استخباراتية كان يمكن أن ترسل من دون طلب مسبق من اللجنة.

20- ـ على الرغم من القدرات البشرية والتقنية والمالية التي وضعت بتصرف التحقيق، وعلى الرغم من التقدم المهم الذي جرى تحقيقه والنتائج التي تم التوصل اليها في الوقت المحدد، فإن التحقيق في عمل إرهابي كهذا له أبعاد دولية متعددة الأوجه وتشعبات يحتاج عادة إلى أشهر (إذا لم يكن سنوات) لإنهائه بحيث يمكن إقامة أرضية صلبة لأي محاكمة محتملة لأي أشخاص متهمين. ومن المهم للغاية الاستمرار في متابعة المحاكمة داخل لبنان وخارجه. فعمل اللجنة هو فقط جزء من عملية أوسع. وحتى أثناء كتابة هذا التقرير و قبل أيام من إنجازه جرت عملية توقيف بالغة الأهمية، كما أن المقابلات مع الشهود تواصل وتتواصل كذلك عملية فحص الأدلة المعقدة.

21- اللجنة أسست حقائق وحددت مشتبهاً بهم على أساس الدلائل التي جمعتها والتي وفرت لها.وقامت اللجنة بتفحص واختبار هذه الأدلة بأفضل المعرفة التي لديها. وقبل اكتمال التحقيق، وتحليل كل المفاتيح والأدلة بالكامل، وإنشاء ادعاء مستقل وغير متحيز، فإن المرء لا يمكنه معرفة القصة الكاملة لما حصل، وكيف حصل ومن المسؤول عن اغتيال رفيق الحريري وقتل 22 شخصاً بريئاً آخر. لذلك فإن افتراض البراءة يبقى قائماً.

22- في سياق إعداد هذا التقرير سعت اللجنة لضمان تجنب قول أوعمل أي شيء يمكن أن يفسد التحقيق الجنائي أو أي محاكمات يمكن أن تليه. كما أن اللجنة لا تستطيع في هذا الظرف الكشف عن كل العناصر المفصلة والحقائق التي بحوزتها،بمعزل عن شراكتها مع السلطات اللبنانية. وحاولت اللجنة كذلك وضع الحقائق وتقديم تحليل لها بطريقة تشرح بشكل دقيق ما حصل وكيف حصل ومن المسؤول.

خلفية

23 - إن سوريا كان لها دائما دور كبير في لبنان، وخلال العهد العثماني،كانت الأراضي الإدارية التي باتت تعرف بلبنان تحكم من دمشق، وعندما تمّ انشاء الدولة اللبنانية بعد الحرب العالمية الأولى مما يعتبره الكثير من القوميين العرب انه جزء من سوريا، ومنذ أن أصبحت هذه الدولة مستقلة فانه لم تقم بين الدولتين علاقات ديبلوماسية.

24- دخلت القوات السورية الى لبنان بدعوة من الرئيس اللبناني الراحل سليمان فرنجية في العام 1976، في المراحل الاولى للحرب الاهلية. وفي اتفاق الطائف الذي تمّ التوصل إليه بين الأطراف اللبنانية التي أنهت الحرب عام 1989، قدم لبنان شكره لسوريا على مساعدته بنشر قواتها في لبنان، ودعت بنود الاتفاق سوريا ولبنان إلى تحديد إعادة انتشار تلك القوات، وتوصل البلدان إلى اتفاق بشأن الانتشار اللاحق تم الإعلان عنه في مايو/أيارعام1991 في إطار التعاون بين البلدين. وانسحبت القوات السورية عام 2005 تنفيذا لبنود قرار مجلس الأمن رقم 1559.


العلاقات بين الحريري وسوريا

25 – ان تحقيقات اللجنة أكدت ما يقوله كثيرون في لبنان أن كبار ضباط الاستخبارات السورية كان لهم تأثير كبير واستراتيجي على الحكم بلبنان.وكان المواجهة الجلية بين الحريري المسؤولين السوريين الكبار، بمن فيهم الرئيس بشار الأسد، في قلب المعلومات التي قدمت إلى اللجنة من خلال الوثائق والشهادات.
وظهر الخلاف خلال لقاء في دمشق بين الحريري والرئيس الأسد في 26 أغسطس/ آب 2004 ، الذي دام بين عشرة وخمسة عشر دقيقة حيث أعلم الرئيس الأسد الحريري الذي كان وقتها لا يزال رئيسا للوزراء، بضرورة أن يصار إلى تمديد ولاية الرئيس لحود، وهو أمر كان الحريري يعارضه.

26- قدم الشهود اللبنانيون والسوريون، وكذلك محضر اللقاء بين الحريري ونائب وزير الخارجية السوري وليد المعلم، معلومات متباينة لما جرى خلال اللقاء. والكثير من الشهود اللبنانيين بمن فيهم الوزيرين مروان حمادة وغازي العريضي والزعيم وليد جنبلاط ونجل الحريري سعد قالوا أن الرئيس الحريري قال لهم أن الرئيس الأسد أعلمه بقراره بتمديد ولاية الرئيس لحود وهدد بتكسير لبنان على رأس الحريري وجنبلاط إذا لم يوافقا على دعم تمديد ولاية الرئيس لحود. وقد قدم المسؤولون السوريون وصفا مختلفا لهذا اللقاء بشكل مغاير. فوزير الخارجية السوري فاروق الشرع ورئيس الاستخبارات السورية بلبنان العميد رستم غزالي

وصفا اللقاء بشكل ايجابي.وقال اللواء غزالي للجنة أن الحريري قال له أن الرئيس الأسد اخبره بأنه صديقه، ووصف اللقاء بأنه ودي ، وان الرئيس الأسد استشار الحريري خلاله بموضوع التمديد.

27- فيما يلي مقتطفات من مقابلات أجريت من قبل اللجنة في ما يتعلق باجتماع 26 أغسطس/أب 2005، وأجزاء من رسالة السيد الشرع إلى اللجنة، وجزء من نسخة عن حوار مسجل بين السيد الحريري والمعلم.

رسالة وزير خارجية الجمهورية العربية السورية إلى اللجنة في أغسطس/آب 2005

"حصل لقاء بين الرئيس بشار الأسد ورئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري في دمشق في 26 أغسطس/ آب 2004 في إطار التشاور السياسي المتواصل بين القادة السوريين واللبنانيين.. وجرت مراجعة عامة للتطورات المحلية والإقليمية بما في ذلك احتمال التمديد لإميل لحود، رئيس لبنان، في ضوء الظروف الإقليمية المضطربة واستناداً إلى المصلحة المشتركة في الحفاظ على الاستقرار في لبنان. وقد طلب السيد الحريري في حال وجود إجماع على التمديد للحود في مجلس الوزراء أن تقوم سوريا بمساع لدفع الرئيس لحود إلى تعاون أفضل خلال الفترة الآتية، وقد طلب الرئيس من السيد الحريري ان يتشاور مع جماعته ومع مَن يراهم مناسبين واتخاذ الموقف المناسب".

إفادة رستم غزالي المكتوبة غير المؤرخة التي قدمت إلى لجنة التحقيق في 17 آب أغسطس/آب 2005.

"كان لي في ذلك التاريخ لقاءان 26 أغسطس/آب2004 مع الحريري، الأول كان في صباح 26 أغسطس 2004 وهو في طريقه إلى دمشق لمقابلة الرئيس الأسد، والثاني بعد عودته من دمشق إلى بيروت بعد لقائه الرئيس الأسد. واللقاء الأخير تم أيضا في مكتبي في عنجر.

وقد ناقشنا لقاءه مع الرئيس الاسد، وبدا (الحريري) مرتاحاً وقال إن اللقاء كان ودياً وموجزاً، وإن الرئيس الأسد قال له: ابو بهاء نحن في سوريا كنا دائماً معك كأصدقاء، واليوم أنا اتحدث معك كصديق وكرئيس وزراء للبنان، ووفقاً للظروف الصعبة التي تشهدها المنطقة ولبنان في وسطها، فإن رأينا أنه من أجل مصلحة لبنان هو استمرارية النظام الحالي من خلال تمديد ولاية الرئيس لحود، وكصديق نود منكم أن توضحوا موقفكم في ما يتعلق بهذه القضية. نحن لسنا مستعجلين لمعرفة الجواب، ويمكن أن تفكروا بالأمر إذا أردتم.

شهادة مروان حمادة المكتوبة في 27يونيو/حزيران 2005:

في 24 أو 25 من أغسطس/آب تمت دعوة السيد الحريري والسيد جنبلاط والسيد نبيه بري إلى دمشق من أجل أن يتم إعلامهم بقرار تمديد ولاية الرئيس لحود، السيد جنبلاط أعلم غزالي بأنه يجب أن يناقش الأمر مع الرئيس الأسد، ولكن غزالي أصرّ على أن الجواب يجب أن يكون "نعم" قبل تحديد أي موعد، ونصح جنبلاط أن يتعامل بايجابية مع الموضوع لأن هذا الموضوع قضية استراتيجية بالنسبة للرئيس الأسد، لكن جواب جنبلاط كان سلبياً، وبعد ساعة اتصل جنبلاط بي (أي بحمادة) وقال إن المخابرات السورية ألغت لقاءه مع الرئيس الأسد.


وفي المساء ذهبت أنا وجنبلاط لزيارة الحريري، الذي قال لنا إن غزالي أصرّ على أنه طالما أن الجواب لن يكون ايجابياً فإنه لن يؤكد لقاءه أيضاً مع الأسد، وطلب منه أن يذهب إلى دمشق وأن يبقى في بيته حتى إشعار آخر، وفي اليوم التالي دُعي إلى لقاء صغير، وفي اليوم الذي التقى فيه الحريري بالرئيس الأسد كنت أقابله في منزل جنبلاط مع السيد باسم السبع وغازي العريضي، ورأينا موكب الحريري تتبعه سيارة (بي أم) ما يعني أن اللقاء في دمشق كان قصيراً للغاية، لقد رأينا يومها الحريري متعباً ويتصبب عرقاً، وقال لنا، نحن الأربعة، بأن التمديد للحود سيتم وإلا سأدفع ثمناً غالياً، وقال بأن الأسد قال له بأني سأكسر لبنان على رأسك وعلى رأس جنبلاط.

شهادة غازي العريضي في 1يوليو/تموز 2005:

"السيد الحريري قال لنا، إن الرئيس الأسد قال له، إذا أخرجني جاك شيراك من لبنان، فإنني سأتخذ خيارات أخرى وسأعلمكم بها، إما أنكم معنا أو ضدنا، وخياري هو إميل لحود للرئاسة، وسأحرص على أن يكون هو الرئيس، وسأنتظر جواب جنبلاط، وقل لوليد جنبلاط بأنه إذا كان عنده دروز في لبنان فإن لديّ أيضاً دروز في سوريا وأنا مستعد لعمل أي شيء".

شهادة وليد جنبلاط المكتوبة في 28يونيو/حزيران 2005:

"وفقاً للرئيس الحريري فإن الرئيس الأسد قال له: لحود هو أنا، وأنا أريد أن أجدد له، وإذا أراد شيراك أن يخرجني من لبنان، فإني سأكسر لبنان، وخلال زيارته إلى منزلي كان الحريري خائب الظن وكان في وضع سيئ للغاية".

شهادة جبران تويني في 25 يونيو/حزيران 2005:

"لاحقاً في العام 2004 عندما كانت قضية التمديد للحود، الرئيس الحريري قال لي إن الرئيس الأسد هدده مباشرة وقال له: إن التصويت ضد التمديد يعتبر بأنه مباشرة ضد سوريا، ووفقاً للحريري فإن الرئيس الأسد قال إنه في هذه الحالة فإن السوريين سيفجرونه وأياً من أعضاء أسرته، وبأنهم لن يجدوا الهدوء في أي مكان في العالم".

شهادة باسم السبع في 30 يونيو/حزيران 2005:
"عندما عاد الحريري من لقائه مع الأسد قابلته في منزل وليد جنبلاط، وقال لنا بأن الرئيس الأسد قال له ببساطة، أنا شخصياً مهتم بهذه القضية، التمديد لإميل لحود، والقضية ليست قضية لحود بقدر ما هي قضية بشار الأسد. وسألناه ما إذا استطاع أن يناقش القضية مع الرئيس الأسد فقال بأن الرئيس الأسد قال له بأن القضية ليست موضع نقاش وإنها يجب أن تتم وإلا فإنه سيكسر لبنان، وقال (الأسد) من مصلحة لبنان، فإن عليه أن يفكر بما سيفعله، وبأننا نتعامل مع مجموعة من المجانين الذين قد يقدمون على أي شيء".

شهادة سعد الحريري في 9 يوليو/تموز 2005:

"ناقشت مع والدي الراحل رفيق الحريري تمديد ولاية اميل لحود، وقال لي بأن الرئيس بشار الأسد هدده وقال له، "هذا ما أريده، إذا كنت تظن أن الرئيس شيراك أو أنت تستطيعون أن تحكموا لبنان فأنتم مخطئون، فذلك لن يحدث. لحود هو أنا وما أقوله له ينفذه، وهذا التمديد سيتم وإلا فإني سأحطم لبنان على رأسك وعلى رأس وليد جنبلاط، وإما أن تفعل ما نقوله لك وإلا فسننال منك من أسرتك أينما كنت".

حوار مسجل لرفيق الحريري مع وليد المعلم في 1 فبراير/شباط 2005:

"في ما يتعلق بقضية التمديد فإن الرئيس الأسد أرسل لي وقابلني لمدة 10 إلى 15 دقيقة".(...)

"أرسل في طلبي وقال لي: أنت دائماً تقول إنك دائماً مع سوريا، الآن حان الوقت لتثبت بأنك كنت تقصد ما تقول، أو شيء آخر. ولم يطلب مني رأيي، وقال: لقد قررت. ولم يتعامل معي كرئيس وزراء أو كرفيق الحريري أو أي شخص آخر، وقال: أنا قررت، وهذا ما أثار دهشتي، كان ذلك أسوأ يوم في حياتي".

(...)

"لم يقل لي إنه يرغب بتمديد ولاية لحود، وكل ما قاله "أنا قررت أنا افعل ذلك، ولا تجبني.. فكّر وعد إليّ"".

(...).

" لم يتم التعامل معي كصديق أو كشخص معروف وإنما طلبت، وقيل لي: أنت معنا أو ضدنا! هذا كل ما في الأمر، وعندما انتهى لقائي معه، أقسم لك، أن حارسي الشخصي نظر إلي وسألني لماذا أنا شاحب الوجه؟!".

28- في اللقاء مع السيد المعلم اشتكى الحريري قائلا أنه يظن أن الرئيس الأسد، لم يتم إخباره بشكل دقيق من أجهزة الاستخبارات ومن الوزير الشرع عن أعمال الحريري، وكان هناك الجملة التالية من الحريري في هذا اللقاء: "لا استطيع أن أعيش في نظام امني متخصص في التدخل بعمل الحريري ويقوم بنشر إشاعات عن رفيق الحريري وبعد ذلك ينقلها إلى الرئيس الأسد".

" لكن لبنان لن يبتعد عن سوريا وهذا لن يحدث أبدا".
29 ـ خلال هذا اللقاء قال المعلم للحريري بأننا نحن وأجهزة الأمن وضعناك في الزاوية، وتابع:" رجاء لا تتعامل مع الأمر ببساطة".

30- االلقاء المسجل يناقض شهادة السيد المعلم في 20 سبتمبر/أيلول2005، حيث وصف هذا اللقاء بأنه ودي وايجابي، ورفض إعطاء الأجوبة اللازمة على الأسئلة الموجهة إليه.

التعاون السوري مع اللجنة
31- المعلومات المذكورة آنفاً والأدلة التي تمّ جمعها من قبل اللجنة، كما شرحناها في الفصل السابق، والتي تفهم على أنها تخطيط للاغتيال، تشير إلى احتمال أن المسؤولين السوريين كان لهم علاقة باغتيال السيد الحريري، وعندما حاولت اللجنة الحصول على تعاون الحكومة السورية في متابعة هذه الأدلة، فإن اللجنة ووجهت بتعاون شكلي فقط.

32- إن الاتصال الأساسي بين اللجنة والسلطات السورية حدث في 11 يوليو/تموز 2005، عندما أرسل المفوض(ميليس) رسالة إلى وزير الخارجية السوري فاروق الشرع، طالباً اللقاء مع ممثلين عن الحكومة السورية. الشرع أجاب في 11 يوليو/تموز 2005، مؤكداً دعم الحكومة السورية للتحقيق بعبارات عامة، وفي 19 يوليو/تموز طلبت اللجنة مقابلة عدد من الشهود، بمن فيهم رئيس الجمهورية العربية السورية، وفي 26 أغسطس/آب وبطلب من الحكومة السورية حدث لقاء بين رئيس اللجنة وممثلين عن وزارة الخارجية السورية في جنيف في سويسرا، وفي ذلك اللقاء أعطيت لرئيس اللجنة رسائل من أربعة شهود، وأشاروا إلى أن الرئيس الأسد لن يكون مستعداً لأي شهادة، وأكد رئيس اللجنة على مقابلة هؤلاء الشهود وقيل له إن هذا الطلب لا يزال تحت الدراسة والنقاش، ولكن الرئيس الأسد لن يكون متاحاً للشهادة.

33- في 30 أغسطس/آب طلبت اللجنة مرة أخرى من وزير الخارجية السورية مقابلة عدد من الشهود الإضافيين الآخرين، المشتبه فيهم في سوريا، وتضمنت الرسالة طلب دعم من الحكومة السورية من أجل تفتيش منازل المشتبه فيهم، وفي 7 سبتمبر/أيلول أعلم الوزير الشرع اللجنة خطياً، بأنه رغم أن أدلة اللجنة كانت مبنية على شهادات كاذبة، فإن حكومته وافقت على طلب اللجنة مقابلة الأشخاص الواردة أسماؤهم في الطلب باستثناء الرئيس الأسد.

34 - في 12 سبتمبر/أيلول تمت مناقشة تفاصيل هذه اللقاءات بين اللجنة وبين ممثلين عن وزارة الخارجية السورية وعبرت اللجنة عن أملها أن تتم اللقاءات في دولة ثالثة، لا في لبنان ولا في سوريا، وتم رفض ذلك، وأصرت سوريا على أن تتم اللقاءات في سوريا وبمشاركة مسؤولين سوريين. وجرت المقابلات بين 20 و23 سبتمبر/أيلول، وتمت كل شهادة ولقاء بحضور مستشار قانوني من وزارة الخارجية السورية أو ممثل آخر من وزارة الخارجية ومترجم وكاتبي عدل وأشخاص آخرين لم يكن يعرف مع من يعملون.

وفي نهاية اللقاءات كان واضحاً أن المستجوبين قد أعطوا إجابات متشابهة، والكثير من هذه الإجابات كانت تتناقض مع الأدلة التي جمعتها لجنة التحقيق من مصادر منوعة أخرى، ولم تتح للجنة الفرصة لمتابعة هذه اللقاءات أو مواصلة التحقيق باحتمال بضلوع سوريا في الجريمة.

35 - توصلت اللجنة إلى خلاصة بأن عدم تعاون الحكومة السورية معها قد أعاق التحقيق، وجعل من الصعب متابعته وفقاً للأدلة التي تمّ جمعها من مصادر شتى.

وإذا كان للتحقيق أن يستمر، فإن من المهم أن تتعاون الحكومة السورية بالكامل مع سلطات التحقيق بما في ذلك السماح بإجراء المقابلات خارج سوريا، على ألا يرافق الشهود مسؤولون سوريون.

الجريمة
36 - يوم 14 فبراير/شباط في حوالي الثانية عشرة وخمسين دقيقة غادر رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري ساحة النجمة في بيروت عائداً إلى قصر قريطم في موكب من 6 سيارات ومعه النائب باسل فليحان ومرافقوه.

37- عندما وصل الموكب إلى فندق سان جورج في شارع ميناء الحصن وقع انفجار كبير أدى إلى مقتل السيد الحريري وآخرين.

38- وبعد فترة وجيزة من الانفجار تلقى مدير مكتب "الجزيرة" في بيروت مكالمة هاتفية من شخص يعلن مسؤولية تنظيم النصرة والجهاد في سوريا الكبرى عن مقتل الحريري وجرى بثّ الرسالة على الهواء مباشرة.

التحقيق اللبناني في القضية

الإجراءات الأولية

39 - يتطلب كشف جريمة بهذا الحجم قدرات إدارية كبيرة وتنسيقا كبيرا وتوفير المختصين والمعدات والدعم اللازم. وفي ما يلي الإجراءات التي اتخذتها السلطات اللبنانية في الفترة الواقعة بين حصول الانفجار وتاريخ تشكيل اللجنة الدولية.

قاضي التحقيق العدلي
40 - كان قاضي التحقيق العسكري رشيد مزهر مسؤولاً عن التحقيق خلال الفترة من 14 فبراير 2005 إلى 21 منه، وفي وقت لاحق اتخذت الحكومة اللبنانية قراراً اعتبرت بموجبه الجريمة عملاً إرهابياً يستهدف الجمهورية وإحالتها على المجلس العدلي. ونتيجة لهذا القرار تم تعيين قاضي تحقيق جديد هو ممثل للمدعي العام القاضي ميشال أبو عراج.

41- وصل القاضي مزهر إلى موقع الجريمة بعد أقل من ساعة من حصول الانفجار ومعه القاضي جان فهد من مكتب المدعي العام، ووصف موقع الجريمة بأنه عشوائي وكان قراره الأول تعيين مساعد قائد شرطة بيروت العميد ناجي ملاعب مسؤولاً عن موقع الجريمة وكلفه بمهمة رفع الجثث والجرحى وإخماد النيران وبعد ذلك سحب كافة الأشخاص من الموقع وإغلاقه بالكامل. (إفادة شاهد).

42 - في الساعة الخامسة مساء دعا القاضي مزهر إلى اجتماع مع كل الأجهزة المعنية من الأجهزة الأمنية والعسكرية بمن فيهم نحو 10 ضباط ووزع المهمات خلال الاجتماع وحدد طريقة عمل التحقيق. (إفادة شاهد).

43- شارك في الاجتماع قائد الشرطة القضائية بالوكالة العميد الأعور وقائد شرطة بيروت بالوكالة العميد ملاعب وصلاح عيد المسؤول عن موقع الجريمة والعقيد فؤاد عثمان رئيس قسم المعلومات.

44- بعد اللقاء، حوالى الساعة السابعة مساء، عاد القاضي مزهر إلى موقع الجريمة للمرة الثانية، ولم يكن راضياً عن ظروف موقع الجريمة، ولكنه كان يأمل أن تكون أفضل في اليوم التالي لأن المسؤوليات قد تم توزيعها خلال الاجتماع، وكان ثمة قصور تمثل في عدم توفير المعدات والخبرات اللازمة، وسوء التواصل بين الأجهزة المعنية وعدم الالتزام بتعليمات قاضي التحقيق وتزويده بالمعلومات حول تقدم سير التحقيق.

45- ـ استدعى القاضي مزهر خلال فترة توليه التحقيق عشرة أشخاص للاستجواب بمن فيهم موظفو فندق "سان جورج" ووالد ووالدة أبو عدس وبعض الشهود العيان، واتخذ بالتشاور مع القاضي جان فهد قرار طلب المساعدة من سويسرا لتأمين خبراء في الطب الشرعي لمساعدة السلطات اللبنانية في التحقيق. وعندما ترك القاضي مزهر منصبه في 21 فبراير/شباط 2005 لم يكن قد تم التوصل إلى أي نتيجة في هذا التحقيق.


46- جرى نقل الملف إلى قاضي التحقيق الجديد القاضي ميشال أبو عرّاج الذي تولى التحقيق في الفترة الممتدة من 22 فبراير/شباط لغاية 23 مارس/آذار 2005، وقد عيّنه القاضي الأول طانيوس خوري وسجل الملف في مكتب أبو عرّاج في 22 فبراير/شباط 2005، وكان رأيه الأول عندما نظر في الملف هو أن الجريمة كانت هجوماً إرهابياً يتطلب فترة طويلة من الوقت وإجراءات التحقيق إضافة إلى الكثير من الإمكانات الأخرى. إن الإجراءات الأولية جرى تنفيذها في شكل مهني ودقيق، وفوجئ بعزل سيارات الموكب واتصل بالقاضي مزهر طالباً توضيح الأمر.

47 ـ اتخذ السيد أبو عراج خلال توليه التحقيق الإجراءات التالية:


ـ في 22 فبراير/شباط: تسجيل القضية في سجلات بيروت الثانية.

ـ في 24 فبراير/شباط تفتيش فندق سان جورج والتشاور مع قوى الأمن الداخلي وأمن الدولة والمخابرات العسكرية.

ـ في 25 فبراير/شباط التحقيق في حفريات فندق "سان جورج" واستجواب تيسير أبو عدس وماهر الداعوق.

ـ 28 فبراير/شباط: لقاء آخر مع رشيد حمود في المستشفى، وحسن محمد العجوز وعمر خالد شحادة ومحمد تويني الحارس الشخصي للرئيس رفيق الحريري وتامر لهيب، وطلب قسم الطب الشرعي مساعدة أجنبية.

-1 مارس/آذار: وصل رئيس لجنة تقصي الحقائق السيد بيتر فيتزجيرالد إلى لبنان للنظر في التحقيق.

ـ 2 مارس/آذار: التحقيق مع تامر لهيب ومحمد تويني وشهود آخرين.

ـ3 مارس/آذار: تقرير شركة ميتسوبيشي ودفتر مواصفات (كاتالوغ) بيك آب ميتسوبيشي، وقائمة أسماء والقطع التي وجدت في موقع الانفجار وخارطة تظهر تقرير السيد قواس بنتيجة الفحوص التي أجريت لجثة عبد الحميد غلاييني، وتم الحصول على تقرير من الاستخبارات العسكرية عن التحقيق مع حسام علي محسن وأحمد عمورة ونبيل غصوب حول علاقتهم بالمشتبه فيه أحمد أبو عدس ولم يتم اعتقالهم. تقرير السيد حسين شحرور بنتيجة فحوص جثة عبد الحميد غلاييني.


ـ 5 مارس/آذار استدعاء أول ثلاثة شهود للتحقيق معهم في 8 مارس، والآخرين للتحقيق معهم في 9 مارس 2005. المهندس مكرم أعور وحمد ملاعب وحسام علي محسن ومحمود بيضون الضابط في الأمن العام، وعفيفة عبد الله الحرشي وغسان بن جدو من قناة "الجزيرة".

ـ 7 مارس/آذار تفتيش بقايا السيارات، دلال ضرغام، حضر العميد عماد القعقور وأخبرنا بالتحقيق وأخذ نسخة من تقرير التحقيق وكان معه زياد رمضان.

ـ 8 مارس/آذار تلقينا نتائج فحوص ألـ(D.N.A) وخارطة موقع الجريمة.

-10 مارس/آذار تقرير مخفر البرج بشأن فحص جثة عبد الحميد غلاييني.


ـ 11 مارس/آذار: النقاش مع الجنرال زياد نصر والنقيب متري نمر واستدعاء حسام محسن والفلسطيني مروان عبدالوهاب قطان.

ـ 14 مارس/آذار: الطلب من قيادة الأجهزة الأمنية عدم رفع الأنقاض، واستدعاء جاك شليطا وعلي أمهز ومروان قبطان، رسالة من اللجنة الدولية تتعلق بانتهاء مهمتها.


48 - 23 مارس/آذار 2005: القاضي أبو عراج يستقيل من مهمته كقاض للتحقيق في القضية, بسبب الجو السياسي الضاغط في ذلك الوقت والكثير من عدم الثقة بالجهات القضائية اللبنانية والانتقادات الموجهة لطريقة التحقيق. إضافة إلى ذلك عندما كان مسؤولاً عن التحقيق في مقتل الحريري كان عليه أن يقوم بعمله الطبيعي وكانت القضية فيها الكثير من الجوانب السياسية، وسمع خلال التظاهرات في بيروت في 14 مارس/آذار أشخاصاً يذكرون اسمه بشكل مسيء.

49 ـ في ذلك الوقت غادر قاضي التحقيق منصبه، والإنجاز الوحيد الذي تحقق كان الأدلة التي تشير إلى السيد أبو عدس، على الرغم من محاولة التركيز على طريقة التفجير ومن خلال التركيز على كل الخبراء الذين توصلوا إلى نتيجة واحدة.

50 ـ وقد تم استبدال السيد أبو عراج بالسيد إلياس عيد الذي لا يزال يتولى التحقيق حتى الآن.


قوى الأمن الداخلي
51 ـ في 14 مارس/آذار 2005 كان اللواء علي الحاج قائداً لقوى الأمن الداخلي، وتمت ترقيته إلى هذا المنصب في العام 2004 من قبل السوريين كما يُقال، واستقال من منصبه خلال ربيع العام 2005 بعد الانفجار الذي قتل السيد الحريري.

ووفقاً لشهادته، كان الحاج في مكتبه عندما أعلم بنبأ الانفجار، حيث ذهب إلى موقع الجريمة بالسيارة وخلال توجهه إلى الموقع تحادث مع مسؤول مكتب العمليات في قوى الأمن الجنرال شهيد الخوري الذي أبلغه بأنه كان هناك انفجار كبير.

وطلب اللواء الحاج من السيد الخوري أيضاً إرسال كل التعزيزات اللازمة إلى موقع التفجير. وكانت الوحدات تتضمن فرقا مخبرية بإمرة السيد هشام أعور وخبراء متفجرات بإمرة الجنرال عبد البديع السوسي ووحدة التحقيق بإمرة العقيد فؤاد عثمان، وكانت مسؤوليته الوحيدة أن يقدم الإمكانات اللازمة، بعد وصول قاضي التحقيق أصبحت كل قوات الأمن بإمرة القاضي، ولم يكن باستطاعة اللواء الحاج أن يتدخل في التحقيق (إفادة شاهد).

52- وحسب رأيه أن المشكلة في تلك المنطقة كان لها علاقة بوجود الكثير من الأجهزة مثل أجهزة الجيش والأمن الداخلي وأمن الدولة والأمن العام.

53 ـ بعد ظهر ذلك اليوم، انضم اللواء الحاج إلى اجتماع مجلس الدفاع الأعلى في قصر الرئاسة في بعبدا ترأسه الرئيس (إميل لحود) وكان من بين المشاركين وزراء الداخلية والدفاع والخارجية والعدل والاقتصاد والأشغال العامة ونائب رئيس الوزراء ومحافظ بيروت وقادة عدد من الأجهزة الأمنية. وناقش الاجتماع موضوع الجريمة ومسؤولية الجهاز القضائي حيالها إضافة إلى تداعياتها.

54 ـ عاد اللواء الحاج إلى مكتبه بعد الاجتماع وبعد ذلك قامت قناة "الجزيرة" ببث شريط يدعي فيه أحمد أبو عدس مسؤوليته عن الانفجار وقتل السيد الحريري. ومنذ ذلك الحين سألنا كل مصادر قوى الأمن الداخلي، باستثاء تلك الموجودة في مسرح الجريمة، وكانت تركز على ملاحقة أبو عدس.


 

المخابرات العسكرية


في 14 فبراير/ شباط 2005 كان العميد ريمون عازار قائدا للمخابرات العسكرية، وقد تم تعيينه في هذا المنصب في ديسمبر/ كانون الأول 1998، واستقال في أبريل/ نيسان 2005 بعد الانفجار الذي قتل السيد الحريري. ووفقا لشهادته، فقد أبلغه العقيد في المخابرات محمد فهمي بالانفجار، ولم يذهب إلى موقع الجريمة لكنه تابع القضية بتفاصيلها من مكتبه مع قائد مخابرات بيروت العقيد ألبير كرم وأبلغ الرئيس لحود والعميد (رستم) غزالي بالانفجار عند حصوله.
56 - زار أشخاص من المخابرات العسكرية، وخصوصا خبراء المتفجرات، موقع الجريمة وقاموا بعمليات بحث وتدقيق، وأكدوا أن المواد التي استخدمت في الانفجار كانت تزن نحو 300 كلغ من مادة الـ T.N.T، وسلمت كل الأدلة الموجودة في الموقع إلى الأمن الداخلي والجنرال هشام أعور، بعلم العميد عازار وكان هناك بعض المخلفات المعدنية وبندقية. وفي رأي عازار أن الأمن الداخلي ومكتب المدعي العام وقاضي التحقيق كانت لهم المسؤولية الكاملة عن التحقيق.

57- 14 فبراير/ شباط عصرا، حضر العميد عازار اجتماع مجلس الدفاع الأعلى، وجرى عرض اغتيال السيد الحريري وكل التفاصيل التي كانت متوفرة في ذلك الوقت، وقدم كل مشارك في الاجتماع وجهة نظره.
58- وفي مرحلة لاحقة جرى التركيز على ثلاثة عناصر، شريط أحمد أبو عدس، الاتصالات الخلوية التي جرت في المنطقة، وطبيعة التفجير وحجم المتفجرات المستخدمة.

الأمن العام


59- في 14 فبراير/ شباط 2005، كان اللواء جميل السيّد قائدا للأمن العام، وقد رقي إلى هذا المنصب في العام 1998، واستقال في ربيع عام 2005 بعد الانفجار الذي أودى بحياة السيد الحريري.

ووفقا لشهادته، فقد أفاد اللواء السيد أنه كان في مكتبه عندما سمع الانفجار، لكنه اعتقد أن ذلك ناجم عن اختراق مقاتلات إسرائيلية لجدار الصوت. وبين الواحدة والربع والواحدة والنصف أخبره المقدم أحمد الأسير بحصول الانفجار وبأن موكب السيد الحريري كان مستهدفا، وبقي في مكتبه من دون أن يرسل أحدا من الأمن العام إلى موقع الانفجار، واتصل بالسيد الرئيس ووزير الداخلية والعميد غزالة.

60- بعد ظهر ذلك اليوم، حضر اللواء السيد اجتماع مجلس الدفاع الأعلى الذي ركز على النتائج المستقبلية لما حدث، وقدمت اقتراحات للحكومة التي اجتمعت لاحقا مساء ذلك اليوم.
61- في صباح 15 فبراير/ شباط تلقى السيد اتصالا من صحفي في قناة "الجزيرة" يبلغه أن أحدا لم يأت لتسلم شريط أبو عدس، وسلم له الشريط في 16 فبراير/ شباط وقام بنسخه وأرسل النسخة الأصلية إلى قاضي التحقيق السيد أبو عراج.

التحقيقات في موقع الجريمة


تقرير الأمن الداخلي

62- كما هي العادة في أي حالة إجرامية، فإن عملية فحص موقع الجريمة ومحيطه مهمة للغاية بالنسبة لنتيجة التحقيق.

وصل الضابط المسؤول عن موقع الجريمة الجنرال في قوى الأمن الداخلي ناجي ملاعب بعد الساعة الواحدة من يوم 14 فبراير/ شباط 2005، ووضع في 3 مارس/ آذار تقريرا حول فحص موقع الجريمة الذي أجرته السلطات اللبنانية، قوى الأمن الداخلي وشرطة بيروت، يحمل الوثيقة الرقم 95 قال فيه:


"خلال التحقيق وتنفيذاً لأوامر قاضي التحقيق العسكري في بيروت في ما يتعلق بالتحقيق وكل ما يمكن أن يلقي الضوء على الانفجار الذي حصل وأدى إلى وفاة رئيس الوزراء السابق السيد رفيق الحريري وآخرين، فقد أصدر قاضي التحقيق الأول للغرفة العسكرية في بيروت مذكرة رقم 23/2005 تاريخ 14 فبراير/ شباط 2005، الأمر رقم 207 تاريخ 15 فبراير/ شباط 2005 أيضاً.

في 14 فبراير/ شباط عام 2005 حوالي الثانية عشر ظهراً حصل انفجار كبير في بيروت سجلت غرفة العمليات أنه قريب من فندق السان جورج، أرسلت كافة الدوريات إلى الموقع وذهبت إلى هناك ووصلت بعد دقائق، السيارات على جانبي الطريق كانت تحترق، وكان هناك الكثير من الدخان. قوات الدفاع المدني والإطفاء والصليب الأحمر كانت تحاول الوصول إلى المنطقة وتتخذ الإجراءات من أجل إخماد الحريق وتجمع الجثث وتنقل الجرحى إلى المستشفيات، كان المنظر فوضوياً، وكان هناك الكثير من العسكريين والشرطة والمدنيين مختلطين والصحفيين ووسائل الإعلام وكلهم يريدون الوصول إلى موقع الجريمة، وأمرت كل الضباط ورجال الشرطة والدوريات أن يفعلوا ما في وسعهم من أجل الحفاظ على المنطقة آمنة، وأن يتخذوا الإجراءات من أجل الحفاظ على موقع الجريمة، وأن يبعدوا الفضوليين، وجعلت المكتب الثاني من شرطة بيروت هم المسؤولون عن التحقيق في اغتيال الحريري ولكن النتيجة لم تكن معروفة بعد.

المتخصصون في جمع الأدلة وخبراء المتفجرات بدؤوا عملهم إضافة إلى المسؤولين السياسيين والعسكريين وجاء بعض العسكريين من الضباط والقاضي رشيد مزهر، قاضي التحقيق الأول العسكري، وهو طلب مني كضابط شرطة وبسبب غياب مدير الأمن في الخارج، أن اتخذ الإجراءات اللازمة من أجل التحقيق وأي شيء يمكن أن يلقي الضوء على ذلك الانفجار وأن أعلمه، وأن هذه التعليمات الشفوية ستكون مكتوبة لاحقاً.

وعندما وصل قائد الأمن إلى المنطقة أعلمته بما حدث، ووفقا للسلطات المحلية طلبت من السيد صلاح عيد أن يتخذ الإجراءات اللازمة للتحقيق بصفته قائدا للمنطقة الثانية لبيروت، والتي حدث فيها الانفجار وأن يطلعني على ما حدث.

واستمر العثور على الجثث وأخذ الجرحى إلى المستشفيات واستمر كذلك عمل فرق الحوادث والمتفجرات، وتمّ إجراء مسح كامل لمنطقة الجريمة ومحيطها وجاء مهندسون من الجيش وأخذوا عينات من الموقع من أجل أن يجروا اختبارات عليها، وقامت فرقة من الجيش بعملية مسح على الموقع والمباني المجاورة وساعدوا في الحفاظ على أمن تلك المنطقة.

وبسبب أهمية التحقيق أرسلنا برقية تحمل رقم 2056 بتاريخ 14 فبراير/ شباط 2005 إلى قيادة الشرطة بالمنطقة، وطلبنا منهم اتخاذ كل الإجراءات الضرورية للتحقيق في نطاق عملهم بالنسبة للجثث التي نقلت إلى المستشفيات في كل المناطق وأن يسمحوا لعائلاتهم بالتعرف عليهم وأن يعلموني وأن يمكنني الحصول على التفويض اللازم من أجل تسليم هذه الجثث إلى ذويها، وأن تؤخذ إفادات الجرحى وأن تودع نسخا منها في ملفات التحقيق في قسم البرج.

وإضافة إلى البرقية رقم 2007 التي أرسلت إلى الدائرة بخصوص عزل الجريمة وإقامة المنطقة الآمنة حولها، طلبنا من قائد منطقة بيروت الثانية أن يستقدم كل الأفراد اللازمين من أجل القيام بهذه المهمة، وأن يضع حواجز معدنية وأشرطة صفراء حول المنطقة بالتنسيق مع شرطة المرور من أجل تنظيم السير هناك.

وأبلغني المقدم عيد بتقدم التحقيق ونتائجه، وقمت بإعلام قاضي التحقيق العسكري وسلمت الجثث إلى ذويها وفقا للأصول المرعية.

وعملا بتعليمات قاضي التحقيق وبموافقة المدير العام للأمن الداخلي علي الحاج تم نقل السيارات التابعة لموكب الحريري إلى ثكنة الحلو لتصويرها في المنطقة وتمّ تسجيل فيلم فيديو بحضور قائد منطقة بيروت الثانية وقائد شرطة السير ومسؤول منطقة البرج وفرقة التحقيق الجنائي واستخدام الخطوط التي قدمت من الدفاع المدني وفقا للأصول المرعية، ووضعت في تقرير خاص، أما السيارات فوضعت في ثكنة الحلو.

وفي برقيتنا التي تحمل رقم 2012 بتاريخ 15 فبراير/ شباط المرسلة إلى قائد قوة الطوارئ، طلبنا المحافظة على مكان الجريمة ومنع أي كان من لمس أي شيء.

وفي الساعة الثالثة بعد الظهر في 15 فبراير/ شباط قام الرائد عمر مكاوي قائد شرطة بيروت بتولي المسؤولية وأعلمني بكل الإجراءات التي تمّ اتخاذها وكل الحوادث التي حدثت، وتابعنا عملية التحقيق التي ستتم من قبل المقدم صلاح عيد وقمنا بإعلام قاضي التحقيق العسكري بذلك.

وبعد المذكرة 6 ف 206 في 17 فبراير/ شباط قدم قائد الوحدة لنا التفويض اللازم الصادر عن قاضي التحقيق العسكري بتاريخ 14 فبراير/ شباط 2005 فيما يتعلق بالانفجار والذي أرسل لنا من أجل التنفيذ من قبل المدير العام تحت الرقم 071182 SH بتاريخ 15 فبراير/ شباط 2005.

وبنفس الطريقة قدم قائد الوحدة لنا في المذكرة 1735/206 بتاريخ 18 فبراير/ شباط 2005، الموافقة على التفويض بإجراء التحقيقات والتي كانت تتضمن أمرا بالمحافظة على سيارات موكب الحريري داخل الثكنة وأن نضعها تحت الحراسة، وهذا تمّ بالفعل.

ووفقا للمذكرة رقم 206 ف 2 على 1763 بتاريخ 18 فبراير 2005، فإن قاضي التحقيق العسكري حصل على التفويض المكتوب بالإشارة بتاريخ 18 فبراير/ شباط 2005 والتي كانت تتضمن أمرا بالاتصال بمحافظ بيروت الذي كان عليه أن يزودنا بأولئك الذين كانوا يعملون بورشة قرب منطقة الانفجار، وهذه السلطات تمّ الحصول عليها بوثيقة من 14 صفحة ملحقة بهذا التقرير.

ووفقا للصلاحيات الممنوحة لنا وفقا للأمر، أمرنا بإغلاق منطقة بيروت الثانية من أجل التحقيق وكنتيجة للتقرير الأول رقم 1/30143 بتاريخ 14 فبراير/ شباط 2005، وكل التحقيقات التي جرت من قبل وحدات الشرطة الإقليمية فإننا نقدم ما يلي:

الجدول رقم واحد تمّ اعداده حول الجثث التي أعيدت إلى ذويها.

جدول رقم اثنين ويتعلق بالأشخاص الذين أصيبوا بجروح في هذا الانفجار.

جدول رقم ثلاثة يتضمن الإفادات التي تمّ الحصول عليها حول الانفجار وتمّ إعداد جدول يظهر الإجراءات التي تمّ اتخاذها وفحص منطقة الجريمة والسيارات المدمرة وكل ما وجد في موقع الانفجار.

كل هذه الإجراءات تم التحقق منها في التقرير رقم 302/ 1 بتاريخ 14 فبراير/ شباط 2005".

تقرير المخبر الجنائي السويسري


63- الخبراء اللبنانيون الذين فحصوا موقع الجريمة كانوا يمثلون عدة جهات، وقد أبدوا آراءا مختلفة بخصوص ما تمّ العثور عليه، ونتيجة لذلك كان هناك اجتماع في المحكمة العسكرية بحضور المدعي العام(إفادة شاهد). هذا الاجتماع أوصى السلطات اللبنانية بطلب المساعدة الخارجية لفحص موقع الجريمة، والذي أرسل إلى حكومة سويسرا. وقام خبراء من سويسرا زاروا لبنان في شهر مارس/ آذار 2005 بعملية مسح للموقع. وقال التقرير النهائي الخاص بهم: "إن خلاصتنا فيما يتعلق بالانفجار كانت مبنية على الفحوصات التالية:

التفسير المبني على ما تمّ العثور عليه في موقع الجريمة، وعلى الفجوة التي أحدثها الانفجار أيضا، وتفسير فيما يتعلق بالتدمير الذي لحق بالمباني المجاورة.

وبعد تحليل الشظايا لا نستطيع أن نقول بوضوح إذا كان الانفجار حصل فوق الأرض أو تحت الأرض، وتحليلنا المبني على البحث يتعلق بشكل الفجوة التي حدثت والتي لا تشير أيضا إذا كان هناك انفجار فوق الأرض أو تحتها، ومن جهة أخرى فإن شكل الفجوة يعطي انطباع عن حجم المتفجرة فوق أو تحت الأرض، وكما ذكرنا في تقريرنا فإنه من المتوقع أن يكون انفجار شحنة متفجرة تزن نحو ألف كيلو غرام فوق الأرض سيؤدي إلى حفرة كتلك الموجودة في موقع الجريمة.

وفيما يتعلق بحقيقة أن الشحنة كانت موجودة في سيارة، فيجب أن يكون حجمها كبير للغاية، وإذا كان مثل هذه السيارة قد استخدم، فنحن نعتقد أن بعض الأجزاء والشظايا الكثيرة وخاصة فيما يتعلق باللهيب الذي ظهر، وحجم الشرار والشظايا التي أُظهرت لنا من قبل الشرطة، والذين قالوا بأنها من سيارة ميتسوبيشي، تتوافق مع الشظايا التي نتوقع منها أن هذه السيارة كانت موجودة في مركز الانفجار.

وبعد أن قمنا بكل التحليلات التي جمعناها، توصلنا إلى خلاصات بأن الانفجار كان فوق الأرض ووفقا لهذه الأدلة فإن هناك ما يقارب الألف كيلو من المتفجرات الشديدة، والنتائج الأولية لتحليل التربة في منطقة الحفرة تشير إلى أن التفجير كان بواسطة "روتانيديوم".

تقرير ريفي

64- في مارس/ آذار2005 قام قائد الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي بإعداد تقرير حول الإجراءات الأولية التي اتخذتها السلطات اللبنانية في موقع الجريمة، والتي أرسلت إلى فريق تقصي الحقائق التابع للأمم المتحدة (اقتباس):


الإجراءات المتخذة

بالنظر لأهمية هذا الحادث المأساوي الذي أدىّ إلى اغتيال رئيس الوزراء السابق الحريري، والذي كان له تأثير على كل التدابير والإجراءات التي تم اتخاذها.


أ- عمليات الإنقاذ والإجلاء والعثور على الجثث:
بعد الانفجار مباشرة هرعت قوى الأمن والدفاع المدني والصليب الأحمر إلى مكان الانفجار لأداء واجبها، وعلى الرغم من كل الإجراءات التي اتخذت فإنها لم تكن على المستوى المطلوب، وهذه الإجراءات شابتها عيوب، ولذلك فإن وزارة الداخلية أصدرت المذكرة 137 بتاريخ 25 فبراير/ شباط 2005 تدعو قوى الأمن الداخلي إلى التحقيق في الإجراءات المرعية، وقالت إن قائد الأمن الداخلي وقائد شرطة بيروت وقائد الشرطة العسكرية هم المسؤولون عن هذه الإجراءات.

ب- الحفاظ على موقع الجريمة:
بعد الانفجار مباشرة، كان قاضي التحقيق العسكري هو المسؤول عن التحقيق، وقوات الأمن والشرطة والجيش كانوا تحت إمرته، وهو أعطى اللجنة صلاحياتها، وحسب الإجراءات التي يجب أن تتم، وخاصة في المحافظة على موقع الجريمة. لكن الإجراءات التي اتخذت كانت دون المستوى المطلوب، ومناقضة للقواعد الأساسية التي تتعلق بالجرائم الخطيرة كتلك، وحتى لو كانت أقل من ذلك، ولذلك فيجب اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل منع أي تلاعب في موقع الجريمة أو أية أدلة من الممكن أن تستخدم لاحقا من أجل المساعدة في التحقيق ومعرفة الحقيقة. ويمكن أن يتم ذلك دون أن نهمل القضايا الإنسانية، ويمكن إعطاءها الأولوية من أجل الوصول إلى الجرحى مثلا وإنقاذهم وتقديم الإسعافات والمساعدات لإنقاذ حياة الناس. وفي هذا السياق ارتكبت الأخطاء التالية:

أ‌- كان هناك حالة من الفوضى في موقع الجريمة، ليس فقط خلال الساعات الأولى بعد الانفجار، والتي كان التركيز خلالها على إطفاء الحريق وإنقاذ الجرحى والبحث عن المفقودين، ولكن للأسف، استغرق ذلك فترة طويلة جدا.

ب‌- لم يكن هناك تنسيق بين الأجهزة الأمنية الموجودة في الموقع.

ت‌- والبحث عن المفقودين كان يتم بشكل غير مهني وغير مسؤول، والبعض الضحايا عثر عليهم من قبل أسرهم.

وتم تسجيل عناصر سلبية بينها:


- جثة زاهي أبو رجيلي، وهو مواطن لبناني عثر عليه في 15 فبراير/ شباط، ووفقا لتشريح الجثة فإنه بقي على قيد الحياة 12 ساعة بعد الانفجار.

- جثة أحد الضحايا وجدت بعد ثمانية أيام بعد الانفجار.

- جثة عبد الحميد غلاييني وجدت بعد 16 يوما من الانفجار من قبل أسرته وليس من قبل الدفاع المدني.

- مصير فرحان أحمد العيسى ما زال غير معروف، فهو ما زال مفقودا، ويخشى بأن العثور على جثته سيشكل فضيحة أخرى.


ث- بعد ساعات من الانفجار، وفي حدود الساعة 11 ليلا تم إزالة أدلة من موقع الجريمة، وسيارات موكب الحريري قد نقلت إلى ثكنة الحلو بحجة المحافظة عليها، مع أنه لم يتم تبرير بقاء السيارات الأخرى، باستثناء قيمتها كأدلة جنائية، لأنها كانت هدف هذا الانفجار. ولم يكن ذلك هو الحالة الوحيدة التي تثبت التلاعب بمسرح الجريمة، فسيارة "BMW" التي لم تكن جزءا من الموكب نقلت أيضا، مع أن التركيز كان يجب أن يتم على عدم نقل أية سيارة وإبقائها بالطريقة التي بقيت عليها بعد الانفجار، من أجل تحديد كيفية تنفيذ الجريمة.

ث‌- تم إدخال جرافة إلى موقع الجريمة في 14 فبراير/ شباط ليلا دون أي سبب وجيه، بعد أن تدخلت وزارة الداخلية وأعطت أمرا بعدم إدخال الجرافة والمحافظة على موقع الجريمة.

إجراء التحقيق وظروفه وتحديد كيف ارتكبت الجريمة:
من المعروف أن أخطاء رئيسية ارتكبت في مسار إجراء التحقيق، من بينها تسريب معلومات أدت إلى الارتباك. هذا بدوره قلل من قيمة التحقيق المحلي من قبل الشهود الموثوقين.

المسؤوليات

المسؤولية في جريمة كالتي نحقق بها لا يمكن حصرها بوجه واحد. كما ذكر آنفا، لأنها تشمل أوجها سياسية وقضائية وأمنية.

القرار بإزالة سيارات الموكب

65- القرار بردم الحفرة في مسرح الجريمة، وإزالة سيارات الموكب وإعادة فتح الطريق في اليوم التالي للتفجير، مثير للتشويش، على افتراض أن هناك إرادة جماعية بإجراء مسح محترف لمسرح الجريمة. وأدى التشويش إلى تنوع في الإيضاحات من جانب المسؤولين المعنيين بشكل وثيق بالقضية، ما لبثت أن عبرت عن نفسها.

قاضي التحقيق مزهر
66 - في العاشرة والنصف مساء 14 فبراير/ شباط، كان القاضي مزهر في منزله، عندما تلقى اتصالا هاتفيا من العميد ناجي ملاعب، الذي أطلعه على أن ممثلي الأجهزة المختلفة في ساحة الجريمة بدأت بتجميع أجزاء معدنية من سيارات الموكب لإجراء الفحوص المخبرية عليها. لم يكن هناك شيء يمكن لملاعب القيام به لوقفهم. اقترح أن يتم نقل سيارات الموكب إلى مكان آمن واقترح ثكنة الحلو في بيروت. القاضي مزهر وافق على الاقتراح تحت الشروط التالية. السيارات يجب تصويرها في الموقع وأن يتم تعليمها وترقيمها وأن يتم تصويرها أثناء نقلها ومن ثم بعد وصولها إلى ثكنة الحلو، حيث يجب تغطيتها وحراستها على مدار الساعة لتجنب أي تلاعب بالدليل. ولم يكن لدى مزهر معلومات عن قرار لردم الحفرة وإعادة فتح الطريق(إفادة شاهد). السيارات نقلت من مسرح الجريمة خلال ليل 14 فبراير/ شباط.

اللواء جميل السيد

67- في صباح 15 فبراير/ شباط 2005، قرأ اللواء السيد من الصحف خبرا عن إزالة السيارات. في الثامنة صباحا اتصل باللواء علي الحاج مدير عام قوى الأمن الداخلي وسأل ماذا يجري. اللواء الحاج رد بأن فريقين يعملان على فتح الطريق الذي سيعاد فتحه في الساعة العاشرة صباحا. وردا على سؤال مباشر أفاد الحاج بأن الأوامر جاءت من رئيس الحرس الجمهوري مصطفى حمدان (إفادة شاهد).

اللواء علي الحاج

68- في 14 فبراير/ شباط 2005 العاشرة والنصف ليلا، تلقى السيد الصديق اتصالا في مكتبه (حيث كان مع العميد هشام الأعور) من المدير العام لوزارة الأشغال السيد فادي النمار، أبلغه بأن قرارا اتخذ لإعادة فتح الطريق في اليوم التالي وأن فريقه سيبدأ العمل عند طلوع الشمس في اليوم التالي. كانت المكالمة على الخط الأرضي وسمعها العميد الأعور وادعى أنه فوجئ بالمكالمة لأن النمار ليس لديه سلطة في القضية. وكان من المعروف أن النمار قريب جدا من القصر الجمهوري مما يعني أنه كان يأخذ أوامره من هناك. النمار قال بأنه سوّى المسألة مع قاضي التحقيق. اتصل الصديق بقائد شرطة بيروت بالوكالة ملاعب وأبلغه بمكالمة النمار وطلب منه التأكد مما إذا كان القاضي مزهر على علم بالأمر، فاتصل ملاعب بالقاضي مزهر الذي كان على علم بالأمر ولم يكن لديه اعتراض. عندها سأل ملاعب عما سيتم فعله بالسيارات. رد القاضي مزهر بأنه يجب أخذها إلى مكان آمن واقترح ثكنة الحلو.


69- في الصباح التالي، 15 فبراير/ شباط 2005، التقى النمار بمحافظ بيروت يعقوب الصراف، لترتيب إعادة فتح الطريق في ميناء الحصن. الصراف قريب جدا من القصر الجمهوري وكان أيضا على علم بالقرار(إفادة شاهد).


العميد هاشم الأعور

70- في ما يتعلق بإزالة سيارات الموكب، أشار العميد الأعور إلى أنه لم يعلم من أعطى الأمر. طلبت منه المساعدة في تصوير إزالة السيارات في 14 فبراير/ شباط 2005 خلال اجتماع مع قاضي التحقيق، لكن شيئا آخر لم يتم الإشارة إليه بشأن إزالة السيارات من مسرح الجريمة. في المساء نفسه، بين العاشرة والنصف والحادية عشرة، كان في مكتب اللواء علي الحاج وأبلغه بأن السيارات ستتم إزالتها. أبلغه أيضا بأن قوى الأمن الداخلي عليها تأمين المساعدة بتعليم أمكنة السيارات وتصويرها.

المدير العام فادي النمار


71- السيد النمار لم يتذكر ما إذا كان الحاج قد اتصل في 14 فبراير/ شباط 2005، لكنه يتذكر أنه اتصل بالحاج في اليوم التالي كما يفعل دائما في أوضاع مشابهة. في وقت المكالمة كان النمار في مكتب محافظ بيروت. قال للواء الحاج إنهم مستعدون إذا دعت الحاجة للمساعدة. الحاج أحاله على ضابط في قوي الأمن الذي قال له إن مسحا يجري لمسرح الجريمة. اللواء الحاج قال إنه سيعود للنمار في الوقت المحدد. النمار لا يتذكر اسم الضابط ولكنه كان مع الحاج. لم تكن لديه سلطة لاتخاذ قرار بإعادة فتح الطريق في بيروت ولم يعط أي أوامر بإزالة سيارات الموكب. نفى أيضا أن تكون له اتصالات بالقصر الجمهوري (إفادة شاهد).

72- بعد ذلك، تأكد (من خلال لائحة مكالمات هاتفية) أن الحاج أجرى اتصالا من هاتفه الأرضي بالنمار على هاتفه الخلوي مساء 14 فبراير/ شباط تأكد أيضا أن النمار أجرى اتصالا بالحاج في اليوم التالي.

محافظ بيروت يعقوب الصراف

73- حسب إفادته فهو لم يعط أية تعليمات. الشرطة والجيش كانا يسيطران على الموقف. الصراف أجرى في 14 فبراير/ شباط 2005 اتصالا مع فادي النمار.

القائم بأعمال قائد قوى الأمن الداخلي ببيروت اللواء ناجي ملاعب

بين الثامنة والنصف والعاشرة ليلا في 14 فبراير/ شباط 2005 تلقى ملاعب اتصالا هاتفيا من مكتب الحاج الذي أمره بنقل سيارات الموكب من مسرح الجريمة إلى مكان آمن، وفق تفاهم على أنه في غضون يومين سيعاد فتح الطريق. وإذا كانت هناك حاجة ليأتي خبراء لتفحص السيارات، فإنهم متاحون. العميد ملاعب فوجئ بالأمر ولم يقبله. قال للواء الحاج أنه ليس له علاقة بمسرح الجريمة بما أن الموقع تحت سلطة القاضي مزهر. طلب الحاج من ملاعب الاتصال بمزهر ففعل. القاضي فوجئ وسأل عن سبب العجلة، فقال له ملاعب إنه تلقى أوامر من الحاج وأنه أيضا فوجئ بالأمر. قال له القاضي أن يعطيه بعض الوقت وأنه سيتصل به مجددا. بعد وقت قصير، بين عشر دقائق ونصف ساعة، اتصل القاضي وقال إن السيارات يمكن نقلها (إفادة شاهد).

العميد مصطفى حمدان

75-بعد التفجير في 14 فبراير/ شباط 2005، اتخذ حمدان كل الإجراءات الضرورية لحماية الرئيس والمناطق الرئاسية. لا يتذكر أي تفاصيل، لكنه لم يذهب إلى موقع التفجير. لم يصدر أي أوامر أو توجيهات في ما يتعلق بالنشاطات في مسرح الجريمة، بما أنها لا تقع تحت مسؤولياته. وهكذا، فإنه ليس له علاقة بأي أوامر لتنظيف الطريق، بردم الحفرة أو بنقل سيارات الموكب (إفادة شاهد).

مدير قوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي

76-في اجتماع مع لجنة التحقيق الدولية في الأول من يونيو/ حزيران 2005، أفاد اللواء ريفي بأن الشخص الذي أعطي الأوامر بجلب الجرافة أو الجرافات إلى ساحة الجريمة هو مصطفى حمدان، الذي كان في وقت الحادث رئيسا لحرس الرئيس لحود وبموجب القانون اللبناني ليس له أي علاقة بتحقيق يجري في مسرح جريمة.

التحقيق اللبناني: أحمد أبو عدس

77- في حوالي الثانية و11 دقيقة بعد ظهر 14 فبراير/ شباط 2005، أي بعد نحو ساعة فقط على التفجير، تلقت ليلى بسام من "رويترز" اتصالا هاتفيا من مجهول لهجته ليست لبنانية ولكنها لم تتمكن من تحديدها. بحسب بسام، فور إجابتها على الهاتف قال لها الرجل اكتبي ذلك وطلب منها أن تبقى هادئة ثم قرأ البيان التالي بعربية فصحى: "نحن، النصرة والجهاد في بلاد الشام، نعلن أننا أنزلنا العقاب المستحق بالكافر رفيق الحريري بحيث يصبح أمثولة للآخرين". وختم المتحدث كلامه بحديث ديني إسلامي وأغلق الخط.

78- السيد غسان بن جدو، مدير مكتب قناة الجزيرة في بيروت، يتذكر أنه تلقى أربعة اتصالات هاتفية تتعلق بإعلان المسؤولية. في الأول ادعى رجل قال بن جدو إنه يتحدث عربية ركيكة بلكنة أفريقية أو أفغانية أو باكستانية، ادعي مسؤولية النصرة والجهاد عن إعدام الحريري بتفجير انتحاري. بعد ذلك بوقت قصير، أذاعت "الجزيرة" إعلان المسؤولية. ثم تلقت القناة اتصالا من شخص آخر مجهول، يدعي أنه من المجموعة نفسها، وتحدث هذه المرة بعربية جيدة، وشرح لبن جدو أين يمكن أن يجدوا شريط فيديو يتضمن معلومات إضافية عن الاغتيال، مشيرا إلى شجرة قرب مبنى الإسكوا في وسط بيروت. أرسل بن جدو زميلا إلى المنطقة وجد مغلفا أبيض يحتوي على بيان مكتوب وشريط الفيديو. بعد مزيد من الاتصالات من المجموعة نفسها تطلب بث الشريط الذي لم تكن الجزيرة قد بثته. وبثت الجزيرة الشريط بعد الظهر.

79- وجاء في جزء من الرسالة المصاحبة للشريط التي أفيد بأنها من مجموعة النصرة والجهاد في بلاد الشام:
"الحمد لله على انتصار راية النصرة والجهد في بلاد الشام، وبرضى الله نال عميل الكفار في مكة والمدينة رفيق الحريري عقابه في عملية انتحارية نفذها المجاهد أحمد أبو عدس حامل راية النصرة والجهاد في بلاد الشام، الاثنين في 14 فبراير/ شباط 2005، الموافق الخامس من محرم 1426 للهجرة في بيروت.. مرفق مع هذا فيلم يصور الشهيد أحمد أبو عدس، منفذ العملية". وفي الشريط، ظهر شخص عرف نفسه على أنه السيد أبو عدس.

80- وبعد بث الشريط على الهواء بقليل، جمعت السلطات اللبنانية معلومات واسعة عن خلفية أبو عدس وبدأت تستجوب عائلته والمرتبطين به. وجاءت معظم هذه المعلومات من الشيخ أحمد عبد العال من الأحباش، وهي مجموعة إسلامية ناشطة في منطقة المخيمات الفلسطينية التي أفيد بأن السيد أبو عدس كان يعيش فيها. وذكر الشيخ عبد العال للجنة التحقيق الدولي المستقلة أنه تلقى اتصالا هاتفيا من القصر الجمهوري بعد قليل على بث شريط فيديو أبو عدس، للتحقق من أي معلومات لدى عبد العال عن السيد أبو عدس.

ووفقا لما أدلى به، قال عبد العال إنه حصل على المعلومات حول خلفية السيد أبو عدس، بما فيها عنوان سكنه الحقيقي وأنه كان يذهب دائما إلى عين الحلوة، وأنه كان وهابيا، وأنه كان متعلما جدا يدرس علوم الكمبيوتر، وأنه زار أبو عبيدة (مساعد قائد جند الشام). وحصل الشيخ عبد العال أيضا على أسماء عائلة وأصدقاء السيد أبو عدس: لقد أرسل المعلومات بالفاكس إلى الرئيس لحود وعلي الحاج وألبير كرم وجامع جامع وماهر الطفيلي. وأفيد بأن الشيخ عبد العال التقى أيضا المسؤول في الاستخبارات السورية جامع جامع في مساء 14 فبراير/ فبراير 2005 وأعطاه المعلومات حول أبو عدس، التي سلمها جامع جامع لاحقا إلى قوى الأمن الداخلي.

81- زارت قوى الأمن الداخلي منزل أبو عدس، بصحبة عضو في الأحباش، وفتشت جهاز كمبيوتر فضلا عن عدد من الإسطوانات الممغنطة التي كانت أولا وقبل كل شيء ذات طبيعة إسلامية أصولية.
وعلى الرغم من أن التقرير بشأن البحث ذكر أن معظم الوثائق المخزنة في الكمبيوتر نقلت من الإنترنت، لم يكن هناك ما يدل على أن منزل السيد أبو عدس فيه خط إنترنت. واستجوبت السلطات (بما فيها قوى الأمن الداخلي والاستخبارات العسكرية) العديد من أصدقاء وأقرباء السيد أبو عدس، وبشكل مستفيض، في الأيام التي تلت الانفجار مباشرة. إلا أنه لم يتم تحديد موقع السيد أبو عدس. واستجوب 10 أشخاص في يوم التفجير وفي غضون الشهرين التاليين، تم استجواب نحو 40 شخصا. وكشف التحقيق اللبناني أيضا أن السيد أبو عدس عمل موظفا خلال صيف 2004 في محل للكومبيوتر، يملكه الشيخ أحمد الصاني الذي كان عضوا في شبكة أحمد ميقاتي وإسماعيل الخطيب.

82- في تقرير تاريخه 17 فبراير/ شباط 2005 أرسل من اللواء السيد إلى القاضي مزهر، استنتج اللواء السيد أن شريط الفيديو كان أصليا وأن "أحمد أبو عدس الذي ظهر في الشريط كان.. مشاركا معروفا، بشكل واضح في الاغتيال". والقاعدة الوحيدة التي كانت متوفرة في هذا الاستنتاج هي بالقول إن "الطريقة التي قدم فيها البيان واظهر نفسه من دون إخفاء وجهه هي الطريقة المعتمدة لدى المفجرين الانتحاريين في حالات مشابهة. الحقيقة أنه لم يخف وجهه عندما كان يقول خطابه، ما يشير إلى أنه كان مسؤولا شخصيا عن تنفيذ الانفجار". (معلومات بشأن حقائق متعلقة ببث "الجزيرة" لشريط يدّعي المسؤولية، رقم 606 أ أ، 17 فبراير/ شباط 2005).

التحقيق الأسترالي

83- في 15 فبراير/ شباط 2005، جاء في طلب تقدم به المدعي العام للشرطة الفدرالية الأسترالية، أن 6 أشخاص أوقفوا كمشتبه بهم في المشاركة باغتيال الحريري. وأبلغ المسؤول عن قوى الأمن الداخلي في مطار بيروت الدولي مدير قوى الأمن الداخلي، الحاج، بشأن الأشخاص الستة. ونقل الحاج هذه المعلومات مباشرة إلى المدعي العام القاضي ربيعة قدورة التي اتصلت بالسلطات الأسترالية. وبرأ التحقيق الأسترالي المشتبه بهم الستة من أي تورط في هذه الجريمة، وهو موقف وافقت عليه السلطات اللبنانية المكلفة إجراء التحقيق.


84- وتشير التسجيلات إلى أن السلطات اللبنانية أسندت اشتباهها إلى العوامل التالية:
أ) أن الأشخاص الستة المعنيين انطلقوا من مطار بيروت بعد ساعة ونصف الساعة على حصول التفجير.
ب) لم يكن بحوزة الأشخاص الستة أمتعة.
ج) أحد الأشخاص الستة يشبه السيد أبو عدس، الذي ظهر في شريط فيديو لمجموعة متطرفة زعمت أنها مسؤولة عن التفجير.

85- وقامت السلطات الأسترالية بتحقيق واسع لمساعدة السلطات اللبنانية. وشمل التحقيق رفع حال التأهب في المطارات، واستجواب الأشخاص الستة وأعضاء آخرين في المجموعة، مسح لآثار المتفجرات (بما فيها الأشخاص، ومقاعدهم في الطائرة، وأمتعتهم)، والتأكد من خلو الطائرة من المتفجرات. وعلى الرغم من أنه أفيد بأن الأشخاص الستة الذين اعتبروا "مشتبها بهم" وكانوا من دون أمتعة، إلا أنهم كانوا يحملون أمتعة. وخضع 3 من ستة مشبوهين إلى فحص الطب الشرعي.

86- وأظهرت اكتشافات التحقيق الأسترالي:
(1) المجموعة كانت مسافرة إلى جدة كجزء من الحج.
(2) ولم يتم ضبط أي مواد متفجرة مشتركة عضوية أو غير عضوية أو حتى بقايا مواد انفجرت، في أي من العينات التي أخذت.
(3) لم يكن أي شخص استجوبته السلطات الأسترالية في إطار هذا التحقيق، متورطا أو على علم بأي تورط في اغتيال الحريري