الرئيسية المقالات تقارير اليمن.. فساد الاقتصاد السياسي وهروب رأس المال
اليمن.. فساد الاقتصاد السياسي وهروب رأس المال
الوحدوي نت
الوحدوي نت

"مقابل كل دولار مساعدات دخل اليمن بين عامي 1990 و 2008 ، خرج منه 2,70 دولار " بهذه الصورة يحاول تقرير دولي صدر مؤخرا توصيف مخاطر الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الاقتصاد السياسي في اليمن المبني حول نخبة ضيقة من الجيش والقبائل والطبقة السياسية.

الوحدوي نت

التقرير الذي أصدرت المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني " تشاتام هاوس" , يرسم صورة عن زواج السياسة بالاقتصاد لنخبة نظام صالح والذي أدار اللعبة في اليمن خلال ثلاثة عقود ويحاول الانتقال الى المرحلة القادمة باستخدام قوة السياسة والمال.

سؤال الثورة

يبدأ التقرير من رسم صورة مقتضبة عن ما شهدته اليمن من ثورة شبابية غيرت من صورة الخارطة السياسية في البلد , حيث يقول التقرير أن الاحتجاجات التي قادها الشباب أفصحت عن مظالم تمثلت من خلال فشل الدولة  والنخب في توفير ما اعتبره المتظاهرون أسس العدالة الاقتصادية والاجتماعية والتمثيل السياسي  والإشراك السياسي والاقتصادي في مختلف أرجاء البلد.

ويرى التقرير أن الجانب الأكبر من غضب  المحتجين انصب على الرئيس علي عبد الله صالح وأسرته ولكن، وكما كان الحال في أماكن أخرى، لم  تكن تنحية رأس النظام من السلطة علاجا للمشاكل الأساسية في البلد, وهذا لأن الفساد والفقر  وعدم المساواة قد ترسخت في النظام.

ويضيف التقرير : كان خروج صالح بالتفاوض سببا في أن تكون اليمن إحدى قصص النجاح المفاجئة  للثورات العربية , أما ما ستؤدي إليه العملية الانتقالية فهو أقل وضوحا.

ويطرح التقرير تساؤلا هاما : " برغم رعاية الأمم  المتحدة لحوار وطني شامل بهدف الوصول إلى تسوية جماعية شرعية، لا يزال اليمنيون  متشككين فيما إذا كانت ثورة عام 2011 تمثل بداية توافق على تغيير تاريخي لشكل السلطة  والوصول السياسي، أو أنها مجرد عملية سطحية صممت لتغطية احتفاظ النخبة الحالية  بالسلطة السياسية والقوة الاقتصادية  .

التقرير يستدل على هذه المخاطر بما قاله مبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر في إحدى إفاداته يقول فيها " على الرغم من المشاركة في العملية السياسية ,مازالت فصائل سياسية رئيسية مسلحة ويبدو أنها تكدس المزيد من الأسلحة، مما يخلق الظروف  الملائمة لمزيد من العنف وعدم الاستقرار”.

ويعتمد الإكمال الناجح للفترة الانتقالية بحسب التقرير ، على قدرة الرئيس هادي على حشد الرأسمال السياسي الكافي للإشراف على تنقيحات الدستور وتغيير بنية الدولة، مع السيطرة على عوامل الفشل والإفساد  المحتملة، والحد من تناحر الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة، وتوفير الأمن والخدمات  لمؤيدي تلك الجماعات.

شرعية صالح

التقرير يفرد فصلا واسعا للحديث عن نظام صالح وشرعيته قبل الولوج الى تشخيص الاقتصاد السياسي الذي يعده احد ثمار نظام صالح ,  حيث يقول أن صالح أسس شرعيته في حكم اليمن الشمالي سابقا بادعاءه بالشرعية المحلية بصفته قائدا جمهوريا.

ويضيف : عين صالح أقاربه في أهم المناصب في  قمة الجيش، ووزع وسائل القوة القسرية بين القبائل الشمالية من خلال تجنيدها في الجيش , بعد توحيد اليمن وبدء ديمقراطية نيابية، استمر صالح في سياسة توزيع الأراضي والمنافع السياسية لأنصاره، في حين واجه منتقديه تارة بالعنف وتارة بسياسة الاستمالة, وفي محاولة منه لإضفاء الشرعية على نظامه ألبس سلطته غطاء اللغة الديمقراطية، وذلك في الوقت الذي ربى فيه  فصائل موالية له من كافة الأطياف السياسية وأجبر المعارضة على اللجوء إلى “سياسة صالونات  نخبوية وأسلوب مجموعات الضغط”.

خلال التسعينات، تمكن صالح بفضل الاستخراج التجاري للنفط والتحرير الاقتصادي  المرافق من تشويه السياسة الحزبية والتلاعب بها ,وكان هذا الإطار من رأسمالية المحسوبية نسخة عن نمط إقليمي واسع، إلا أنه أنتج أثرا فريدا من نوعه في اليمن، حيث كان النظام القبلي قويا (خاصة في الشمال) وكان هيكل السلطة الرسمية الوليدة شديد الضعف, فأصبحت السياسة مشخصنة للغاية، وركزت على أهمية السلطة التي انتشرت عبر  شبكات غير رسمية.

هنا يوصف التقرير طبيعة نظام صالح الذي قاد البلاد لثلاثة عقود , " ومع غياب المؤسسات القوية للدولة، شكلت النخبة السياسية في حقبة صالح نموذجا واقعيا  عن الحكم التعاوني، حيث اتفقت مصالح متنافسة – قبلية وإقليمية ودينية وسياسية– على  الانضباط من خلال القبول الضمني بالتوازن الناجم. ، تراكمت  الأرباح المشروعة وغير المشروعة بفضل الوصول إلى تلك الشبكة الكثيفة .

تماسكت  هذه التسوية السياسية غير الرسمية عبر اتفاق لتقاسم السلطة بين ثلاثة رجال: صالح الذي  سيطر على “الدولة”؛ واللواء علي محسن الذي سيطر على القسم الأكبر من الجيش؛ والشيخ  عبد الله الأحمر، وهو زعيم تحالف حاشد القبلي القوي وأبرز عضو مؤسس لحزب الإصلاح  ووسيط السعودية المختار لدفعات المحسوبية الواردة لرعايا قبائل اليمن.

ورغم أن هذا النظام معرض للاضطراب بصورة كبيرة، إلا أن هذا النظام الغريب من الحكم  التعاوني ظل متماسكا لعشرين عاما. إلا أن أساس التوازن بدأ بالتزعزع في العقد الثالث لحكم  صالح، عندما تسببت مساعيه لإعطاء ابنه الأكبر أحمد علي الثمار العسكرية والاقتصادية بخرق  أساس اتفاق النخبة الثلاثية لتقاسم السلطة.

الطريق إلى التسوية 

التقرير يقول ان مبادرة مجلس التعاون الخليجي الذي ضغط على صالح للتنحي مقابل التعهد بمنحه حصانة من الملاحقة القضائية, وفي الواقع، أبقت هذه المبادرة الخليجية السلطة في أيدي الجهات السياسية القديمة فمنعت بذلك من وصولها إلى الحركة الشعبية الناشئة.

حيث يرى أن المفارقة المتمثلة في الانقسامات الداخلية التي أضعفت النظام مكنته كذلك من البقاء كنظام، لأن الخوف من نشوب حرب أهلية شاملة بين الفصائل العسكرية المتنافسة قد شجع المجتمع الدولي على اعتماد استراتيجية تدريجية ركزت في المقام الأول على إقناع صالح بالتنحي عن السلطة , وهنا يقول التقرير "  إلا  أن  ما  حصل  حتى الآن  هو  تناوب  وتبادل  بين  النخب  بدلا  من  إصلاح  نظمي .

ينتقل التقرير للحديث عن ما أسمها بـ " أعراض  عوز  الشرعية" المتمثلة في الأزمات الوطنية التي صنعها صالح ," في السنوات الأخيرة لحكم علي صالح، انشغل عناصر النظام بتحقيق التوازن الخاص بسلطتهم  الداخلية مما عزز التصور بأن السياسة النيابية تجري أساسا لخدمة مصالح النخبة – لا سيما  مصالح النخبة الشمالية من تحالف حاشد القبلي القوي , وعزز هذا التصور من الأزمة الأساسية  للشرعية في هذا النظام النيابي, ومما أعرب عن النفور من مؤسسات الدولة الرسمية تحول  المسلحين الحوثيين إلى العنف وفقدان ثقة الحراك الجنوبي بالسياسة الرسمية واستمرار تنظيم  القاعدة في تجنيد الأتباع في اليمن.

ماذا بعد؟

وبعد حالة من طفرة الثقة صاحبت العملية الانتقالية في أواخر عام 2012 ومطلع العام التالي،  وكان سببها نجاح منصور هادي في إزاحة عدد من الرموز البارزين في حقبة علي صالح من جهاز  الأمن، بات الكثير من اليمنيين ينظرون للعملية الانتقالية على أنها عملية مظهرية كاذبة صممت  لتكون صمام أمان يحول دون حدوث المزيد من القلاقل والاضطرابات، لا أنها محاولة حقيقية  لإحداث تغير واقعي ملموس.

حيث يقول التقرير أنه ومع بدء المحادثات، كانت تسير بالتوازي معها أشكال من المنافسة وإعادة المفاوضات بين النخبة والأطراف الأخرى, وقد عمل حزبي المؤتمر والإصلاح على زيادة سيطرتهما على مؤسسات  الدولة الرئيسية والوحدات العسكرية والمناصب الحكومية المحلية منذ أواخر عام 2011 فصاعدا.

والتقرير يصل لما يشبه الحكم النهائي على مخرجات الحوار التي يعتبرها الخيار الوحيد والأفضل لليمن، يعلم الوسطاء الدوليون  أن هذه العملية بطبيعتها ستنتهي إلى أحد الحلول الوسط, فحتى لو بلغت أعلى  درجة من النجاح فإنها ستترك معظم الفرق الرئيسية المشاركة في المحادثات غير راضية عن المحصلة  النهائية, وفي أقل درجاتها نجاحا، فإنها ستعجل تجدد القلاقل والاضطرابات، وهو ما سيحدث  حينئذ في ظل مشهد متغير تماما عن المشهد في مطلع عام 2011 ، حيث بات الحوثيون والحراك  أفضل تنظيميا وأقوى لوجستيا، كما باتت هناك قوة نخبوية ثالثة –قوة منصور هادي– إما  متورطة في النزاع أو تحاول التخفيف من آثاره.

الاقتصاد  السياسي

هنا يصل التقرير إلى اهم جزئية , كون تحليل الاقتصاد السياسي يوضح الروابط بين شبكات القوى الرسمية وغير الرسمية، كما يشرح العلاقات المتداخلة بين عالم الأعمال وبين السياسة،بحسب التقرير, ويضيف : يتناول كذالك بالتحليل التفاعل بين العمليات السياسية والاقتصادية في المجتمع: توزيع السلطة والثروة بين مختلف المجموعات والأفراد، والعمليات التي تؤدي إلى إيجاد هذه العلاقات واستمرارها وتحولها مع مرور الوقت.

وعلى مر ثلاثة عقود، عمل نظام صالح على تركيز توزع السلطة والثروة , وبدلا من بناء المؤسسات الرسمية للدولة المولودة حديثا، حيد صالح القادة المحليين ومنافسيه الأقوياء باستخدام شبكة من المحسوبية تعتمد على عوائد النفط والوصول إلى فرص أعمال مشروعة وغير مشروعة، وبالتدريج عزل تلك الشخصيات عن دوائرها الانتخابية المهمشة بازدياد واستخدم سياسة فرق تسد لضمان أن لا يقوى أحد على تحدي القيادة المركزية.

أذرع الأخطبوط

التقرير يقدم صورة مرعبة عن تفاصيل , فأثناء ثورة عام 2011، كانت “قمم قيادة” الاقتصاد اليمني مركزة في أيدي نخبة صغيرة جدا, ففي أوائل عام 2011، قدر أن عشر أسر يمنية كانت تتحكم بأكثر من 80 بالمائة من قطاعات الواردات والتصنيع والتجهيز والمصارف والاتصالات والنقل.

" استفاد الساسة والعسكريون والقبليون البارزون من التحرير الاقتصادي عن طريق الشراكة مع الأسر التجارية الراسخة والناشئة, فبدون وجود نفوذ قبلي أو عسكري، لم يكن للشركات القديمة خيارات كثيرة سوى التعاون مع أعضاء النخبة الرأسمالية الجديدة، ولكثير منهم تاريخ حافل من التجارة في السوق السوداء والرمادية، من تهريب الكحوليات وحتى الأسلحة.

 واستثمر أعضاء رأسمالية المحاباة من القبائل والجيش وحققوا أرباحا طائلة في استيراد السلع و الماكينات الحديثة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وكانوا الوكلاء المحليين للشركات الأجنبية الراغبة في الاستثمار بسوق ناشئ، وأنشأوا مصارف تمكنهم من تحويل الأموال إلى الداخل والخارج بكفاءة أكبر.

وكان المقربون من النظام من بعض أكبر المستفيدين، مثل شاهر عبد الحق، الذي أشيع أنه شريك تجاري لصالح منذ فترة طويلة وهو حامل أسهم بأحد أكبر مصارف الدولة وفي ثاني أكبر مزود لخدمة الهواتف الجوالة والعديد من آبار النفط ومنجم زنك.

وحصل أفراد أسرة صالح على مناصب هامة في المؤسسات التي أدارتها الدولة. فمن البارزين صهره عبد الخالق صالح القاضي، رئيس الخطوط الجوية اليمنية المملوكة للدولة- سابقا- ؛ وابن أخيه توفيق صالح عبد الله صالح، وهو رئيس شركة التبغ والكبريت الوطنية المنتجة لطراز السجائر الشعبي كمران - سابقا- ؛ ويدير صهره الآخر خالد الأرحبي شركة يمن سبيس الإعلانية التي تحتكر فعليا مجال الإعلان الخارجي.

الجيش

يعتبر الجيش مرتعا مهما للمحسوبية وتوزيع المنافع، عن طريق الجنود “الأشباح” وتهريب السلاح والوقود والبشر، مما يوفر عائدا مربحا لكبار الضباط وشركائهم التجاريين, ورغم أن الأجهزة الأمنية تبعت اسميا وزارتي الدفاع والداخلية، إلا أن القادة الكبار من سنحان –قبيلة صالح– استقلوا بتصرفاتهم إلى حد كبير، ولم يكن هناك فعليا إشراف مدني على الجيش، وانتشر فيه الفساد.

و في المؤشر الحكومي لمكافحة الفساد في قطاع الدفاع لعام 2013 التابع لمنظمة الشفافية الدولية، صنف اليمن ضمن أكثر المؤسسات الدفاعية فسادا في العالم , وشكل امتلاك الأراضي مصدرا رئيسيا للعائدات غير المشروعة لقادة الجيش، وقد تردد أن من أكبر ملاك الأراضي باليمن اللواء علي محسن وأحمد علي صالح، فضلا عن قادة مناطق آخرين.

النفط

أدار الفساد بقطاع النفط عن طريق تخصيص عقود الخدمات وصفقات الاستيراد والتصدير, وخصص صالح أيضا حصصا من وقود الدولة المخفض السعر لأقاربه وحلفائه السياسيين، الذين كانت لهم حرية بيعها لتجار جملة محليين بفوارق كبيرة أو المتاجرة بحصصهم في الخارج بأسعار السوق العالمية.

 وسمح - صالح- أيضا لرجال أعمال مختارين بطلب الدعم لواردات وقود وهمية على أساس وثائق استيراد مزورة، مما كلف الدولة أمولا طائلة, وكانت المؤسسة الاقتصادية اليمنية التابعة للجيش من أكبر المستفيدين من هذا النظام , وانتشر الفساد المرتبط بالنفط داخل الجيش، حيث استفاد الضباط مباشرة من الوقود المخصص لوحداتهم واستخدموا البنية التحتية للنقل العسكري لنقله داخل اليمن وإلى الأسواق الأجنبية.

حلف الأحمر

يتحدث التقرير عن صور من هذا التحالف والفساد , " تعتبر مجموعة الأحمر من الشركات المتربعة على قمة الاقتصاد اليمني، وهي تكتل تجاري واسع يمثل إحدى أشهر الشركات متعددة الجنسيات في العالم , ويملكها حميد الأحمر ابن الشيخ عبد الله, وكان حميد جزءا من جيل جديد من “الورثة” الذي بدأ في الظهور من تحالف حاشد القبلي في التسعينات، ليصبح لاحقا أحد الزعماء في صراع النخبة الذي دارت رحاه في عام 2011.

بنى “الورثة” من قبيلة سنحان –قبيلة الرئيس صالح– قاعدة سلطتهم بداية داخل الجيش , وبعد وفاة محمد عبد الله صالح في عام 2001 ، تولى ابنه يحيى قيادة قوات الأمن المركزي, ومنذ ذلك العام عزز يحيى وأخواه طارق وعمار–اللذان سيطرا على الحرس الجمهوري وهيئة مخابرات هي مكتب الأمن الوطني– بمعونات عسكرية، حيث تلقت وحدات النخبة الأمنية والمخابراتية التابعة لهما تدريبا وتمويلا من الحكومات الغربية، وخاصة من الولايات المتحدة. وكان من المتلقين للمعونات كذلك القوات الخاصة لأحمد علي صالح .

أصبح الحصول على الموارد الغربية جزءا من الاقتصاد السياسي الجديد للجيش في عصر “الحرب على الإرهاب”، مما أثر على ميزان القوى داخل النخبة بفضل تعزيز ثقل أقارب صالح في الجيش وقدراتهم كمصدر للمحسوبية , واستغل الجيل الجديد عملية التحرير كذلك من خلال بناء مصالح تجارية واسعة وبدأوا بالسيطرة على مؤسسات الدولة.

وفي عام 2008 ، أسس تكنوقراطيون من حلفاء أحمد علي صالح –وبدعم من البنك الدولي– شركة شبام القابضة كشركة للتطوير العقاري مدعومة من الدولة, وسيطرت الشركة الجديدة على مساحات كبيرة من الأراضي المملوكة سابقا من قبل المؤسسة الاقتصادية اليمنية ومؤسسات حكومية أخرى، وعملت كشريك مشروعات مع شركات عقارية أخرى وكمستشار للحكومة في تنظيم قطاع العقارات. ثم سيطرت الشركة على الهيئة العامة للاستثمار، وهي هيئة أخرى قامت بدوري المستثمر والمستشار التنظيمي في الوقت نفسه.

أثناء  الثورة

تسبب الصراع في صدع عميق بالنظام، واستخدم كل فصيل ثروته الخاصة وتحكمه في مؤسسات حكومية خلال عام 2011 لجمع الدعم لقضيته, إذ مول حميد مخيم الاعتصام في ساحة التغيير بصنعاء, ووعد صالح الجيش وموظفي الخدمة المدنية برفع الأجور كإغراء لإبقاء العامة هادئين، واستخدم التمويل الخاص لتحصيل الأسلحة وتمويل البلطجية الذين هددوا المحتجين، مدعوما من تجار أثرياء من المؤتمر الشعبي العام, وكقوة ردع للحرس الجمهوري الخاص بأحمد علي صالح، جند علي محسن جنودا جددا من ساحة التغيير ومن رجال القبائل بشمال وغرب صنعاء في فرقته المدرعة الأولى.

وفي تلك الأثناء، أسرع الأغنياء الأقوياء بنقل أموالهم للخارج , حيث قدر مؤتمر الأمم المتحدة 85 للتجارة والتنمية خروج 712 مليون دولار صاف من اليمن عبر القنوات الرسمية في عام 2011, ويقدر محللون محليون أن تدفق رأس المال خلال عام 2011 كان أكبر بكثير، ليصل إلى مليارات الدولارات.

إعادة هيكلة الجيش

يتطرق التقرير إلى هذا النقطة ويقول أنه بالرغم من الشك المبدئي بأن الرئيس هادي كان “من رجال علي صالح”، فقد أثبت رغبة في تحدي الوضع القائم في اليمن , مؤكدا أن عملية إعادة هيكلة الجيش قد خففت من نفوذ صالح.

لكنه يستدرك " إنجاز هادي الأساسي حتى الآن هو إحداث توازن في القوة العسكرية للفصائل المتنافسة، لكن يبقى التحدي الأكبر –وهو بناء جيش موحد واحترافي– قائما , ومع ذلك فإن اعتماد هادي على “الحكم بالمراسيم” قد أصبح مدعاة للقلق، حيث كان يعلن عن كل خطوة في الإعلام الرسمي بدون إشعار سابق أو كاف.

أقال هادي من عينهم صالح من أعلى المناصب في شركات الدولة، كحافظ معياد من المؤسسة الاقتصادية اليمنية، وعبد الخالق القاضي الرئيس السابق للخطوط الجوية اليمنية التابعة للدولة، إلى جانب أشخاص مرتبطين بصالح كرئيس الشركة الوطنية للتبغ والكبريت ورئيسي مصرفين تديرهما الدولة هما البنك الوطني اليمني وبنك التسليف التعاوني الزراعي.

لكن ما زال يتحكم في القطاع الخاص العدد الصغير نفسه من جهات النخبة , أما المنحازون علنا لصالح فسرعان ما اندمجوا في النظام الجديد ولجأوا إلى رئيس الوزراء باسندوة والرئيس هادي وحميد الأحمر لضمان حماية مصالحهم.

أمل أم فشل

يحاول التقرير الإجابة عن هذا فيرى أنه مع ذلك فما زالت البنية الأساسية للاقتصاد السياسي في حقبة صالح في مكانها إلى حد كبير, وما زالت معظم “قمم قيادة” الاقتصاد بيد النخبة نفسها، بعد تعديل طفيف, أما تناوب الوزراء وقادة الجيش فهو إعادة توازن بين الفصائل النخبوية المتنافسة.

لكنه يسيتدرك : قد يكون لتغير المشهد السياسي أثر في الأجل المتوسط. فقد تشكلت أحزاب جديدة بهدف تكنوقراطي، ويمكن الآن للحركة الحوثية والحراك الجنوبي تشكيل تحد مشترك للدولة المركزية، مما قد يغير حسابات السياسيين بصنعاء, كما يدرك النشطاء الشباب أنهم قادرون على القيام باحتجاجات واسعة – حتى وإن لم يشكلوا بعد تحالفا متماسكا ذا أهداف واضحة.

وما زالت القضايا الاقتصادية الأساسية لليمن ملحة، وتلوح بوادر أزمة مالية وأخرى بميزان المدفوعات, لكن لا يرجح أن تضع الحكومات المستقبلية الإصلاح في أولوياتها حين يتوجب عليها العبور بالبلاد عبر المصالح الراسخة لسماسرة السلطة وحفظ السلام الهش الذي أنجزته المبادرة الخليجية, ونتيجة لذلك فمن المرجح أن يزداد التدهور الاقتصادي على مدى السنوات القليلة القادمة.

العوامل الدولية

التقرير يتحدث عن العوامل الدولية المؤثرة في المشهد , حيث يرى إن الفساد الواضح للنخب السياسية –الذي سهلته مقدرتها على سحب كافة رأس المال إلى خارج البلاد– كان من العوامل الرئيسية التي زعزعت استقرار نظام الرئيس علي صالح في عام 2011 , وسوف تتعارض معالجة هذه القضية الحساسة أحيانا مع المصالح الدولية لمكافحة الإرهاب، التي تعتمد –لا سيما في المدى القصير– على الحفاظ على علاقات قوية مع تلك النخب الراسخة.

وبالتالي كان للمخاوف الأمنية ومكافحة الإرهاب –وهما عادة من أهم أولويات الناخبين في البلدان المانحة مقارنة بالسياسات الإنمائية الدولية طويلة الأجل، وتتمحور حولها نشرات الأخبار– أهمية قصوى في النهج الذي تبنته كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والسعودية تجاه اليمن.

وفي حين تشمل سياساتها أيضا الأهداف الإنمائية الطويلة الأجل، إلا أن هناك مقايضات وصراعات بين الأهداف القصيرة الأجل لمكافحة الإرهاب –ينطوي منطقها غالبا على تعزيز قدرات الأمن لدى النخب القائمة– وبين السياسات الرامية إلى تطوير نموذج سياسي واقتصادي أشد استدامة على المدى الطويل.

وأن كانت النخب اليمنية تعي مصالح الولايات المتحدة إلى درجة تمكنها من تمثيل كافة الرأي العام حول هذه القضايا الخلافية بعمق، فربما يجد الاستياء الشعبي أشكالا أخرى للتعبير – وليس أقلها تلك الشعبية المتنامية للحوثيين أو تنظيم القاعدة.

فإذا اعتبرت النخبة السياسية محل مساءلة من واشنطن وليس من الشعب اليمني، فإن ذلك سيقوض شرعيتها إلى درجة كبيرة, فأي حكومة انتقالية لا ترتقي بمستوى التمثيل السياسي أو المساءلة، بل تعزز المشاكل الهيكلية الأساسية التي أدت إلى الثورة، سوف تفشل في نهاية المطاف في ضمان أساس مستدام لتحقيق الاستقرار في اليمن.

 

فشل المساعدات

يتطرق التقرير أيضا إلى علاج المساعدات التي اتبعتها الدول الغربية والخليجية كأحد الحلول لمنع انفجار الوضع في اليمن , رغم أن التقرير يؤكد أن اليمن ظل بمثابة اليتيم الذي لا تحنو عليه الدول المانحة بالقدر الكافي طوال العقد الأول من هذا القرن، فهو يعاني نقصا في التمويل بما يتناسب واحتياجاته.

وما بين عامي 2000 و2008 ، تلقى مساعدات خارجية للتنمية تتراوح ما بين 557,3 مليون في عام 2000 و 242 مليون دولار في عام 2007 , وارتفع هذا المبلغ إلى 664,1 مليون دولار بحلول عام 2010 ولكنه ظل بسيطا مقارنة بما أرسل إلى ثلاث دول أخرى فقيرة ومعرضة لخطر الصراع مثله، وهي السودان والعراق وأفغانستان التي تلقت بالترتيب 2,1 مليار دولار و 2,2 مليار دولار و 6,4 مليار دولار من المساعدات في عام 2010م.

وقد أنحت الجهات المانحة باللائمة على مزيج من ضعف قدرة الحكومة وضعف الإرادة السياسية على أعلى المستويات في اليمن، بالإضافة إلى شروط صارمة مرتبطة بالأموال التي تقدمها دول الخليج , ويقول عالمون ببواطن الأمور في النظام السابق إن علي صالح لعب لعبة مزدوجة: فاستغل الدعم الأجنبي لإبقاء النظام وسماح باستمرار الفساد، مع تأمين كبش فداء يعلل به نقص التنمية.

كيف فشلت المساعدات ؟

و في سبتمبر 2012 تعهد المانحون من الجهات الغربية والخليجية بتقديم مساعدات بقيمة 7, 8,1 مليار دولار لكن التقرير يسرد جانبا من الفشل الذي حرم اليمن من الاستفادة من هذه المساعدة .

حيث يقول :   جاء هذا الدعم مشروطا بإنشاء هيئة حكومية تتولى الإشراف على تنفيذ إطار المساءلة  المتبادلة وضمان الإنفاق الفعال للأموال المتعهدة وسد منافذ الفساد وتقليل حالة الركود الذي  أعقب جولة تعهدات سنة 2006 .

إلا أن تشكيل الهيئة الجديدة قد تأخر بسبب السياسات  الحكومية الداخلية والخلافات التي نشأت بين المانحين وصنعاء , وكان من بين الأفكار التي شجعت على إنشاء هذا المكتب التنفيذي الجديد فكرة مؤداها أن  بوسعه تجنب العقبات المعتادة المتمثلة في قلة الإمكانيات وفساد الممارسات، ليقوم بالإشراف  على المشاريع من البداية للنهاية ورفع التقارير الدورية بهذا الشأن إلى مجلس إدارة يتكون من  أعضاء من مجلس الوزراء والمانحين.

بيد أن الهيئة الجديدة مثلت تهديدا لعدد من المصالح  المتأصلة، ليس أقلها المصالح المرتبطة بوزيري التنمية والمالية اللذين شكلا جبهة ضغط ضد  إشراف الهيئة على التنفيذ وصرف الأموال، مدعين أنها ستضعف قدرات الحكومة – وهي نقطة  أيدها صندوق النقد الدولي.

وفي النهاية، استسلم المانحون وأسندت المسؤولية عن تنفيذ إطار المساءلة المتبادلة إلى المكتب التنفيذي، فيما أعطيت مهام التخطيط والتنفيذ للوزارات المباشرة. وهكذا طغت السياسة على الاحتياجات المشروعة لليمن، حيث أعطى أعضاء الحكومة الائتلافية الأولوية للرقابة والسيطرة على أموال المانحين على حساب التنفيذ الناجح للمشاريع.

وفي تحذير قوي يقول التقرير " سوف تواجه الحكومة المقبلة ضغوطا ملحة ومتصاعدة تستحثها على الإسراع بإجراءإصلاحات اقتصادية مع تزايد مخاطر الانهيار الاقتصادي التام"

ومع ذلك فإن الدول الغربية والخليجية –طالما ظل اليمن إحدى أولويات أمنها القومي– قد لا ترى بدا أمامها سوى تقديم التمويل في محاولة منها للحفاظ على استقرار اليمن وإبعاده عن الانهيار الكامل، أو على الأقل لتخفيف أسوأ آثار هذا الانهيار على الفقراء, وهذا ما سيشكل استمرارا للتناقضات التي اكتنفت تعاملها مع اليمن في حقبة علي صالح.

 

الملاذات  الضريبية  وهروب  رأس  المال

يقول التقرير عن هذه النقطة ان منظمة أوكسفام الدولية قدّرت في تقرير لها أن الدول النامية تفقد من رأس المال الهارب ما يزيد عن ثلاثة أضعاف ما تتلقاه من مساعدات. اما عن اليمن فيشرح التقرير ذلك .

وتتجلى في اليمن الكثير من المظاهر الكلاسيكية للتهرب الضريبي من جانب النخبة وهروب رأس المال, وكان جل ما يوصف بأنه نشاط سياسي خلال حقبة علي صالح ليس أكثر من نزاع للاستحواذ والسيطرة على شريحة أكبر من الاقتصاد.

ورغم أن هدف المنافسة السياسية كان جني الأموال، إلا أن هذه الأرباح لم تمكث غالبا داخل اليمن، حيث كانت عناصر النخبة تلجأ بصفة روتينية لاستغلال قنواتها المصرفية الخاصة لتحويل أموالها إلى الدول التي تتمتع بغطاء قانوني أكثر أمانا وأكثر ربحا، وذلك غالبا في الاقتصادات الأكثر تقدما.

يتسبب هروب رأس المال في تقويض الإيرادات الضريبية الداخلية المطلوبة لتمويل أعمال تطوير البنية التحتية وتوفير الخدمات الحكومية و “إرساء علاقات الاستفادة المتبادلة بين الحكومات ومواطنيها وبناء القدرات المؤسسية طويلة الأجل” ويحد من نمو الإيرادات الحكومية, وتميل الحكومات في مثل هذه السيناريوهات للاعتماد على الضرائب التي تدفعها الكيانات الأصغر حجما في القطاع الخاص التي “تفتقر إلى نفوذ سياسي يمكنها من تحصيل إعفاءات ضريبية”.

 

استرداد الأموال

 يجزم التقرير بصعوبة هذه القضية التي باتت مثار جدل مؤخرا , فيقول : منذ إزاحة علي صالح، دعا النشطاء بصورة متكررة لمصادرة أمواله وأصوله في الخارج وإعادتها للوطن، وذلك على غرار دعوات مماثلة ترددت في عدد من الدول الانتقالية الأخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

إلا أن محاولات استرداد الأموال والأصول ستكون عملية طويلة وصعبة ومعقدة، بل ربما لا تحقق في النهاية هدفها المنشود, ولم يكن صالح الوحيد من بين أفراد النخبة اليمنية ممن يتلاعبون بالنظام الدولي, إذ كان الرئيس وخصومه يعون تماما أنه في ظل الأوضاع السياسية شديدة الانقسام، فإن وضع “الأموال المكتسبة بطرق غير مشروعة في أماكن أخرى من العالم، خاصة في الملاذات الضريبية، يشكل أفضل حماية ضد الخصوم السياسيين أو الخلفاء السياسيين” ممن قد يستفيدون من أي تقلبات في الظروف.

 وفي أعقاب ثورة عام 2011، لم تفلح التهديدات التي وجهت ضد رموز النظام السابق إلا في استفحال هروب رأس المال، وذلك وفقا لأحد كبار المصرفيين اليمنيين، فيما لاحظ خبراء القانون والمالية زيادة في عدد اليمنيين الأثرياء الذين استفادوا من تحويل أصولهم إلى الملاذات الضريبية. ولو وجد إطار تنظيمي محلي ودولي أفضل قبل عام 2011، لكان من المرجح أن يساعد كثيرا على تحجيم كبير لعمليات هروب رأس المال المكتسب بطرق غير مشروعة.

لكن التقرير يقدم ما يشبه النصائح في هذا الجانب : وتتمحور الكثير من العلاجات التي طرحها أخصائيو التنمية لعلاج هروب رأس المال حول فرض مجموعة من الإجراءات ذات الطبيعة الفنية، مثل السعي لتحقيق درجة أكبر من الشفافية على الرسوم الإيجارية للموارد، والتوقيع على البروتوكولات الدولية المكافحة للفساد، وتحسين كفاءة السلطات الضريبية في جمع البيانات، ووضع آليات لاسترداد الأموال والأصول المنهوبة، ورفع مستوى الإشراف والرقابة على الأموال الشخصية للسياسيين.

التداعيات الإستراتيجية

تحت هذه العنوان يصل التقرير الى رسم صورة للمستقبل تنطوي على محاذير كبيرة , فيقول : غير أن النخب في اليمن بارعة في استغلال السلطة التي يمتلكها الضعفاء في مثل تلك الأوضاع غير المتكافئة، وخصوصا في استخدام معرفتهم الأفضل للطبيعة المحلية في صياغة طريقة تنفيذ السياسات والقواعد العالمية محليا، وبقيامهم بذلك، فإنهم يستميلون مجمل العملية لمصلحتهم الخاصة – كما في توظيفهم مصطلحات “الحرب على الإرهاب” لمواجهة الأعداء المحليين.

 إن فهم الاقتصاد السياسي للجيش اليمني والأساليب المتبعة في الحرب على الإرهاب في البلد أمر بالغ الأهمية لفهم حوافز النخبة وسلوكها.

وما تزال هناك تساؤلات عن العملية الانتقالية: هل ستقتصر على تناوب النخب أم ستكون بداية تغيير نظمي, وهناك أيضا بعض الشكوك عن السيناريو الذي تفضله مختلف الجهات الدولية, إن الخطر الكامن للعملية الانتقالية هو أن يتبع المجتمع الدولي واليمنيون مقاربة تدريجية تؤجل وتؤخر القرارات المهمة عن الإصلاحات الضرورية – وهو خطأ لا يمكن للبلد تحمله.

احتمالات أزمة

يتحدث التقرير هنا عن مخاوف او احتمالات لانهيار المشهد في اليمن وهو المبرر الذي دفع بتأييد السماح للنخبة اليمنية بالاستمتاع بثروتها كجزء من تسوية تمكنها من “خروج مشرف” من السياسة – كما كان القصد على ما يبدو في حالة علي صالح, كما يرى التقرير , وهو ما جعل اليمن يمر أساسا بانتقال عبر التفاوض بدلا من ثورة شاملة.

ويقول التقرير أن المبادرة الخليجية أتاحت وقتا سياسيا، إلا أنها لا تستطيع إتاحة وقت اقتصادي , ويضيف : إن سرديات الدول المانحة والمؤسسات المالية الدولية تتسم بالتحيز إلى سيناريو حميد متفائل، إلا أنه يتوجب على صناع القرار السياسي وضع خطط للحالات الطارئة وتطوير استراتيجيات تخفيف مخاطر استعدادا لأسوإ السيناريوهات الإنسانية والسياسية والاقتصادية المستقبلية , فالمجاعة المزمنة وتدفق أعداد هائلة من اللاجئين والنزاعات العنيفة بسبب الانتخابات –أو أي اندلاع للعنف في الداخل أو عبر الحدود– كلها احتمالات واقعية يمكن

حدوثها.

توصيات

يطرح التقرير توصيات أهمها , مشاركة  دولية  مستمرة  ورفيعة  المستوى  لعملية  بناء  تسوية  سياسية  جديدة  ومستقرة إلى  ما  هو  أبعد  من  إطار  الترتيبات  الانتقالية  , ومواصلة دعم الجهات الاجتماعية والسياسية التي عانت التهميش في السابق، وضع خطط لمواجهة أي أزمة اقتصادية وأن يبقى الأمن الغذائي أولوية سياسية عليا.

حالة فساد: شركات شلمبرجير وذكوان وزونيك

أعلنت وول ستريت جورنال في عام 2010 عن قيام وزارة العدل الأمريكية بالتحقيق مع شركة خدمات النفط شلمبرجير بتهمة فساد تتعلق بأعمالها في اليمن.أ وكانت الشركة قد قدمت عطاء في عام 2002 لإنشاء بنك بيانات لكافة المعلومات عن حقول اليمن النفطية لدى هيئة استكشاف وإنتاج النفط اليمنية، واستخدمت كوكيل محلي شركة زونيك الاستثمارية التي يديرها توفيق صالح عبد الله صالح.

وقبيل توقيع الصفقة، دُفع لشركة خارجية تابعة لشركة زونيك نصف مليون دولار أمريكي كمكافأة توقيع، كما حصلت الشركة على مبالغ أخرى تقدر بنحو 1,38 مليون دولار بين عامي 2002 و2007 .

وفي تلك الأثناء، قام أحمد عبد الجليل الشميري وعبد الحميد المسوري –وهما من كبار المسؤولين في هيئة استكشاف وإنتاج النفط– بتأجير سيارات للشركة بسعر يفوق كثيرا سعر السوق , وفي غضون ذلك، أصبحت شركة ذكوان للخدمات البترولية والمعدنية المحدودة –التي يملكها علي محسن– وكيلا للشركة من أجل تصدير واستيراد المعدات، وتلقت مبلغا قدره 280 ألف دولار بين عامي 2004 و 2007 من أجل تسيير الأوراق ذات الصلة )ويدعي المدراء التنفيذيون لشركات النفط والغاز أنه من المستحيل استيراد المعدات إلى اليمن إلا باستخدام شركة ذكوان كوكيل.

ووفقا لصحيفة وول ستريت، عندما حاولت شركة شلمبرجير إنهاء هذا الترتيب أصبح من المستحيل عليها استيراد معدات إلى اليمن.وفي إيداع قدمته شركة شلمبرجير في أكتوبر 2012 إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، لم تشر الشركة إلى القضية بالمرة، لكنها أفادت بأن وزارة العدل قد “أغلقت تحقيقها” الذي أجرته في قضية فساد أخرى تعود لعام 2007 .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أعد التقرير للنشر: عمار علي أحمد

إقراء أيضا