الرئيسية المقالات تقارير اليمن وإيران : حرب إعلامية بخلفية دينية
اليمن وإيران : حرب إعلامية بخلفية دينية
الوحدوي نت -   نادر صباغ
الوحدوي نت - نادر صباغ

قلة قليلة جدا تعرف حقيقة ما يجري اليوم في منطقة صعدة بشمال اليمن. الأكيد أن هناك صراعا إن لم نقل حربا مفتوحة تدور رحاها في المدن والقرى والجبال منذ سنوات بوتيرة متفاوتة. ما بات مؤكدا اليوم هو أن هناك حربا إعلاميا قائمة وتستعر وإن بشكل غير معلن بين اليمن من جهة وإيران من جهة أخرى على خلفية الحدث نفسه أي نزاع الحوثيين في محافظة صعدة مع الدولة اليمنية.
دخلت إيران منذ سنوات، وتحديدا منذ دخول القوات الأميركية الأراضي العراقية، لاعبا أساسيا في المنظومة السياسية الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط بشكل بات مؤثرا بشكل كبير في مجريات الامور أكثر من أي وقت مضى. في العام الأجندة السياسية الإيرانية المعلنة معروفة، "مقاومة المشروع الأميركي الصهيوني" في المنطقة من المنظور الفارسي للأمر. ثقافة لا تلاقي ترحيبا لدى الكثير من الانظمة العربية الرسمية التي يؤكد تعاطيها مع إيران وجود ما هو غير معلن في السلوك الإيراني تجاه ظواهر الأمور، بدأ بالقضية المركزية في فلسطين وانتهاء بالمواكب العاشورائية في البحرين.
القصة بين اليمن وإيران بدأت منذ سنوات. مجموعة من الاتفاقيات ومعاهدات التعاون وقعت بين البلدين منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي لم توقع مع أي بلد خليجي آخر. عام 2003 شهد بداية الافتراق لشهر العسل المفترض بين الطرفين. تزايد التوتر بينهما على خلفية اندلاع مواجهات طائفية بين الحكومة اليمنية وجماعة متمردة عرفت بالحوثيين نسبة لإسم مؤسسها شمال البلاد.
لليمن خصوصية معينة فيما يتعلق بالمذهب الشيعي. أكثر الشيعة المتواجدين في اليمن ينتمون إلى الطائفة الزيدية التي تختلف اختلافا لا بأس به مع الفرقة الاثنا عشرية من الطائفة الشيعية التي تدين إيران بمذهبها. في مقاربتهم المستجدة للأحداث السياسية في اليمن ابتعد الحوثيون عن جذورهم الطائفية الزيدية واقتربوا أكثر إلى الطروحات السياسية والثورية للمذهب الاثنا عشري، الإيراني.
منذ ذلك الوقت تبنت إيران الحركة الحوثية في شمال اليمن تبنيا غير معلن. فلم يعد الامر يقتصر على دعم حركة تحرر محرومة لفئة مهمشة في وجه نظام ظالم بل أصبح الأمر نصرة للأخوة في الدين والطائفة الواحدة وهنا بدأ الخلاف الجدي مع اليمن. كلام كثير يتردد عن إمدادها لهم بالمال والسلاح والعتاد ورجال الدين المؤدلجين، وصل إلى حد القول بإن حزب الله اللبناني قدم خبراته العسكرية للمتمردين واضعا كل إمكانياته بتصرفهم كما أوردت تقارير إعلامية كثيرة.
شهدت القصة بين الحوثيين والدولة اليمنية محطات كثيرة من الصراعات والمهادنات والاتفاقيات على مدى أكثر من خمس سنوات. منذ أيام عاود الصراع المسلح بين الطرفين ليندلع بقوة. اللافت في الامر هذه المرة هو أن الحرب بينهما لم تعد تدور على الأرض وفي الطرقات الوعرة لجبال محافظتي صعدة وسفيان فحسب بل وصلت إلى شاشات الفضائيات وأثير الإذاعات والمواقع الاخبارية على شبكة الانترنت وذلك بين وسائل الاعلام اليمنية "الرسمية" والايرانية "غير الرسمية". إنها باختصار حرب إعلامية بخلفية مذهبية بحتة.

إيران لا تعلق رسميا
"رسميا" تلتزم طهران الصمت حيال ما يجري في صعدة، في حين أن إعلامها التابع كقناة العالم والمنار والكوثر، إضافة إلى إذاعة طهران لا يخفي تعاطفه مع الحوثيين، بل وينشر هذا الاعلام مجموعة من الاخبار باتت تستدعي ردا يمنيا عليها باعتبارها "أكاذيب".
ففي تصعيد واضح اتهم وزير الإعلام اليمني حسن اللوزي منذ أيام إيران دون أن يسميها بدعم الحوثيين، وقال في مؤتمر صحافي إن "ما تتناوله وسائل الإعلام والمتمثلة في قناة العالم وقناة الكوثر وإذاعة طهران تكشف الجهة التي تدعم وتمول الحوثيين، معتبرا أن لهذه الوسائل الاعلامية "حسابات خاصة بها وهي حسابات الدولة المسؤولة عنها".
 فعلى مدى أيام أوردت إذاعة طهران أخبارا مفادها أن هناك تدخلاً مباشراً من جانب الطيران السعودي في العمليات التي تقوم بها وحدات القوات المسلحة والأمن اليمنية ضد الحوثيين، في وقت كذبت مصادر عسكرية يمنية لوكالة الانباء الرسمية "سبأ" هذه الاخبار واعتبرتها فبركة وافتراء كاذب.
وقال المصدر اليمني "كان الأحرى بإذاعة طهران أن تلتزم الموضوعية والحياد, وأن لا تنجر وراء تلك الأكاذيب, وتضع نفسها في مثل هذا الموقف الذي يفقدها مصداقيتها ويثير التساؤل عن الأهداف المشبوهة التي تنشدها من وراء ذلك؟"
وفي سياق متصل نقلت قناة العالم الإيرانية عن موقع إلكتروني اسمه "نهرين نت" قوله ان "مصادر مطلعة كشفت أن الجيش اليمني يستعين بضباط عراقيين من أتباع النظام العراقي السابق كمستشارين له في تنفيذ العمليات العسكرية ضد مواقع الحوثيين."
 وذكرت القناة في نشرات أخبارها لأيام "ان العشرات من كبار ضباط الجيش العراقي ومن قادة فرق وألوية الحرس الجمهوري الخاص وقادة الأركان الهاربين من العراق، قدموا لليمن واستخدمهم نظام علي محمد صالح لتدريب وتدريس الضباط والقادة العسكريين اليمنيين، وأن هؤلاء الضباط، حددوا لكبار قادة الجيش اليمني الأخطاء التي ارتكبوها في الحروب الخمسة التي شنوها على الحوثيين منذ عام 2004.. مستفيدين من تجارب النظام العراقي السابق مع معاقل الاكراد في شمال العراق الذي تشبه تضاريسه تضاريس صعدة."
ونقلت قناة العالم عن مصادر يمنية لم تسمها أن "الدعم السعودي لنظام علي صالح، بلغ حد التعهد، بتغطية تكلفة هذه الحرب مهما بلغت، لكن بشرط عدم التوقف عنها... وقد قامت بإيفاد رئيس جهاز المخابرات السعودي الأمير مقرن بن عبد العزيز إلى ليبيا لتسليم رسالة خاصة للرئيس الليبي معمر القذافي طالبته بتنفيذ تعهداته التي أعطاها للعاهل السعودي أثناء زيارته الأخيرة للسعودية بوقف تقديم أي دعم للحوثيين، وابلغ الملك عبد الله في رسالته، القذافي، ان الجيش اليمني سيقوم بشن هجومه النهائي والكاسح على الحوثيين والمطلوب من ليبيا ان تفي تعهداتها بوقف تقديم اي دعم للحوثيين.

 الإعلام اليمني يصّعد بقوة
في وقت التزم فيه الاعلام السعودي والليبي الصمت على التعليق على هذه الاخبار دخل الاعلام اليمني بقوة على خط المواجهة مع الحوثيين وإيران، هاجم موقع الحزب الحاكم في اليمن بشدة ما أسماها "أبواق النظام الفارسي الإعلامية"، معتبرا انها "سعرت حملتها على اليمن منذ بدء عمليات الجيش ضد عناصر التخريب والإرهاب في محافظة صعدة متجاوزة بذلك الأخلاق المهنية والسياسية والتي تقضي بعدم التدخل في شؤون الدول الداخلية".
وذكر موقع "المؤتمر نت" ان "قناة العالم الإيرانية والمنابر الموالية لطهران كشفت مجدداً عن الوجه القبيح لأبواق التخريب خارج حدود اليمن لتفرض على الإعلام اليمني بمختلف توجهاته واجباً وطنياً يقضي بمواجهة آلة التضليل الإيرانية ومساندتها لعناصر التخريب في محافظة صعدة".
 ورأى الموقع أن "الإعلام الإيراني المرئي والمسموع والورقي والالكتروني أجمع على الوقوف في صف أعداء السلام والأمن في اليمن في تدخل سافر ومرفوض يجب أن يواجه بكل الوسائل المتعارف عليها سياسياً ودبلوماسياً وإعلاميا ومن قبل كل من ينتمي إلى تراب اليمن".
 وأشار إلى أن "الإعلام اليمني رسمي ومعارض ومستقل وقف محايداً إبان الأزمة الداخلية في إيران والتي لا زالت مستعرة حتى اليوم لكن الإعلام الإيراني لم يواجه هذا السلوك بالمثل وشرع في فبركة أخبار ومواد إعلامية موجهة تستهدف القوات المسلحة اليمنية والنظام والوطن والسيادة والشعب".
ودعا الموقع الذي يعكس وجهة النظر الرسمية اليمنية إلى الرد على الإعلام الإيراني قائلا "سياسة مهادنة الآخر وتجاهل أفعاله المسيئة يجب أن تسقط عندما يكون الوطن هو المستهدف والإعلام الرسمي ابتداءً بالفضائية اليمنية والقنوات الأخرى والصحف الرسمية والإذاعات والمواقع الالكترونية مطالبة بالدفاع عن الوطن والمؤسسة العسكرية وفضح هذه الأكاذيب ومعاملة الآخر بالمثل."
ورأى الموقع اليمني أنه "إذا كانت إيران قد منعت كل وسائل الإعلام من تغطية احتجاجات المعارضة وأغلقت مكاتب لقنوات رأت أنها استهدفت أمنها وسجنت صحفيين وعملت ما يحلو لها ولا احد سيعترض على إجراءاتها رغم الاختلاف معها لكن على الإعلام الإيراني أن لا يحشر انفه في قضايا يمنية داخلية لا تعنيه مع انه لا يجب مصادرة حق الإعلام الذي يحترم المهنة من تغطية الأحداث دون تحيز."
وكان مصدر إعلامي رسمي يمني نفى مشاركة ضباط عراقيين في تعقب المتمردين الحوثيين، معبرا عن أسفه الشديد لما أبداه الإعلام الرسمي الإيراني مما وصفها "تدخلات مشبوهة" في الشأن الداخلي اليمني وتحوله إلى منبر لأبواق عناصر التخريب والإرهاب الحوثية في صعدة.
واعتبر المصدر إن "تلك اللغة التحريضية والعدائية تكشف عن أجندة مشبوهة تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في اليمن،" معربا عن استغرابه لتلك الهجمة الإعلامية من وسائل الإعلام الإيرانية ضد اليمن معتبرا أنها كشفت عن نفسها بمساندة المتمردين بمحافظة صعدة."
عن منصات ..

إقراء أيضا