الرئيسية المقالات مدارات الناصريون يودعون الأب القائد هاشم علي عابد
الناصريون يودعون الأب القائد هاشم علي عابد
د. عبدالله الخولاني
د. عبدالله الخولاني

بالأمس ودع الناصريون في إقليم اليمن الأب القائد هاشم علي عابد، ليبدأ رحلته الأبدية إلى جوار أخوته الذين اسس معهم التنظيم الناصري، في منتصف ستينيات القرن الماضي تتويجا للمرحلة نضالية خاضوها مع جماهير الشعب العربي في اليمن، ضمن التيار الناصري، الذي التف حول مؤسس وقائد المشروع الحضاري الناصري، القائد الخالد جمال عبد الناصر.

قرابة ستة عقود لم يألُ الأب القائد أبو مراد جهدا، ولم يدخر وقتا، إلا وظفهما في بناء التنظيم ورعاية كوادره، تثقيفا وتدريبا وتوجيها وإرشادا. مستخدما كاريزميته، وهدوء طبعه، وسعة صدره، ومنطقه في الحوار، لاحتضان كل شاب ناصري، وكل تواق لحنان الأب.

لقد كان البناء الفكري لعقل أستاذنا هاشم علي عابد بناءً ناصريا خالصا نقيا، وخاليا من أية شائبة فكرية أخرى، بسبب تزامن تفتق مداركه السياسية مع باكورة انطلاق حركة التحرر العربية التي قادها جمال عبد الناصر منذ 23 يوليو 1952. لذلك ظل أبو مراد منذ ذلك التأريخ، حتى رفعه الله إلى جوار من سبقوه من الناصريين، وفيا لمبادئه ومتمسكا بعقيدته السياسية لم يساوم عليها، مضحيا من أجلها بكل مغريات الحياة وزخرفها، التي أزاغت أبصار آخرين، رفعوا أرصدتهم المالية من مصادر غير نظيفة، فتصفرت أرصدتهم النضالية.  بينما اختار فقيدنا شضف العيش مقابل مراكمة رصيده النضالي، وسمو قدره بين محبيه، وإجبار كارهيه على احترامه. لأنه لم يبع ولم يفرط، ولم يهادن أعداء المشروع الحضاري الناصري. 

كان كل من يستمع لحديثه، وطريقته في الحوار، أو يقرأ كتاباته الفكرية أو السياسية، يعتقد بأن أبا مراد مؤهل تأهيلا علميا عاليا، غير مستوعب أن المدرسة الناصرية هي أرقى مدارس الفكر والسياسة. 

فقد كان لي صديق عزيز علي، غير منتم للتنظيم الناصري، بيد أنه كان يتباهى بناصريته الفطرية، وأنه سياسي لا يشق له غبار، كونه يحمل بكالوريوس في العلوم السياسية.. وقد جاهرني بموقفه بينما كنت مكلفا بالحوار معه، كونه كان مرشحا لضمه لأحد أطر الأغطية الناصرية، خلال فترة العمل السري، ولما عجزت عن إقناعه بأن التخصص في العلوم السياسية، يختلف عن ممارسة السياسة، إذ كنت مقيدا في الحوار معه بقيود وضوابط العمل السري. فقررت المحافظة عليه في وضعه. وبعد بدء العمل العلني جمعته بالوالد هاشم علي عابد، فبدأ الحديث بينهما نديا، لكن سرعان ما تحول صديقي السياسي هذا إلى متلقٍ محسن للإنصات. وبعد انفضاض اللقاء، ومغادرة الوالد هاشم مقر صحيفة الوحدوي، التفت صديقي إلي وقال: لأول مرة أعرف بأن ممارسة السياسة تختلف عما تعلمناه. بين جدران كلية الجامعة.

  لقد شكل رحيل الأب القائد هاشم علي عابد خسارة كبيرة للتنظيم وأنصاره، وترك فراغا لا يمكن لأحد ردمه. تغمده الله بواسع رحمته، وأسكنه الفردوس الأعلى إلى جوار أخوته الناصريين. وعزائي لنفسي ولكل الناصريين، والعزاء موصول لأنجاله: مراد، وأديب، ورمزي، وأسامة، وبناته، وكل أهله ومحبيه، سائلا المولى عز وجل أن يعظم أجر الجميع، ويلهمنا وإياهم الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

عن صفحة الكاتب في الفيسبوك..

إقراء أيضا

وليد أبو حاتم
وليد أبو حاتم
إبراهيم العشماوي
إبراهيم العشماوي