الرئيسية المقالات تقارير الحرب حين تكون بديلاً للتنمية
الحرب حين تكون بديلاً للتنمية
عادل عبدالمغني
عادل عبدالمغني

تبدو التحديات الاقتصادية التي تواجهها اليمن قاسية بلا ريب ,وهي أكثر من ذلك عندما يتعلق الأمر بخطر نضوب النفط خلال سنوات ست عجاف قادمات، وانعدام المصادر الإيرادية الأخرى.
وفي بلد أبتلي بجغرافيا تتسم بشحة المياه ,ويعاني من ثالوث مرعب تمثل في الفقر والفساد والبطالة ,الى جانب نمو متسارع للسكان ومد متنامي للباحثين منهم عن فرص عمل شبه معدومة ,فإن إتخاذ تدابير كافية أمر ملح أمام الحكومة للخروج من شرنقة الانهيار وخطر المستقبل المجهول. هناك ما هو أسوأ من ذلك إنها الحرب التي حلت آلتها المدمرة بديلا عن التنمية وبقرار رسمي أعلنه رئيس الدولة عبر شاشات التلفزة حين قال : سنبني المتارس بدلا عن المدارس.
ومن وقت لآخر ترتفع حدة التحذيرات الدولية الموجهة لليمن بخصوص الصعوبات التي ستواجهها خلال السنوات القادمة وضرورة اتخاذ المعالجات الجادة لتداركها.
وبحسب تقرير دولي صدر حديثا فإن اليمن يحتل المركز الثاني بين أفقر دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد إحصاءات 1998م التي أكدت أن 42% من سكانها فقراء، وأن دخلها القومي قد توقف وركد عند أقل من 500$ لكل فرد في السنة منذ عام2002م.
وتوقع التقرير الصادر عن البنك الدولي أن تزداد البطالة في اليمن نتيجة للإرتفاع الكبير في عدد السكان الذي يقدر بـ3% في السنة؛ بعد أن قدرت البطالة بـ11.5% عام 1999م حسب الإحصاءات الرسمية.ما يجعل البطالة تمثل عقبة اقتصادية واجتماعية كبيرة.
 ففي عام 2001, قدر عدد العاطلين عن العمل بـ 25%من السكان ممن هم في سن العمل والبالغين 9.3 مليون شخص. ونظرا لنمو السكان في سن العمل بنسبة 3.8 في المائة سنويا,فإن المستويات الحالية للاستثمار ونمو العمالة لن تولد ما يكفي من الوظائف لإستيعاب الجدد الذين يدخلون قوة العمل، وهو ما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة في اليمن العام الحالي 2009إلى قرابة 38% حسب تقديرات غير حكومية، أرجعتها أيضا إلى الأزمة المالية العالمية وتراجع الاستثمارات في اليمن، وحالات العنف التي شهدتها عدد من المحافظات الجنوبية خلال الأشهر القليلة الماضية.

*المرتبة الثانية عالميا في سوء التغذية:
وأفضت حالة الفقر الشديد الى عدم قدرة ما نسبته 17.6% من السكان على توفير الحد الادنى من السعرات الحرارية في غذائهم اليومي ويعاني 52% من أطفال اليمن دون سن الخامسة من سوء التغذية المزمن و 46% منهم يعانون من الإصابة بنقصان الوزن ,وهو ما أدى الى ارتفاع معدل وفيات الاطفال الى 94.1 لكل 1000مولود حي ويعد ذلك من المعدلات المرتفعة جدا على مستوى المنطقة . وتصنف اليمن في المرتبة الثانية في العالم من حيث سوء التغذية للأطفال.
كما لا يزال معدل الخصوبة المرتفع,الذي انخفض من 7.6 في عام 1990 إلى 5.9 مولود لكل امرأة في عام2001,يدعم معدل نمو عال للسكان, ويقدر ما بين 2.7-3.5 في المائة سنويا.
وشهد اليمن مؤخرا تراجعا مخيفا في نسبة الدخل القومي للمواطن اليمني الذي وصل إلى 12% مع بدء مرحلة عملية الإصلاح المالي والإداري للحكومة فيما بعد حرب صيف 1994م.
وبحسب الإحصائيات الرسمية يعيش أكثر من 17.6% من السكان تحت خط الفقر الغذائي و41.8% تحت خط الفقر الاعلى ,وان معظم الفقراء يعيشون في الريف حيث تصل نسبة السكان الواقعين تحت خط الفقر الاعلى هناك الى 83% وان 10.7 من السكان ممن يعيشون على اقل من دولار في اليوم الواحد.
ولا يزال تخفيف حدة الفقر من أكثر التحديات التي يواجهها اليمن إلحاحا. ونظرا لأن متوسط دخل الفرد يبلغ 460 دولارا في العام ,فإن سكان اليمن الذين يبلغون أكثر من 21 مليونا لا يزالون من بين أفقر السكان في العالم.

نضوب .. نفط وماء:
وفيما يتعلق بالموارد الطبيعية فتشير تقارير دولية الى انها في حالة تناقص مستمر,وأورد تقرير صادر عن البنك الدولي ان ثلثي الاحتياط النفطي اليمني قد استنفدت بحلول 2003م؛ وأن إنتاج النفط - الذي يمثل أكثر من 70% من إيرادات الدولة - بدأ بالإنخفاض وسوف ينضب خلال السنوات القليلة القادمة ما لم يكن هناك استكشاف جديد للاحتياطات النفطية.
وتواجه اليمن مشكلة أخرى تتمثل في انخفاض نسبة المياه الصالحة للشرب، فما يتوفر في اليمن تقريباً هو أقل من 2% من نصيب الفرد العالمي؛ ويتوقع أن يتناقص ثلث الماء المتوفر خلال العشرين السنة القادمة نتيجة للزيادة المتوقعة في عدد السكان.
وتعتبر اليمن من أكثر البلدان فقرا على مستوى المنطقة في المياه ,إذ أن مستوى نصيب الفرد السنوي من الماء يتراوح مابين 11-30متر مكعب,بينما يقدر هذا المتوسط على مستوى المنطقة بـ1250متر مكعب وهذا المؤشر في تناقص مستمر وخطير .الى جانب صعوبة الحصول على مياة الشرب الامنة التي تتوفر لـ69% فقط من السكان .
ووصف البنك الدولي الاستثمار في اليمن بالمنهار حيث اكد بأن الاستثمار الخاص قد انهار بسبب انعدام العائدات الكافية وبعد أن وصل الاستثمار الخاص إلى أوجه في عام 1998م,فقد بدأ في التدهور عام 1999 واستمر في التدهور ليصل إلى نسبة 10% فقط من اجمالي الناتج القومي أي النصف من متوسط حجم الاستثمار أثناء فترة الإصلاحات .وأكد التقرير أنه بعد فترة الإصلاحات أحجم المستثمرون عن الاستثمار بسبب ضعف العائدات ولذلك فضل المستثمرون اليمنيون توفير مبالغ كبيرة أكثر من التي يقومون باستثمارها, كما انحصر الاستثمار الاجنبي على قطاع النفط فقط.
وأرجع البنك الدولي تراجع الاستثمار في اليمن إلى عدم استقرار الاقتصاد الكلي والأعباء الضريبية والقانونية إلى جانب ضعف خدمات البنية التحتية غير الكافية وخصوصا قطاع الكهرباء والأراضي وتوفير المياه, وشدد البنك على ضرورة ادخال نظام المحاسبة والشفافية والكفاءة في الجهاز القضائي.
وفيما تحدثت مصادر إعلامية عن طلب اليمن قرض بمبلغ ملياري دولار من المملكة العربية السعودية لمواجهة الأعباء الاقتصادية . حذر تقرير البنك الدولي الحكومة اليمنية من خطورة الاستمرار في الاقتراض ,ومؤكداً بأن مستوى الاقتراض المحلي يشير إلى أن هناك خطر جدي للتضخم, وإذا استمرت اليمن في الاقتراض فإن الديون الخارجية سوف تكون 23%من إجمالي الناتج القومي.
وكانت المفوضية الأوروبية قالت في وقت سابق إن اليمن سيواجه صعوبات إذا لم يتخذ تدابير كافية لمحاربة الفقر والبطالة والفساد.
وتوقع القائم بأعمال المفوضية في صنعاء مواجهة اليمن خلال العشرين عاما المقبلة صعوبات بسبب تضاعف عدد السكان وارتفاع نسبة الفقر والبطالة والفساد.
ودعا الحكومة اليمنية إلى محاربة الفساد لاستقطاب الاستثمار المحلي والأجنبي مشيرا إلى عدم إمكانية جذب الاستثمارات دون وجود بيئة آمنة لها.
عن الشارع..


 

إقراء أيضا