الرئيسية المقالات حوارات شقيقة الشهيد إبراهيم الحمدي: نتمنى فتح ملف الاغتيال لفضح المتآمرين والمشاركين في الجريمة
شقيقة الشهيد إبراهيم الحمدي: نتمنى فتح ملف الاغتيال لفضح المتآمرين والمشاركين في الجريمة
سامية الأغبري
سامية الأغبري
في مقبرة الشهداء ومنذ32 عاما دفنت أحلام اليمنيين وآمالهم وكرامتهم , هناك ترقد جثمان أنزه واشرف رئيس عرفته اليمن, يرقد الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي الذي حكم اليمن بين 74-77م وأغتيل غدراً في11-10-77م, وفي هذا التاريخ انتهى الحلم الجميل. التقينا بهذه المناسبة الحزينة بالشقيقة الصغرى للشهيد "صفية محمد الحمدي" عاشت طفولتها مع الشهيد في ذمار , كانت كما تقول شقيق روحها,في كل موقف تتذكره معه كانت تجهش ومن حولها بالبكاء. 
التقيت بها وبحفيديها الطفلان سلمى ومحمد تمنيا لو أنهما أتيا في زمن كما يسمو الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي -الوحدوي نته"بابا إبراهيم" ويفتخران كونه جدهما, حين اغتيل الحمدي كان ابنه الأصغر ذي يزن عمره ثلاثة أشهر فقط ومحمد ونشوان كانا في المدرسة, وشقيقتهم أفراح في الرابعة من عمرها. 
عمل والده قاضيا في ذمار, وعمل الرئيس إبراهيم معه في مجال القضاء ثم التحق بالمدرسة التحضيرية, ثم كلية الطيران لم يكملها, قدم باسم القوات المسلحة مشروع الإصلاح المالي والإداري, ثم قام بالحركة التصحيحية التي أعادت الثورة إلى مسارها في 13 يونيو1974م .  
هنا نترككم في تفاصيل الحوار مع الشقيقة الصغرى للرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي :

حاورتها: سامية الاغبري

 - لنبدأ من تاريخ الجريمة- كيف وصلكم نبأ استشهاد الرئيس إبراهيم الحمدي وأخيه عبد الله؟
 * كان عندي في البلاد "ثلا" قبل استشهاده بأربعة أيام قضاها معي ثم عاد لصنعاء, يوم الجريمة نفسها دخلت أنا إلى صنعاء ووصلت إلى البيت وكان هو في مقر القيادة , أتى ظهرا إلى البيت وطلب "بطاط وسحاوق" قبل الغداء , كان جائعاً لأنه لم يتناول فطوره, طلعوا إليه البطاط, وما بين الواحدة والواحدة والنصف وما اسوأها من لحظة – إتصل به أحمد الغشمي وطلب منه الذهاب لتناول الغداء, قال له الشهيد أنا مرهق والغداء الأن أمامي , أصر الغشمي(أجهشت بالبكاء) نزل وأنا كنت في المطبخ وجاء إلي وقال لي أنتي هنا؟ قلت له ايوة, قال لي"لاتروحي إلا لما أرجع" ولكنه لم يعد, قبلته وكانت القبلة الأخيرة وخرج من باب المطبخ وشعرت كأن روحي خرجت معه,ذهب للغداء ولليوم وهو يتغدى.  

 - خرج ببزته العسكرية؟
* لا - ارتدى" زنة" وكوت وجنبية,انتظرته طويلاً وجاء العسكر قالوا الفندم"الحمدي" يريد "قاته" لم يكونوا يعلموا حين أرسلهم القتلة إن إبراهيم قد مات"الله يجازي من كان السبب" سألتهم أين إبراهيم قالوا سيتأخر لن يأتي الأن , فقلت خلاص سأعود إلى القرية قد تأخرت , طلبت زوجته مني الانتظار لرؤيته, قلت لها قد رأيته بالظهر خلاص البيت وحدها, وعدت إلى البلاد , حوالي الساعة التاسعة ليلاً وككل الناس سمعنا الخبر من التلفاز "اغتيل الحمدي",عندما كانت حراسته تذهب تسأل عنه كان القتلة يراوغون مرة" روحوا هاتوا قاته" ومرة " خرج من الباب الخلفي الحقوا به" ونحن ننتظر.

- وأين كان عبد الله حينها؟
* عبد الله كان احد المعزومين وقتل قبل إبراهيم هذه ما يتداوله الناس لكن الحقيقة أنهما اغتيلا في منزل الغشمي.
-كيف تلقيتي الخبر؟
*صدمت وأصبت بمرض نفسي- وبقيت طوال الليل ابكي وأصيح وأعطوني مهدئات, والصباح باكرا دخلت صنعاء- استشهاده كانت"كسرتي" وحتى اليوم لازلت أعاني من المرض وكذلك زوجته.
- وكيف عرفتم أن الغشمي هو القاتل؟
* لا أحد غيره سيقتله وهو من الح وأصر على الشهيد بالذهاب لتناول الغداء وقتل في بيته.
- ماكان موقفكم من محاولة إلصاق تهمة أخلاقية برمي جثتي الفرنسيتين بجانب جثتي الشهيدين؟
* الناس علموا أنها كذبة ملفقة لم يصدقها حتى أعداءه, كان لها أثر نفسي وبكينا وتألمنا كيف قتلوهما وأرادوا تشويههما! ظلموا الفرنسيتين وظلموا إخوتي.

- كيف كان يوم تشييع الشهيدين؟
* خرج الناس يبكون ويهتفون أنت القاتل ياغشمي ويروموه بالأحذية, الناس عرفوا من هو القاتل, ويوم قتل الغشمي ,في باب السبح رجل ورع يحدث أخر عن رؤيا رآها-قال له "لقد رأيت الشهيد إبراهيم الحمدي بباب اليمن كأنه بدرا.. وسألته ماذا تفعل هنا؟ قال: انتظر غريمي" لم يكمل الرجل كلامه إلا وسمعوا دوي انفجار الشنطة الملغومة التي قتل فيها الغشمي.

- والان حديثنا عن طفولتك مع الشهيد إبراهيم الحمدي؟
* نحن اثنا عشر أخ وأخت, ثمانية ذكور وأربع بنات إبراهيم قبل الأصغر من الذكور وهو عبد الرحمن,الشهيد إبراهيم يكبرني بما يقارب الأربع سنوات, عشنا طفولتنا في ذمار وقبلها كنا في قعطبة لكن لا أتذكر طفولتنا هناك لأني كنت صغيرة جدا،كانت علاقتي به قوية جدا كنت مرتبطة به, حينما كان رئيسا كان يقول لي لقد تعبت وسأقدم استقالتي قريبا لأني قد تعبت.حين يأتي إلى البلاد كان لايأتي إلا إلي ولا ينام أو يأكل طعامه إلا عندي.

 - بمن اقتدى وتأثر الشهيد ؟
* الشهيد إبراهيم الحمدي قرأ كثيرا عن الخليفة عمر بن عبد العزيز وكان جداٌ متأثراُ ومقتديا به.

- مارأيك بحركة 13 يونيو التصحيحة التي قام بها وتسلمه زمام الحكم؟
* كنا نخاف عليه من نهاية ماقام به,ونعلم انه سيكون نهايتها القتل, لهذا لم نرض بما فعله, وحذرناه ونصحناه لم يسمع نصيحتنا لأنه يحب البلد أكثر من نفسه وأراد له الخير- قال أنا مؤمن بقضاء الله و لن يصيبني إلا ماكتبه الله لي.وعارضناه كثيرا حين تسلم زمام الحكم , وقال أنها فترة مؤقتة وسيقدم استقالته لأنه لايريد المنصب.

- ولما لم يقدم استقالته ومرت ثلاث سنوات على حكمه؟
*كان ينتظر المؤتمر الشعبي العام وحينها سيقدم استقالته.
-لكنه كسب عداوة بعض القوى منها المشائخ؟
*نعم بعض المشائخ الذين تضررت مصالحهم حين سعى لبناء الدولة ناصبوه العداء , أم المواطنين كان قريب منهم,لم يحبهم احد ويحب البلد كما الشهيد.
- ماحجم الثروة التي تركها الشهيد إبراهيم الحمدي؟
*حب الناس,واحترامهم, والسمعة الطيبة أفضل من كل الأموال, كثير لايعلمون إني شقيقته اسمعهم يترحمون عليه لم اسمع يوما أحد يذكره بسؤ, كان بسيط ..قريب منهم ,حين أرى الناس يحبونه كل هذا الحب افتخر وأرفع رأسي, هذه هي ثروتنا التي تركها لنا.
أتذكره مرة جاء إلى البلاد "ثلا" استلفنا مصاريف الغداء والقات له وللعسكر الذين كان برفقته.
- لكنه رئيس دولة ويمكنه أخذ مايريد؟
* نعم كان يمكنه ذلك لكنه أبداَ لم يفعل , ومتواضع وزاهد حتى سيارته الفوكس ووجن عادية جدا.
أتذكر حين كان يأتي إبراهيم لا ارتدي بلايزج "أساور من ذهب"؟
- لماذا؟
* ظل يقول لي حرام تلبسين "البلايزج" والمسكين اللي يجي يشوفك ومامعه؟ أيش يقول؟ يقول أنت معاكي وهو مامعه! قلت له هذي الأيام "ماعادبش حد مامعه بلايز" كان رحمه الله يقف لنا بالمرصاد والان عرفنا مقصده .
- ماذا عن الهدايا التي كان يتلقاها بإسمه؟
* تلقى الكثير من الأموال و الهدايا بإسمه لكن كان يوردها إلى المتحف وخزينة الدولة, أتذكر يوما كانت زوجته مسافرة وذهبت أقيم معه في البيت , كانت هناك غرفة طلب من أحدهم عدم تركها مفتوحة وإغلاقها وإعطاني المفتاح فتعجبت من هذا الاهتمام بإغلاق الغرفة وأثار ذلك فضولي,ففتحت الغرفة ودخلتها وجدت شنطة كبيرة مليئة بالمال,أغلقتها, بعد ساعتين جاء إبراهيم رحمه الله وأخذ المفتاح وبعد ساعتين استدعاني ولم أجد الشنطة فقلت له أين الشنطة؟ قال لي أية شنطة؟ قلت له كانت هنا ومليئة بالأموال, أراني ورقة كانت سند بتحويل تلك الأموال إلى خزينة الدولة, قلت له هذه الأموال خاصة بك لما لم تتركها ربما نحتاج لها؟ قال ومالمناسبة ؟قلت المناسبة أنها جت بإسمك, قال لما لم تهدى لشخص آخر ؟ لو لم أكن رئيسا لما أهديت لي هذه الأموال وهي ملك الشعب.. هل تريدين أن أسرق مال الشعب؟ قلت له أعوذ بالله.
 - ومامصير الهدايا العينية التي حولت للمتحف؟
* لانعلم أين ذهبت , حصل على هدايا كثيرة كانت في المتحف ساعات وسيوف وغيرها لكنها اختفت! سرقت أو أخفيت قطعة وراء أخرى.
- تعتقدين الهدف السرقة أم إخفاء تاريخ؟
* لا لم تكن السرقة الهدف – لأن السرق لا يحتاجون أنما الهدف إخفاء تاريخ!
- ماذا عن وضع المغتربون في عهده؟
 * رفع المغتربون في عهده إلى القمة واليوم نزلوا إلى الحضيض, في عهده حين كان المغترب وصاحب العمل يتفاوضان على الراتب ويحاول صاحب العمل إقناعه كان يرد عليه بثقة"راجع الحمدي".
- وماهي منجزاته؟
 * كل الموجود الأن هي من منجزاته وحتى التي تحققت الأن هي من خططه.
 - بما تفسرين تغييب الشهيد الحمدي في الإعلام الرسمي؟
* البعض لايريد أن يذكره لان ذكره يسبب له"الصداع", لان الشهيد وطني ومحبوب من الناس ظنوا أنهم بذلك سيجعلون الناس ينسونه لكن إن محوه من الإعلام لن يستطيعوا محوه من القلوب هو في القلب والناس لن تنساه وتنسى الخير الذي عم البلد في عهده.
في عهده كانت البنوك مليئة بالعملة الصعبة, بثلاث سنوات ونصف- بنى دولة وكان دائما يردد "أريد أن أبني دولة"ولم يستخدم أموال الدولة, وكان متواضعا رحمه الله, حين تأتي وفودا وحتى لا يكلف البلد كان يستأجر له السيارات. وكان زاهدا حتى إذا حصل على مفرشة يهدها للمسجد.حتى الحوالات كانت أكبر حوالة بخمسة آلاف ريال, وإذا أحتاج أحدهم مالاً كان إبراهيم يحول له من راتبه.
 - هل كانت لكم مميزات باعتباركم أسرة رئيس الدولة؟ وهل كنتم تقومون برحلات خارج البلد؟
* أبدا لم تحصل لم يكن لديه شيء فرشه"عطب"ووسادته"تبن" لم يملك فلا في سويسرا أو ماليزيا ولم يذهب للتنزه في أي مكان,حتى اختى الصغيرة لم يأتي لها بسيارة تذهب بها إلى المدرسة كانت تستأجر سيارة كبقية الناس.
حين طلب أخي الأصغر سيارة تذهبه للمدرسة كان يقول له "أنت ستكبر وستكمل دراستك وتتوظف وتشتري ماتريد" واشترى له موتور وهو شقيق الرئيس!
 - هل تذكرين مواقف له كهذه ؟
* أتذكر يوما كان قادما إلى "ثلا" وفي طريقه رأى جربة"مزرعة" بإحدى القرى ومواطنين يتناولون فطورهم , ترك حراسته وسيارته بعيدا وذهب إليهم وألقى عليهم التحية, وجلس يتناول الفطور معهم, وسألهم أليست لديكم مدرسة في هذه القرية؟ ردوا عليه انه لاتوجد مدرسة, قال لهم واين يدرس أبناءكم؟ قالوا له يذهبون إلى عمران أو مناطق بعيدة فيها مدارس, قال لهم ولما لاتقابلون الرئيس وتطلبون بناء مدرسة؟ قالوا له ومالذي سيوصلنا إليه؟ تعرف حينها أحدهم على شخصيته وقال له "نحن نبحث عنك في السماء وأنت في الأرض بيننا" فقال لهم إذا أردتم شيء لاتترددوا بالمجيء إلي وفي البوابة قولوا لهم نريد "الحمدي"واصدر الرئيس الحمدي أوامره ببناء المدرسة , بدأوا من اليوم التالي ببناء المدرسة.
وموقف أخر أتذكره أتى ألينا طالبا منا أن نتنازل عن منزل والدنا لتحويله إلى مستشفى, وقال لي "الناس بيموتوا في الطريق , قلت له ابني لهم مستشفى بأي مكان , قال وهذا أجر وأنا سأبنى لكم بيتا غيره, اقتنعت وتحول المنزل إلى مستشفى.وبدأنا نبنى منزلا أخر وقمنا نبنيه من حجر"حبش"( من الأحجار الفخمة) وحين علم الشهيد بذلك أرسل إلينا طقم تخربه فذهبت إلى أخي الكبير محمد وقلت له"شوف إبراهيم إحنا بنينا وبدأنا نسقف وهو أرسل طقم يخربه وقد حول بيت أبونا إلى مستشفى" ذهب إليه محمد بالكاد أقنعه وحين بدأنا نبني الدور الثاني أقسم يمين إذا بني بحجر حبش لن يسكن فيه ولن يدخله . وقال الدور حقي ابنيه بما أشاء انا وانتوا بنيتم الدور الأول بما تريدون, وبناه بحجر عادي ونوافذ قديمة.وبعد أن أكملت البناء اشتريت "مفرشتين" الواحدة بــ(150) ريال, جاء إبراهيم ورآهما وقال لي "حق من المفرشتين؟" قلت له حق جارنا جاء رهنهم يحتاج لــ500 ريال , قال مش حرام عليك يكمل بناء بيته ومافيش معه فرش؟ الأن ترجيعها له , ووعدته بأني سأعيدهما إلى جارنا وإلا كان سيأخذهما وسيتفاجأ الجار .وحين ذهب فرشتهما لكنها كانت أول وأخر فرشة لانها كانت زيارته الأخيرة, وبعد استشهاده رميتهما.
- الشهيد عبد الله –كيف كانت شخصيته؟
* الشهيد عبد الله كان أكبر من إبراهيم في السن ولديه خمسة بنات وولد, كان رحمه الله ذو شخصية قوية , مهاب ولو قتل الحمدي وهو حي لقلب الدنيا , كان يقول" لو حدث لإبراهيم شيء سأحرق صنعاء بمن فيها" لذا تخلصوا منه قبل إبراهيم.
 - هل تودون فتح ملف الاغتيال؟
 * نعم نود ذلك, نريد أن تكشف الحقيقة, رغم معرفة الناس بها ومحاولة البعض تغطيتها لكن لابد لها أن تظهر ويكشف المشاركون في القتل.
 - كلمة أخيرة؟
أشعر بالفخر حين أرى الناس كيف يحبون أخي, يأتون إلي يطلبون صوره وأحيانا كثيرة أشيلها من الجدار وأعطيها وحين يسألون لما تعطينها لهم؟ أقول لم يطلبوا الا صورة من يحبون, حب الناس هي ثروتنا وكل رأس مالنا.

 * تنشر بالتزامن مع صحيفة الوطني

إقراء أيضا