ها هي القدس المحاصرة بالجدار والمعابر والعساكر تروي بعضا مما تعانيه ...
حكايات لا تنتهي من لؤم محتل جردها أو يكاد من كل ما تحمله من رموز وتاريخ وأسماء.. والناس فيها قابضون على جمر صمودهم ورباطهم ...
القدس بعد عقود أربعة أو يزيد من وقوعها في قبضة المحتل تحتفي اليوم بذكرى من رووا بدمائهم أرض الجليل والنقب وروابي الجبال في أكنافها شرقا وغربا شمالا وجنوبا ...
قناديل حرية تضيء سماء وطننا الملوث بالاحتلال .. كما أرضه وماؤه وهواؤه ...
يا للقدس كم تختصر حكاية وطن كان فلسطين... وسيظل فلسطين... لن يطمس يهوذا الأسخريوطي.. ولا شمعون ولا ديفيد تاريخها المحفور فوق حجارة "الواد" و"السلسلة".. وحارات "السعدية" و"حطة" وعقبات "السرايا" و"القرمي" و"الخالدية "...
لن يطمس المستجلب من بروكلين المسكون بالتطرف تاريخنا في حينا القديم في "حارة الشرف".. هنا تسقط روايتهم المزعومة والباطلة ...
القدس التي تئن تحت ضرب المطارق وتنهب أرضها وتسرق حجارتها على غير مدن الوطن كله للأرض هنا حكاية أخرى... وفي ذكرى الأرض المجيدة يعلو الأنين صرخة مدوية لعل صرخة العذراء في ظلمة الاستباحة والاجتياح تلامس آذان من ناموا واسترقوا السمع جبنا ونذالة ...
في القدس كم من مقدس من مسجد وكنيسة... وكم من رابض يصلي لأمنها وسلامها يستحضر المسيح في محبة وتسامح ...
كم من قاصد لدروب آلامها يستجمع الصبر الجميل وأوجاع من ظل وحده يقاوم ويقاتل ...
في القدس كم من خيمة في القدس تضج بالطفولة والخصوبة ..
في "الثوري" و"الزيتون" و"الحردوب"... وفي سلوان والشيخ جراح.. والعيسوية... في كل شبر من أرضها أو ما تبقى وقد مزق الاحتلال أرضها كل ممزق نهبا للجدار والمعابر والأنفاق والجسور ...
في القدس وعلى سفوحها فتحت لفجر حريتها أبواب "الشمس" و"الكرامة" و"الصمود" و"أحفاد يونس"... في القدس عماليق من بشر ورموز...كان لهم في القدس حكاية.. والحكاية اليوم تاريخ يروى ...
في القدس من هؤلاء شهداء ارتقوا في "يوم الأرض"... وفي الانتفاضة ...
هل كان مصادفة أن يجود المخيم الصامد في شعفاط بشهيد الأرض عبد الله الحواس ...
كان الشهيد يومذاك قرة عين والديه.. أتم علمه وتدريسه في قلنديا قبل أن يزف في يوم الأرض عريسا يحمل روحه على كفه وفي الأخرى شهادة المهندس ...
ومن القدس كانت شرارة الانتفاضة ...
من بين أسوارها تفجر السيل لينثر على الأرض حرية ...
من القدس ارتقى شهيدها المسن صبري غريب ( أبو سمير)... من يفوح قريته بيت إجزا الرابضة على خاصرة مدينته المقدسة... من ناسها من قضى وارتقى شهيدا ك"فيصل" وسليم الشلبي.. وعز الياسيني.. ومنهم ما زال ينتظر ...
سيل من حكايات الحجر والبشر والتاريخ لا ينتهي ...
في القدس اليوم أم كامل الكرد.. وأيوب شماسنة... وعرابي شقير .. وقائمة المرابطين تطول ...
لكن رغم ما في القدس...من قصص للبطولة والصمود... في القدس تتسع أوجاع الناس وهمومهم...... كما اتسعت يوم الصلب آلام المسيح ...
إذن لأرض القدس حكاية برائحة التاريخ وصناعه... في القدس وحدنا نكتب التاريخ.. وفي يوم الأرض... للقدس ألف حكاية...
كتبها لموقع مفتاح: محمد عبد ربه