الرئيسية المقالات مدارات تنظيم القاعدة يعود بقوة
تنظيم القاعدة يعود بقوة
القدس العربي
القدس العربي
عاد تنظيم 'القاعدة' الى واجهة الاحداث مجدداً بعد اكتشاف محاولة التفجير الفاشلة لطائرة امريكية عبر الاطلنطي وجرى توجيه الاتهام الى الشاب النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب.
العملية المفترضة لفتت الانظار لعدة اسباب رئيسية:
الاول: ان الشاب المتهم نجح في اختراق جميع الاجهزة الامنية وكاد ان يفجر الطائرة الامر الذي
 يؤكد قدرة التنظيم على تطوير اسلحة ومعدات جديدة يصعب اكتشافها، هذا اذا صحت الرواية الرسمية بانه ينتمي فعلاً الى 'القاعدة'.
الثاني: انها المرة الاولى تقريباً التي ينجح فيها التنظيم في تجنيد مواطن نيجيري ينتمي الى اسرة غنية، مما يعني ان تنظيم القاعدة يزداد انتشاراً في القارة الافريقية، ونجح في الوصول الى نيجيريا بعد ان عزز وجوده في الصومال وكينيا علاوة على المغرب الاسلامي.
الثالث: ورود اسم اليمن كمحطة توقف فيها الشاب المتهم، وتلقيه تدريبا على هذا النوع الجديد من المتفجرات، الامر الذي يؤكد ان القيادة الجديدة للقاعدة في الجزيرة العربية باتت تلعب دور القيادة الأم وتتولى مسؤولية تنفيذ عمليات في الخارج.
الرابع: نجاح تنظيم 'القاعدة' في ميدان الاعلام، وتفوقه على نظيره الرسمي الغربي. فالعقول الاعلامية والامنية التي وقفت خلف هذه العملية تدرك جيداً. ان اللجوء الى تفجير الطائرات هو الطريق الأقصر لاحتلال العناوين الرئيسية في الصحف ونشرات محطات التلفزة الغربية، سواء نجحت عملية التفجير المذكور أو فشلت، فإن الهدف الاعلامي منها قد تحقق.
من الصعب استباق الاحداث، خاصة ان التحقيقات مع الشاب النيجيري ما زالت في بداياتها، ولكن ما يمكن استنتاجه مما رشح من معلومات، ان تنظيم 'القاعدة' بات أقوى مما كان عليه قبل ثماني سنوات، أي قبل الحرب الامريكية لإطاحة نظام طالبان في أفغانستان، واستئصال القاعدة من جذورها وحرمانها من ملاذها الآمن هناك.
وربما لا نبالغ اذا قلنا ان الولايات المتحدة التي انفقت اكثر من 800 مليار دولار في حربها على الارهاب، وللقضاء على تنظيم القاعدة، تحارب في المكان الخطأ، فأفغانستان لم تعد تحتل مرتبة متقدمة على قائمة استراتيجيات القاعدة وخططها المستقبلية، فطالبان لا تحتاج الى خدمات حوالي 300 مقاتل من القاعدة وهي القادرة على تجنيد عشرات الآلاف من اتباعها اعضاء قبيلة البشتون التي تشكل حوالي نصف عدد سكان افغانستان.
تنظيم 'القاعدة' بات يسيطر الآن على مناطق شاسعة في جنوب اليمن، ويجد المساندة والمؤازرة من نسبة كبيرة من ابناء الجنوب المتمردين على النظام في صنعاء.
والأهم من ذلك ان اليمن بات البيئة الانسب لتنظيم القاعدة بسبب ضعف سيطرة حكومته المركزية على الحدود والمحافظات الجنوبية على وجه التحديد. فالتنظيمات المتشددة مثل تنظيم 'القاعدة' تزدهر وتقوى في ظل الدول الفاشلة وشبه الفاشلة.
اليمن الذي يعيش ظروفا صعبة، ويعتبر واحدا من أفقر عشرين دولة في العالم، بات المركز الاكبر والاهم للقاعدة التي كانت تخطط دائما للوصول الى منابع النفط، والبحار المفتوحة، ومستودعات الاسلحة الضخمة، ففي اليمن تستطيع ان تشتري كل انواع الأسلحة طالما تملك المال، بما في ذلك صواريخ ودبابات.
وعلينا ان نتذكر دائما ان زعيم التنظيم الشيخ أسامة بن لادن من اصول حضرمية يمنية ومعظم حراسه كانوا من اليمنيين، والشيخ طارق الفضلي الزعيم القبلي الاقوى في اليمن الجنوبي كان، وربما ما زال، من ابرز قياداته الميدانية.
ان أخطر ما يميز تنظيم 'القاعدة' عن غيره من التنظيمات المتشددة انه بات تنظيما افقيا ولم يعد تنظيما مركزيا، أي ان قادة الفروع المنتشرة في مختلف انحاء العالم هم الذين يقررون، وربما دون التشاور مع القيادة المؤسسة، نوعية العمليات والاهداف.
العودة الى الطائرات المدنية ومحاولة تفجيرها تطور خطير يهدف الى إرباك أهم قطاع حيوي في الغرب، أي قطاع النقل الجوي، لما يمكن ان يمثله هذا التوجه من آثار نفسية هائلة ابرزها اثبات فشل الحرب على الارهاب حتى الآن. 

إقراء أيضا