الرئيسية المقالات تقارير جامعة صنعاء.. تزوير اشعارات بنكية بكلية الصيدلة
جامعة صنعاء.. تزوير اشعارات بنكية بكلية الصيدلة
عمار القدسي
عمار القدسي

يردد الكل المقولة الشهيرة لمحرر فرنسا شارل ديجول  حين صرخ مستشاروه بأن الفساد قد استشرى وعم الدولة رد عليهم بسؤاله هل وصل الفساد الى الجامعة وحين أجابوه بالنفي اطلق مقولته (اذن فرنسا بخير)، لكن اذا حاولنا اسقاط ذلك على ماهو بين ايدينا هل نقول ان اليمن تحتضر...؟!

الوحدوي نت

البداية كانت صبيحة السبت 25 مايو وفي مؤتمر صحفي كشف عميد كلية الصيدلة عن قضية تزوير بآلاف الدولارات تمت من خلال تزوير اشعارات بنكية للطلاب مقابل سدادهم رسوم التعليم الموازي.

هذه الحادثة شكلت سابقة خطيرة هزت الصرح الاكاديمي ماجعل (الوحدوي) تتتبع خيوط وملابسات هذه الواقعة وحاولت مقاربة الحقيقة.. يسرد تقرير اللجنة المشكلة من رئاسة الجامعة جدولاً احصائياً بالمبالغ التي اخذت من الطلاب كرسوم موازي بالدولار ولم يتم توريدها الى حساب الكلية بالبنك، حيث لم تظهر في كشف حساب البنك التابع للكلية وتصل الى اكثر من (13) ألف دولار، رغم وجود استلامات من المدير المالي بذلك ، المدير المالي محمد احمد بطل هذه القصة الذي صدر بحقه قرار توقيف من الجامعة بسبب هذه القضية.

من المسؤول..؟

من المعلوم ان النظام المالي المتبع في جامعة صنعاء ينص على ان تتم عملية التحصيل للرسوم بالريال اليمني عبر البريد وبالنسبة للمبالغ بالدولار تتم عبر البنك بعد ان يعطى الطالب حافظة توريد من الكلية يسدد ماعليه في البنك ويسلم اشعاراً بذلك وهذا ما يقوله عميد الكلية الذي التقيناه لتوضيح الصورة، حيث تظهر احدى الوثائق توجيه العميد للمدير المالي بالتوريد في الكلية بواقع100%.

يقول العميد احمد  السباتي : من يوم بدأ التعليم الموازي في الكلية اكثر من (750) ألف دولار دخلت حصة الجامعة باسم كلية الصيدلة ، والآن لما بدأنا نسدد في الكلية منعونا من الشراء.

يشير العميد هنا الى قصة المناقصة التي اعلنتها الكلية في صحيفة الثورة لتوريد اجهزة معملية ومواد كيميائية بقيمة خمسين ألف دولار واعترضت عليها الهيئة العليا للرقابة على المناقصات والمزايدات في رسالة وجهها رئيس الهيئة  الى جامعة صنعاء، يؤكد العميد ذلك مع اقراره بالالتزام به ، "قالوا لا يمكن ان تتم بهذا المبلغ إلا عن طريق رئاسة الجامعة واذا تمت عن طريق رئاسة الجامعة فلن تتم ولن يشترى شيئ" كما يقول السبتاني الذي يبدي  امتعاضاُ شديداً من رئاسة الجامعة. اللافت في هذه القصة قيام المدير المالي(المتهم بالاختلاس) برفع تقرير مفصل عن مخالفات المناقصة المشار لها وقد رفع التقرير الى العميد مختوماً بتوقيع المدير المالي.

وبالعودة الى قصة المدير المالي بحسب مصادرنا التي تفيد أنه قدم إلى الكلية فجأة من وزارة المالية وعين في الكلية بطلب من العميد الأمر الذي نفاه لنا العميد بشدة وتحدى من يثبت ذلك، لكن الأكيد أن تغيير المسؤول المالي السابق وتعيين المسؤول المالي الحالي من وزارة المالية حدث في الكلية دون تفسير يقول مسجل الكلية عبد السلام الصباري "بعد ان اتى المسؤول المالي اصبح الكل في الكل بعلم العميد بعد ان تم تهميش امين الكلية من توقيع الشيكات".

أمين الكلية جان أم مجني عليه..؟

محمد الكبسي أمين الكلية له في الوثائق قصة اخرى، احدى هذه الوثائق توضح كشف الكبسي لقضية التزوير والتلاعب ورفع ذلك الى رئيس الجامعة ليوجه بالتحقيق وهو مايؤكده مسجل الكلية قائلاً: "انا والكبسي أول من كشف هذه القضية بعد ان اتت طالبة عراقية وطالب يمني على اساس انهما مسجلان وعندما بحثت في الارشيف لم اجد ذلك وشكيت في الاشعارات التي يحملانها فاحدهما يحمل خطأ في الرقم كتابة مخالفاً لما كتب حرفياً ورفعت بذلك الى أمين الكلية والى العميد". في نفس الوقت يصر العميد على أنه هو من كشف القضية بعد بلاغات تقدم بها طالب متهماً الامين بالتواطؤ مع المدير المالي والتوسط له كتابياً عند العمادة كما يقول السباتي ويرفض بشدة ان يكون ذلك سبباً في الاستغناء عن الكبسي يقول السباتي : "كان يقول لي أن أرحمه وأخارجه، وحين كشفت الامر بدأ يحرض الموظفين ضدي".

الصراع بين العمادة وامين الكلية يعود الى اشهر حيث توضح احدى الوثائق توجيه وزير المالي الى محافظ البنك باعتماد مذكرة عميد الكلية بالاكتفاء بالتوقيع الاول والثالث واستبعاد التوقيع الثاني (امين الكلية) مع ملاحظة ان الوثيقة تكشف تخاطب العميد مع الوزير مباشرة وليس عبر رئاسة الجامعة حول هذه النقطة يقول السباتي ان هذا الامر تم استناداً الى قانون التعليم العالي يقتصر ذلك على العميد والمدير المالي وهذا ماتناقضه وثيقة اخرى يوجه فيها رئيس الجامعة العميد باعتماد توقيع امين الكلية في الشيكات الصادرة من الكلية بالريال بالاضافة الى اعتماد توقيع رئيس الجامعة على الشيكات بالمبالغ  وبالدولار.

 

الحلقة المفقودة..

من خلال نزولنا الى الكلية لمسنا وجود مايشبه الصراع بين الموظفين والعمادة او بعبارة اوضح عدم انسجام ،وهذا يعكسه شكوى مكونة من خمس صفحات رفعت الى رئيس الجامعة السابق ممهورة بتوقيعات الموظفين ، الشكوى تكشف قائمة طويلة من المظالم التي يتعرض لها الموظفون –  كما يقولون –  من قبل العمادة.

لعل ابرز ما في هذه الشكوى قيام العميد بالاستتغناء عن بعض الموظفين واصدار عشرات القرارات بالتكليف المباشر منه في مواقع وظيفية في الكلية .

ويعد الموظفون ذلك مخالفة كون الأمر يعد من صلاحيات رئاسة الجامعة ولا تملك العمادة سوى الرفع الى رئاسة الجامعة بطلب تغيير او حتى التعاقد مع موظفين جدد.

السباتي برر ذلك بالوضع الذي تعيشه الكلية.. يقول : الكلية بلا مدير مالي وبلا أمين كلية ، هل يتوقف العمل داخل الكلية ، ثم ان قرارات التكليف تمت لموظفين في الكلية للقيام بالاعمال من اجل تسيير العمل في الكلية.

الشكوى في احد فقراتها تضمنت اتهاماً خطيراً لعميد الكلية يتمثل بقيامه بصرف شيك مبلغ(250) ألف ريال لإبنه ولم نتمكن من التأكد من ذلك لكن الشيك المشار اليه ظهر في كشف الكلية ولكن باسم محمد احمد فقط مع الاشارة الى عدم وجود أوليات لهذا الشيك ما يضع ذلك علامة استفهام عن الكيفية التي تم فيها صرف هذا المبلغ والاكتفاء باسمين فقط دون توضيح.

قصة الطالبة أحلام

الطالبة أحلام البوقعي تداولت قصتها الصحف والمواقع ، القصة تتلخص في كون الطالبة احدى خريجات الكلية وعملت على انجاز مشروع تخرج عبارة عن علاج لمرض السكر من خلال نوى التمر وحازت في ذلك على المركز الاول في المؤتمر العلمي الذي نظم في الكلية، لكن العمادة قررت وقف شكوى من المشرفين على البحث باعتماد (50) درجة فقط للبحث واسقاط اسمها من كشف الخريجين يقول العميد السباتي إن الموضوع ليس سوى زوبعة من قبل الطالبة التي تريد درجة الامتياز في بحثها بالقوة كما يقول العميد الذي نفى حكاية المؤتمر العلمي وحيازة البحث على الدرجة الأولى.. السباتي أوضح ان القضية قد انتهت بصلح بحضور منظمات حقوق الانسان ومنها هيومن رايتس وقدمت الطالبة –  كما يقول العميد –  الاعتذار للكلية وللمشرفين العمليين على بحثها.

كلام العميد يناقضه تقرير اللجنة التي شكلت من رئاسة الجامعة حول الموضوع حيث أوضح التقرير ان قرار الكلية كان تعسفياً ودون اجراء تحقيق بل اكتفى بالشكوى المرفوعة من دكتورة في القسم، وكشف التقرير عن مخالفة أخرى أقدمت عليها عمادة الكلية تتمثل بحذف اسم الطالبة من كشف الخريجين وهي عقوبة ثانية ، وأوصى التقرير بابطال العقوبتين الصادرتين من الكلية وتشكيل لجنة تحقيق جديدة ويناقض ايضاً ماورد في مذكرة الدكتور عدنان الاهدل رئيس قسم علم الأدوية وهو المشرف العلمي على البحث حيث رفع الى رئيس الجامعة موضحاً ان البحث تم مناقشته في المؤتمر العلمي للأبحاث التاسع عشر والذي عقد في الكلية في شهر أكتوبر الماضي ويفيد الدكتور بان تقييمه للبحث يجعله يستحق درجة الامتياز. هذا ولم نتمكن في الصحيفة من التواصل مع الطالبة بسبب اغلاق هاتفها لسماع ردها حول ماذكر.

حرب الشرعية

في ختام لقائنا مع بالعميد الذي  كرر ما يعتقده بأنها حرب تشن ضد عمادة الكلية سألناه عن السبب في ذلك وهل له علاقة بكونه عميداً منتخباً؟

أجاب: نعم هناك توجه لإفشال أداء أي عميد منتخب وهذا ما يحصل الآن كما يرى السباتي.

وعن شرعية الانتخابات في ظل غياب نص قانوني بذلك في القانون المالي للجامعات رد العميد بالقول: " عندما أنشئت جامعة صنعاء في 1970م كان رئيس الجامعة وعمداء الكليات ينتخبون انتخاباً وغُيِّرَ ذلك إلى التعيين في سنة1995م ، ثم ان المعين يأتي ليخدم من عينه لكن المنتخب يأتي لإرضاء كل الشرائح و الطلاب و الدكاترة.

لتكتمل الصورة

مع كل ماسبق ربما يكون من المفيد ان نشير إلى نقطة هامة نرى انها جزء من المشاكل التي تحدث داخل جامعة  صنعاء ألا وهي غياب الخبرة الإدارية لدى الكثير من الكوادر الأكاديمية وبخاصة من قدر لهم تصدر المسئولية سواء بالتعيين أو بالانتخاب ونستغرب ممن يرى ذلك عيباً أو طعناً في مقام الدكتور الأكاديمي كون الملاحظ ان اغلب المشاكل تنجم عن غياب الإدراك أو الإلمام بالقوانين المنظمة للعمل في الجامعة وتحديد المسافة بين أضلاع مثلث الجامعة الثلاثة –  الطلاب – الاكاديمون – الإداريون.  

إقراء أيضا