الرئيسية المقالات مدارات رحيل القائد النقابي العمالي والتنظيمي المناضل علي عبده القشيبي
رحيل القائد النقابي العمالي والتنظيمي المناضل علي عبده القشيبي
عبدالملك المخلافي
عبدالملك المخلافي

فقد التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، والحركة النقابية العمالية اليمنية، القائد النقابي العمالي والتنظيمي البارز المناضل علي عبده القشيبي، عضو قيادة فرع التنظيم بأمانة العاصمة، والمسؤول العمالي، وأحد أبرز مؤسسي نقابة عمال البناء والأخشاب، ورئيس النقابة، الذي رحل عن الدنيا الثلاثاء الماضي، بعد معاناة من مرض خبيث أصابه وفتك به وهو في قمة عطائه النضالي والتنظيمي والنقابي والثوري، وعن عمر لا يتجاوز 53 عاما، ليشكل برحيله خسارة فادحة للتنظيم والحركة النقابية العمالية.

ومن المؤسف أني لم أجد نعيا مناسبا له رغم ما أداه من دور، وما مثله رحيله من خسارة، نعيا يعطى للأجيال دروساً في النضال والعمل السياسي والتنظيمي من خلال سيرة مناضل بارز.

عرفت المناضل الراحل لسنوات طويلة منذ العام 1990، وخبرت معدنه النضالي وعطاءه الأصيل والصامت، وكان رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، بالنسبة لي، تجسيداً حقيقياً للعامل وللطبقة العاملة، حسب التعريف الناصري لهذه الفئة التي تحتل المكانة الأبرز بين قوى الشعب العامل.

كان الراحل ينتمي إلى هذه الطبقة بكل ما تعني، ليس فقط في أنه قضى حياته عاملا وكادحا بين أبناء هذه الطبقة حتى الرمق الأخير، باحثا عن لقمة العيش بكده وكدحه، ولكن أيضاً بانتمائه الثوري وتجسيده للطبقة العمالية وما تحمله من مخزون ثوري يسعى إلى المساواة والمواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية، و كعنصر طليعي لطبقته، مدافعا عنها ومناضلا من أجل حقوقها وتعزيز التضامن بين أفرادها. لهذا لم يكتفِ بالنضال السياسي والتنظيمي في صفوف التنظيم الوحدوي الناصري، ولكنه جمع الى جانب ذلك، النضال النقابي من أجل حقوق الفئة العمالية التي انتمى إليها بصدق وإخلاص، وأعطى كل وقته وجهده وإمكاناته للنضال السياسي والتنظيمي والنقابي، رغم كل ما عاناه وقدمه من تضحيات، وسط مناخ وقوانين تقف ضد العمل النقابي عامة -و العمالي خاصة- ولا تعترف به ولا تشجعه، وترى فيه تحديثاً غير مقبول لبنية المجتمع التقليدي الذي حرصت السلطة على مدى عقود قبل الثورة السلمية، على إبقائه مجتمعا تقليديا يقوم على الانقسامات القبلية والمناطقية التي تقسم المجتمع على أساس رأسي، بما لا يسمح بتعزيز الوحدة الوطنية، وتعميق فكرة الشعب والاندماج الاجتماعي، ويقف -أي هذا المجتمع التقليدي ذو الانقسامات القبلية والمناطقية- ضد قيام الدولة العصرية، فيما يؤدي قيام النقابات والاتحادات ومنظمات المجتمع المدني الى تقسيم المجتمع على أساس أفقي، ويمكن اعتبارها قبائل العصر، والى تجسيد فكرة التضامن بين أبناء الفئات التي تمثلها، والنصرة وانتزاع الحقوق بموجب ذلك، ولكنها تطلق التضامن والنصرة على أساس المهنة والمصلحة المشتركة لأبناء المهنة، وعلى اساس المواطنة بغض النظر عن مكان المولد أو الانتماء القبلي أو المناطقي، وليس على أساس رابطة الدم ، كما أنها تنتزع الحقوق بالعمل المدني السلمي في مواجهة السلطة، وليس عبر العنف والسلاح كما هو النظام القبلي، ولهذا يؤدي قيام النقابات الى تعزيز وحدة المجتمع وتحديثه، وقيام دولة حديثة وعصرية، وهو ما كانت السلطة القبلية التي جسدت الحكم العصبوي تراه متناقضا مع مفهومها للمجتمع والحكم والدولة، فحاربت العمل النقابي بكل أنواعه، وسعت إلى احتواه، وأعطت جهدها بصفة خاصة لمحاربة النقابات العمالية، واحتواء الحركة النقابية العمالية واتحاد العمال خاصة، رغم التاريخ الطويل والمجيد للحركة النقابية العمالية، لما تمثله هذه الطبقة من حجم كبير في المجتمع، وما تمثله من مخزون ثوري لقيم العدل الاجتماعي، وتحول اتحاد العمال الى مجرد جهاز إداري ضعيف تابع للسلطة، وعائق أمام قيام نقابات عمالية مستقلة، ومبرر لسياسة السلطة غير الاجتماعية، المناهضة للعدالة الاجتماعية، والمدمرة للقطاع العام ودور الدولة في مجانية الخدمات وحفظ حقوق العمال وتوفير الضمان الاجتماعي اللازم لهم ولأسرهم، وبصورة هي الأسوأ والأكثر شمولية، وخاصة من بعد حرب 1994، من الصورة التي كانت عليها أوضاع النقابات والاتحاد العمالي في عهود التشطير والشمولية، خلافا للنصوص الدستورية التي تؤكد على أن النظام السياسي ديمقراطي تعددي، وتنص على حرية تشكيل النقابات والاتحادات، وما كان يفترض أن تمثله الوحدة اليمنية من توحيد للحركة العمالية اليمنية يعزز دورها وقوتها.

ومع هذه الصورة القاتمة فإن مناضلاً طليعياً كالراحل علي عبده القشيبي (الذي تربى في مدرسة الناصرية التي أعطت للعمال على المستوى النظري والعملي حقوقا هي أبرز ما أعطي لهم في الوطن العربي على مدى العقود الماضية منذ ثورة 23 يوليو وحتى الآن )، لم يستسلم، ومعه الكثير من أمثاله في الطبقة العاملة، فسعى الى تشكيل نقابة لعمال المهنة التي كان يعمل فيها، فأسس مع زملائه نقابة عمال البناء والأخشاب، وترأسها، وقدم الكثير من أجل ذلك، وصمد رغم المعاناة والمحاربة، وما تطلبه ذلك من تضحيات على كل الصعد.

ولأنه مناضل طليعي واعٍ بدوره، فقد أدى دوره النقابي دون أن يكون ذلك على حساب نضاله السياسي ودوره التنظيمي، بل جمع بينهما بتىوازن واقتدار ووعي، وأضاف لهما عندما حانت الثورة التي عمل لها بنضاله مع كل أبناء الشعب دوره في الثورة الشعبية السلمية التي أسقطت نظام التخلف، ومن المؤسف أنه رحل قبل أن تحقق الثورة أهدافها، ويرى مجتمعاً حديثاً تحتل فيه النقابات والعمال وحقوقهم والعدالة الاجتماعية مكانه بارزة في هذا المجتمع، كما ناضل وحلم.

ولأنه مناضل حقيقي وصادق، فإني شخصيا عندما كنت أراه باندفاع ثوري يعبر عن اختلافه مع قرارات التنظيم وقيادته، باسمه شخصيا، أو باسم القطاع الذي يمثله (كما حدث مثلا في انتخابات 1997)، كنت أرى أنه حتى ولو اختلفت معه، إنما يعبر عن اندفاعه الثوري، وعن الصدق بدون دوافع أو مصلحة ذاتية أو سوءنية أو غرض أو هوى أو استخدام، وقد احترمت صدقه هذا وصدق من هم أمثاله من أعضاء التنظيم دائماً حتى وإن اختلفت معهم في التقييم، وعبرت عن هذا الاحترام دائماً وعلناً في إطار هيئات التنظيم، وسعيت الى محاورة هذه الرؤى النابعة من مناضلين حقيقين والمنطلقة من الصدق والحرص .

رحم الله المناضل علي عبده القشيبي، وجزاه الله كل خير، العزاء لكل أعضاء التنظيم الوحدوي الناصري، ورفاق الراحل، وللحركة النقابية والعمالية اليمنية، والعزاء لوالده ووالدته وأسرته المناضلة جميعا، وفي المقدمة الأخ فائز عبده، الكاتب والمصحح اللغوي، والأخ توفيق عبده، مخرج صحيفة "الوحدوي"، اللذان قدما لصحيفة "الوحدوي" على مدى سنوات طويلة، زهرة شبابهما بتضحية ونكران ذات لا ينكرهما إلا جاحد، والجحود ليس من صفات الناصريين الصادقين، تجسيداً لانتمائهما للتنظيم، وتمثلاً لمبادئه.

سيرة الفقيد:

الاسم: علي عبده محمد القشيبي

تاريخ الميلاد: 1960

الانتماء التنظيمي: 1988

قائد نقابي وعمالي

عضو مؤسس ورئيس نقابة عمال البناء والأخشاب

عضو المؤتمر الوطني العام التاسع للتنظيم الناصري

عضو قيادة فرع التنظيم بالأمانة ومسؤول القطاع العمالي

 

احد المشاركين الاساسيين في ثورة 11 فبراير الشبابية الشعبية السلمية

إقراء أيضا