من كان يعلم ان بنك التسليف التعاوني الزراعي البنك الذي أنشئ بقانون رقم (39) لسنة 1982م ليكون سنداً وداعماً ومسهلاً للاستثمار والإنتاج الزراعي من خلال القروض الميسرة انخرف عن وظيفته الأساسية إلى خدمة النظام السياسي ليصبح اكبر قلعة اقتصادية داعمة لنظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح ، فهو المتكفل بشكل غير مباشر بالدعاية والتلميع للنظام ورموزه من خلال شراء الذمم والولاءات بالهبات والمصروفات والقروض للمشائخ المتنفذين الذين امتلكوا بها الشركات والمزارع في تهامة وغيرها مصيرها في النهاية قروض متعثرة وفوائد مجنبة بكل بساطة حجمها(33 مليارات وثلاثمائة مليون ريال) كما سنرى في ملفات هذا التحقيق.
اليوم هذه المؤسسة (كاك بنك) رغم قيام الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي أطاحت برمز النظام السابق وجاءت بالرئيس عبد ربه منصور هادي وبالرغم من التغيير الصوري لرئيس مجلس الإدارة فيها إلا أنها لاتزال تؤدي نفس الدور، والفساد ينخر جسدها من أعلى إلى الأسفل، ولا يفرق وضعها في أيام حافظ معياد وأيام محضار السقاف عن وضعها الحالي بقيادة منصر القعيطي الانساب الثلاثة المتعاقبين على قيادتها والذين لا يغادرونها رغم تعينهم في مؤسسات أخرى لن نسهب في التفاصيل ونحن نفتح هذا الملف، فكل شيئ سيرد في بنده عبر نشر حلقات غسيل الفساد في كاك بنك، والذي لا يمكننا أن ننهيه أو نجمله في عددين أو ثلاثة بل قد يستغرق شهوراً على صفحات الوحدوي التي استطاعت بمساعدة وطنيين شرفاء مخلصين الوصول إلى فساد هذه المؤسسة وهو بحسب تقديرنا من نوع لا عين رأت ولا أذن سمعت بمثله فساد يشيب من هوله الولدان وكل الوطنيين والشرفاء ان لم يقضوا بجلطة أو نوبة قلبية.
إنه فساد القلعة الاقتصادية الكبرى للنظام السابق وعائلته (بنك التسليف التعاوني الزراعي – كاك بنك).
الحقيقة انني محتار من أين أبدأ فما من حرف بركام الوثائق التي حولي إلا وفيه دلالة على فساد إما نهب أو تهريب أو إهدار أو صرف بالمخالفة أو قرارات لاقارب واميين بالمخالفة للأنظمة والقوانين واللوائح لكننا سنحاول ان نقدم ما تشابه منه كلاً في مجاله.
وسنبدأ من قيادة كاك بنك ..من هي؟ وكيف وصلت؟ وما طبيعة إدارتها للبنك عن سلفها؟ المعروف والمفترض ان موقع رئيس مجلس إدارة بنك التسليف التعاوني الزراعي منصب سياسي يتولاه شخص بقرار جمهوري بترشيح من رئيس الحكومة ، وبمجرد تعيين شخص آخر في مكانه ترفع يده عن هذه المؤسسة بعد ان يسلمها لمن يخلفه ، باعتقادي هذا ماهو سار في كل بلدان العالم لكن الحاصل عندنا وبالذات في كاك بنك عكس ذلك ، حيث يبقى ويستمر برواتب خيالية خلافاً للبدلات الأخرى من مواصلات واتصالات ومحروقات وغيره.
فحافظ معياد الذي تولى رئاسة مجلس إدارة البنك في 12/2003م وحتى أزيح صورياً في 12/2010م لا يزال موظفاً في البنك وبراتب قدره مليون و300 ألف ريال غير البدلات .
رغم نقله إلى المؤسسة الاقتصادية ولكنه بقي رئيس مجلس الإدارة (الظل) في عهد خلفه محضار السقاف وحتى اليوم في ظل ادارة القعيطي للبنك فلا زال حافظ معياد عضو مجلس إدارة البنك وكاك جيبوتي وكاك للتأمين وكاك اسلامي بصفة شخصية وليس ممثلاً عن جهة ويتقاضى مبلغ مليون و300 ألف ريال راتباً شهرياً الى اليوم.
ومن منجزاته العملاقة في مضمار الفساد والنهب أنه ألغى العمل بأي لائحة أونظام أو قانون وحول البنك إلى مجرد أمين صندوق لصرف مرتبات الموظفين والعبث بأموال البنك في صفقات الاسلحة والسيارات المدرعة ودعم البلاطجة في مواجهة الثورة الشبابية.
تلاه صهره محضار السقاف من فبراير 2010 – 8/2012م عين باختيار وتزكية من سلفه معياد صرف لنفسه 30 ألف دولار نفقات علاج وخمسمائة ألف ريال سعودي وسيارة بـ25 ألف دولار، ولازال رغم اقالته يستلم راتباً شهرياً قدره مليون وتسعمائة وأربعة وثلاثين وخمسمائة ريال بخلاف ما يستلمه من كاك جيبوتي والتأمين وكاك اسلامي ، وخلفه نسبه منصر القعيطي رئيساً لمجلس إدارة البنك من 8/2012م وحتى الوقت الحالي.
فهل تدوير رئاسة مجلس ادارة البنك على ثلاثي القرابة والفساد والانساب الثلاثة مجرد صدفة أم له حيثيات أخرى؟!
وإذا كان علي عبد الله صالح قد عين معياد والسقاف فلماذا الرئيس هادي عين ثالثهم القعيطي صهر السقاف؟ رغم أنه جاء بعد الثورة الشبابية الشعبية التي لم تنجح في وقف الفساد والعبث بأموال وأرباح البن؟! لماذا لم يتم تعيين شخص آخر من خارج الأسرة؟ ، أن وضع البنك قبل ثورة فبراير لا يختلف عن وضعه الحالي من كافة الجوانب.. مضاربة ، تهريب أموال ، شراء أسلحة ، قروض بلا ضمانات اهدار، فساد بالجملة إلى غير ذلك مما سنقدمه مفصلاً بالأرقام لا حقاً.
حل هذا اللغز المتمثل في بقائه بيد ثلاثي القرابة بالمصاهرة ببساطة هو إخفاء جرائم إهدار المال العام والتلاعب به وإغلاق الملفات وإكمال مسيرة حافظ معياد في ان يظل لتنمية زراعة فساد النظام والعائلة في كل شبر من هذا الوطن لا لإنتاج الحبوب والمحاصيل والفواكه وغيرها بل انه في فترة من الفترات تخصص في طباعة صور الرئيس السابق والدعاية له ، وبعد الثورة الشبابية برع في تهريب الأموال باسم التسهيلات والصفقات التجارية في دبي وجيبوتي وفي الداخل وقروض بدون أي ضمانات.
عودة إلى تعيين منصر القعيطي رئيس مجلس الإدارة الحالي رغم انه مقترض من البنك مبلغ 16 مليون ريال وسددها بصرفيات وبدلات أخرى صرفها لنفسه ، فتعيينه صفقة قد يكون هادي مشتركاً فيها ، لقد جاء ضماناً لعدم فتح ملفات معياد والسقاف وللحفاظ على استمرارية الفساد وتمويل أنشطة الأسرة المشبوهة والعبث بأموال المودعين بل انه أضاف إلى مضمار الفساد القائم وضع معالجات لفساد ما قبله بالتلاعب والتعديل في بيانات ميزانية البنك لعام2011م الظاهرة في المقارنة مع ميزانية البنك لعام 2012م، والتي للأسف مصادق عليها من محاسب قانوني (م.ز.م) سنوردها لاحقاً.
تم تضخيم بنود الموازنة والنفقات التشغيلية لمبالغ تم صرفها في أحداث مواجهة ثورة فبراير2011م على مسمى الأمن والحراسة وتم تحميلها على بنود المرتبات والاتصالات والسفر والانتقال والصيانة بهدف التحايل لإخفاء الغرض الحقيقي الذي صرفت من أجله دون وجه حق في مجالات لا تخص البنك لامن قريب ولا من بعيد بل أعمال سياسية تدعم بقاء النظام الأسري.
لقد تم تضخيم الأرباح لعام 2011م – 2012م بتخفيف الضرائب على الودائع الآجلة في ميزانية 2011م الظاهرة في ميزانية 2012م بمبلغ مليار و 431 مليوناً ما أدى الى زيادة الارباح لتصل الى مليار و 914 مليون ريال بدلاً عن مبلغ مليار و 473 مليوناً وعن ما هو ظاهر في ميزانية 2011م المستقلة ، هذه الجريمة تمت في بنود كثيرة سنوردها مفصلة لاحقاً وسنكتفي في هذه الحلقة بالاشارة السريعة اليها دون تفصيل، حيث سنقف أكثر على المخالفات الادارية الكثيرة.
فقد تم تجاوز القوانين والانظمة واللوائح فيها، حيث منصر القعيطي الذي قام في فبراير 2013م بتعيين احمد المضواحي رئيساً تنفيذياً للبنك رغم أن ذلك من صلاحية رئيس الجمهورية بناءً على ترشيح من رئيس مجلس الوزراء وفقاً للمادة (16) من قانون انشاء البنك رقم (39) لسنة 82م وبالمخالفة للمادة (30) من قانون الخدمة المدنية رقم(19) لسنة 91م .
بعد 8 شهور من تعيين المضواحي كلف صلاح صادق باشا مديراً عاماً للبنك رئيساً تنفيذياً في أكتوبر 2013م وهو تكليف لا يتناسب مع أقدميته في التوظيف ولا مدة خبرته ولا سنه ولا سجل انجازه ولا مع عدم الكفاية في إدارة المصارف، ولكن هذا التعيين جاء وفقاً لمعايير الوجاهة والنفوذ التي لا تزال مسيطرة على البنك حتى مابعد الثورة الشبابية .
ومن المخالفات الادارية الخطيرة التعاقد مع موظفين بصفة تعاقدية نقلوا بعدها الى مساعدين لمدراء عموم امثال يحيى محمد الكبسي فهو حديث التعاقد وبدون مؤهل ورغم ذلك اصبح نائباً للرئيس التنفيذي، كذلك تعيين المتعاقد مبارك حسين حسن الحميدي مديراً للتسويق الخارجي بمرتب شهري مليون ريال بياناته غير معروفة سوى انه يقوم بعملية التمويل الخارجي للمبالغ مجهولة الغرض وفق مؤهلات غير معروفة الا من قبل من عينه.. هذه نماذج تكشف الاساليب الخطيرة في تعيين متعاقدين لادارات استحدثت بالمخالفة للوائح الداخلية وتضع احتمالات حدوثها في اطار عمل عصبوي ترك فيه البنك لتمرير صفقات مجهولة منها التسويق ، الخارجي الذي حرم على الموظف الرسمي الذي تكون سيرته الوظيفية معروفة واوكلت لمتعاقدين لا تاريخ وظيفي لهم رغم أنها وظائف مفصلية ومهمة الامر الذي يثير الشكوك في تمرير امور مشبوهة واعمال هي محل مساءلة ، ما يتطلب من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة فضح هذا الفساد ورد الاعتبار للوظيفة وبالذات المفصلية التي لا ينبغي ان يتقلدها سوى موظفين معروفة مساراتهم الوظيفية .
أمثلة أخرى
تم اغراق البنك بمئات الموظفين فهناك أكثر من 200 موظف في اقل من سنة وتوظيفهم ليس تلبية لاحتياجات بل لمصالح ابناء الذوات واستمرار الفساد .
إنشاء إدارات وأقسام خارج التوصيف الوظيفي بمسميات وفق أهوائهم (مزاجية) في تحديد المسمى الوظيفي والمعين فيه وراتبه . كأمين صندوق وخادم تجارة اللاجئين للتمويل والاستيراد وغيرها ماجعل منها مكاناً للمضاربة في العملات وتهريب الاموال.
المتعاقد أيمن منصر صالح القعيطي يقوم بأعمال وظيفة مساعد الرئيس التنفيذي للعمليات المركزية ، هذا الابن اللطيف لرئيس مجلس الادارة بدون مؤهل ولازال موظفاً متعاقداً تم التعاقد معه من قبل خاله محضار السقاف عندما كان رئيساً لمجلس ادارة البنك وبمرتب شهري بلغ 318,200 ريال أكثر من راتب وزير .
فضلاً عن عدم احقيته لشغل هذه الوظيفة وافتقاره للخبرة والكفاءة . وضن توجه تعيين أبناء المسؤولين في البنك صدر قرار تعيين علاء أحمد عبد الله المضواحي رئيساً لوحدة التسويق في 11/3/2013م.
هذا غيض من فيض فهناك مخالفات اخرى جسيمة سنوردها مفصلة في أعداد قادمة منها قصة شراء الاسلحة والسيارات المدرعة وقصة التسويق الخارجي وحجم التحويلات النقدية الى الخارج ولماذا لم تخرج القرارات عن أولي القربى لحافظ معياد ؟!
وما قصة الرواتب المبالغ فيها والتي تتجاوز مرتب رئيس الجمهورية بل ان نسبة الزيادة في رواتب قيادة البنك تفوق الــ 300% ؟!
وسنعرف ايضاً كيف تم تجنيب فوائد محلية بقيمة 6,960,605 ريالات؟!
وماذا عن القروض المتعثرة ومخصصات بـ 3,346,995 ريالاً؟!
وكثير من هذه الارقام الفلكية سنعرفها في اعداد قادمة، السؤال الاخير والمهم هو: اين يقف الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة من ذلك وكيف مر عليه هذا الفساد ولماذ لم يكتشف ذلك ؟ وهل هو متواطئ ؟ أم عاجز؟ أمر ستتم مناقشته في الحلقة التالية..