الرئيسية المقالات مدارات البسط على الآخرة
البسط على الآخرة
ياسر العواضي
ياسر العواضي

عندما قرأت التقرير الشجاع الذي قدمته اللجنة الخاصة بتقصي الحقائق حول الأراضي في محافظة الحديدة، تفاجأت عندما عرفت ماذا تعني بعض المصطلحات التي لم أكن ألم بحسابها.

 وعندما رأيت البعض يضع يده على عشرين ألف معاد كنت أعتقد أن المعاد يقارب المتر في الحساب، ولكن عندما نبهني بعض الإخوان في مقيل بيت العزيز/ نصر طه بأن المعاد هو 98لبنة واللبنة تساوي 44مترا مربعا، قمنا بعملية ضرب في حاسبة تلفوني لنعرف كم تساوي العشرون ألف معاد، فعجزت حاسبة تلفوني عن الوصول إلى نتيجة لأن الرقم أكبر من قدرتها الاستيعابية. فحاول الصديق يحيى الثلايا مساعدتي بحاسبة تلفونه لأنها أكبر إلا أنها أيضاً عجزت عن العدد ،فلجأنا إلى الحساب يدوياَ لنكتشف بأن هواتفنا ربما صدمت من حجم الرقم إن لم تعجز.

فقد اتضح بأن أحداً كما ذكر في التقرير يملك بحوزته (2.000.000) مليوني لبنة في الحديدة، وهنالك أيضاَ ثان وثالث كما ذكر التقرير،وبالصدفة كان معنا مهندس في الأشغال العامة أفادنا بأن مساحة العاصمة صنعاء تساوي (4.500.000) أربعة ملايين ونصف المليون لبنة أي أن اثنين واضعان أيديهما في الحديدة على مساحة تساوي مساحة العاصمة كاملة وقد أبلغني أحد أعضاء اللجنة البرلمانية بأنه قام بتصفير عداد سيارته أثناء الاطلاع على أرض من المنهوبات فلف عليها لفة واحدة ليكتشف أنها ستين كيلو متر.

الآن بدت لي بعض الأسباب لدى بعض الدول الخليجية لعدم قبولنا في مجلس التعاون الخليجي، فكثير من هذه الدول لا تمتلك أراض تضع سيادتها عليها بحجم ما يضع عليها يده بعض ناهبي أراضي الدولة والمواطنين في الحديدة، لأن حجم بعض هذه الدول هو فعلاَ أصغر من حجم تلك المساحات.. وأمراء هذه الدول لن يجازفوا بدولهم التي بالكاد قد تشبع رغبة الجشع لدى بعض ناهبي الأراضي اليمانيين.

 وأعتقد أن تقرير اللجنة البرلمانية قد يجعل قادة هذه الدول يجتمعون في قمة طارئة ولو سرية لتدارس الموقف و أي خطوة قد تأتي في اتجاه انضمام اليمن إليهم. وأعتقد أيضاً أن هؤلاء الذين يقومون بنهب الأراضي في كل مكان ومصابين بهذا المرض اللعين قد استباحوا الدنيا، فهم نفس الأسماء في عدن وفي لحج وفي الحديدة وفي كل مكان وبعد أن أكملوا البسط على أراضي الدنيا أعتقد بأنهم يفكرون بالبسط على أراضي الآخرة ، وهم يستعدون لذلك اليوم ليستحوذوا على أكبر قدر ممكن من المساحة. ورغم ما يقال عن المساحات الهائلة التي تعطى للمؤمنين في الجنة إلا أنها قد لا تكفي بعضهم فيما لو شمله العفو عن ما بسط عليه في الدنيا ودخل الجنة،إلا أن هؤلاء الذين يتسابقون على وضع اليد على مساحات هائلة نسوا أن المساحات الهائلة التي نهبوها في الدنيا ستكون هي سبب تأخرهم، إذ أنهم - حتى لو تم العفو الإلهي عنهم - سوف يتأخرون كثيراً بعد جميع البشر على السراط حتى تكمل الملائكة حصر تلك الأراضي التي نهبوها وبالطبع سيحتاجون وقتاَ طويلاًَ يكون فيه بقية البشر قد سبقوهم إلى المساحات الأوسع في الجنة أو في النار.

 إنني عندما أتأمل في كل هذا وأتذكر أيضاَ أولئك المشائخ من العصيمات الذين وجدتهم قبل عامين في فندق عدن وسألتهم ماذا تفعلون هنا قالوا بلهجة فيها حزن! (نتشارع إحناء وأصحاب جهم على أراضي في الحسوة)!،أقول لنفسي إن لم يكن هؤلاء يخافون الله ألا يعتبرون ويحسون بأدنى خجل أو واجب أمام النظام الذي أعطاهم كل شيء ويفترض بهم أن يكونوا عوناَ له ويخففوا عليه ضغط الوضع في البلد والمشاكل التي تنمو كل يوم هنا وهناك؟!

أليس حرياً بهؤلاء الذين نهبوا تهامة وعدن ولحج أن يقتنعوا بما قد اكتسبوه في صنعاء ودبي وباريس ولندن والقاهرة وغيرها من مدن العالم!.

ثكلتهم أمهاتهم وثكلت من تحملهم بعد اليوم سواءً من السلطة أو أصحاب الحقوق المنهوبة.

إقراء أيضا