الرئيسية المقالات تقارير ماذا بعد فشل مؤتمر «جنيف »؟
ماذا بعد فشل مؤتمر «جنيف »؟
عادل عبدالمغني
عادل عبدالمغني

الوحدوي نت

كما كان متوقعاً، فشلت مشاورات جنيف في تحقيق الحد الأدني من التطلعات، وعجزت عن التوصل لاتفاق بهدنة مؤقتة خلال شهر رمضان الذي استمر فيه العنف والاقتتال، والتفجيرات المفخخة . وانتهت مشاورات جنيف التي بدأت الاثنين الماضي دون التوصل لأي اتفاق بين الاطراف اليمنية. وعدا الملاسنات والعراك بالأيدي ورشق الوفد الحوثي في جنيف بالأحذية، فان كل ما تم تسريبه من مشاريع للاتفاق تلاشت مع اعلان الامم المتحدة عن انتهاء المشاورات السبت دون التوصل لاتفاق .

وعلى الرغم من الحديث المتفاءل لمبعوث الامين العام للأمم المتحدة عن "الروح الايجابية التي سادت مشاورات جنيف بين الاطراف اليمنية"، إلا ان عدم التوصل لأي اتفاق في المفاوضات التي رعتها الامم المتحدة وبمساعي امريكية، تشير الى عمق الازمة اليمنية وانعدام نقاط الالتقاء بين الحكومة اليمنية والحوثيين الذين يتعاملون مع الوضع في اليمن دون رغبة حقيقية في تقديم اي نوع من التنازلات لإنهاء الصراع في البلد. وهو ما تأكد من خلال ممارسات وسلوكيات جماعة الحوثي على الارض، سواء فيما يتعلق بتململها وتأخرها في حضور مؤتمر جنيف، او من خلال تصرفاتها اثناء انعقاد المشاورات والتي تزامنت مع تفجير منزل القيادي في حزب العدالة والتنمية وعضو فريق الحكومة في مشاورات جنيف عبدالعزيز جباري. عدا ذلك فان الحوثيين وقوات الرئيس صالح كثفت من عملياتها العسكرية في عدن وتعز ومأرب والجوف بالتزامن مع انعقاد المفاوضات، وبدت قواتها مستميتة في تحقيق تقدم في عدد من جبهات القتال لفرض شروطها في المفاوضات التي اقتصرت على هدنة في اليمن يتم خلالها وقف القتال في الداخل والعمليات العسكرية لقوات التحالف مقابل انسحاب جماعة الحوثي من عدن وتعز والإفراج عن المعتقلين لدي الجماعة التي اعتبرت مثل هذه الشروط بالتعجيزية واستمرت بالتعامل مع المفاوضات الاحادية الجانب مع الامم المتحدة دون جدية واضحة .

ويبدو ان مسار التسوية السياسية في اليمن واستعادة الامن طويل وشاق ومليء بالعقبات والعراقيل، الامر الذي يشير الى ان اليمن يسير على خطى سوريا فيما يتعلق بتكرار المفاوضات برعاية دولية دون التوصل لاتفاقات حقيقية على الارض. وهو ما اتضح من خلال حديث المبعوث الاممي الى اليمن السيد ولد الشيخ احمد الذي اعلن عن تكثيف جهوده خلال الايام المقبلة للاتفاق على موعد جديد لانعقاد مفاوضات جنيف2 بين الاطراف اليمنية التي لم يتحدد موعدها بعد والتي قال انها لن تتم قبل التوصل لهدنة انسانية بين كافة الاطراف .

وقابل وفد الحوثيين وصالح مسودة اتفاق تقدمت بها الامم المتحدة بلاءات ثلاث. حيث ان وفد الحوثيين وصالح رفضوا البند المتعلق بوقف اطلاق النار ووقف علميات التحالف مقابل التزامهم بالهدنة وانسحابهم من المناطق التي يسيطرون علهيا وفي مقدمتها عدن وتعز بشكل فوري، وربط وفد الحوثي وصالح الالتزام بهذا البند ضمن تسوية سياسية شاملة، بما في ذلك شكل الرئاسة اليمنية وتشكيل حكومة جديدة .

وفد الحوثي وصالح رفض ايضا توصيف القوات التابعة لهم بالمليشيات واعتبر ان اي انسحاب من المدن يعني تركها لفراغ امني، الى جانب رفضه نشر لجان مراقبة دولية لتطبيق الهدنة واشترط ان يتم اولا وقف عمليات التحالف قبل التفاوض على النقاط سالفة الذكر .

وبذل السفير الامريكي في اليمن ماثيو تولر مساعي مكثفة لمساعدة الامم المتخدة بالتوصل الى اتفاق يوقف القتال في اليمن، الا ان وفد الحوثي رفض اللقاء به اثناء تواجده في مقر اقامة الوفد بجنيف، واقتصر لقاء السفير الامريكي على شخصيات من حزب الرئيس صالح الى جانب ممثلين عن الوفد الحكومي .

تفجيرات مفخخة

دونا عن التوصل لاتفاق هدنة تحد من الاقتتال والعنف الدائر في اليمن، شهد البلد تفجيرات مفخخة استهدفت مساجد ومقار سياسية تابعة لجماعة الحوثي بالعاصمة صنعاء لتحمل مؤشرات خطيرة عن تفاقم العنف في اليمن الذي يسير نحو السيناريو العراقي ويغرق شيئا فشيئا في بحر من الدماء والاشلاء التي باتت العنوان الابرز لتداعيات الاحداث في اليمن .

وخلال الاسبوع الماضي شهدت العاصمة صنعاء خمسة تفجيرات انتحارية بسيارات مفخخة استهدفت ثلاثة مساجد ومقر سياسي لجماعة الحوثي ومنزل لاحد قياديي الجماعة .

وحملت التفجيرات التي وقعت الاربعاء والسبت الماضيين بصمات جماعة القاعدة في اليمن والتي اتت بعد ايام قليلة من الاعلان عن مقتل زعيم القاعدة في جزيرة العرب ناصر الوحيشي الامر الذي يحمل مؤشرات سلبية بتفاقم العنف في البلد .

الاخطر من ذلك تبني "داعش" للتفجيرات المفخخة كإعلان رسمي عن دخول تنظيم داعش على خط الازمة اليمنية وما يعنيه ذلك من تعزيز للعنف والاقتتال على خلفيات دينية، وهو مستنقع ان سقط البلد فيه فلن يكون من السهولة الخروج منه .

الابعاد الدينية في التفجيرات الاخيرة وتوقيتها الزمني بدت واضحة كونها وقعت في اول ليالي شهر رمضان الكريم، وبعد شائعات تحدثت عن قرار اتخذته جماعة الحوثي بمنع اقامة صلاة التراويح والتهجد في المساجد. وعلى الرغم من ان المساجد في اليمن غير خاضعة للتقسيمات الطائفية والمذهبية بمعنى انه لا وجود لمساجد خاصة بالشيعة واخرى بالسنة الا ان المساجد التي استهدفتها التفجيرات المفخخة يديرها ائمة زيدية (شيعة) وان كان مرتاديها من مختلف المذاهب، كما هو الحال بالمساجد التي يديرها سنة .

 

وأمام كل ذلك يبقى المشهد اليمني حافل بالتحديدات ومغلف بالعنف، دون افق واضح لحل الازمة التي تتجه نحو مزيد من التعقيد، مع استمرار تردي الوضع الانساني المتفاقم في البلد، حيث بات ما يزيد عن 12 مليون يمني بحاجة ماسة الى الغذاء والدواء بحسب تقرير حديث لبرنامج الغذاء العالمي الذي قال ايضا ان 6 ملايين يمني يواجهون مخاطر الجوع الحقيقي والكامل .

إقراء أيضا