أصحاب تحت..!!
صادق ناشر
صادق ناشر

دائماً ما نكتب عن “أصحاب فوق“، كان آخرهم ما كتبه الزميل العزيز معاذ الخميسي في زاوية الأمس هذه تحت نفس العنوان، وكان يترجم حال الكثيرين من الناس المتذمرين من “أصحاب فوق“ الذين يتجاوزون كل القيم والأخلاق ويتمترسون بالفساد الذي يحميهم من أية مساءلة ، إذ إنهم يسرحون ويمرحون دون رقابة من أحد..

 “أصحاب فوق“ يُعنى بهم بالطبع المسؤولون ومن لفَّ لفهم ، وهم الطبقة “الصفوة“ القريبة من صناع القرار، والذين لا يعيرون اهتماماً لـ “أصحاب تحت“ الذين يعانون الكثير من تصرفاتهم ومن سلوكياتهم ومن نفوذهم.

المشكلة أن “أصحاب تحت“ ، وليس “أصحاب منزل“ لهم نصيب فيما يجري ، فلو أن “أصحاب تحت“ قاوموا فساد “أصحاب فوق“ لما بقوا أسرى لقرارات ظالمة تنزل عليهم كالقدر المستعجل من دون أن يبدوا أية مقاومة!!.

“ أصحاب تحت“ في كثير من البلدان هم الوقود المحرك لكل التغييرات، المشكلة عندنا هي أننا كثيرو الشكوى، قليلو الفعل، نشكو من الظلم ولا نتحرك لرفعه عن كواهلنا، نتكلم عن تحكم “ أصحاب فوق“ بينما نحن قابعون في أماكننا بلا حراك.

الكثير من الثورات التي قامت بها شعوب مختلفة من العالم لم يقم بها “أصحاب فوق“ ، بل عامة الناس الذين يقع الظلم عليهم، ولهذا فإنه دائماً ما يطلق على هذه الثورات بـ “ثورة الفقراء“ وليست ثورات “أصحاب فوق“ الذين تتصادم مصالحهم مع مصالح “أصحاب تحت“.

عندما يستكين “أصحاب تحت“ للقرارات المجحفة بحقهم من قبل المسؤولين، عندما يشتكون من تفشي ظاهرة الرشوة التي يطلبها المسؤول الصغير قبل الكبير، عندما يقبل “أصحاب تحت“ ممارسات مسؤولي البلدية، والعسكري الذي ينفذ قانون “أصحاب فوق“، وعندما يسكت “ أصحاب تحت“ عن المطالبة بالحق الذي يبدو للعيان، وعندما يمارسون الغش والسرقة والنهب، وعندما يكذبون قبل دخولهم المساجد وبعد خروجهم منها، يصبح “ أصحاب فوق“ هم أصحاب الكلمة العليا عوضاً عن “ أصحاب تحت“.

عندما نبحث عن المسؤول عن الأوضاع التي نعيشها اليوم فلا يمكننا القول إن “أصحاب فوق“هم لوحدهم المسؤولون عنها، بل أيضاً “أصحاب تحت“، الذين لا يملكون سوى الشكوى لله ، فيما يتركون “أصحاب فوق“ يقررون مصائرهم ومصائر غيرهم.

ولو سألنا أنفسنا منذ متى “وأصحاب تحت“ يشكون؟، لوجدنا أنهم يشكون منذ نحو خمسين سنة ، ولايزال الوضع على ما هو عليه، فـ “ أصحاب فوق “لايزالون “فوق الجميع دستوراً وقانوناً وبشراً“ و”أصحاب تحت“ لايزالون في الأسفل ينتقدون الصحافيين كلما زاد غضبهم وتذمرهم من “أصحاب فوق“.

 صحيفة الجمهورية

إقراء أيضا