الرئيسية المقالات تقارير المؤجر والمستأجر.. علاقةٌ مأزومة
المؤجر والمستأجر.. علاقةٌ مأزومة
الوحدوي نت
الوحدوي نت

تحقيق - فائز عبده:

يتحدث محمود بغضبٍ، وهو يحكي قصته مع صاحب العمارة التي يسكن في إحدى شققها، ويقول إن الرجل متعنتٌ للغاية، ولا يقدِّر الظروف الصعبة التي يمرُّ بها بعد فقدان عمله بسبب الأزمة الراهنة التي تمرُّ بها اليمن، ويشكو نشوان بحرقةٍ وسخطٍ، من تعامل المؤجر الذي يلحُّ ويشدِّد في طلب الإيجار، ويهدده بالطرد من مسكنه وحجز أثاثه مقابل ما عليه من مستحقاتٍ. 

الوحدوي نت

بينما يشيد عبدالعزيز بالتعامل الطيب من مالك البيت، الذي يقول إنه ترك مساحةً من المرونة والتفاهم الإيجابي، وأعفاه من نصف الإيجار؛ تقديراً لحالته المادية الحالية، ومثله يثمِّن صالح موقف المؤجر الذي منحه فسحةً من الوقت للتصرف، وأجَّل تسديد إيجارات محله لحين انتهاء الأزمة.

في المقابل، يؤكد أحد المؤجرين أنه يصرُّ على أخذ مبالغ الإيجار، باعتبارها حقاً له، ولا تعنيه حالة المستأجرين. ويوضح مؤجرٌ آخر أنه يحرص على تحصيل إيجاراته لأنه يعتمد عليها في معيشته، كونها تمثل دخلاً أساسياً له. فيما يقول مالك إحدى العمارات السكنية، إنه يحاول إعطاء الجانب الإنساني حقه من خلال تفهُّم ظروف المستأجرين، وتقدير أوضاعهم المالية في ظل الأزمة. ويشير صاحب إحدى البنايات المؤجرة، إلى أنه بادر إلى إعفاء المستأجرين لديه من جزء أو كامل الإيجار، مشدداً على أهمية تجسيد التكافل الاجتماعي.

 

"رأسه يابس"

يقول محمود، وهو موظفٌ سابقٌ في القطاع الخاص، فضَّل عدم الكشف عن اسمه الكامل، إن صاحب العمارة لا يكتفي بطرق بابه عدة مراتٍ في اليوم، مطالباً إياه بسرعة دفع الإيجار، بل إنه يتصل به مراراً، لذات الغرض، ويستوقفه أحياناً عند مدخل العمارة، أو في الشارع، ما جعله يعيش قلقاً دائماً وكابوساً مرعباً يفوق -حد قوله- همَّ البحث عن عملٍ يحصل منه على ما يسدُّ به رمق أطفاله، فضلاً عن مواجهة التزاماته الأساسية.

ويضيف، في حديثه لـ"الوحدوي"، أنه يحاول دوماً إقناع المؤجر بصعوبة الوضع ووطأة الأزمة الشديدة التي أثرت على حياة الكثيرين، غير أن الرجل -حسب تعبيره- "عصيٌّ على الفهم، ورأسه يابس". مشيراً إلى أنه يتوقع "أية ردة فعلٍ غير مسؤولةٍ من المؤجر" الذي وصفه بالمتعنّت، والذي "لم يقدّر الظروف الصعبة التي نمرُّ بها، ولا تعنيه الأوضاع المأزومة التي تعيشها البلاد".

 

تهديد بالطرد

يبدو نشوان مسعد، ساخطاً وهو يشكو للصحيفة من المؤجر الذي يتعامل معه بقسوةٍ، ويشدِّد على "طلب الإيجار، دون اعتبارٍ للظروف القاسية الناجمة عن سوء الوضع الاقتصادي للبلد"، ما أدى إلى "تقليص الأجور التي باتت لا تغطي متطلبات الحياة واحتياجات المعيشة بحدها الأدنى"، حسب قوله.

ويعبر العامل في إحدى المؤسسات الصناعية التابعة للقطاع الخاص، بحرقةٍ، عن استيائه من تصرف المؤجر الذي أكد أنه هدده بالطرد من مسكنه، في حالة عدم دفع الإيجار، متوعداً بحجز أثاث منزله مقابل ما عليه من مستحقاتٍ متأخرةٍ. وأوضح أنه خاض عدة مشاجراتٍ مع الرجل على خلفية تراكم مستحقات الإيجار عليه خلال الأشهر الأخيرة.

ونشوان الذي تمَّ تقليص راتبه، يعدُّ نفسه من ضحايا الإجراءات التقشفية التي اضطرت كثيرٌ من الجهات والمؤسسات إلى اتخاذها، لمواجهة الأعباء المستجدة بفعل تطورات الصراع السياسي، ولتعويض ضعف الإيرادات الناتج عن استمرار الأحداث المؤسفة في عدة مناطق.

 

مؤجر طيب

من جانب آخر، يتحدث عبدالعزيز أحمد، بإيجابيةٍ بالغةٍ، عن المؤجر الذي وصفه بالطيبة والتعامل الحسن، ويقول إنه وطَّن علاقته مع المستأجرين على المرونة والتفاهم الإيجابي، ما جعله "محبوباً" في أوساطهم. مشيداً بهذا "المؤجر الطيب"، لافتاً إلى أنه يحظى أيضاً باحترام كثيرين في الحارة التي يقطنها، بفضل "تعامله الإنساني والأخلاقي مع الجميع"، حدَّ وصفه.

ويقول عبدالعزيز، الموظف الحكومي، لصحيفة "الوحدوي"، إن صاحب البيت أعفاه من نصف الإيجار تقديراً للحالة المادية التي يعيشها حالياً، نتيجةً للأزمة والأوضاع السيئة في البلاد. شاكراً إياه على "تفهمه وتقديره وتكرمه"، وداعياً بقية المؤجرين إلى "الاحتذاء بهذا الرجل، والتأسّي بمثل هذه الأخلاق الحميدة"، التي "ينبغي أن تسود المجتمع، خصوصاً في هذه الأوقات العصيبة"، حسب تعبيره.

 

حين ميسرة

يعترف صالح عبدالله، بجميلٍ كبيرٍ ومعروفٍ لصاحب المبنى الذي يقع أسفله محله الخاص بالأدوات المنزلية، ويثمِّن غالياً موقفه الإنساني المتمثل في منحه فرصةً تتيح له سداد إيجار المحل على شكل أقساطٍ، في الوقت الذي يتوفر فيه المبلغ، ذلك أن دخل المحل انخفض -حدَّ قوله- بسبب الأوضاع الحالية.

وقال صالح لـ"الوحدوي"، إنه يحتفظ بقدرٍ من الامتنان والتقدير للمؤجر الذي وصفه بأنه "محترمٌ وإنسانيٌّ"، مشيراً إلى أنه أتاح له أيضاً تأجيل دفع الإيجار "إلى حين ميسرة"، حسب تعبيره، أو "لحين انتهاء الأزمة".

 

المستأجرون بين سخط ورضا

تتحدَّد مواقف المستأجرين الذين رفضوا جميعاً التقاط صورٍ لهم، من المؤجرين وفقاً لتعامل هؤلاء معهم بشأن الإيجارات، حيث يسخطون على الملاك، إذا ألحّوا على المطالبة بحقهم، ويتذمرون من تعاملهم الذي يعتبرونه "أنانياً وغير إنسانيٍّ"، بحسب تعبير أحدهم، ويظهرون الرضا عن الملاك في حال كانوا متساهلين ومرنين بخصوص طلب الإيجارات، ويبثّون امتناناً وعرفاناً بجمائلهم، "مع الشكر الجزيل جداً"، حسب تشديد أحدهم.

على أنّ عشرات الأشخاص من المستأجرين تحدثوا باقتضابٍ وبإسهابٍ، ولم يبتعد كلامهم عن ضفتي هذين الفريقين، غير أنهم طلبوا عدم النشر لأسبابٍ متباينةٍ. وأشار عددٌ منهم إلى أنهم لجأوا إلى أقسام الشرطة لحسم خلافاتهم مع المؤجرين الذين اعتبروهم "متعنتين"، وأنه يتمّ النظر في قضاياهم وحلّها ودياً من قبل مسؤولي الشرطة، أو إحالتها إلى الجهات القضائية.

ومن جانبهم، رفض عددٌ من مسؤولي أقسام الشرطة الحديث للصحيفة، مرجعين سبب رفضهم إلى أنه ليس مخولاً لهم الحديث في هذا الموضوع، غير أنّ نائب مدير أحد مراكز الشرطة، أكد أنهم يستقبلون قضايا خلافٍ بين مؤجرين ومستأجرين، وتتمّ إحالة مثل هذه الحالات إلى المحكمة، مشيراً إلى أنه ليس من صلاحية الأقسام حلّ تلك الخلافات، ولو بشكلٍ وديٍّ.

 

المؤجرون.. مواقف متفاوتة

تتفاوت مواقف وتصرفات المؤجرين باختلاف أمزجتهم وطبائعهم، وبحسب حالاتهم المالية، ومقدار اعتمادهم على المبالغ التي يتلقونها مقابل إيجار ممتلكاتهم من شققٍ أو دكاكينَ أو محلاتٍ. ومنهم من يسمح للمستأجر بتأجيل السداد، أو دفع ما يقدر عليه، ومنهم من يعفي من جزء أو كل الإيجار المستحق، فيما يصرُّ البعض على أخذ كامل الإيجار، دون اعتبارٍ للظرف الصعب الذي يعجز معه كثيرٌ من المستأجرين عن الوفاء بالتزاماتهم المادية.

 

إصرار وحرص

يؤكد أحد الملاك أنه يصرُّ على أخذ مبالغ الإيجار، باعتبارها حقاً من حقوقه الخاصة، التي شدَّد على أنه لا يمكن "التنازل عنها لأيِّ سببٍ، وتحت أيِّ ظرفٍ"، حدَّ قوله.

وقال المؤجر الذي رفض ذكر اسمه، لـ"الوحدوي"، إنه لا تعنيه حالة المستأجر المادية، وإن كل ما يهمه هو "تسديد الإيجارات أولاً بأول". رافضاً الحديث عن إمكانية النظر في مقدار مبلغ الإيجار في ظل الأوضاع والظروف الخانقة التي يعيشها المواطنون، والأزمة الراهنة التي أثرت على حياة كثيرين.

فيما يقول الحاج محسن، لـ"الوحدوي"، إنه يحرص دائماً على تحصيل إيجارات شقق عمارته، لأنه يعتمد عليها في معيشته ومصاريف أسرته. مضيفاً أنها تمثل مصدر دخله الأساسي الذي لا يحبذ الانتقاص منه، حسب تعبيره.

ويشير إلى أنه "غير مستعد للسماح بتأخير سداد الإيجارات"، باعتبار ذلك سيؤثر على مستوى معيشته، وميزانية أسرته، حد قوله. لافتاً إلى أنه يقدر "الظروف البائسة" التي يعيشها المواطنون، لكنه يعتبر نفسه "متضرراً" منها هو الآخر.

 

إنسانية وتكافل

من جانبه، يقول لـ"الوحدوي"، مالك إحدى العمارات السكنية، إنه يحاول أن يعطي "الجانب الإنساني حقه"، من خلال "تفهُّم الظروف الصعبة للمستأجرين، وتقدير الأوضاع المالية السيئة" التي يعانون منها في ظل الأزمة التي تمر بها البلاد حالياً.

ويضيف محمد علي، أنّ الكثير من المواطنين يواجهون، في هذه الفترة، ظروفاً شديدة الصعوبة، ويقاسون سوء الأوضاع المالية، جراء الأزمة الراهنة، لذلك فإن "الإنسانية تحتِّم علينا مراعاة أحوال بعضنا البعض، والنظر إلى من حولنا بعين العطف والرحمة"، كما أن "ديننا الإسلامي يدعونا إلى التراحم والتعاطف في ما بيننا".

ويتحدث صاحب إحدى البنايات المؤجرة، عن "الحالة المأساوية" التي وجد عليها كثيراً من الناس، ومنهم مستأجرون لديه لم يستطيعوا الوفاء باستحقاقات الإيجار. ويقول إن "هذه الأوضاع المزرية تتطلَّب من المقتدرين بذل العطاء والتسامح والتكافل"، مشيراً إلى أنه بادر إلى "إعفاء" المستأجرين لديه من "جزء أو كامل الإيجار المستحق عليهم"، كلٍّ بحسب ظروفه وقدرته المالية، حسب قوله.

وشدد عبدالله سعيد، في حديثه لـ"الوحدوي"، على أهمية "تجسيد التكافل والتعاون بين الناس"؛ باعتبارهما من المفاهيم الاجتماعية التي "تؤكد عليها تعاليم الإسلام"، والتي يمكنها أن "تحقق بعض العدالة والحياة الكريمة لأبناء المجتمع"، حد تعبيره.

 

غياب القانون

يرى قانونيون أن الإشكالية تنبع من غياب قانون الإيجارات عن التطبيق، رغم المثالب العديدة التي تعتريه، باعتباره قانوناً يفتقر إلى العدالة والمصلحة العامة، ولا يعبر عن الشعب وعن الاقتصاد الوطني، ما يؤثر على الاستقرار والاقتصاد والاستثمار والأمن والعلاقات الاجتماعية، وغيرها من النواحي المتعلقة بالتوازن المجتمعي للبلد.

وقال المحامي والمستشار القانوني سليمان عقلان، إنه "في الظروف الطبيعية يوجد قانونٌ للإيجارات، ونظم ذلك أيضاً القانون المدني، وهو قانونٌ عامٌّ، لكن في حقيقة الأمر فإن مجلس النواب لم يمثل الشعب، ولم يعبر عن سلطة شعبٍ في إصدار قانون الإيجارات، وكذا رئيس الجمهورية آنذاك، وللأسف كلاهما منتخبان من الشعب، وفي الدستور يمثلان الشعب، لكن فعلهما غير ذلك"، حسب تعبيره.

وأضاف عقلان لـ"الوحدوي"، أن ذلك القانون صدر "معبراً عن مراكز قوىً قبليةٍ متسلطةٍ في غطاءٍ رأسماليٍّ متسلطٍ، بمعنى أن القبيلة المسيطرة على الدولة سيطرت على السلطة بقوة السلاح والمال والثروة، لهذا لم يكن القانون معبراً عن قوى الشعب المستأجرة ولا المؤجرة، ولم يكن معبراً أيضاً في حقيقته عن صالح الاقتصاد الوطني البتة". معللاً ذلك بأن "عدم استقرار المستأجر يؤثر على الاقتصاد الوطني تأثيراً كبيراً، ويؤثر على المالك، حيث تبقى العين المؤجرة فارغةً لفترةٍ من الزمن، دون الاستفادة منها من قبل المالك، لاستعادة نفقات البناء".

ومن جانبٍ آخر، والكلام للمحامي ذاته، "يفقد المستأجر أدواته ورأسماله وأثاثه في ذلك التنقل من مكانٍ إلى آخر، ما يجعله ضحية ثقافة الملاك الواقعة تحت مقولة "حقي أو ملكي"، دون أخذ ما بعده وما قبله من الأضرار التي تلحق به وبالمستأجر وبالاقتصاد الوطني برمته". مؤكداً أن هذا الأمر "يقتضي من دولةٍ وطنيةٍ ومجلس نوابٍ وطنيٍّ، إعادة النظر في قانون الإيجارات، بما يؤدي إلى خلق بيئةٍ استثماريةٍ حقيقيةٍ، وثباتٍ اقتصاديٍّ فعليٍّ، واستقرارٍ وطنيٍّ بثقافةٍ وطنيةٍ يعرف فيها المالك حقوقه، وكذلك المستأجر". محذراً من أنه في حالة عدم إعادة صياغة القانون، فإن "المشكلة الوطنية ستبقى عويصةً، والفجوة عميقةً بين المالك والمستأجر، وبين الاثنين والدولة، وبين الجميع والمجتمع والاقتصاد الوطني".

 

تأثيرٌ سلبي على المجتمع

وفي الظرف الراهن، يقول المستشار القانوني سليمان عقلان، إن "البلد يمرُّ بمرحلةٍ استثنائيةٍ تتوقف فيها كل القوانين، على افتراض أن هناك قانون إيجاراتٍ مطبقاً، وهو ليس كذلك بالمبنى والمعنى، نتيجة الظروف الاستثنائية الواقعة في البلاد". مشدداً على أنه "ينبغي على سلطة الأمر الواقع، أياً كان شكلها، تنظيم العلاقة بينها وبين المجتمع"، معتبراً أن "في بلادنا واقعاً خاصاً لا مثيل له، منه موروثٌ من السلطة الشكلية السابقة، التي كانت تدّعي أنها تصدر القوانين وتنفذها، بينما واقع الحال يقول إنها كانت تصدر القوانين ولا تطبقها ولا تنفذها، وهذا الموروث قاد إلى مشروع اللادولة، وفي الظرف الاستثنائي فقدت كامل عناصر وآثار الدولة، فصار كلٌّ يغني على ليلاه؛ حيث هناك شكلٌ من أشكال السلطة غير قادرٍ على فعل شيءٍ داخل مكونات الدولة، وشعبٌ لا يعرف حقوقه وواجباته، الأمر الذي أثر سلباً على المجتمع، وبالتحديد منه المستأجرين والملاك معاً، إلا أن الملاك في عصبيتهم الجاهلية، وإصرارهم على بقاء الحال على ما كان عليه في السابق، يفقدون كل شيءٍ، ولا يستطيع المستأجرون الوفاء بالتزاماتهم تجاه الملاك، بسبب توقف أعمالهم وأنشطتهم الإنتاجية والاقتصادية".

وأشار عقلان، في حديثه لـ"الوحدوي"، إلى أنه "لم يبقَ في المجتمع شيءٌ يحكم كل ذلك، غير أخلاقياتٍ تحكم أبناء هذا المجتمع، وديننا الإسلامي الحنيف، ما يحتِّم على الملاك مراعاة أنفسهم ببقاء عقاراتهم مشغولةً، ولو بالقليل، ومراعاة ظروف المستأجرين، حتى يتمكن هؤلاء من الوفاء بالتزاماتهم، ويعيش المستأجر والمالك معاً، ما لم فالمجتمع سيظل في نفقٍ عويصٍ؛ حيث ستكثر الشجارات بين الطرفين، وجرائم السرقة والنصب والاحتيال والقتل، وغيرها من الأعمال اللاأخلاقية". داعياً "كل الخيّرين في المجتمع إلى الوقوف بجديةٍ، ومراعاة الظرف الاستثنائي، ابتداءً من المستأجر والمالك وعاقل الحارة ومسؤول القسم والقاضي، وغيرهم من أبناء المجتمع، حتى تستقرَّ أحوال البلد، وتعود المياه إلى مجاريها، حفاظاً على التوازن المجتمعي من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية والأمنية...".

 

دعوة للتيسير والتعاون

يشدِّد الرأي الديني في هذه المسألة، على ضرورة "التيسير"، وأهمية "التعاون"، وذلك قطعاً لموجبات النزاع والخصومات بين الناس، وابتغاء مرضاة الله وثواب عمل الخير في الدنيا والآخرة.

ويقول لـ"الوحدوي"، الشيخ عبدالباسط بن زايد عمر الريدي، إنه ينبغي على المؤجرين وأصحاب الأملاك المؤجرة، مراعاة الظروف التي يعانيها المستأجرون، وتقدير الأوضاع الصعبة التي يعيشونها، امتثالاً لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، الذي يوصي بالتيسير في المعاملات، ويحضُّ على إقالة عثرات الناس.

واستشهد الشيخ الريدي، بالحديث الشريف الذي يقول: "من أقال مسلماً أقال الله عثرته يوم القيامة"، وكذلك بقول الرسول الكريم: "من يسَّر على مسلم يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة". داعياً المؤجرين إلى ضرورة "التيسير" في تعاملهم مع المستأجرين، في ظل الأزمة الراهنة في البلاد.

وأضاف أنه "لا بد من إعمال مبدأ التعاون" بين طرفي العلاقة الإيجارية، وذلك امتثالاً لقول الله عزّ وجل: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان". لافتاً إلى أنه "على المستأجر ألا يستغلّ هذا الوضع، مع قدرته على الدفع، وعدم وجود الحاجة".

وقال الشيخ عبدالباسط الريدي، إنه كلما كانت النظرة للأمر من الجهتين، كان ذلك أنفع وأقطع للنزاع والخصومات". متمنياً، في ختام حديثه، أن "يوفق الله الجميع" في هذه الظروف العصيبة، وأن يتجاوز البلد الأزمة التي تطحن المواطنين.

 

إقراء أيضا