الرئيسية المقالات مدارات ثورة ناصر .. ثورة لتحرير العالم
ثورة ناصر .. ثورة لتحرير العالم
عمر الضبياني
عمر الضبياني

تمر الأمة العربية بمرحلة عصيبة من تاريخها يلفها الظلام من كل الجوانب، و لم يتبقى لنا بعد أن سُلبت ثوراتنا وذهبت أهدافها أدراج الرياح إلا أن نتمسك بالأمل المتبقي في الوطنيين من أبناء الأمة ونٌحيي ذكرى تلك الثورات علٌنا نعيد إحيائها وبعث الحياة فيها من جديد من خلال التذكير بأهميتها وإنجازاتها وكيف تحققت بجهود وإخلاص رجالها وصدق نواياهم.

فطالما بقي البشر يبقى الأمل قائم، وماعلينا إلا العمل ليصبح الحلم حقيقة كما كان حقيقة وواقعا ً ملموسا ً حين قيض الله سبحانه له رجالاً مخلصين صادقين جسدوه على أرض الواقع إنجازا ً وحقيقة قائمة .

 واليوم ونحن نعيش في هذا الواقع البائس والظلام الدامس تبقى ذكرى تلك الثورات كضوء ينير لنا الدرب ، وفي هذه الأيام حلت علينا ذكرى الثورة العربية الخالدة أم الثورات العربية ثورة 23 من يوليو المجيدة تحمل معها زخم الانتصار مطرزة ً بصدقها وعظمة قائدها ورجالها وتاريخنا العربي الحديث كنجم يطرز بنورة ظلمة الليل .

 إنها أم الثورات العربية ورمز لانتصار الإرادة والشموخ في زمن عز فية الشموخ ،زمن انكسرت فيه الأحلام بعد أن كانت جداول أعمال وبرامج نضال تخوضها قوى الشعب العاملة.

 تلك القوى التي نالت حقوقها وعزتها بفضل الله ثم الثورة الناصرية ، الثورة التي كانت على مفهوم الثورة أولا قبل أن تكون ثورة على الظلم والاستبداد. حيث استطاعت الثورة بحنكة قائدها وصدق نواياه أن تترجم أحلام البسطاء والكادحين لتصبح واقعا ً ملموسا ً فأصبح نبض الشارع ثوريا ً ناصريا ً.

 كانت الثورة هي ثورة الشعب معززة ًبقيادة وطنية قومية لا تساوم على حقوق الجماهير ومصالحها بل أشركت جميع القوى العاملة والممثلة لجميع شرائح المجتمع من عمال وفلاحين ومجندين ورأسماليين وطنيين ومثقفين ثوريين ، كل هذه الفئات وغيرها لا تمثل طبقة بعينها بل تمثل النسيج الاجتماعي العام لكل المجتمعات العربية مما أكد مصداقية الثورة الناصرية وجعل الجماهير تلتف حولها وحول قائدها حتى غدت هي من يقود الأمة بقيادة تحقق أحلامها وطموحاتها من خلال تنفيذ برامج مختلفة وعملاقة جعلت العمال والفلاحين في الصفوف الأمامية للبناء والتعمير والتحديث بعد أن كانوا يعانون من استغلال المتنفذين .

إن بعض المثقفين والباحثين لم يعطوا الصورة الجمالية الحقة للثورة حتى في إخفاقاتها وانتكاساتها رغم إنها تجربة متجددة وفيها الأمل والإصرار على تجاوز بعض الكبوات التي كانت نتيجة استغلال الثورة من بعض القوى الرجعية العربية التي كانت الأداة التي حققت وعيد الإرهابي بن جوريون عندما أرسل وزير بريطاني لمقابلة عبد الناصر بعد الثورة لمحاولة فهم أفكاره بكونهم عرفوا خطورته مبكرا .

ًوعند عودة الوزير البريطاني إلى فلسطين المحتلة لشرح لقائه بعبد الناصر لم يعترض بن جوريون على طموح عبد الناصر إلا عندما سأله هل يفكر في تنمية مصر قال نعم إنها من أولوياته صرخ بن جوريون وقال إلا هذه يستحيل نسمح أن نسمح بها له! .

ما تعانيه مصر اليوم يذكرنا بصراخ بن جوريون ودليل على أن وعيده تحقق ولو لفترة كئيبة وتزول ، وهنا ندرك أهمية الثورة الناصرية كما أدرك الصهاينة خطرها عليهم وحاولوا جاهدين إخماد جذوتها بكونها تحمل معنى الثورة بصورة حقيقية حيث حققت مجانية التعليم ومجانية الصحة وكانت السبب في بناء السد العالي والإصلاح الزراعي ومئات المصانع التي لازالت قائمة حتى اليوم وإن أستحوذ عليها أحمد عثمان وأبو العز وغيرهم من حرامية نظام الردة.

 لكن يبقى الأمل ما بقيت الثورة محفورة في ذاكرة الشعوب وفي عيون وعقول الفلاحين المستغلين والفقراء المحرومين. 

إن المؤرخين المنصفين لا يمكن أن يتجاهلوا النهضة المصرية والعربية التي تحققت بفضل ثورة 23 يوليو أم الثورات العربية ؛ فقد ارتبطت كل الثورات العربية ارتباطا ً وثيقا ً بثورة يوليو ذات البرنامج القومي في النضال المشترك وتحرير كل الأقطار العربية ومد الدول العربية الحديث بالمعلم المصري والكتاب المصري بل والراتب المصري .

إنها مصر أم الدنيا وناصر زعيم الأمة ، فكان الدور التاريخي والطليعي لثورة يوليو وقائدها في انتصار الشعب اليمني وثوراته سبتمبر واكتو بر بارزة وواضحة للعيان.

وهناك ثورة الجزائر التي كان عبد الناصر عنوان انتصارها وأحد أكبر رموزها وثورة السودان الشقيق الذي يعتبر العمق الاستراتيجي لمصر وثورة الفاتح من سبتمبر بقيادة القائد معمر القذافي والتي ارتبطت بأمتها وعروبتها قبل انتصارها فكانت كلمة السر لثورة ليبيا_القدس_وهذا يدل على قداسة القدس وقداسة الثورة وارتباطها المبكر بأمتها من خلال القائد جمال عبد الناصر .

 بالإضافة لمناصرة شعوب العالم الثالث وإفريقيا بكونها أقرب للمنطقة العربية وكانت ترزح تحت نير المستعمرين الغربيين وبدون مناصرتهم تكون استمرارية الثورة مهددة خاصة ًفي ظل الحروب الضروس التي تُخاض ضدها وحولها ما جعل الأفارقة يبادلون الكرم بالوفاء ، فقد أعتز الأفارقة بعبد الناصر وأطلقوا على أبنائهم ومدنهم أسماء ناصرية ما تزال حتى الان ..لذلك لم تكن ثورة قطرية كما يحاول البعض توصيفها في محاولة للتقليل منها بل كانت عربية إسلامية إفريقية أممية بدون جدال فلم ينحصر دورها إقليميا ً او دفاعيا ً بل كانت المبادرة ، كل هذه الإنجازات ذهبت الثورة الناصرية أبعد منها فكانت مصر قلعة الثوار ومركز الأحرار الحالمين من كل دول العالم لهذا فهي ثورة بلغت العالمية من خلال إسهاماتها الإيجابية بكونها وصلت إفريقيا وأسيا وأمريكا اللاتينية.

 أليست هذه ثورة عالمية عملاقة رغم سرقتها ومحاولات تشويه وجهها المشرق ؟!

 

 

إقراء أيضا

وليد أبو حاتم
وليد أبو حاتم
إبراهيم العشماوي
إبراهيم العشماوي