فريق يهزم شعباً !!
صادق ناشر
لم يكن حتى أكثر المتشائمين يعتقدون أن المنتخب الوطني لكرة القدم يمكن أن يكون لقمة سائغة للمنتخبات الخليجية المشاركة في «خليجي 20» ، فيهزم بأربعة أهداف من أول مباراة له مع المنتخب السعودي دون أن يكون لديه قدرة على الرد ولو بهدف شرفي ، صحيح أن اللعب مكسب وخسارة ، لكننا لم ندخل في مربع المكسب منذ أن دخلنا معمعة دورات الخليج قبل نحو ثمان سنوات ، فقد ظللنا فريقاً يجمع الكرات من شباكه طوال المشاركات الأربع الماضية ، ويبدو أننا سنظل نجمع الكرات من شباكنا حتى في الدورة الخامسة من المشاركة ، وكأنه كتب على اليمنيين أن لايفرحوا حتى وهم في أرضهم .
لقد هزم الفريق الوطني شعباً بأكمله ، لم يهزمنا المنتخب السعودي الذي قاتل لاعبوه على الملعب برجولة ، فهذا شيء يحسب لهم ، لكن هزيمتنا جاءت بأقدام لاعبينا الذين استكثروا على 23 مليوناً أن يفرحوا بأول إنجاز لهم في الظفر بنقاط مباراة واحدة على الأقل من بطولات الخليج .
صحيح أن الفرصة والأمل لايزالان قائمين ـ على الورق على الأقل ـ إلا أن «الكتاب يظهر من عنوانه» ، وكان رد فعل الجمهور عفوياً عندما خرج إلى الشوارع في مدينة عدن للمطالبة بإقالة الجهاز الفني للفريق ولقيادة اتحاد كرة القدم والمسؤولين في وزارة الشباب والرياضة ، وهو رد فعل طبيعي، نظراً لما كان يزبد به ويرعد المسؤولون عن الرياضة من أن منتخباً جديداً لكرة القدم قد ظهر ، حتى أن بعضاً منا كان يعتقد أننا صرنا قابضين على كأس «خليجي 20» حتى من قبل أن نبدأ اللعب .
لكن الأمر اختلف في الملعب عندما حصحص الحق ، وتحول الفريق «الوحش الكاسر» في وسائل الإعلام إلى «حمل وديع» قبِل أربعة أهداف في شباكه كانت مرشحة للزيادة ، وطلع علينا المسؤولون في اتحاد الكرة ليعلنوا لنا استخلاصاً هاماً مفاده أن «الخبرة السعودية كانت وراء إخفاق الفريق» ، لكن المسؤولين نسوا أن يقولوا إن المنتخب الوطني لم يأتِ إلى الدورة للمنافسة على اللقب بل للاحتكاك.
وبمناسبة « الاحتكاك » فإن أجسامنا قد تسلّخت من كثرة الاحتكاك ، فكل دورة من دورات الخليج أو مشاركة إقليمية أو دولية نظل نردد أننا نذهب للاحتكاك واكتساب الخبرة ، ويبدو أننا سنظل هكذا طوال حياتنا الرياضية ، أي «نحتك» إلى أن تسيل منا الدماء والدموع .
لا أريد أن أكون قاسياً ، فقد قدم بعض اللاعبين مهارات جيدة أثبتت علو كعب الكرة اليمنية ، إلا أن علينا أن نراجع بعد انتهاء البطولة ما حصدناه خلال مشاركتنا في «خليجي 20» ، سواء خرجنا من الدور الأول أم ظفرنا بالكأس ، وهذا أمر مستبعد ، علينا أن نعترف أننا بعد هذه السنوات وهذه الأموال التي أنفقت لتجهيز الفريق لم نستطع أن نبني فريقاً يرفع الرأس عالياً .
ما خفف من وطأة الهزيمة النجاح الذي حققته عدن في احتضان البطولة ، فقد أكد أبناء عدن أنهم كانوا على قدر الرهان ، فقد أظهرت عدن مفاتنها السياحية ، وتمكنت من جعل الضيوف يشعرون كأنهم في بيوتهم ، وهذا هو الانجاز الحقيقي للبطولة .
لقد سهرت عدن حتى الفجر خلال اليومين الماضيين ابتهاجاً بانطلاق البطولة على ملاعبها ، وكان الجمهور الذي احتشد لمشاهدة حفل الافتتاح والمباراة الأولى بين المنتخب الوطني والسعودي ملح البطولة ، نتمنى أن يظل هذا الملح إلى النهاية ، سواء استمر المنتخب الوطني في المنافسة أم خرج منها ، فالهدف هو بطولة ناجحة ، وهو ما بشّر به اليوم الأول من انطلاق « خليجي 20»
عن صحيفة الجمهوريه