الرئيسية المقالات مدارات جمال عبدالناصر.. 51 عاماً من الحضور
جمال عبدالناصر.. 51 عاماً من الحضور
محمد مسعد الرداعي
محمد مسعد الرداعي

واحد وخمسون عاماً علي رحيل الزعيم جمال عبد الناصر قائد هذه الأمة وباني أمجادها، ن حين والذي أدرك مبكراً مكامن أزمتها ومصدر ضعفها، منذ أن كان في الفالوجة، حين أدرك بأن انتصارها على أعداءها يبدأ بإزالة واسقاط قصور الرجعية والتحرر من الاستعمار، وتحرير الأوطان والمواطن من الاستبداد والاستغلال لإنسانية الإنسان العربي، وصولا لتحقيق وحدة الأمة العربية.

وجعل من تحرير فلسطين القضية المركزية لنضال الأمة العربية، فبعد انتصار ثورة 23 يوليو وجلاء المستعمر البريطاني وتأميم قناة السويس كان الانطلاق للتصدي للاستعمار وأذنابه من قصور الرجعية العربية، وكانت الانتصارات في اليمن والجزائر وليبيا والسودان.

وأمام هذه الإنتصارات وفشل التآمر والعدوان الذي شنته قوى الإستعمار واذنابها، بدء بالعدوان الثلاثي على مصر في 56 وعدوان 67 وتآمرهم على مشروع الوحدة المصرية السورية والتي لم تؤثر على مسيرة الثورة وعلى قائدها عبد الناصر، فكان التفكير بتصفيته وأوكلت هذه المهمة لجماعة الإسلام السياسي والممولة من الرجعية العربية بقيادة بني سعود وتولت الجماعة تنفيذ المخطط والذي أخذ صور متعددة بدء بعملية التصفية وما تلاها من ضرب النسيج الإجتماعي.

 ولم يتوقف الحال عند مصر بل قامت القوى الرجعية بتبديد ثروات شعوبها النفطية والتي هي ثروة الأمة العربية في التآمر على الأمة العربية فكان التآمر على ثورة اليمن وكان التآمر على وحدة مصر وسوريا وكان التآمر على قضية الأمة المركزية فلسطين وكان التآمر على المشروع النهضوي العربي القومي الناصري وعلى قواه الحية في كل الأقطار العربية.

وما إن رحل القائد جمال عبدالناصر في 28 سبتمبر 1970م، حتى كشرت القوى الرجعية عن أنيابها لضرب القوى الثورية التقدمية الوحدوية في الساحات العربية وكانت تحرك قوى الردة في مصر واعتقالات القوى الناصرية والتقدمية والتوجه لتوقيع اتفاقات السلام والاستسلام مع العدو الصهيوني وإثارة الحرب الداخلية في لبنان وإدارة التآمر على مشروع الدولة المدنية في اليمن بتصفية قيادته وتصفيته وتصاعدت عملية التآمر لتصل إلى اختراق صف القوى الثورية والانحراف ببوصلة الثوابت.

فبدلاً من مواجهة العدو الإنجلوأمريكي الصهيوني بدأ توجيه ثروات الأمة لافتعال المواجهات بين الأقطار العربية كما حدث في أحداث 94 في اليمن والتآمر على العراق حصارا ثم عدواناً، ولم يتوقف الحال عند هذا بل كان الاختراق الثقافي وضرب هذه القيم والثوابت بل سعى إلى نشر ثقافة التطبيع وثقافة القطرية والتخلي عن القضية المركزية والتحرير للأرض الفلسطينية واستعادة المقدسات، وأصبح ما كان يتم تحت الطاولة أصبح يتم فوق الطاولة وبعد أن أصبح العديد من الأنظمة العربية في خط الرجعية والاستسلام والتعبية لقوى الاستعمار ومشروع الشرق الأوسط الجديد.

ومع انطلاق ثورة الربيع العربي والتي كانت شعبية تهدف استعادة الشعوب لحقها من الأنظمة المستبدة والتي افرغت ثوراتها وتحولت إلى أدوات أيدي الرجعية وقوى الاستعمار والصهيونية، وتسارع هذه الأنظمة الرجعية وعبر قوى الإسلام السياسي في هذه الأقطار للالتفاف والافراغ لهذه الثورات، وحرف بوصلتها وتحويلها إلى أزمات وحروب داخليه في هذه الأقطار.

ولم يتوقف دور التآمر والتخريب في هذه الدول ولكنه أمتد إلى أن تقوم هذه الدول بالتمويل المالي والحشد لقوى التطرف والإرهاب والالتزام لتدمير الأنظمة التي كانت تقف أمام مشروع الشرق الأوسط الجديد ومشروع صفقه القرن وكان لآل سعود وآل زايد وبني حمد الدور البارز في ذلك.

وما تجسد بشكل واضح فيما تم ويتم في سوريا وليبيا من قبل هذه الدول، وما كان ليحدث كل هذا لو كان عبد الناصر حياً، ولأن هؤلاء جميعا يستهدفون ضرب وتصفية مشروع النهوض العربي وثوابت ومنطلقات الناصرية في الحرية والاشتراكية والوحدة، وبرغم ما تحقق لهم من بعض النجاحات كما هو في تدمير الجيوش الوطنية في بعض الأقطار العربية، وكذلك تمزيق النسيج الإجتماعي في بعض الأقطار، لكنهم مع كل ما بددوه من ثروات الأمة لم ينالوا من عبد الناصر وزعامته، ومن حب الجماهير العربية له ومن تجربته الثورية والمنطلقات والثوابت الناصرية التي تركها للأمة العربية وقواها الحية.

وبرغم السقوط للبعض من المحسوبين علي القوى القومية والناصرية والتقدمية في أحضان الرجعية ومشاريع التطبيع وصفقة القرن، فإن هذه المشاريع لم ولن تنتصر وقد فشلت في مصر وتونس، وسوف يتواصل فشلها وسوف تنتصر إرادة الشعوب في انتزاع حقوقها وسيادتها، وسوف يفشل المشروع الصهيوأمريكي وأذنابه من الأنظمة الرجعية العربية والقوى الإقليمية التي تآمرت على الأمة العربية والمشروع النهضوي القومي العربي.

وها هي الأيام تؤكد رغم مرور خمسين عاماً من التآمر من قبل الانظمة الرجعية وممارساتهم لحملات التشوية ومحاولات النيل من عبدالناصر ومشروعها الوحدوي، فإنها لم تحقق شيء، بل أن ما تحقق هو الاكتشاف لكل تآمراها وما مارسته من عمليات التشويه والتزوير، ومحاولات الإساءة لعبدالناصر وليبقى عبدالناصر حياً في قلوب الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج وفي قلوب كل الشرفاء والأحرار في العالم.

إرادة الشعوب هي المنتصر وهي من إرادة الله، ومن انحاز للشعوب وناضل من أجلها وصدق في تجسيد آلامها وأمالها سيضل حياً في قلوبها لأن الشعوب وفية مع من كان وفياً لها.

 

* الأمين العام المساعد للتنظيم الناصري

 

إقراء أيضا