الرئيسية المقالات مدارات الأستاذ المقالح عنوان للثقافة العربية
الأستاذ المقالح عنوان للثقافة العربية
محمود شرف الدين
محمود شرف الدين

سبعون يوما مضت على رحيل الأستاذ والشاعر والأديب المناضل الدكتور عبد العزيز صالح المقالح، أستاذ الأجيال وراعي الحركة الثقافية والأدبية، ورائد الحداثة الشعرية العربية، تلك القائمة الأدبية والفكرية والثقافية التي عرف واشتهر بها اليمن من خلال إنجازاتها العلمية والأدبية والثقافية، وحضورها الإقليمي والدولي.

لقد بدا وجه اليمن حزين قاتم  وهو ينعي أبرز أدبائه ومفكريه في القرن العشرين، فقيد عظيم مهما قيل من بيانات النعي وقصائد وكلمات الرثاء فانها لا تفي بحق رمز وطني وقامة أدبية وثقافية وفكرية بحجم عبدالعزيز المقالح، الشخصية التي قلما يجود بمثلها الزمان.

   إن خسارة وطننا وأمتنا باتت أكبر وأعظم، وعزاؤها فيه ما تزخر به سيرته الوطنية والثقافية من تاريخ نضالي حافل في دعم قضايا اليمن والامة العربية بدئا من ثورتي سبتمبر وأكتوبر، فله رصيد ومواقف وطنية عديدة مشهودة في مناصرةالجمهورية والتحرر من الإمامة والاستعمار، بالإضافة إلى دعم إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، أما مواقفه الشجاعة الداعمة لقضايا الأمة المصيرية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية -قضية العرب المركزية - فإنها تضعه في صدارة المثقفين العرب الداعمين لقضايا الامة العربية. 

وللأستاذ المقالح رحمه الله  إرث ثقافي وإبداعي ثري سيبقى خالداً في ذاكرة اليمن والوطن العربي والعالم بأسره،  وستظل نفخر به الأجيال القادمة كفخرها بالإرث الحضاري لمملكتي سبأ وحمير، لما سيمثله لها هذا الارث من منهل عذب للمعارف والدروس والمعاني والعبر والأفكار الأدبية والثقافية.

وإنه لمن الواجب علينا جميعاً الحفاظ على هذا الإرث العظيم، لتتواصل  به مسيرة فقيدنا الحافلة بالعطاءوالتنوير في اتجاه تحقيق طموحات جيل المستقبل أدبياً وثقافياً وفكرياً.

 لقد قدم الاستاذ المقالح خلال ستةعقود من مسيرته الحافلة بالعطاء الوطني لليمن وللأجيال الكثير والكثير في المجال العلمي والأدبي الأكاديمي، وسيظل علم من أعلام اليمن الثقافية وجزء من هويته الفكرية والثقافية، فهو الذي رفع اسم اليمن عالياً في المحافل الثقافية والأدبية العربية والدولية وحصل على العديد من الأوسمة والجوائز الدولية الرفيعة.

 وبالرغم من كل ذلك إلا أنه عاش مترفعا ساميا فوق المكاسب والإغراءات متسما بنكران الذات ، فكان  الزاهد الناسك في محراب العلم ، والمتعالي على المواقع والمناصب، والشخصية المتواضعة المبدعة ذات الروح الطيبة التي تحاط بالإجلال والاحترام والتبجيل من كافة رموز الادب والثقافة العرب واليمنيين 

لقد عرف خلال حياته بالعزة والشموخ لدرجة تقزمت أمامه السلطات المتعاقبة، فلم يحفل بها ولم يأبه لرغبتها في إشباع غرورها شعراً أو نثرا، لينشغل بالفكر والإبداع ولم شمل الحركة الأدبية في شمال اليمن وجنوبه، فكان ضمن كوكبة من الأدباء وضعت النواة الأولى لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين الموحد. 

   كان أستاذاً للأجيال وراعياً للإبداع، مشجعاً للمواهب والقدرات، مرجعاً للمعرفة، قريبا من الأجيال، فلم يأل جهداً ولم يدخر حيلة في تقديم الدعم المادي والمعنوي لكل ذي موهبة ولكل راغب في الاستفادة من علمه وفكره المتنور ونبوغه الشعري والأدبي، لدرجة أنه أصبح عنوانا ومقدمة لكل مؤلف أدبي شعراً أو نثرا أو قصة. 

عاش اليمن  في ضميره ووجدانه, فعبر عنه حبا وعشقا وتضحية، فكان في العشرينات من عمره صوتاً قوياً معبراً عن روح ثائرة مفعمة بالنضال ، وشارك في إعلان بيان ثورة ال ٢٦من سبتمبر ومنذ الأيام الأولى لميلادها عمل من خلال إذاعة صنعاء على شحذ همم المناضلين فنعتهم ببناة الفجر عشاق الكرامة والباذلين نفوسهم لله في يوم القيامة، وساهم في حشد الجماهير  وشحذ الهمم وتعزيز الأمل لدى الشعب بالانتصار  فكان له ذلك. وبالمناسبة فانني ادع السلطات إلى إعادة الاعتبار للحركة الثقافية والأدبية وتعويضها عن ما تعرضت له من إهمال وتهميش وتجاهل متعمد،  فإحياء الحركة الثقافية والأدبية من موتها السريري هو الوفاءً للوطن وللاسناذ المقالح، الذي نال هو أيضا نصيبه من التهميش والتجاهل والتكريم الرسمي داخلياً، رغم الاحتفاءوالتكريم الرفيع الذي ناله على المستوى الإقليمي والدولي. كرمز ادبي للعرب أجمع.

فلروحه السلام. 

 

إقراء أيضا