الرئيسية المقالات مدارات الابتزاز والتضييق: سياسة مشتركة لسلطات متعددة
الابتزاز والتضييق: سياسة مشتركة لسلطات متعددة
محمد مسعد الرداعي
محمد مسعد الرداعي


أثار مقالي السابق بعنوان "الإصلاحات تحتاج لتغيير الأساليب والآليات وليس الأشخاص" الكثير من الجدل والانتقادات، خاصة فيما يتعلق بتصريحي بأن سلطة الرهوي حالياً، وسلطة بن حبتور سابقاً، وسلطة أحمد عوض بن مبارك، تتفنن في ابتزاز المواطن وإفقاره وتجويعه والتضييق عليه، وأنهم يتهربون من تحقيق الإصلاحات واجتثاث الفساد والمفسدين وناهبي ثروة الشعب. 


وللرد على المنتقدين والمعترضين، أقدم النقاط التالية لتأكيد ما طرحته في مقالي السابق:


أولاً، ما يفسر بقاء إغلاق طريق الضالع دمت، وطريق مأرب فرضة نهم صنعاء، وطريق كرش الشريجة الراهدة؟ هذه الطرق التي لا تستغرق سوى ساعة أو ساعتين لقطعها، تُجبر المواطنين على استخدام طرق أخرى تستغرق من ست إلى سبع ساعات، مما يعرضهم لمخاطر وصعوبات وتكاليف إضافية. ومع ذلك، تصر السلطتان على إبقاء هذه الطرق مغلقة.


ثانياً، رغم مرور ما يقارب ثلاث سنوات على وقف الحرب والعدوان على اليمن ووجود الهدنة، لا تزال أسعار تذاكر الطيران عبر اليمنية مرتفعة بحجة مضاعفة التأمين على الرحلات بسبب مخاطر الحرب والحصار. كما يستمر احتكار شركة اليمنية لنقل الطيران وعدم وجود شركات أخرى تنافسها، مما يشكل عبئاً كبيراً على المواطن.


ثالثاً، الموظفون في سلطة بن مبارك يتقاضون رواتبهم، بينما الموظفون في سلطة الرهوي لم يتقاضوا رواتبهم منذ أكثر من سبع سنوات. ومع ذلك، فإن الرواتب التي يتقاضاها موظفو سلطة بن مبارك لا تملك قيمة شرائية حقيقية، حيث أن المائة ألف ريال التي يتقاضونها تعادل عشرين ألف ريال فقط بسعر العملة في حكومة الرهوي. وبالتالي، يعاني الموظفون والمواطنون من نفس المعاناة في ظل غياب الخدمات وتدهورها في مجالات الصحة والتعليم والمياه والكهرباء.


كما أن السلطتين تتشاركان في التضييق على الشعب وممارسة القمع والتضييق على حريته، حيث نجد أن مسلسل الاعتقالات والإخفاء القسري مستمر لديهما. ففي المحافظات الواقعة تحت سلطة أنصار الله، تم اعتقال الشباب الذين خرجوا للاحتفال بعيد ثورة سبتمبر حاملين العلم الجمهوري. وفي محافظات سلطة بن مبارك، تم اعتقال الشباب المحتفلين بعيد 14 أكتوبر والحاملين لعلم الجمهورية اليمنية، خاصة في محافظة عدن.


هذه أمثلة مختصرة لما يمارس ضد الشعب ويزيد من معاناته. فالسلطتان تتفننان في زيادة الصعوبات والتضييق عليه. فعلى سبيل المثال، حتى عام 2020، كانت احتياجات اليمن من الغاز تُغطى من مأرب، وكان سعر الأسطوانة في صنعاء ومعظم المحافظات المجاورة لها خمسة آلاف ريال، حيث كانت تُباع من شركة النفط صافر بسعر ألفي ريال. حالياً، تُباع في صنعاء بسعر سبعة آلاف ريال بعد التحول للشراء من الخارج، مما يزيد من الأعباء على المواطن ويحرم الوطن من الاستفادة من ثروته.


إذا اعتبرنا أن استهلاك المناطق الواقعة تحت سلطة الرهوي هو ثلاثمائة ألف أسطوانة غاز يومياً، فإن خزينة الدولة ستُرفد بمبلغ ثمانية عشر مليار ريال شهرياً في حال توريدها للبنك المركزي. هذا سيسهم في وقف تدهور القيمة الشرائية للريال وتحقيق استقرار سعر الصرف، خاصة إذا ترافقت هذه الإجراءات مع إصلاحات واجتثاث الفساد وتصحيح وضع التضخم الوظيفي في وزارة الخارجية وعودة موظفي السلطة والنواب ومجلس الشورى إلى العاصمة المؤقتة عدن وصرف المرتبات بالريال.


بإمكان سلطة الرهوي الاستفادة من الشراء من مأرب بسعر ألفي ريال، وإضافة ألف ريال لتغطية تكاليف النقل والمصروفات الأخرى، وبيعها بسعر خمسة آلاف ريال، وتوجيه الألفين ريال لتغطية مرتبات الموظفين المتوقفة منذ 2018. أعتقد أن مبلغ ثمانية عشر مليار ريال شهرياً سيغطي مرتبات مائتي ألف موظف، مما سيحل مشكلة عدم تسليم رواتب الموظفين التي أصبحت معاناة لكثير من الأسر، ويحقق انخفاضاً في سعر الدبة ويخفف الأعباء على المواطن.


هل يتفهم الإخوة المحتجون والمنتقدون والمعاتبون ما تناولته في مقالي السابق؟ هناك الكثير مما يجب على هذه السلطات عمله.



إقراء أيضا