ينظر المواطن في اليمن بتفاؤل كبير أن يتغير حال الوطن إلى الأحسن، لكن كل الشواهد الواقعية تقول إن المشهد مليء بالتراكمات السلبية وبحاجة إلى زمن لتذوب.
الغريب أن من يهتفون بالمطالبة بدولة المؤسسات هم سبب في بلاء الوطن والشعب، وتحولوا إلى أدوات هدم لمؤسساته. يملكون جماعات تعصف بكل من يقف أو ينتقد، فحرية التعبير والنقد معناها الموت أو الاعتقال والاختطاف، وهي اللغة الوحيدة التي لا يجيدون سواها. يتحدثون عن الحرية وهم لم يتركوا مساحة للتعبير، والتهم لديهم جاهزة ويتم صناعتها مسبقاً. نسمع الحديث عن دولة، لكن على الأرض لا تجد سوى جماعات ببزات مختلفة ووجوه تثير الرعب تتبع فلان من الناس وعلان، وسط غياب تام للنظام والقانون الذي يرتب حال الناس، ولا نرى سوى نموذج خطير لا يبشر بأمل.
فمن يتربعون على المؤسسات الحكومية حولوها إلى غرف ومغافر تابعة لهم، وعوائلهم تملك الأطقم ضمن جماعات يتحركون بثقة ولا يتجرأ أحد على النقد. ووصل الأمر بالبعض إلى تحويل غرف قريبة من مكاتبهم إلى مأوى لمتهمين بجرائم جسيمة بدلاً من السجون الحكومية، وهم يتربعون مناصب في أعلى الهرم.
كل من على عرش ما يسمى دولة يمثل نموذجاً سلبياً، وأجزم أنه لا دولة ولا مؤسسات. كل ما في الأمر أن هناك جماعات مسلحة تتفق وتختلف متى ما اختلفت. ومن يقول غير ذلك ويعطي نفسه أملاً كاذباً، أقول: هل قوات الجيش موحدة براتب وقيادة واحدة وتتبع وزارة الدفاع؟ وهل قوات الأمن موحدة وتتبع وزارة الداخلية؟ إذا كان الأمر كذلك فهناك دولة، لكن كل الشواهد الواقعية تقول إن جماعات مسلحة لها حنفيات ضخ تقول إنها دولة، مع أن الدولة دفنوها.
إذا كانت دولة فعلاً، فليتم إقالة قائد، هل سيغادر بهدوء أم أنه سيقاتل ويرفض كل أمر؟ هل تنفذ أوامر الرئيس أو رئيس الحكومة؟
إذا كنا نضج ليل نهار مطالبين بتخليص البلاد من الانقلاب والنموذج الإمامي البائد الذي يحاول أن يعود بعباءة خمينية قادمة من قم والذي نكل باليمن واليمنيين وحولها إلى ضيعة خاصة به، لن ننتصر ونحن نسير بنموذج مخالف للهدف. الهدف النبيل هو تقديم نموذج للدولة المدنية الحديثة، دولة يحكمها النظام والقانون، وهذا حلم المواطن مهما كان الاختلاف في شكل الدولة فيدرالية أو اتحادية، دولة يعيش الناس فيها متساوين في الحقوق والواجبات، الكل سواء أمام القانون.
يا عالم، الوضع غير طبيعي والوطن تحول إلى مساحة تثير الرعب ونسير نحو قادم مجهول.