الرئيسية المقالات مدارات بعد رفض صالح التوقيع.. هل يتخلي عنه الخليجيون أم سيعوم مجددا ؟!!
بعد رفض صالح التوقيع.. هل يتخلي عنه الخليجيون أم سيعوم مجددا ؟!!
عبدالملك المخلافي
عبدالملك المخلافي

بعد خمسة أيام قضاها أمين عام مجلس التعاون الخليجي في صنعاء وبعد ما يقارب الشهر والنصف من بدء إطلاق ما سمي المبادرة الخليجية في 3 ابريل الماضي وبعد ثلاث مبادرات وخمس صيغ أو خمس مبادرات مجازا جري تعديلها باستمرار لإرضاء صالح وتفصيلها علي مقاسه الذي يتغير من مبادرة الى اخرى تبعا لتغير المزاج من جمعة سبعين الى أخرى. وبعد خمسة اجتماعات للمجلس الوزاري الخليجي بحثت المبادرة منها اثنان احدهما في الرياض مع المشترك وشركائه وآخر في أبو ظبي مع ممثلي السلطة وحزبها، وبعد عشرات الشهداء في مختلف الساحات ومئات الجرحى، وبعد قمة للقادة الخليجيين تعاملت مع موضوع اليمن باستخفاف وتعالي وإهمال، ووجهت رسالتها للثورة اليمنية ولكل اليمنيون بما فيهم النظام لتقول لهم لستم منا ولا يهمنا أمركم وسنوافق علي طلب الأردن للانضمام لنا بل وسندعو المغرب الواقع علي الخليج عفوا المحيط الأطلسي للانضمام لنا وهي لم تطلب وسنتجاهلكم تماماً.

بعد ذلك كله غادر اللواء الدكتور الشيخ عبد اللطيف الزياني صنعاء مساء الأربعاء 16مايو حاملاً معه جثة المبادرة الخليجية بعد أن أطلق عليها الرئيس صالح رصاصة الرحمة الأخيرة.

 كانت المبادرة قد ماتت يوم أن جري قتل المولود الطبيعي الذي أطلق يوم 3ابريل (المبادرة الأولى) والتي كانت تنص علي التنحي الفوري للرئيس صالح والتي باشر صالح بإطلاق النار عليها واعتبرها مبادرة ومؤامرة قطرية فتم مجاراته وصيغت له بعد ذلك مبادرات( مخصوص) أشبه بالمسخ.

بدا أن مجلس التعاون لم يستوعب ما يحدث في أوانه أو أنه لم يهتم بفهمه أو لا يريد أن يعترف به واكتفي بتفسير الطرف الذي ثار الشعب في مواجهته بان ما يحدث أزمة ووفقا لمعادلة الأزمة بين سلطة تدعي أنها ثابتة وتمثل الأغلبية ومعارضة تتطلع للمشاركة وهي الأقلية والأضعف وليس بين ثورة صاعدة وسلطة آفلة.

 ببن هذا وذاك كانت صياغة الخليجيين للمبادرة المسخ التي كان يضاف لمسخها كل يوم جزء جديد، ذراع هنا ورجل هناك طمس للعين حتى لا يكون هناك شهود واستحداث جيوب يخرج منها الحاوي ثعابينه لتمنع تنفيذ المبادرة ان وقعت مرة باسم رفع الاعتصامات لإنهاء التوتر ومرة حل القضية الجنوبية وصعدة وتارة كل ذلك، معا يضاف له تسليم القادة الذين أيدوا ثورة الشعب الخ .

 حتى لم يعد احد إذا تحدثت معه عن المبادرة قادر علي ان يفرق بين النسخ المختلفة لها فيخلط بين هذه وتلك خاصة إذا أضيف لها ما كان يطرحه إعلام النظام ورجالة عنها مضيفا صيغ لا يعلم احد من أين جاءت.

وبعد ان رفض الشعب الثائر هذه المبادرة وانسحبت قطر منها وبعد ان شيعت في الساحات وحدد المشترك موقفه من صيغتها الرابعة برفضها بوضوح.

بعد هذا كله جاء الزياني مجددا الي صنعاء لعله ينعش المبادرة الميتة سريريا، ولكن من جاء له لينعشها كما كان يفترض لأنها صيغت من آجلة، وهو الرئيس صالح أطلق عليها رصاصة الرحمة الأخيرة.

الشاهد ان المعارضة التي تعاملت بحسن نية مع المساعي الخليجية كما تعاملت بحرص ومسؤولية لتجنيب البلاد المخاطر التي يهدد بها النظام وتخفيف تكاليف انتقال السلطة، وفضح النظام أمام الداخل والخارج، قد أبدت صبر ومرونة أمام كل هذه التناقضات والصياغات ورغم تحفظاتها علي المبادرة الثالثة والافخاخ التي فيها فقد وافقت عليها كما هي بعد ان قيل ان صالح موافق عليها وبعد التطمينات التي حصلت عليها وإبلاغها ان هذه مبادرة خليجية بتأييد أمريكي أوروبي وأنها صيغة نهائية لا تقبل التعديل. لكن صالح رفض التوقيع ودخل في تفاصيل حول التوقيع وغيرة كان واضحا أنة لا يريد اي اتفاق يؤدي لرحيله وتخليه عن السلطة ولو كان بالتوقيع نظريا علي ذلك وان الأمر لا يعدوا اكثر من كسب وقت، وبدلا من تحديد موقف من هذه المراوغة من قبل الوسطاء الخليجيين جري تعديل المبادرة بصيغة رابعة وفقا لمطالب النظام ولهذا ما كان بالإمكان للمعارضة أن تقبل بها رغم كل ما أبدت من مرونة .

أمام ذلك حاول الزياني ومعه السفير الأمريكي وسفير الاتحاد الأوربي ان يتخلي عن المبادرة الرابعة وإقناع المعارضة بأنة سيتم الالتزام بالمبادرة الثالثة ولكن مع تسريب تعديلات ترضي النظام بذات بنود التعديل في المبادرة الرابعة انها المبادرة الثالثة معدلة للمرة الثانية او نسخة خامسة من المبادرة .

وما حدث خلال الأيام الخمسة الماضية ينبئ بالمهزلة التي جرت من قبل النظام ومع انها عادته، فان السؤال عن معني التدليل الذي يحصل علية من هؤلاء الرعاة وعن مدى استهانة هذا النظام بشعبة وتمسكه بالسلطة مهما كلف الامر ومدي إدراكه لحقيقة ما يحدث !!

مع تكرار لذات أساليب الكذب والمراوغة والمناورة التي صنعت أزمة اليمن علي مدي ٣٣ عاما من حكم صالح .. قد يكون من الصعب تلخيص ما حدث والذي كان يتبدل كل يوم بل كل ساعة من قبل النظام، ومع ذلك مورست ضغوط واسعة علي المشترك وشركائه للقبول بكل هذه المهزلة التي تحمل تفاصيل تكشف مستوي العمل السياسي ورغم تمسك المعارضة بموقفها فأنها أبدت مرونة كبيرة ، وصبر وأمام هذه المرونة وليس أمام استعداد النظام ارتفع التفاؤل بإمكانية التوقيع، وتحدثت وسائل الإعلام عن قرب التوقيع .

 بدا الأمر المهزلة بلائحة للمبادرة قدمها النظام ثم جري تأجيلها ألي بعد التوقيع وتغيير تسمية الاتفاقية الي اتفاقية بين حكومة المؤتمر الشعبي العام واللقاء المشترك وشركائه، ورفض توقيع الأستاذ محمد سالم باسندوة وطلب ان يقتصر علي احزاب المشترك الممثلة في البرلمان .... الخ.

 والحاصل ان الصيغة النهائية التي أبلغت بها المعارضة ظهر الأربعاء أي قبل ساعات من مغادرة الزياني ومورس الضغط علي المعارضة لقبولها باعتبارها صيغة نهائية موافق عليها من قبل صالح وممثليه وهدد الزياني بالمغادرة وان المعارضة ستكون هي المسئولة كانت الصيغة هي:

-١- التسمية: يسمي (اتفاق) فقط وحذف كل المقترحات الأخرى بما فيها ما كان في أصل المبادرة الثالثة (اتفاق بين الحكومة اليمنية والمبادرة اليمنية) 

٢-التوقيع: يوقع خمسة من كل طرف

أ - يوقع صالح بصفته رئيس للجمهورية ورئيس للمؤتمر ويوقع معه اربعه من حزبه.

ب- يوقع خمسة من المشترك وشركائه.

٣-لا توقيع للشهود وإنما سيوجه الرعاة رسالة بشان شهادتهم ورعايتهم للاتفاق وطلب من المعارضة ان تقدم أسماء ممثليها الخمسة .

بعد جدل والتأكيد أنه موقف نهائي قدمت المعارضة أسماء ممثليها الخمسة على رأسهم الأستاذ باسندوة ولم يكن من ضمنهم الدكتور ياسين سعيد نعمان. 

فعاد الوسطاء للضغط أن يكون الدكتور ياسين من بينهم باعتبار ان المؤتمر طلب ذلك وأنه مبرره الأخير قبل التوقيع فجرت الموافقة، وعدلت لائحة الأسماء ليضاف الدكتور ياسين حرصا من المعارضة علي إسقاط آخرمبررات النظام.

وأصبح الخمسة الممثلين للمشترك وشركائه هم:

1-  محمد سالم باسندوة

2-  ياسين سعيد نعمان

3-  عبدالوهاب الانسي

4-  حسن زيد

5-  صخر الوجيه

كان يفترض ان يتم التوقيع بعد العصر ، لكن صالح رفض لاعتراضه على أسماء ممثلي المشترك وشركائه مع ان المعارضة لم تهتم ولم تسال عن منهم ممثلي المؤتمر وحلفائه باستثناء التأكيد علي توقيع صالح بصفته رئيس للجمهورية كتوقيع أول وبدأ الحديث مجددا حول ان يمثل المؤتمر وحلفائه خمسة ويكون توقيع الرئيس توقيع سادس وكأنه بعد ان وقع عدد متساوي من الطرفين يكون هو الراعي حتى ولو كان توقيعه الأول.

 كان واضحا ان صالح يرفض أي صيغة حتى تلك التي يقترحها هو فقرر الزياني المغادرة.

 كل ذلك جري من اجل التوقيع فكم سيستغرق التنفيذ؟ وكيف غادر الزياني إذن وهو يدرك تماما بعد خمسة ايام من الجهود المكوكية أن صالح هو الذي لا يريد التوقيع ؟

فهل يعود الى الرياض كما وعد عند مغادرته ليقول ما جري ويدفن هذه المبادرة ويشير الي من قتلها ومن رفض التوقيع عليها وهو صالح؟  وهل سيبلغ المجلس موقف الشعب الثائر بعد ان التقي بالشباب في ساحة التغيير بصنعاء؟

وهل مجلس التعاون سيتخذ الموقف المناسب مع حق الجوار والأخوة ويستعيد ثقة الشعب اليمني بالتخلي عن صالح ودعوته للتنحي الفوري او مواجهته بالضغوط والعقوبات؟ ام سيقوم بحمل جثة المبادرة وقد تعفنت ويعود ليدور بها من جديد عله يعوم النظام ويطيل في عمره؟ خاصة ان النظام الذي لازال يعتمد علي مشاركة حلفائه الأمريكان والسعوديين تحديدا علي تعويمه وإعاقة الثورة ومساعدته علي استمرار مناوراته وكسبه للوقت. بدا صالح وربما قبل أن يصل الزياني للرياض بالتصريح أنة علي استعداد للتوقيع علي المبادرة في اي وقت في مناورة جديدة لكسب الوقت، فهل سيحدد الخليجيون موقفهم بصدق ويصححوا علاقتهم بالشعب اليمني وهي العلاقة الباقية ام سيعطون صالح فرصة جديدة علي حساب الشعب ويعلنون عدائهم له.

إن قصة المبادرة الخليجية هي قصة الموقف الدولي الأمريكي الخليجي المتآمر علي الثورة اليمنية وهو العامل الأساسي الذي ساعد علي بقاء صالح في السلطة حتى الآن بالضد من إرادة شعبة رغم الثورة العارمة ضده.

علي أن ذلك حديث آخر سيكون مجاله مقال مستقل حول دور العامل الخارجي في إعاقة الثورة اليمنية.

 

إقراء أيضا

وليد أبو حاتم
وليد أبو حاتم
إبراهيم العشماوي
إبراهيم العشماوي