مما لا شك فيه أن الحديث أو التطرق لموضوع حق الحصول على المعلومات سيثير شجون الكثيرين، خاصة وأن المواطن العربي بشكل عام والصحفي بشكل خاص يعاني من هذه المعضلة في مجتمعات لا زالت توصف بالديمقراطيات الناشئة، حيث ما زال لأصحاب القرار من النفوذ ما يمكنهم من حبس بعض المعلومات، التي تهم الجميع، حتى وإن كنا في زمن ما يسمى بالفضاء المفتوح، الذي يتيح سرعة تدفق المعلومات بين بلدان العالم بغير حدود ولا قيود.
وفي اليمن يعاني الصحفي من هذه المعضلة، بالإضافة الى معضلات أخرى لعل أهمها هي قلة المردود المالي من أي عمل استقصائي يقوم به الصحفي، ويكلفه الكثير من المال والوقت والجهد، خاصةً إذا علمنا أن الحصول على بعض المعلومات قد يكلف الصحفي آلاف الدولارات، وقد يكلفه حياته إذا كانت هذه المعلومات تمس أصحاب النفوذ والقرار في الدولة.
هذا الأمر جعل ما يسمى في لغة الإعلام بالصحافة الاستقصائية شبه معدومة في الإعلام اليمني، نتيجة صعوبة الحصول على المعلومات التي تعتبر حقاً- باستنثاء بعض الحالات- كفله الدستور والقانون، وعلى هذا كان الاتجاه باصدار قانون حق الحصول على المعلومات، الذي أعدته لجنة خاصة وما زال ينتظر إقراره من قبل البرلمان ليكون القانون نافذاً أي أنه مازال مشروع قانون حتى الآن.
ويأتي مشروع القانون الذي يوصف بالهام من أجل تذليل الصعوبات أمام كل من يبحث عن المعلومة وليوصلها للناس بعد أن كانت حكراً على مجموعة من الأشخاص دون غيرهم، حيث أن مشروع القانون هذا يعرِّف المعلومة بأنها حقائق مدركة في الوعي تتواجد معنوياً كقيم معرفية ومادية في شكل أرقام وأحرف ورسوم وصور وأصوات، ويتم جمعها ومعالجتها وحفظها وتبادلها بوسائط إلكترونية وورقية... الى آخر التعريف الذي جاء به مشروع القانون، والذي يهدف الى تأمين وتسهيل حق المواطن في الحصول على المعلومة دون إبطاء وتوسيع قواعد ممارسة الحقوق والحريات، وكذا تعزيز مقومات الشفافية وتوسيع فرص المشاركة الواعية والمسؤولة وتمكين المجتمع من تنمية قدراته للاستفادة المتزايدة من المعلومات.
ومع انشاء المركز الوطني للمعومات بموجب قرار جمهوري رقم 55 لسنة 59م، فإن هذا المركز قد ساعد الى حد ما في الحصول على المعلومات، لكن يبقى الحصول على هذه المعلومة أمراً ليس بالهين إذا علمنا أن المعلومات التي يتم تزويد المركز بها من الجهات المختصة هي معولمات بإمكان أي شخص الحصول عليها من مركزها الرئيسي نتيجة لعدم احتواء هذه المعلومات على المعلومات التي لا يرغب صاحب القرار بنشرها، ويضع قيوداً عليها ربما لأنها تحتوي على مفاسد ارتكبها أو أي شيء من هذا القبيل، ولهذا فإن دور هذا المركز ما زال عن الحد الذي لا يرتقي للاعتماد عليه من قبل الصحفي اليمني الذي يبقى عاجزاً عن تنفيذ تحقيق استقصائي يكشف ظاهرة معينة في المجتمع يتطرق لها من جميع جوانبها بدءاً من الأسباب التي أدت الى هذه الظاهرة ومردفاً بذلك جميع المعلومات التي تتضمن أرقاماً حول هذه الظاهرة.