Home Articles Orbits المغتربون اليمنييون .. قسوة الخارج وخذلان الداخل
المغتربون اليمنييون .. قسوة الخارج وخذلان الداخل
محمود شرف الدين
محمود شرف الدين

) مداخلة على حديث الأخ وزير المغتربين (

مشكلتنا الأساسية نحن اليمنيون عدم تشخيص المشكلة بدقة وتجاوزها إلى ابتكار انجازات لا تحل المشكلة ان لم تزدها تعقيداً هذا هو حال وزارتا المغتربين والخارجية فيما يتعلق بتعاملهما مع أوضاع ملايين المغتربين اليمنيين في الخارج .
لقد تبادر إلى ذهني ذلك ؛وأنا اقرأ الحوار الذي أجرته الجمهورية في عددها ليوم الخميس الماضي مع معالي وزير المغتربين الأستاذ مجاهد القهالي؛ وهو شخص نكن له كل التقدير والاحترام ،ولا ننكره رغبته وسعيه الحثيث لحل مشاكل المغتربين العالقة والمعقدة منذ أمد بعيد،لكنني لاحظت أن الحوار تطرق إلى قضايا شكلية دون تعمق في القضايا الأساسية التي يعاني منها مغتر بينا في الخارج، ما كشف لي عن عدم إدراك وفهم لماهية المشكلة التي يسهل بعد فهمها اتخاذ الحل السليم، فرأيت أن أقدم رأيي كمداخلة مكتوبة على صفحة الجمهورية الغراء مساهمة مني في إثراء الموضوع ولفت عناية الحكومة اليمنية وبالأخص معالي وزير المغتربين إلى جوانب هامة قد تساهم في تلمس المشكلة ووضع الحلول الناجعة لها كون الأمر مؤرق ويقع على عاتق الجميع..حيث ابدأ بما نقل عن وزير داخلية سعودي اسبق من قول :
(
سأضع خطة تدفع المغترب اليمني إلى تسليم إقامته طواعية وطلب المغادرة من تلقاء نفسه دون عناء )يعني بتضييق أبواب الرزق عليه وإرهاقه بالرسوم الباهظة،واعتقد أن ذلك ما بدأ تنفيذه منذ فترة ،فهناك إجرائيين ظالمين فرضا على المغترب اليمني في المملكة السعودية في اتجاه ذلك أولهما :
-
نظام الكفيـــل، وما ترتب عليه من تبعات وأضرار على المغترب اليمني ؛فهو اقرب إلى الرق منه إلى ترتيب العمالة الوافدة،ناهيك عن ما يجري هذه الأيام من إجراءات تعسفية تمارسها الجهات المعنية بالسعودية ضد العمالة اليمنية،بحيث تدفع الأخيرة ثمن خطأ ارتكبته جهات العمل والداخلية السعودية،والكفيل السعودي طالب الاستقدام،لقد أعطته الداخلية والعمل فيز الاستقدام ؛وهي تعلم انه لا يمتلك مؤسسة تستوعب العمالة التي استقدمها،وبالتالي سمح لهم بالعمل في أي مكان يحصل فيه على فرصة عمل تناسبه،واليوم يطرد من مكان عمله ،لأنه لم يعمل لدى كفيله فأين الخطأ ؟؟  
أما الإجراء الثاني فيتمثل في الرســــوم الجـــديدة التي فرضت على أصحاب الفيز الحـرة وتتمثل فـــي الآتي :
4400
ريال سعودي رسوم إقامة وعمــــل،وتأمـين ،2400للكفيل بواقع 200ريال شهرياً، رسوم تأشيرة خروج بعـودة رفعت من 200 إلى 1200ريال سعودي وبالتالي : فإجمالي ما عليه سنويا 8000 ريال سعودي ومتوسط الراتب من 1000 ــ 1500 ريال في أحسن الأحوال .
هذان أمران يقلقان المغترب اليمني ويدفعانه إلى أن يفضل اللجوء للتسلل عبر الحدود والعمل دون إقامة،حيث تكون الكارثة اكبر على البلدين معاً،وبالتالي نستطيع أن نقول: هذه هي قضيتهم يا معالي الوزير ،لا المشاركة بمؤتمر الحوار من عدمه،قضيتهم أن تعمل الحكومة على تخفيف رسوم الجباية عن كاهلهم والمفروضة تحت مسميات عدة أوردتها سابقاً،فمعها لن يجن شيئاً من غربته فعلى سبيل المثال إذا كان سيوفر خلال العام على أكثر تقدير 10 ألف ريال سعودي فانه سيدفع منها ثمانية آلاف ريال رسوم سنوية ؛رغم أن فرص عملهم إن تجاوزت المطعم أو عامل بناء فالي سائق؛ فماذا عسى الواحد منهم أن يدخره بعد أن يدفع 8 ألف ريال سعودي متطلبات الإقامة والكفالة والتامين والتأشيرة ؟
هذا تعسف وامتهان ناهيك عن انه لا يجوز له فتح محل مستقل إلا باسم مواطن سعودي،والأمر عائد لضمير الأخير حيث وهو قادر على إنكاره بأي لحظة هذه جوانب تكشف عن هوان المواطن اليمني وعجز حكومته عن الدفاع عنه ..
إن ما يجري يا معالي الوزير بمغتر بينا اليوم هو تنفيذ خطة وزير الداخلية الأسبق بالعمل على منعهم من تحقيق الجدوى المادية لتكبدهم شراء الفيزة ب20 ألف ريال سعودي، والعمل في أدنى المهن ؛ خاصة بعد أن أنهى نظام المخلوع أي قيمة معنوية لهم وصاروا كالعبيد بموجب نظام الكفالة ،وغظ الطرف سنوات عن ما يتعرضون له من انتهاكات، مقابل شيكات سنوية تدفع له ولأركان نظامه .
إن أول ما يجب السعي إليه يا معالي الوزير، هو العمل على إعادة الامتيازات التي كان اليمنيون يتمتعون بها في السابق،لا أن تتحول الحكومة إلى مبررة للممارسات الجائرة بحقهم ،والعمل لدى السلطات السعودية من اجل إلغاء نظام الكفيل وإعطاء فيز العمل عبر وزارتي الداخلية والعمل في البلدين منعاً من تعرض للابتزاز ،و كيف تسمح المملكة لأناس فيها أن يمارسوا الابتزاز لليمنيين مقابل الدخول على مرأى ومسمع في حين يمكنها أن تضبط ذلك ببساطة ؛كما انه ليس صحيحاً التحجج بعدم احتياج سوق العمل السعودي للأيدي العاملة اليمنية، فما يجري هو استبدالهم بعمالة من جنوب شرق آسيا، لا يمكنها العطاء كما هو شأن العمالة اليمنية في جميع المهن والحرف المختلفة .
وبعيدا عن ذلك لم تضق بلادنا على فقرها ومشاكلها اليوم بما يقارب من المليون ونصف المليون لاجئ أفريقي؛رغم انه لا يستفاد منهم في شئ بل على العكس من ذلك هم عبئ على اليمن ،وشعبها،وبالرغم من ذلك لا يعاملون رسميا ولا شعبيا بالقسوة والامتهان ،الذي يلاقيه المغترب اليمني ،فكيف نستكثر عدد مغتر بينا ؛ونتخذ من ذلك تبريراً لفداحة معاناتهم في المملكة ، رغم ما يقدموه من خدمات للمملكة وللشعب السعودي منذ القدم ؛فهم الذين شيدوا أسس البنية التحتية والعمرانية والتجارية فيها منذ عدة عقود،وعرف عنهم حسن التعامل والأمانة والتفاني في العمل ، فكيف يكونون في أدنى سلم الجاليات من حيث المكانة المادية والمعنوية ؟ مع أني أُقدر للمواطن السعودي تقديره واحترامه وتعامله الحسن مع المغترب اليمني باستثناء النادر؛ رغم هوانه على حكومته ورغم ما لنظام الكفالة من تمكين له في أن يمارس ما يريده بحق اليمني من امتهان وهضم واحتقار . 
ماذا قدمت الحكومة للمغتربين غير الانجازات الشكلية فمن الجاليات إلى مؤتمر المغتربين إلى مجلس المغتربين فماذا تغني عنهم هذه الفعاليات وتعدد الهيئات ؟؟ إذا لم تعمل على رفع إجراءات التضييق عليهم في الدخول والخروج والإقامة .
وفي جهة أخرى هي الولايات المتحدة الأمريكية هناك إجراءات فحص أمنية خاصة باليمنيين عن ما عداهم من البشر، وكأنهم مصدر الإرهاب في الكون ،في حين أن العالم يدرك أن مؤسس تنظيم القاعدة سعودي وأنشئ بأياد سعودية ومصرية ،ومعظم قادتها من هاتين الدولتين ومع ذلك لم نسمع يوماً عن أن مواطنيهما يخضعون لنفس الإجراءات الأمنية المعقدة والمهينة التي يخضع لها اليمنيون في المطارات الأمريكية من حيث الدخول والخروج،بالإضافة إلى إجراءات الإقامة .
إن المغترب اليمني لا يسمع عن السفارات والجاليات اليمنية إلا عبر وسائل الإعلام ، لأنه لم يلمس منها دوراً ساهمت به في العمل على تحسين ظروفه وتبني قضاياه بقدر انشغالها بالحقيبة الدبلوماسية والدولارات التي تتكبدها خزينة الدولة .
يا وزير المغتربين بل يا حكومة الوفاق إن تعرض احد أبناء العدين المغترب للحريق سواء كان من قبله أم من قبل غيره يكشف أن هناك ظلم وتعسف ،كما انه ليس الحدث الوحيد في المملكة ويكفينا ما نجده في الصور المنقولة لهم من عنابر الترحيل وسيارات النقل المكشوفة التي يوضعون فيها كالمواشي لنعرف عن مدى معاناتهم .
وفي أماكن شتى من العالم هناك يمنيون مظلومون في سجونها،ولن نذهب بعيدا؛ ففي العراق نساء يمنيات حوكمن في 10 دقائق وحكم عليهن بالمؤبد في قضايا إرهاب ملفقة لا جريرة عليهن فيها كحسناء يحي،وهناك أحداث حكم عليهم بالإعدام ،وفي جوانتاناموا عشرات اليمنيين يصلون إلينا مقطعي الأوصال والأحشاء من فرط التعذيب واحداً بعد الآخر .
باختصار اليمنيون في كل أنحاء العالم عرضة للهوان والظلم والتعسف والسخرية حيثما حل وأينما رحل فهل نستطيع أن نحرره من كل أشكال الامتهان هذه؟؟ فمكانة المواطن من مكانة دولته ،وهوانه من هوانها ،وأي تعسف لأي مغترب يمني هو إهانة لدولته وحكومته، أتمنى أن نعلي من قيمة وطننا وشعبنا ؛بالاهتمام بحقوق المغترب اليمني في كل دول العالم ،بالوقوف أمام القضايا الحقيقية التي تهمه لا الانشغال بأشياء هامشية وشكلية، والعمل على تبني قضاياه والدفاع عنهم ،وتحسين ظروف معاملته ؛حتى يلمس مغتر بونا فرقا في مكانتهم وقيمتهم بين الماضي والحاضر؛ وإلا فلا جدوى من وزارات ولا سفارات ولا قنصليات ولا مجالس جاليات،مهما تعددت أسماؤها .