Home Articles Orbits المرأة والحوار والتطلعات المنشودة ..... رحلة الى المستقبل
المرأة والحوار والتطلعات المنشودة ..... رحلة الى المستقبل
محمد شمسان
محمد شمسان

مع اقتراب موعد انعقاد اعمال مؤتمر الحوار الوطني الذي سينطلق منتصف الاسبوع القادم , وبمناسبة احتفال معظم دول العالم باليوم العالمي للمرأة ومنها بلدنا اليمن , وبالتزامن مع الحراك السياسي المكثف للاحزاب والقوى الوطنية في اطار العملية السياسية للفترة الانتقالية الثانية , في ظل هذه الاحداث ومع هذه الاجواء الثورية المتصاعدة فأنني اود التطرق الى موضوع المرأة اليمنية التي كان لها دورا فاعلا في مسار ثورة التغيير الشبابية الشعبية السلمية , وتركت من خلاله بصمات واضحة في العملية السياسية التي تجري على قدم وساق لتستكمل تحقيق اهداف الثورة السلمية .

المرأة اليمنية وبما لا يدع مجالا للشك - اثبتت خلال العامين الماضيين , انها رقما صعبا في المعادلة السياسية لا يمكن تجاوزه او تجاهله او التغافل عنه في سياق الاحداث المتسارعة والمتصاعدة التي تشهدها اليمن , وان لديها قدرات وكبيرة , تفوق أي صعوبات او تحديات تعترض طريقها للوصول الى تحقيق اهدافها في المشاركة والبناء وصناعة القرار, وقد تبرز هنا العديد من التسائلات عن المرأة ودورها وقضاياها ومستوى مشاركتها.

 وفي الحقيقة انا هنا لست مخولا للرد على هذه التسائلات والاستفسارات , كون المؤشرات التي تبدو على ارض الواقع تؤكد ان الايام القادمة هي من ستجيب على هذه الاسئلة وغيرها , اود هنا فقط ان طرح هذا الموضوع على كافة اطراف وقوى المشهد السياسي حتى لا تأخذهم العزة بالاثم فيتعمدوا اعادة انتاج نفس التجربة التي مارسها النظام السابق , في تحديد مسار مشاركة المرأة ورسم ملامح مستقبلها كنوع الوصاية عليها خلال المرحلة القادمة , ولتبقى مجرد ديكور او واجهة فقط من اجل الحصول على مكاسب مادية او معنوية من الخارج .

على الاطراف الوطنية في الساحة وبالتحديد مكونات الحوار الوطني ان يدركوا ان فارق كبير بين مرحلتي ماقبل وما بعد 11فبراير 2011م , تتجلى صوره وملامحه في التحولات والتطورات السياسية التي نعيشها اليوم , والتي كان للمرأة مساهمة فاعلة في سياقها , وهذ الفارق يكمن في ان المرأة اليمنية اليوم تمكنت من فتح افاق جديدة لعملها ومشاركتها خلال المرحلة القادمة وفي مختلف المجالات والنواحي ووصولا الى المشاركة في صناعة القرارات واعدادها وتنفيذها , وانها لم تعد تقبل ان تبقى تحت الوصاية الذكورية , فيما يتعلق بدورها ومستقبلها السياسي او دورها في الحياة المجتمعية كشريك للرجل في تسيير الحياة اليومية وتحمل المسؤلية في رسم السياسات والبرامج والمشاريع والارأى والتصورات والتخطيط والاعداد والتنفيذ لها وفي شتى مجالات الحياة , السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية .

وبالطبع فأن الملتقى التشاوري للقيادات النسوية لمناقشة الاجندة الوطنية لمطالب النساء في الحوار الوطني , الذي انعقدت اعماله خلال اليومين الماضيين يأتي في سياق هذا الفارق الذي تود المرأة اليمنية ان تأسسه ليكون فاصلا بين مرحلتين هامتين في حياتها , الملتقى الذي تشارك فيه قرابة ستين قيادية من مختلف المؤسسات والمنظمات النسوية ويمثلن معظم محافظات الجمهورية واغلبهن سيشاركن في مؤتمر الحوار الوطني القادم , يأتي ايضا في اطار الجهود الحثيثة التي تبذلها المرأة من اجل التوصل الى رؤية مشتركة لكيفية استيعاب وتلبية مطالبها في الحوار الوطني الخروج بنتائج مرضية ومشجعة لها ولتعزيز دورها ومشاركتها في صناعة مستقبل اليمن الجديد , وبما يكفل حصولها على نسبة 30% من مقاعد السلطات الرسمية الثلاث في البلاد. 

ولكن الامر ايضا هنا يحتاج الى تضافر الجهود بين الرجل والمرأة , والعمل سويا جنبا الى جنب , لتجاوز ربما ما يوصف بالمعوقات والصعوبات التي قد لا تمكن المرأة من اخذ مكانتها وتفعيل دورها وسط المجتمع .

 

المرأة والمشاركة السياسية

ربما تتمثل اهم الصعوبات والعراقيل امام مشاركة المرأة سياسيا في بعض النصوص التشريعية القانونية , وهي قبل ان تكون عراقيل مكتوبة على الورق هي بالاساس موجودة في العقلية الذكورية ( بالتأكيد الامر ليس عموما ) ما يعني انه لا بد ان تتغير ذهنية العديد من الرموز الذكورية السياسية فيما يتعلق بالدور المناط للمرأة كشريك للرجل وكطرف قوى في المجتمع , وانا اعتقد ان الثورة الشبابية السلمية قد اسهمت الى حدا كبير في ذلك حيث والكثير من الاطراف الفاعلة في المشهد السياسي وخصوصا الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني تعمل اليوم وبشكل واضح على ايجاد بيئة تشريعية تمكن المرأة من التغلب على هذه العراقيل والصعوبات .

الحقوق التعليمية والصحية

وهنا ايضا تبرز تحديات عديدة امام المرأة , تتمثل في حرمانها من حق التعليم والحصول على المستوى التعليمي المناسب لها لتقوم بدورها ومسؤلياتها تجاه وطنها ومجتمعها , والمشكلة هنا ليست عند السياسيين او المشرععين فحسب بل هي مشكلة مجتمعية بدرجة رئيسية , وتكمن في نسبة الوعي والمعرفة لدى افراد المجتمع , فيما هناك ايضا حقوق صحية للمرأة تهدر لاسباب عدة منها التقصير الحكومي في توفير كافة المتطلبات والمستلزمات الخدمية الصحية التي تحتاجها المرأة ومنها يتسبب في ضياعها اهمال المجتمع وتساهله ازاء تلك الحقوق ونشير هنا فقط الى ظاهرة الزواج المبكر وماينتج عنه من اضرار ومخاطر صحية ونفسية عند المرأة .

المرأة ودورها الاقتصادي

لاشك ان التحول السياسي الذي تشهده اليمن اليوم سيفرض معطيات جديدة تمكن المرأة من الاسهام بشكل جيد وفاعل في تنمية الاقتصاد اليمني لاسيما في ظل المتغيرات الاقتصادية العالمية والسوق الحر وتطور تقنيات ووسائل العصر الحديث , وربما مشاريع التنمية المستدامة ستوفر بيئة خصبة ومناسبة لعمل المرأة خلال المرحلة القادمة , والمهم في الامر هو ان تبدي اطراف الحوار الوطني توافق حقيقي بخصوص ايجاد تشريعات ونصوص قانونية تمكن المرأة من الانتصار لقضاياها بشكل كامل.

المرأة والاعدالة الانتقالية

في هذا الجانب لايجب اغفال المرأة في تحقيق العدالة الانتقالية , كونها تضررت كثيرا من الاحداث والصراعات والحروب خلال مرحلة النظام السابق , ودفعت ثمنا باهضا نظير كفاحها ونضالها من اجل الحصول على حقوقها والنهوض بمستواها في المشاركة والعمل , وفي اعتقادي ان تجاهل المرأة فيما يخص تنفيذ قانون المصالحة والعدالة الانتقالية وجبر الضرر قد لا يخدم العملية السياسية ولا يحقق مبداء التصالح والتوافق والمساواه .

 

 نقلا عن صحيفة مأرب برس