Home Articles Orbits أحلامنا تتجاذبها القوى الأربع
أحلامنا تتجاذبها القوى الأربع
بلقيس خالد
بلقيس خالد
لطالما حلم اليمنيون ببلاد مستقره وقويه تقف في وجه كل التحديات ونوائب الدهر وحق لهم أن يحلموا فاليمن تملك من المقومات مايجعلها تتقدم على كثير من الدول إن وجدت من أبنائها من يعمل على تحقيق ذلك الهدف فاليمن ذات موارد بشريه هائلة وتمتلك موقع إستراتيجي هام عالميا وتمتلك سواحل ممتدة وغنية ومخزون نفطي وغازي كذلك اليمن بلد زراعي متنوع في مناخة وسياحي هام .
ولكن بالرغم من كل ذلك نجد اليمن اليوم تصنف عالميا بالدولة الفاشلة وتتبوأ المركز الثاني في ترتيب الدول الفقيرة عربيا والمركز العشرون بين الدول الأكثر فقراً في العالم مما يجعل المتابع لإحداث اليمن حائرا تجاه هذا البلد فكان لابد من قراءة متأنية للمشهد اليمني اليوم ،ومن خلال هذه النظرة للمشهد اليمني منذ قيام دولة الوحدة يتبين إن اليمن تتنازعها عدة إطراف وقوى تؤثر سلبا وإيجابا ،اكبر هذه القوى هي سلطة متخبطة في سياساتها تفسد من حيث أرادت الإصلاح تركت حبل الفساد على غاربة حتى اجتر معه اليمن إلى الهاوية ،ذلك الفساد الذي نهب أراضي الدولة والمواطنين شمالا وجنوبا ذلك الفساد الذي أوصل جهلة القوم ورعاعهم إلى تقلد زمام الأمور وزج بالمؤهلين والأكفاء إلى التقاعد والشباب إلى صفوف البطالة .
تجاهل الفساد وعدم الرغبة الصادقة في اجتثاثه كان سببا في تفاقم الوضع وترجمة الغضب الشعبي إلى حرائق تنسب يوما بعد يوم في جوانب البلد حيث جعل الفساد من أبناء اليمن صيدا سهلا لكل طامع ومتربص بالوطن مما جعل الوطن بأكمله مطمعا استعماريا وتورته يجب تقسيمها على الدول الكبرى ،فكان أن نشب الحريق الأول متمثلا في تمرد صعده منذ 2004م والذي ليكاد ينطفئ حتى يشتعل من جديد متوسعا في الإمكانيات والقوه البشرية والأراضي التي يسيطر عليها التمرد جالبا معه التدخل الخارجي كل ذلك بسبب المعالجات الخاطئة له منذ بداية التمرد والتقليل من حجمه حتى ظهر ماردا يمزق الوطن مما افقد الدولة السيطرة على المحافظات المشتعلة .
ثم كان الحريق الثاني في جنوب الوطن والذي نتجنى عليه إن وصفناه بالحريق فماهو إلا مطالبه مشروعه برد المظالم والمواطنة المتساوية وإعادة الحقوق إلى أهلها ولكن بسبب سياسيات السلطة المتخبطة وعدم إنزال الأمور ميزانها الصحيح كان الحراك السلمي صيدا سهلا للواهمين بإعادة الوطن إلى زمن التشطير والفرقة فكانوا خير ممثل لأقبح صور التدخل الخارجي .
كل ذلك وأحزاب اللقاء المشترك التي استقطبت بمشروعها الوطني المتكامل قاعدة جماهيريه عريضة مازالت لاتمارس دورها بالكفاءة المطلوبة حيث بإمكانها التأثير على مجريات الأحداث من خلال أحتواء باقي القوى الوطنية في صفها والعمل على بناء    ، موقفا صلبا تهابه السلطة معتدمةً في ذالك على قوتها النظرية والجماهيرية
في ظل كل هذه المعطيات فقدت الحكومة المركزية السيطرة على أجزاء البلد مما دفعها مجددا إلى الإفساد من حيث أرادت الإصلاح باستجلاب القوى الخارجية لضرب الحراك في الجنوب بتهمة القاعدة والتي تعلم جيدا انه برئ منها فكان أن حققت للقاعدة خدمه طالما إرادتها بجلب الغرب إلى مستنقع جديد في اليمن مشابها للمستنقع العراقي و الأفغاني كذلك رغبة في الدعم العالمي لها ضد تمرد الحوثيين جلبت الإرادة العالمية بضرب إيران إلى اليمن بإعلانها المتكرر عن دعم إيراني للمتمردين والذي مازال موضع شك لدى الكثيرين لعدم وجود أدله ماديه إلى ألان .
إذا فالمشهد اليمني تتجاذبه اربع قوى السلطه والمشترك والحوثيين والحراك فإذا أرادت اليمن كدوله الخروج من هذه الدوامة لابد لكل القوى الفاعلة والتي سبق الحديث عنها من الالتقاء على طاولة الحوار مستحضرين الرغبة الحقيقية في الخروج من المنحدر الذي يهوي فيه اليمن بسرعة الصاروخ. ومتناسين سياسة تسجيل الأهداف ضد بعضهم البعض حيث إن كل طرف من هذه الأطراف يملك احد مفاتيح الحل وبدونه لايمكن حلحلة الأزمة فالحوثيين لم تستطيع الدولة إجبارهم على إنهاء التمرد بقوة السلاح بل توسعت رقعة الحرب فوصلت إلى مشارف حجه والجوف والحراكيون يمثلون كل المظلومين في البلد بكل متملكة هذه الطبقة من قوه وان تحدثوا باسم المحافظات الجنوبية والمشترك ذو الرؤية الوطنية الرائعة والقاعدة الجماهيرية العالية ،كذلك السلطة لا يمكن أن نتجنبها إن أردنا الحل الجدي لأننا إن فعلنا فإننا ندفعها إلى قلب الطاولة على الجميع وهي اللاعب الأكبر والأكثر فعاليه على الساحة اليمنية خصوصا الرئيس بيده اكبر مفاتيح الحل ،لذلك فالحوار بين كل الأطراف اليوم مطلب وطني ملح وهام يجب أن يتم بسرعة الصاروخ وبترتيب وتقنية عاليين. ويجب أن يكون المتحاورين صادقين بالرغبة في الحوار ويجب أن يتحلوا بالمرونة واللين وان يعلموا أن عليهم تقديم التنازلات لأجل الوطن فإذا تحجر كل طرف على موقفه فإن مصير الحوار هو الفشل وبالتالي فإننا ندفع باليمن إلى الاحتلال والتقسيم مقدمين بذلك اليمن لقمه سهله للقوى العالمية وعندها لن يبقى لأي طرف ما يتحجر عليه فلا يخطئ أي طرف ويظن انه اذكي أذكياء العالم وان بإمكانه مراوغة العالم اجمع ،يجب أن يعرف كل طرف متى يكون الإقدام من الحكمة ومتى تتجلى الحكمة في الإحجام .
كما يجب على المتحاورين وضع آلية لاجتثاث الفساد من كل المؤسسات في اقرب فرصه ممكنه حيث إن الفساد هو المستنقع العكر الذي اصتطادة فيه القوى العالمية وتجار الأوطان وان هو اجتث وحلت مكانه دولة المؤسسات والقانون عندها ستتكفل المؤسسات برد كل مظلمة وكل حق مسلوب فيبنى الحصن المنيع لليمن وهو المواطن البسيط المغلوب على أمره . وأنا حين أتحدث عن الحوار وأطراف الحوار فأنا أقصد بين أولئك اللاعبون على الساحة والذينهم جزء من المعضلة وبين الطرف الأخر وهى السلطة حيث أنني أرى أنه من عين الحكمة أنه حان الوقت المتاسب الذي يجب أن تأخذ الأمور على محمل الجد وأن تسرع الخطى في الجلوس مع الجميع وتقديم التنازلات وأعادة الأمور الى نصابها من خلال الأعتماد على الحوار الوطني الصادق والجاد الواضح الرؤيا الذي يظمن للجميع حقوقهم بدلاً من الأتكال على الغير وجلب قوى خارجية تجعل من البلد ساحة تجارب تحت أي مسمى كان حيث أثبتت التجارب فشل هذا النوع من التجارب في أفغانستان والعراق ... وقبل أن يحدث أي قرار أستراتيجي خاطئ من هذا النوع ندفع ثمنة نحن والجيل القادم لا زال يحدونا الأمل أن يتغير المشهد وان يحدث الحلم الذي لم يتحقق ...