Home Articles Orbits رسالة مفتوحة الى خالد العواضي
رسالة مفتوحة الى خالد العواضي
فتحي أبو النصر
فتحي أبو النصر

ياخالد احمد عبد ربه العواضي :  لا ترضيك أبداً اللوعة والحسرة التي يعيشها أهالي القتيلين المغدورين الشابين الخطيب وأمان .

لذا ننتظر ادانتك واستنكارك لعبث علي عبد ربه العواضي وكل الذين يقفون معه من مراكز قوى ونفوذ داخل قبيلتكم وخارجها .

والحاصل انني أثق بأنك لاتستوحي أنماط القبيلة الغاشمة ولاتهادن فسادها، كما ان حسك الاكثر وطنية ونزاهة ونضالية ومدنية في قبيلة آل عواض هو الذي يجعلك من طينة محترمة الوعي ، لطالما رأيت ان لها القدرة كي تشكل بجدارة الانموذج الاخلاقي الاصيل الذي نفتقده كثيرا في القبيلة .

وحيث لازلت أتذكر قسمك كلمة كلمة في ساحة التغيير، فانك لن تقبل بصيغة تحكيم البرابرة واستسخافهم لحياة الناس

وبالتأكيد سيكون موقفك فارقا، ثم انه كم يحز فينا صمتك في هذه القضية .

بل لعلك تعرف الآثار السيئة التي ولدتها ثقافة التحكيم الاستعلائية التي تسترخص الإنسان بوصفها إطارا قبليا مطلقا يعلو فوق العدل ويتضرر منها كل مدني ماجعل الناس فرائس سهلة لمن يملكون المال والبنادق والسيارات والنفوذ الضاغط لتنفيذ ثقافة التحكيم على اسر القتلى المغلوبين في ظل عدم وجود دولة سوية تخضع الجميع للامتثال القانوني اللائق .

وكونك من داخل القبيلة طبعاً ،فإن تعاطيك المدني مع القضية سيعزز من الممارسات الصائبة التي نتوقها جميعا باعتبار ان الممارسات المنحرفة التي صارت تومئ الى اشكالات خطيرة داخل القبيلة و المجتمع والدولة عموما قد تجاوزت حدود الطغيان .

وصدقني لو كان بي ذرة من شك في ان تشخيصك عشائري لاوطني او ان الحق لن يدفعك الى تقرير الحق ماكنت كتبت اليك اطلاقا .

على ان هذه المعيارية المتجاوزة التي ننتظرها منك من حيث امكانياتها على تعزيز الاتجاهات النفسية للعقل القبلي ناحية التمدن كما من حيث التاثير على صيغة هذا العقل الفكرية المؤسسة على جنون التحيز والغلبة ولو باطلاً .

وانا هنا في مكاتبتي لك أدين الدولة في عدم تحقق وجودها كدولة ، كما اضعك بعين الاعتبار مادمت عرفتك مراراً كصاحب مطالب مدنية مشرفة واستثنائية كونها تاتي من شيخ قبلي ظل يتمسك في رؤيته بضرورة الانتقال -كملاذ للبلد- من مربع التخلف الى مربع التحضر .

وتحديدا أرجح بان صرخة احتجاجك على ماجرى يجب ان تعلو وتستحث الانصاف كون اننا من الذين كنا نعول عليك كحليف للتقدم جراء عديد افعال بدرت منك في مواقف وطنية ومعارضة مختلفة .

ولقد ازداد هذا المؤشر فيك جراء مواقفك الرائدة في الثورة الشبابية الشعبية بحيث تجليت فيها باقوال تخلخل سلطة القبيلة المتعجرفة من داخلها بتأكيدك الرائع على التشبث بقيم المساواة والمواطنة والعمل على نشرها بوعي منفتح حتى كنت على رأس المشائخ الشباب الذين يكافحون من اجل تحقيق فاعلية الدولة التي تتأبط العدل وينتظرها كل يمني لا فاعليه القبيلة التي تتأبط الشر للأسف .

كما لا أظنك فوق هذا إلا خير من يدرك قسوة الواقع الذي يحيط باهالي الفقيدين القادمين من بئة مدنية تريد ان تحتكم للقانون ، مع علمك ان العدل ضرورة من ضرورات الدولة بينما الدولة لاتزال في طور ترنحها بين الماضي وماينبغي ان يكون .

و لأنك تنبض بحس متفوق فانك لن تكون عاجزا حسب اعتقادي عن الوقوف مع اهالي الضحايا وهم يطالبون بتسليم القتلة ومحاكمتهم وتحريرهم من الضغوطات الحاصلة حاليا على اكثر من صعيد وهي ضعوطات تنطوي على استحقار ولامبالاة 

وفي السياق لعلك اكثر من يفهم بان الفارس البطل احمد عبد ربه العواضي كان الأروع جرأة وجدية وبصيرة وصرامة وطنية قبل اكثر من اربعة عقود وهو يبادر بالانصياع لقيم الجمهورية التي دافع عنها بكل حوسه ووجدانه دون انفصام يذكر .

ذلك انه عن علم وعزيمة ارتضى ان يقدم نفسه للاختبار الصعب كشيخ قبلي رفيع دفعته حماسته لتخطي الواقع الى اجتراح فعل نوعي رغم انه في موقع قوة بحسب المعايير القبلية التي نعرفها جميعاً بينما لم يتحصن بالقبيلة بقدر ما استسلم بايمان تام لفكر الدولة متوقعا ان يكون هذا السلوك سلوك جميع الاقوياء وان تكون الدولة مرجعية اليمنيين الجمعية .

ولاشك ان والدك الشهيد المغدور حينها كان يرسم خلوده الخاص في التاريخ جراء هذا الفعل إذ ظهر كحليف صادق للعدالة ولعنفوان الضمير فربح نفسه وخسر بمحض إرادته امكانية الالتجاء لحماية قبيلته التي كان زعيمها وهي من اقوى القبل اليمنية وتزخر بمحاربين أشداء وبواسل قدموا تضحيات جليلة بقيادة والدك من اجل ارساء مداميك الجمهورية الوليدة .

والثابت انني أتغنى بعظمة الإنسان اليمني المتسق مع مبادئه احمد عبد ربه العواضي اولاً لوطنيته الجديرة بالتوقير وثانيا لامكانية تأثيره المذهل على العقل القبلي اذا استمر في الحياة . وتتفق مرويات التاريخ انه كان لايستسيغ ان تكون القبيلة بمثابة دولة داخل الدولة ما استمر حادثا طوال العقود الاخيرة للاسف –خلافا لحلمه-وولد فينا كل هذه الاحباطات والخيبات .

صحيح ان الاوغاد تربصوا به وقتذاك مستغلين سلوكه القويم هذا للاستفراد به وللتخطيط من اجل قتله إذ كانوا يدركون ان بطولات الشيخ احمد عبد ربه العواضي في الدفاع عن الجمهورية ستجعل منه رقما صعبا في معادلة التوازن فضلا عن انه بهذا التصرف المدني- وهو القبيلي العسر قوي الشكيمة -سيؤثر على قيم القبيلة نحو التنوير مالم يحبذه قادة قبائل اخرى بالذات ممن كانوا يزعمون الثورية لانهم يدركون انهم سيخسرون نفوذهم المتعسف وهيلمانهم الذي ظل يعمل ضد ان تكون لليمنيين دولة تصونهم كمواطنين لا باعتبارهم مجرد رعايا .

لكن الاصح انه احمد عبد العواضي الذي مثل حالة خصوصية مبهرة تماماً..

ومن المهين المخجل لكم ان لايسلك اخاه (عمك ) الشيخ علي عبد ربه العواضي هذا المسلك الذي يشيع الإيمان بمكارم الأخلاق كما يشير الى الالتزام بالواجبات القيمية خصوصا انه حاول الادعاء تلو الادعاء باحترامه للثورة الشبابية الشعبية التي غايتها دولة مدنية حديثة ومواطنة متساوية .

وبالطبع فانني لااستهدف الوقيعة بينك واهلك مثلا بقدر ما اعبر عن املي بانكشاف تعبيرك الهام والحاسم لصالح الانسان والمواطنة المتساوية في هذه القضية .

ثم ان ذلك برايي هو المحك الفعلي لجودة روحك التي ندرك قدرتها على تقديم الحلول الموضوعية النموذجية القادرة على التعامل مع فكرة الدولة .

ولانعتقد على الاطلاق بوجود تناقض صارخ بين ماكنت تدعوا اليه في ساحة التغيير من قيم وبين وقوفك ضد الظلم الواقع على اهالي الخطيب وامان .

ولانني ازعم بمعرفة جوهرك فأنني اتوقع تشديدك المفترض على عدم الرضوخ لكل مايعيق تحولات تثبيت الفعل المدني القانوني مايجسد طرق الخلاص بالنسبة لليمنيين كما تعرف جيداً .

 

ويظل احترامنا لك بخلوك من الصفات المشينة التي اقترنت بمشائخ القبائل كما يظل فخرنا باحمد عبد ربه العواضي لايتكرر .