من يتابع الحملات التحريضية الشنعاء ضد السياسي الناصرى المخضرم حمدين صباحي من قبل جهات وتوجهات تختلف بإختلاف الحدث والزمان يدرك أن الرجل صاحب موقف واضح لا يقبل التلون ولا يستطيع التنازل عن القيم والمبادئ التي تربى عليها مقابل التقرب من الحاكم أو اغتنام الفرص لتحقيق المكاسب الشخصية والاسرية.
فالرجل الذي وقف شاباً يافعا في وجه السادات داخل أكبر صرح علمي بمصر، وواجه مبارك في عقود قوته وعنفوانه، ورفض سياسة مرسي رغم الإغراءات، لا يمكنه أن يصمت ازاء ما يحدث اليوم من تصرفات وتوجهات تتنافى ومبادئ ثورة المصريين وهو الذي اعتاد ان يكون دوما في صفوف الشعب العامل مناديا بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
فصباحي الذي يمتلك رصيداً واسعاً من النضال وتاريخا حافلاً بالكفاح من اجل مصر والأمة العربية، لم ينتظر إعلان سيادة المشيرعبدالفتاح السياسي لخوض الإنتخابات الرئاسية المقبلة، بل أعلن هو عزمه خوض سباق الرئاسة نزولاً عند رغبة الجماهير التي ترى في حمدين واحداً منها، فضلاً عن ان الرجل يرى ان المشير السيسي أقوى فى مكانه كوزير دفاع ،حيث ان مصر تحتاج لرجل شجاع مثله فى هذه المرحلة لحماية حدودها الخارجية من الاعداء والمتربصون بها ، ومن حيث المبدأ فترشحه للرئاسة يخالف جوهر التغيير في مصر وثورتي 25 يناير و30 يونيو اللتين نشدتا الدولة المدنية الحديثة.
حمدين يعتز بعبد الفتاح السياسي كإعتزازه بجيش مصر العظيم، لكنه يؤمن بان خوض المشير السيسى للانتخابات والذى أصبح رمزا للجيش ،قد يفقد هذه المؤسسة الوطنية العظيمة شيء من قدسيتها وهي الحامية للوطن وآمنه وسيادته بعيدا عن السياسية ومهاتراتها.
ومن اجل ذلك أعلن النسر (حمدين صباحي) الترشح للرئاسة على خلاف كثيرين غيره فضلوا البقاء مع الطرف الاخر لانهم يرون فيه الطرف الأقوي حتى وان كان ذلك على حساب قيم ومبادئ الثورة.. ولم يكتفي عدد من الانتهازيين والبرغماتيين بالانضمام الى مربع السيسي وحسب بل تصدروا قائمة المحرضين ضد صاحب الموقف الواضح حمدين صباحي وما يأسف له البعض ان يكون من بين هؤلاء الشاتمين من يدعون زورا تمثيلهم للتيار الناصري.
حمدين .. البرلماني الذي ضل يصدح بالحق تحت قبة البرلمان لأعوام طويلة والصحفي المنحاز لآمال البسطاء وآلامهم لا يدعي الزعامة رغم ان الكثير يرون فيه زعيما شعبيا حقيقياً كاد ان يصل الى كرسي الحكم في مصر بالانتخابات الأخيرة على الرغم من ان حملته الانتخابية كانت الاقل تمويلا لكن قوته ارتكزت على التأييد الشعبي وحب الجماهير له، ولولا بعض الحسابات الضيقة والصفقات المشبوهة التي تمت في الظلام حينها لكان حمدين صباحي متربعا اليوم على عرش مصر وما كان لسيناريو الصراع ان يصل الى قلب القاهرة.
إنه يحب عبدالناصر و لا يدعي انه شبيها له ولا يحاول الاختباء وراء قميصه كما يتهمه اعداءه، الرجل يحمل مشروع دولة حقيقية بحجم جمهورية مصر العربية على المستوى المحلي والاقليمي والدولي، ولانه كذلك فقد وقفت في وجهه الكثير من القوى داخلياً وخارجياً. وهو اولا واخيرا يتمتع ببعد نظر من اجل مصر وفي سبيلها، ولا يلتفت لضياع الفرص والمكاسب الشخصية، ومثلما دفع مسبقا ضريبة معارضته ونقده للرئيس السادات الذي حرمه من العمل في المؤسسات الاعلامية الحكومية لسنوات طويلة هو مستعد اليوم لتحمل تبعات عدم رضى قوى السلطة والمال منه، لكن سيظل محافظا على رصيدا كبيرا من الاحترام والتقدير وحب الجماهير له مثلما سيحافظ على مشروع جمهورية مصر العربية وهو المشروع الكبير الذي يستحق ان تلتف حوله جماهير مصر العظيمة وقد ان لها ذلك.
وعلى الرغم من استمرار الحملات المسعورة ضد حمدين صباحي الا ان الرجل سيبقى الرقم الذي لا يمكن تجاهله، والمشروع الحقيقي لنهضة مصر وعزتها وكبرياؤها، والقائد الذي يذكر الجماهير المصرية والعربية بالزمن الجميل الذي عاشته الامة في ستينات القرن الماضي.