Home Articles Dialogues د. ياسين سعيد نعمان: أوضاع الجنوب قد تخرج عن السيطرة
د. ياسين سعيد نعمان: أوضاع الجنوب قد تخرج عن السيطرة
الوحدوي نت
الوحدوي نت
 

كشف الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني الدكتور ياسين سعيد نعمان أن حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم رفض المبادرة التي قادها المعهد الديمقراطي الأمريكي لعقد لقاء مع المعارضة في بيروت لمناقشة آليات للتحضير لمؤتمر حوار وطني تشارك فيه كل القوى السياسية من دون استثناء وتهيئة المناخات السياسية.

وأوضح نعمان في حوار مع صحيفة الخليج الإماراتية إن إحالة الرئيس صالح مشروعاً لتعديل الدستور إلى البرلمان بصورة منفردة أكد أن النظام يسير في نفس الطريق الخطأ الذي ظل يمضي فيه طوال الفترة الماضية، مشيراً إلى حاجة اليمن إلى حوار جاد تشارك فيه كل القوى السياسية سعياً إلى توافق من أجل تطوير النظام السياسي يتيح إصلاح النظام الانتخابي. 

الوحدوي نت - ياسين سعيد نعمان

وقال إن السلطة تدعو إلى حوار في كثير من الأحيان وفي ذهنها أن توظفه لإنتاج الحلول التي تراها، مشيراً إلى أن إدارة حوارات تعيد إنتاج سياسات النظام غير مقبولة لدى المعارضة، كون هذه الصيغة لم تقدم أي حلول لمشكلات البلاد.

ولفت القيادي الاشتراكي إلى أن الاحتقان الحاصل في المحافظات الجنوبية اليوم جاء نتيجة ممارسات السلطة التي أنتجت فجوة هائلة وقدمت للشارع الجنوبي الوحدة بكونها المعاناة التي يعيشونها، وحذر من أن حملات الاعتقال والمطاردات للنشطاء السياسيين والمحاكمات لن تفضي إلا إلى المزيد من المواجهة والمقاومة، مشيراً إلى أن الاحتجاجات والاعتصامات التي نظمتها المعارضة كانت موقفا سجلته للتضامن مع أبناء المحافظات الجنوبية لمواجهة العنف وحملة الاعتقالات، وتالياً الحوار:

 

حاوره في صنعاء: أبوبكر عبدالله

  

 أعلن قبل أيام عن مبادرة أمريكية يقودها المعهد الديمقراطي الأمريكي للتوفيق بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة بعد انهيار جهود الحوار السياسي بين الجانبين، ماذا عن هذه المبادرة؟

 

 كان هناك اقتراح من المعهد الديمقراطي الأمريكي لتقريب وجهات النظر بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب المعارضة المنضوية في إطار اللقاء المشترك لعقد لقاء في العاصمة اللبنانية بيروت، ثم عاد وعدله إلى لقاء في صنعاء يحضره المدير الإقليمي للمعهد لمناقشة الآلية التي سيتم بموجبها التحضير لمؤتمر حوار وطني تشارك فيه كل القوى السياسية من دون استثناء من ناحية وتهيئة المناخات السياسية من ناحية أخرى، لكن بعد يومين من تقديم المقترح عاد المعهد وأبلغنا أن حزب المؤتمر رفض الفكرة ولم يحدث جديد في هذا الشأن من يومها.

 

شروط الحوار

 

 الرئيس صالح دعا في خطابه الأخير إلى الحوار وأعلن تشكيل لجان للبحث في الأزمة الجنوبية لكن لم يحدث شيء على الأرض، لماذا تفشل دعوات الحوار برأيكم؟

 

 للحوار قواعد معينة ينبغي أن تفضي إلى نتائج إيجابية لصالح حل المشكلات، لكن السلطة تدعو إلى حوار في كثير من الأحيان وفي ذهنها أن توظفه لإنتاج الحلول التي تراها هي، بمعني أنها لا تريد أن تغير من سياساتها وتريد إدارة حوار مع الآخرين فقط للقبول بسياساتها.

 

الحوار كقيمة ايجابية يفترض أن يقبل هذا بمنطق الآخر متى ما كان جادا في حل المشكلة، لكن أن يوظف الحوار لإعادة إنتاج سياسة النظام والوصول إلى تسويات تعيد إنتاجها اعتقد أن ذلك غير مقبول لأن هذه الصيغة لم تقدم أي حلول لمشكلات البلاد، ما يحتاجه اليمن هو شراكة ليس بالمفهوم الذي يحاول البعض تقديمه كشراكة بين أحزاب بل شراكة تقوم على أساس الاعتراف بحق الآخر في الحياة وحقه في أن يكون شريكا في الحكم والثروة على قاعدة الخيار الديمقراطي الذي اخترناه.

 

 دعا الرئيس إلى مؤتمر للحوار الوطني تحت قبة مجلس الشورى بمشاركة سبعة آلاف شخصية، لماذا رفضته المعارضة؟

 

 للحوار قواعد، يجب ألا يتم بهذا الحشد الإعلامي الذي يسعى إلى تغييب المشكلات الحقيقية في البلد وإنما يجب أن يرتكز على القواعد التي تم تحديدها في اتفاق 23 فبراير/ شباط 2009 الذي يعتبر مرجعية الحوار الوطني، فهو نص لأول مرة على الحوار بين كل الأطراف السياسية ومنظمات المجتمع المدني وكنا نبحث عن آلية حول كيفية الوصول إلى هذا الخيار.

 

وقد طرحنا للحزب الحاكم خيارات لتنفيذ هذا الاتفاق ثم نفاجأ بأنهم يدعون إلى حوار خارج اتفاق فبراير/ شباط، وقلنا لهم إن أردتم أن يكون هذا حواراً للمؤتمر الشعبي الحاكم فليكن كما حال الحوارات التي أدارتها المعارضة، لكننا نرى أن اليمن بحاجة إلى حوار ليس بالطريقة التي تخرب أو تدفع الناس إلى اليأس من الحوار فلم يعد لدينا سوى هذا الخيار ونرى أهمية أن يكون حواراً وطنياً حقيقياً يشارك فيه الجميع دون استثناء ليخرج البلد من أزماته، فإذا خرب الحوار وجرى العبث به كما تم العبث بالجمهورية والثورة والوحدة والديمقراطية فعلى الدنيا السلام.

 

اتفاق فبراير

  

 لماذا تصرون على أن يكون الحوار منطلقاً من اتفاق فبراير، ماذا وراء الأكمة؟

 

 ولماذا تعتبره أكمة؟ هو اتفاق معلن وهو يدعو إلى حوار وطني بمشاركة كل القوى السياسية.

 

 لوحظ أن أية مبادرات تقدمها السلطة للحوار ترفض من قبل المعارضة؟

 

 ولماذا تقدم السلطة مبادرات غير ما تم الاتفاق عليه؟، لماذا تتحايل على هذا الاتفاق الذي تم بموجبه تأجيل الانتخابات سنتين؟، لماذا أجلنا الانتخابات، إذاً؟ نحن أجلناها من أجل أن تتحاور كل القوى السياسية، وأول قضية تتحاور حولها هي تطوير النظام السياسي لكي يتيح إصلاحات للنظام الانتخابي.

 

من دون أن يتطور النظام السياسي الذي يسمح ببناء دولة الشراكة الوطنية واستعادة إرادة الناس في أن يعبروا عن مصالحهم لن تكون هناك انتخابات حرة ونزيهة، والمسألة مرتبطة بالذي يحدد هذا الأمر ونحن نقول إن من يحدده هو كل الأحزاب والقوى السياسية التي وقعت اتفاق فبراير.

 

 الرئيس صالح اتهم المعارضة علنا بالتنصل من الاتفاق وإفشال الحوار، وقال إن توقيع المؤتمر للاتفاق معكم كان خطأ لن يكرره المؤتمر؟

 

 كنا لا نتمنى من الأخ الرئيس أن يضع نفسه في هذا الموقع بأن يحكم على طرف، بل كان عليه باعتباره راعي الحوار أن يستمع لكل الأطراف ثم يصدر أحكاما، مع ذلك فانني اعتقد أن حزب المؤتمر الحاكم من رأسه إلى أدناه وضع نفسه في مكان واحد للحكم على المعارضة في اللقاء المشترك، لكن نحن نرى أنه ليس لدينا سوى الحوار، في حين أن الحزب الحاكم لديه وزارات المالية والدفاع والتخطيط ولديه البنك المركزي والأمن السياسي والأمن القومي، ولذلك يمكن أن يستعين بهذه الأجهزة والأدوات بدلاً من الحوار، أما نحن فليس لدينا سوى الحوار وميدان الشهيد الظرافي للاعتصام.

 

 لوحظ أن رد فعل المعارضة حيال خطاب الرئيس كان قويا بعدما دعت فورا إلى اعتصامات في المحافظات، لماذا هذه الخطوة اليوم؟

 

 أولا نحن لا نعمل بطريقة رد الفعل، بل نعتبر أن الاعتصامات والمسيرات جزء من العمل السلمي الديمقراطي ولا نمارسها كرد فعل، نحن نختار متى نخرج إلى الشارع ونقوم باعتصامات ومتى نخرج للناس، والاعتصام الأخير كان موقفاً سجله “المشترك” للتضامن مع أهلنا في الجنوب لمواجهة حملة الاعتقالات والعنف التي أعلنتها السلطة بعد وقف حرب صعدة، ورأينا أن هذا عمل سيعرض البلد والناس لمخاطر حقيقية فلا يجوز أن توقف الحرب في مكان وتشعلها في مكان آخر ونحن ضد الحروب وندعو للحل السياسي.

 

خرجنا إلى الشارع ولا يزال في برنامجنا أن نخرج كجزء من العمل السياسي المستقبلي.

 

 أعلنت السلطات عن تقديم الرئيس صالح مشروعا لتعديل الدستور إلى البرلمان بمعزل عن التوافق مع المعارضة، كيف ترون هذا الإجراء؟

 

 إحالة الرئيس مشروعا لتعديل الدستور إلى البرلمان بصورة منفردة لا يعني شيئا سوى أن النظام يسير في نفس الطريق الخطأ الذي ظل يمضي فيه طوال الفترة الماضية، وهذا الإجراء لم يكن مستبعداً عملياً، فالتوافق الوطني السياسي الذي كان يفترض أن يتم كانت السلطة قد دفنته منذ فترة مبكرة، ولو استعرضنا ماذا تم بعد اتفاق فبراير سنجد أن كل الخطوات التي باشرتها السلطة لم تخرج عن محاولات لدفن هذا الاتفاق.

 

 في حال مضت هذه الترتيبات من دون تعديل القانون الانتخابي، هل ستقاطعون الانتخابات القادمة ،2011 ما هي الخيارات المطروحة لديكم؟

 

 خياراتنا ما زالت في إطار الحوار وحتى الآن الدعوة إلى التوافق الوطني بشكل عام ودعوة جميع الأطراف الأحزاب السياسية والحراك الجنوبي والمعارضة في الخارج، والحوثيون وكل القوى والفعاليات السياسية ومنظمات المجتمع المدني إلى المشاركة في حوار يبحث في حلول للأزمة اليمنية العاصفة.

 

وإذا أصرت السلطة على أن تسير في نفس الطريق الخطأ الذي ظلت تسير فيه الذي أوصل البلاد إلى هذه الكوارث فعليها أن تتحمل مسؤولية النتائج لوحدها أما نحن فسنظل متمسكين بخياراتنا السياسية والوطنية أياً كانت الصعوبات التي تواجهنا.

 

القضية الجنوبية

 

 في ظل الاضطراب الذي يلوح بأعمال عنف في الجنوب بدت المعارضة غائبة، أين هي المعارضة مما يحدث؟

 

 نحن حذرنا من هذا الوضع منذ وقت مبكر وقلنا إن مواجهة الحراك السلمي في الجنوب بالعنف والقمع سينتج تداعيات خطيرة، كما دعونا إلى حوار وطني شامل يبحث في الأزمات التي تعيشها البلاد سياسيا واقتصاديا، لكن للأسف لم تستجب السلطة، بل إنها استمرأت السير في طريق مواجهة الأزمات والمشكلات الداخلية بأدواتها الخاصة وفي مقدمها العنف والقمع.

 

 يلاحظ أن تظاهرات الحراك الجنوبي لم تنتج شيئا ايجابيا قدر ما فاقمت حال التوتر؟

 

 أعتقد أن الحراك السلمي في الجنوب حقق نتائج سياسية ووطنية واستطاع أن يفرض واقعا جديدا في المشهد السياسي، وأخذت قضية الجنوب بعدها الحقيقي في إطار الأزمة الوطنية الشاملة التي كانت مهملة واليوم بدأ العالم يقول إن هناك قضية ومشكلة حقيقية في جنوب اليمن.

 

لكن عوضاً عن تعترف السلطة بهذه القضية وتتعامل معها بموضوعية وإيجابية لجأت إلى أسلوبين، الأول محاولة اختراقها بوسائل وأدوات معينة بهدف حرفها عن مسارها الطبيعي والثاني توظيف هذا الاختراق وما نتج عنه من آثار لتبرير القمع الذي تعرض له نشطاء الحراك السلمي.

 

 كيف يمكننا أن نقرأ ما يدور في الجنوب بأنه حراك سلمي في ظل أعمال عنف وشعارات “الكفاح المسلح”، “طرد الاحتلال”، “ثورة لاستعادة دولة الجنوب”؟

 

 أرى أن نفصل أولا بين الشعار السياسي وبين التعبير عنه، فالحراك السلمي حركة موضوعية شعبية انخرط فيها الكثيرون سواء في صورة منظمات سياسية أو اجتماعية أو مواطنين، هؤلاء انخرطوا فيه كتعبير عن أن هناك قضية ما وهذا الانخراط تم بشعارات وأهداف سياسية مختلفة وكان النضال السلمي الذي يرفض العنف أداته الرئيسية.

 

التعبيرات السياسية التي برزت داخل الحراك كان فيها من رفع شعارات كالتي ذكرتها في سؤالك، لكن هناك أحزاب انخرطت أيضا في الحراك السلمي ببرامجها السياسية المعروفة.

 

والشعارات التي ترفع اليوم هي نتاج للواقع المحبط الذي عاشه الناس في هذا الجزء من الوطن وكان من الطبيعي أن الحل لمواجهة مثل هذا الوضع هو تقديم دولة الوحدة بصورة مختلفة تمكن الناس أن يشاهدوا مستقبلهم فيها، لكن الإحباط العام وحال التطرف الذي مارسته السلطة على صعيد الواقع السياسي أنتج هذا القدر من التطرف الذي نقرأه في الشعارات.

 

كان لا بد لهذا الحراك في ما لو سمح له أن يظل سلميا كما بدأ أن يأخذ مداه وينشئ حوارات بداخله لكن إقحام السلطة لأدوات العنف في هذه المعادلة بهدف حرفه عن مساره الطبيعي اتجه بالبلد نحول المجهول والسلطة وحدها هي من تتحمل مسؤولية ذلك.

 

نحن نشعر بأن الأزمة تتفاقم كل يوم وأن عناصر الأزمة ستخرج من يد الجميع إذا استمرت خيارات التطرف هي التي تنتج الأزمة وطرائق مواجهتها.

 

 تطرف من السلطة وتطرف من الشارع في الجنوب، إلى أين تسير الأمور برأيكم؟

 

 دعنا نقل إن اليمن يعيش اليوم حالة من الاضطراب العام، وكنا ولا نزال ندرك أنه مالم يتجه اليمنيون بمختلف نحلهم وأحزابهم وقواهم السياسية والاجتماعية إلى حوار جاد يفضي إلى حلول شاملة للأزمة اليمنية، فإن الأمور ستتفاقم وربما تتجه نحو المزيد من الارتباك والاضطراب.

 

نحن شخصنا في وقت مبكر معالم ومحاور الأزمة ومظاهرها وقلنا إن البلد يتجه نحو مزالق خطيرة ولا بد من العودة إلى الحوار، ليس على القاعدة القديمة التي كان يلتقي فيها المؤتمر الشعبي والمعارضة، لكن على قاعدة مختلفة باعتبار أن المشكلة توسعت وأنتجت قوى فاعلة في الحياة السياسية من خارج هذه التكوينات وعلى الجميع أن يشاركوا في الحوار برؤى وأهداف مختلفة ويكون هذا الإطار الحواري هو القادر على تشخيص الواقع وتحديد إلى أين نسير وما هي المعالجات الناجعة.

 

السلطة تزعم منذ فترة طويلة أنها تدعو إلى الحوار لكننا نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً، والثابت أن السلطة بعدما أقفلت أبواب الحوار فتحت أبواب الحروب والعنف وتفاقمت الحروب والأوضاع ازدادت سوءا ومشاكل الإرهاب تتفاقم والأوضاع الاقتصادية تتدهور، وإلى أين تسير الأمور لا نستطيع أن نحدد، لكن نعتقد أنه من الضروري أن يلتقي الجميع للإجابة عن السؤال.

 

مفترق طرق

 

 لماذا غابت المعارضة عن الاحتقان الحاصل في المحافظات الجنوبية طوال السنوات الماضية؟

 

 لم تغب المعارضة، فلدينا تواصل مع كل الأطراف للبحث في المشكلة وسبق وقدمنا رؤية شخصنا فيها المشكلة وقدمنا حلولا طرحت للحوار والطرف الوحيد الذي يناهض هذا التحرك هو السلطة التي ترى في حركة الآخرين مؤامرة عليها.

 

نحن نقول إننا اليوم عند مفترق طرق وعلى الجميع أن يتحرك باتجاه إيجاد مخارج عملية ولا نضع أي سقف أو خطوطاً حمر للحوار السياسي، ومن حق الجميع أن يشاركوا بأهداف ورؤى مختلفة ونستطيع أن نتحاور ونبحث في مخارج للأزمة ولا نتوقع أن يأتي الآخرون بحلول لأزماتنا ما لم نكن نحن قادرين على وضع الحل.

 

 التطورات الأخيرة كشفت أن ثمة قوى عديدة تتجاذب الشارع في الجنوب، فلماذا وصل الوضع إلى هذا الحال برأيكم، ولماذا صار الشارع الجنوبي يستجيب لأي دعوات من الخارج؟

 

 الشارع الجنوبي تحرك قبل المعارضة في الداخل والخارج، وأنا اعتقد أنه تحرك بسبب تفاقم معاناته ووصل الاحتقان فيه إلى مرحلة اليأس، وذلك باعتقادي دفعه لأن يتحرك بشكل يستجيب للشعارات أو الأهداف التي تتناسب مع مستوى هذا الاحتقان.

 

على الجميع أن يعي أن احتقان الشارع الجنوبي وصل إلى درجة عالية وأي نداء أقل من هذا المستوى لن يستجيبوا له، فإذ خاطبت الشارع الجنوبي اليوم باسم الوحدة لن يستجيب لي لأن السلطة أنتجت داخل هذا الشارع بممارساتها الانفصالية فجوة هائلة، فهي قدمت للشارع الجنوبي الوحدة على أنها المعاناة التي يعيشونها وفي هذه الحالة عندما أخاطب الناس بالوحدة فسأكون كمن يخاطبهم بلغة ما يرونه ويلمسونه في الشارع في صورة الإقصاء والتهميش والبطالة والمعاناة اليومية والوضع المعيشي البائس والفساد.

 

علينا أن نتحدث اليوم عن أزمة أنتجها النظام والحل في كيفية إعادة الناس إلى القاعدة التي نعتقد أنها تحفظ مصالح الجميع في إطار دولة تمكن الناس جميعا من أن يحفظوا مصالحهم ويحققوا أهدافهم.

 

اللعب بالنار

 

 اتهمتكم السلطات بالتحريض على العنف وإشعال الحرائق بل إن الرئيس صالح حذر من اللعب بالنار وأكد أنكم أول من سيكتوي بها؟

 

 السلطة عندما تريد أن تلوي ذراع الحقيقة تتجه إلى اتهام الآخرين، لكن عليها أن تعلم أن ما يحدث في الجنوب هو نتاج لسياساتها في التهميش والإقصاء واستشراء الفساد والحروب وهذه هي المقدمات التي أوصلت الناس إلى هذا الوضع.

 

أما نحن في المعارضة فدورنا كان ولا يزال الوقوف إلى جانب الشعب في الجنوب واليمن بصورة عامة في ما يخص مواجهة المظالم وفساد السلطة وسياساتها الخاطئة والدعوة إلى شراكة وطنية حقيقية تسمح للناس بأن يكونوا حكاما لأنفسهم وشركاء في تقرير مصيرهم.

 

وإذا كانوا يرون في ذلك تخريبا ودعوة للعنف فهذا شأنهم لكننا نرى فيه إصلاحا حقيقيا لمسار واقع اليمن وسنظل نعمل من أجله شاءوا ذلك أم أبوا.

 

هذه القضية خلفت آثارا سياسية واجتماعية ونفسيه واقتصادية لدى الناس دفعتهم إلى البحث عن مكانتهم من طريق الحراك السلمي الذي لم يرد له أن يبقى كذلك.

 

 هل ترون أن مطالب الشارع الجنوبي اليوم تصب في الإطار السلمي؟

 

 ليس بالضرورة أن كل ما يقال صحيحا مائة في المائة ولكن دعنا نبحث في حلول للمشكلة.

 

على الجميع أن يدرك أن سير السلطة في الطريق المفضي إلى الاستبداد دفع قطاعات واسعة من المجتمع إلى التعبير عن رفضها بهذه الصورة، فما شهده هذا الجزء من الوطن بعد حرب صيف 1994 من تهميش وإقصاء وتمييز وفساد أنتج هذا الحراك كتعبير من الناحية السياسية والمعرفية عن حاجة الجنوب إلى احتشاد سياسي يعيد الاعتبار لمكانته في المعادلة الوطنية كطرف أساسي في الوحدة كشريك وليس ملحقا.

 

نعود ونقول إنه بإنتاج الشراكة الوطنية الحقيقية القائمة على أساس بناء دولة ديمقراطية لا مركزية ستحقق مثل هذه الشراكة، وهذا الأمر جرى التعبير عنه في وثيقة أحزاب اللقاء المشترك بثلاثة خيارات ومنها الاتحاد الفيدرالي.