Home Articles Orbits الله الله في وطننا وارواحنا
الله الله في وطننا وارواحنا
محمد شمسان
محمد شمسان

بالقدر الذي لا يمكن  فيه  لعاقل : ان يرفض تنفيذ مخرجات الحوار الوطني , او ان يدافع عن حكومة  الفشل والفساد والافساد او ان يقبل بالجرعة والتجويع  والاذلال - فأنه لا يمكن ايضا لعاقل  بأن يقبل ان تكون لغة التهديد والوعيد واستخدام العنف وحشد الجموع المسلحة والتلويح بالحرب , من الوسائل النضالية المستخدمة لتحقيق الاهداف والمطالب والشروط الخاصة بأي جماعة من الجماعات الدينية - او أي طرف من الاطراف السياسية الموجودة على الساحة الوطنية .

ومن يسعى لتحقيق مطالبه وشروطه بقوة السلاح والتهديد بالحرب واستخدام العنف فأنه ليس جدير بالاحترام والتقدير - ولا يمكنه ايضا ان يكون امينا على مستقبلنا ومستقبل الاجيال القادمة – كما هو الحال ايضا مع من يدافع عن الجرعة او يرفض اقالة الحكومة الحالية او يعيق تنفيذ مخرجات الحوار , وكما انه من غير المعقول او المقبول ان يحدد او يُربط مصير هذا البلد ومصير شعبه بمصير مجموعة من الشروط والمطالب التي يتبناها مكون اجتماعي او فصيل سياسي او جماعة دينية , فالوطن يتسع للجميع ويحتضن الجميع - ومصيره ومستقبله مسئولية الجميع وليس على طرف دون اخر , كما ان كافة ابناء ومواطني هذا البلد بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم وشرائحهم ومكوناتهم , معنيين بدرجة اساسية برسم وتحديد ملامح المرحلة القادمة , وصناعة المستقبل الذي يتوافق مع الارادة الشعبية والجماهيرية , ويواكب امالهم وتطلعاتهم  وطموحاتهم .

لست منحازا لإي طرف من الاطراف المتصارعة في المشهد السياسي الحالي وهو الصراع الذي يأتي في سياق الوصول الى تقاسم السلطة والثروة والنفوذ , ولا يمكنني ان انحاز الى اي مشروع سياسي او ديني لا يعترف بوجودي ولا يحترم انسانيتي ولا يقر بحقي في الحياة والعيش الكريم , غير انني مواطن صالح في هذا البلد يهمني امنه واستقراره ووحدة نسيجه الاجتماعي , ويعنيني بدرجة اساسية تحقيق الشراكة الوطنية والتوافق بين مختلف المكونات والاطياف السياسية دون اللجوء الى الاقصاء و التهميش والتحريض والتخوين والتكفير واستخدام العنف والصراع المسلح .

لقد فشلت هذه الحكومة فشلا ذريعا في ادارة شئون البلاد وتصريف امور العباد وهي غير مؤهلة وغير قادرة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني ناهيك عن كونها فاسدة سياسيا واقتصاديا - لكن اسقاطها او استبدالها وتغييرها لا يمكن ان يكون عن طريق التهديد والوعيد والحرب وانما بقرار حكيم يتوافق عليه جميع الشركاء السياسيين على الساحة الوطنية - ولا ينبغي لاي طرف من الاطراف ان يفرض وصايته على الشعب او ان يرغم الاخرين بالقبول برأيه وتنفيذ شروطه تحت تهديد استخدام السلاح واللجوء الى العنف - وهذا ما اكدت عليه الوثيقة النهائية لمؤتمر الحوار الوطني (في المبادئ العشرة المحددة فيها كضمان لتنفيذ المخرجات ) حيث نصت على الشراكة والتوافق بين كافة الاحزاب والمكونات السياسية على الساحة الوطنية في عملية تنفيذ تلك المخرجات التي يطالب الجميع اليوم بسرعة تنفيذها .

لقد توافق الجميع على مبدأ التغيير والسير في تأسيس عملية سياسية جديدة , واجمعوا على مشروع وطني حقيقي مستلهم من مختلف المشاريع والرؤى والمواقف والتصورات الوطنية وتمثل بالوثيقة النهائية لمخرجات الحوار , وهاهم الجميع ايضا يطالبون بل ويصرون على ضرورة الاسراع في تنفيذها واستكمال عملية التغيير , والسير نحو بناء الدولة المدنية الحديثة التي تكفل المواطنة المتساوية والتعايش والقبول بالأخر والشراكة بين جميع ابنائها , وتحقق العدل والتطور والازدهار , وتصون الحقوق والحريات والمعتقدات , وتحترم تعدد الافكار والرؤى والتصورات والمواقف السياسية والثقافية وغيرها .

وباعتقادي فأن الاستمرار بالمطالبة بتنفيذ مخرجات الحوار من كافة الاطراف والمكونات , ربما هو المؤشر الوحيد الذي يبعث الامل في نفوسنا , ويجدد ثقتنا بالرهان على الحكمة اليمنية في تحكيم العقل , والتغلب على هذه التحديات والعراقيل التي تعترض العملية السياسية , والتوافق على حل وحسم الخلاف القائم بين المكونات والنخب السياسية , من خلال وقف كافة اشكال التصعيد والتحريض والتخوين التي تمارسها اطراف الصراع ضد بعضها البعض , والجلوس على طاولة واحدة لوضع خارطة طريق مزمنة تنهي جميع الخلافات والتباينات الحاصلة على الساحة الوطنية وتحقق القدر الكافي من الشراكة والمساواة بين مختلف اطياف ومكونات المجتمع .

لقد اثبتت وأكدت الاحتجاجات والمسيرات والتظاهرات والحشود الجماهيرية والشعبية التي خرجت دعما وتأييدا لطرفي الصراع في المعادلة السياسية مؤخرا , انه لا يمكن لاي طرف من الاطراف ان يتغلب او يقضي على الطرف الاخر مهما كان حجمه او قوته , وانه لا يمكن لاي طرف من الاطراف ان يحسم المعركة او ينهي هذا الصراع لصالح مشروعه الخاص , وانه ليس ثمة خيارات امامنا في هذا الوقت وفي ظل هذه الظروف الا الشراكة والتوافق والتعايش والقبول بالأخر , علينا ان ندرك جيدا ان خيار الحرب ليس هو الحل المناسب لكسب نتائج المعركة , وان العنف والتحريض والتخوين وتبادل الاتهامات ليست من الوسائل المشروع لبناء الاوطان وتحقيق الاهداف العظيمة والنبيلة .

علينا كيمنيين ان نستفيد مما يجري في الصومال والعراق وليبيا وسوريا , ومن مختلف الاحداث التي تدور حولنا , علينا ان لا ننجر الى مربع العنف والعنف المضاد لتحقيق اهدافنا ومطالبنا , علينا ان نبحث في خيارات التعايش والسلام والمحبة والتسامح وان ننطلق من القواسم المشتركة التي تجمعنا (الهوية الوطنية – الانتماء الوطني – الدين الاسلامي – الروابط الانسانية) , علينا ان نستدعي في مثل هذا الظروف المزيد من الحكمة المزيد من التعقل المزيد من الصبر المزيد من الامل المزيد من القيم الدينية والاخلاقية والانسانية , ولنتذكر جيدا ان التوقف او العودة خطوة الى الخلف خير لنا من السير نحو المجهول او مواصلة الطريق الى جهنم .

 

 وهنا نقول للأحبة والاخوة والرفاق في طرفي الصراع - الله الله في وطننا , الله الله في ارواحنا ودمائنا , الله الله في اطفالنا ومستقبلنا ومستقبل اجيالنا القادمة , نحن جميعا امانة في اعناقكم , فلا تجعلوا للشيطان عليكم سبيلا , حفظ الله اليمن وجنبها وشعبها شر الفتن والمحن والقتل والاقتتال , والف بين قلوب ابنائها لما فيه الخير والصلاح والنجاح والامن والسلام والاستقرار .