Home Articles Orbits عن الاخضرار الذي يخنق حتى الهواء!
عن الاخضرار الذي يخنق حتى الهواء!
فتحي أبو النصر
فتحي أبو النصر

في الشمال مثلاً؛ يبدو الفارق بين اخضرار إبراهيم الحمدي، ومشروع التشجير ذو الرمزية المتصلة بالانتماء لروح الأرض واستعادتها كغلاف لسياسة الدولة باعتبارها حاضنة للجميع ومستنهضة مثالية للبعد النفسي الدال على ذلك، وبين اخضرار الحوثي بمدلولات راياته المثلثة ورمزيتها الجديدة على المجتمع منتشرة عبر جماعة منغلقة تفرض على الدولة أن تكون بلا روح جامعة.

فارق جوهري بين ذهنيتين، الفاصل بينهما أكثر من أربعة عقود للأسف، الأولى متقدمة والثانية مابعد ارتدادية، الأولى ذات بذل والثانية ذات استحواذ ، الأولى ذهنية الدولة حين تكون فوق أي جماعة ، والثانية ذهنية الجماعة حين تكون فوق الدولة ، الأولى عميقة وترنو للتوافق والانفتاح حيث ترى أن الفضاء العام شأناً جامعاً ، والثانية سطحية غايتها القسر وفرض الرؤيا الأحادية، تمكيناً من الفضاء العام حيث ترى انها فوق المجتمع ..

بمعنى آخر هو الفارق نفسه بين ذهنية تجعل نظرات الشعب الكادح تزدهي بالاخضرار الوطني الذي تشرف عليه الدولة ويمنح التفاؤل ولايجلب اليأس ، وبين ذهنية تجعل نظرات الشعب الكادح قلقة ويحق لها التشاؤم جراء مهيمنات جماعة أخذت من خزينة الدولة ملايين الريالات للابتهاج اللامعقولي بهوسها الشكلي اللامبرر مايعزز في الناس مسألة الفرز الموضوعي بين مشروعين عرفهما الشمال لكن بذهنيتين متناقضتين تماماً ، الذهنية الأولى تم اجتثاثها ومحق رمزيتها الكامنة في قدرتها النوعية على بعث الأمل بالمساواة والجمال وصدقية الأداء وعدم هدر المال العام خصوصاً ، بينما الذهنية الثانية التي في اشد تناقضها بين القول والفعل تتم تغذيتها بإمعان لايمنح الاطمئنان الكافي بإمكانية مستقبل موضوعي لقيام دولة قانون ومواطنة منشودة لامكان فيها لتغول الميليشيا وقبح الفساد ..

عموماً اخضرار الحمدي كان ينقي الهواء بامتصاص غاز ثاني اكسيد الكربون وإنتاج الأكسجين ، كما يجعل للأمكنة قيمة انتعاشية في الوجدان والخاطر ، أما اخضرار الحوثي فيخنق بطائفيته حتى الهواء !