Home Articles Reports الحوثيون في مسقط: التنازلات مشروطة بالحصول على ضمانات سياسية
الحوثيون في مسقط: التنازلات مشروطة بالحصول على ضمانات سياسية
الوحدوي نت
الوحدوي نت

تكتظ اروقة الدبلوماسية العربية بنقاشات ومباحثات سياسية حول الازمة اليمنية، في الوقت الذي تصعد فيه قوات التحالف من غاراتها الجوية على اليمن بعد اعلانها بدء المرحلة العسكرية الثالثة والحاسمة في البلد.

الوحدوي نت

ومنذ الاعلان عن تأجيل مؤتمر جنيف الذي كان مقررا انعقاده في الـ 28 من الشهر الفائت بين كافة اطراف الازمة السياسية في اليمن وبرعاية اممية، اتجهت جماعة الحوثي صوب العاصمة العمانية مسقط لبحث سبل جديدة للخروج من مأزقها الراهن، والتمهيد لإحياء مفاوضات جنيف من جديد بعد الاتفاق على جملة من الاشتراطات التي وضعتها الحكومة اليمنية مقابل الدخول في اي حوارات جديدة وفي مقدمتها تنفيذ جماعة الحوثي لقرار مجلس الامن الاخير رقم (2216) الذي يطالبها بالانسحاب الفوري من المدن التي سيطرت عليها واخلاء المؤسسات الحكومية وتسليم اسلحتها التي نهبتها من الدولة وإطلاق سراح المعتقلين.

وتسعى سلطنة عمان التي وجهت دعوة للقيادات الحوثية لحضور مسقط لرعاية مشروع حل سياسي للوضع في اليمن، بموافقة خليجية ودعم ايراني وقبول امريكي ودولي. وتتصدر عُمان الواجهة على اعتبار انها تحضا بقبول من قبل جماعة الحوثي كونها لم تشارك دول الخليج في التحالف العربي ضد مليشيات الحوثي وقوات صالح في اليمن، فضلا عن التقارب العماني الايراني، الامر الذي يجعلها تمتلك قدرة التأثير على جماعة الحوثي التي باتت هي الاخرى ترغب في الخروج بحل سلمي يضمن لها ماء وجهها بعد الضربات الموجعة التي تلقتها قواتها من قبل غارات التحالف العربي.

وتقوم المبادرة العمانية حسب مصادر دبلوماسية عليمة على تطبيق قرار مجلس الامن 2216 من قبل جماعة الحوثي مقابل تقديم ضمانات سياسية وأمنية تضمن عدم ملاحقة قيادات الجماعة جنائيا فضلا عن القبول بهم كمكون سياسي رئيسي في البلاد.

وتسعى جماعة الحوثي الى تحقيق اكبر قدر من المكاسب السياسية خلال المباحثات الجارية في مسقط مقابل تقديم تنازلات والتراجع عن كثير من الخطوات المعلنة من قبلها في السابق، كالإعلان الدستوري الذي وافقت الجماعة ضمنيا على التراجع عنه مبدية تمسكها باتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي تم التوقيع عليه بين الاطراف السياسية المختلفة عشية اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء في الـ21 من سبتمبر الماضي، غير ان الرئيس هادي يرفض الاعتراف باتفاق السلم والشراكة كونه تم تحت سلطة الامر الواقع، ويتمسك بالعودة الى مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والمبادرة الخليجية كمرجعيات رئيسية في اي حوارات قادمة الى جانب اعلان الرياض.

مباحثات مسقط التي ايدتها الامم المتحدة ومبعوثها الى اليمن تضمنت مسودتها الاولى – حسب مصادر المركز اليمني للاعلام - إعلان هادي عفوا عاما عن كافة القيادات العسكرية والمدنية، وإحالة قادة الجيش المتورطين في الحرب الى التقاعد واعادة النظر في عدد الاقاليم للدولة اليمنية الجديدة وعلى ان يعاد طرح تقسيم اليمن الى اقليمين شمالي وجنوبي مرة اخرى، وهو ما يعده الحوثيون تلبية لاحد مطالبهم فضلا عن ان هذا المقترح سيلقى قبولا لدى فصائل الحراك الجنوبي.

مسودة المبادرة العمانية تقضي ايضا بوقف التصعيد الحوثي على الحدود اليمنية السعودية ووقف عمليات عاصفة الحزم في اليمن والبدء بإعادة اعمار ما دمرته الحرب بتمويل خليجي، بالتزامن مع استعادة الحكومة الشرعية لدورها في البلاد وتعديل مسودة الدستور الجديد والتهيئة لانتخابات رئاسية وبرلمانية في مدة لا تزيد عن العام وبإشراف اقليمي ودولي.

وترفض الحكومة اليمنية التي لا تشارك في مباحثات مسقط اي دور مستقبلي للرئيس السابق علي عبدالله صالح، كما تشترط تقليص التمثيل السياسي للاطراف في مؤتمر جنيف الذي من المتوقع انعقاده منتصف يونيو الحالي الى ما دون الـ20 شخصا يمثلون كافة الاطراف وذلك لسرعة اتخاذ القرارات باليات تنفيذ ما تشترطه الحكومة دون الخوض في أي تفاصيل اخرى، وترى ان من سيمثل المؤتمر في اي حوارات مقبلة هي قيادات الحزب التي حضرت مؤتمر الرياض الذي انعقد في الـ 17 من مايو المنصرم، الامر الذي دفع مسقط لبحث مقترح بالسماح لصالح وعائلته بمغادرة اليمن مع الالتزام بعدم ممارسته اي دور سياسي مستقبلا.

وبدا صالح مغيبا من المشاورات الجارية في مسقط وهو ما عبر عنه ممتعضا في حوار اجرته معه قناة فضائية عربية وبث مساء الجمعة الماضية، اذ وجه الرجل عتابا صريحا لحلفائه الحوثيين على عدم مشاورته قبل التوجه الى مسقط على اعتبار انهم شركاء في الميدان.

وبدت خسارة الحوثيين لمحافظة الضالع الجنوبية وتكبدهم عشرات القتلى على يد المقاومة الشعبية هناك التي سيطرت على المحافظة بالكامل بالتزامن مع تواجد الوفد الحوثي في مسقط كما لو انها رسالة تأديبية اراد صالح توجيهها لحلفائه الحوثيين، على اعتبار ان الضالع كانت تحت قبضة معسكرات موالية لصالح.

تصعيد جديد

بالتزامن مع المباحثات السياسية دشنت قوات التحالف مرحلة جديدة من عملياتها العسكرية في اليمن التي وصفت بالأعنف منذ انطلاقها في الـ 26 من مارس الماضي، وذلك بعد ان اعلن المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف العميد احمد عسيري عن بدء المرحلة الثالثة والأخيرة للحسم وإنهاء الحرب في اليمن.

وبدت هذه المرحلة اكثر كثافة للغارات الجوية ووسعت من نطاق الاهداف العسكرية كمسكرات الامن التي تم استهدافها في العاصمة صنعاء. ومن بين الاهداف الجديدة لمرحلة الحسم التي اعلنت عنها قوات التحالف منازل قيادات حوثية وأخرى موالية لها وللرئيس صالح، وهو ما تم ترجمته خلال الايام القليلة المنصرمة في صنعاء وعدد اخر من المحافظات اليمنية. وتسعى قوات التحالف الى تدمير ما تبقى لدى المليشيات الحوثية وقوات صالح من ترسانة عسكرية عبر استهداف مخازن السلاح دون استثناء، كما تسعى الى ردع القوى القبلية او السياسية التي تؤيد او تدعم القوى المتمردة على شرعية الرئيس هادي.

جيش وطني

في المقابل تعمل قوات التحالف على دعم جهود الرئيس هادي لاعادة ترتيب وضع الجيش اليمني وتشكيل الوية ووحدات عسكرية جديدة على اسس وطنية، وهو ما بحثه الرئيس هادي خلال اجتماع عقد الخميس الفائت مع مجلس الدفاع الاعلى وهو الاجتماع الاول للمجلس منذ انتقال الرئيس هادي الى الرياض. وكلف هادي رئيس هيئة الاركان العامة بتأسيس مراكز لاستقبال الجنود الموالين للشرعية الذين تم اقصائهم وتسريحهم والعمل على لملمة الجيش وضم مقاتلي المقاومة الشعبية الى صفوف الجيش بصورة رسمية وإعدادهم بشكل حرفي عالي المستوى والبدء بعمل عسكري نظامي يتولى دحر المتمردين الحوثيين من داخل المدن والتصدي لاي محاولات على الارض من قبل الحوثيين لفرض سيطرتهم على مؤسسات الدولة بإسناد جوي من قبل قوات التحالف.

ويهدف هادي ومن وراءه قوات التحالف عبر هذه الخطوة توحيد جهود المقاومة على الارض والقتال وفق ادارة موحدة حفاظا على عدم تشتيت الجهود والطاقات وإعادة الاعتبار لعنصري التخطيط والتنفيذ الدقيق والحرفي للعمليات.

ويصف محللون عسكريون المحلل هذه الخطوة بالإستراتيجية والهامة وبأنها نقلة نوعية على طريق بناء جيش نظامي وطني تحت قيادة موحدة ، كما اعتبرها البعض هيكلة حقيقية للجيش النظامي، على اعتبار ان لملمة الجيش اليمني تحت قيادة موحدة سيسهل الحركة على الارض من جوانب عدة سواء ما يتعلق بالتأهيل والتدريب والتسليح او فيما يتعلق بالتحرك نحو جبهات القتال واختيار الاولويات في ارض المعركة. وستحد هذه الخطوة مستقبلا من ظهور مليشيات بمسميات مختلفة قد تشكل خطرا على امن البلاد.

 المركز اليمني للاعلام