Home Articles Orbits تعز.. المثخنة التي لا تستريح
تعز.. المثخنة التي لا تستريح
فتحي أبو النصر
فتحي أبو النصر
 

أمقت الحديث عن تعز كتعز، غير انني امجدها باعتبارها خلاصة الوجدان الوطني اليمني، كما أحلام اليمنيين بالوطن المثال الذي يستحق ان نعتز به

كان ان انطلقت من تعز في 62 و63 مواكب طلائع تحرير الشمال من الاستبداد والامامة و تحرير الجنوب من الاستعمار والسلاطين

وأما في 11 فبراير 2011 اندلعت من تعز أيضاً شرارة الثورة الشعبية ضد نظام صالح غير الصالح

إلا ان فصائل في المقاومة الجنوبية صارت تقف اليوم هي والحوافيش في موقف واحد بحيث يحاصرون تعز من جهة منفذ الصبيحة لحج –المعافر مانعين عنها الامدادات الاغاثية، في حين يحاصرها الحوافيش من جهتي طريق الحديدة -المطار القديم وطريق إب –مفرق الحوبان

والشاهد في السياق ان السعودية مازالت تتذكر ان تعز كانت حاضنة جمال عبد الناصر عدوها اللدود في الستينيات ، فضلاً عن انها تعز التي استعصت اكثر من اي منطقة يمنية على كشوفات اللجنة الخاصة على مدى عقود

وبينما يبدو جلياً بأن الاسلام السياسي يسعى من ناحيته الى تشويه تعز كونه ضد مدنيتها وتقدميتها حتى اننا رأينا كيفية ازدهار القاعدة وفق هندسة صادمة ليست اعتباطية على الاطلاق، يمكن الخلوص الى ان كل من اعاقوا قيام حكم جمهوري عادل رافضين ازالة الفوارق والامتيازات الطبقية يخشون تعز ويريدون معاقبتها لأنهم يخشون اقامة دولة المواطنة المتساوية التي تحتكر السلاح ويسودها القانون والتحديث وعدم الاستغلال السياسي للدين.. تلك الدولة التي تخاصمها كل مشاريع القوى الرديئة بإصرار مهووس وجامح

والصحيح ان تعز صارت بحسب الثقافة المجتمعية الافسادية الطارئة : ( برغلية في الشمال ودحباشية في الجنوب )

أو كما اشار البردوني في احدى روائعه عن فداحة الغربة المزدوجة لكل يمني غايته اليمن :

(يمانيون في المنفى ومنفيون في اليمنِ.. جنوبيون في صنعاء شماليون في عدنِ)

إلا ان تعز الجغرافيا والتاريخ والقيمة الوطنية العليا ستبقى باختصار شديد -وعلى الرغم من كل هذا التربص - مع قدرها الذي تعيه جيداً و لابد منه، أي ببساطة مع يمن حر ديمقراطي مزدهر على الضد من كل مكائد ازلام الامامة والسلاطين والتخلف والتوريث باسم الجمهورية والانفصال والارهاب باسم الدين أو استغلال الوحدة باسم الوحدة .. الخ الخ

انها تعز المثخنة التي لا تستريح وهو تؤكد ان ( كل الانتماءات الصغيرة ليست وطناً )

سيرة الوطنية المضرجة و(الصاعدون من دمائهم)

تعز الجنوب .. تعز الشمال .. تعز الوسط

الكافرة بكل وثن مناطقي أو طائفي

تعز المتنورة التي مع احترام الدين وصندوق الانتخابات وبرامج السياسة بحيث لايمكن تتسق مع بلاهات الخلافة والولاية القاصرة والاحتكارية التي تعمل على تشويه الدين والسياسة معاً

تعز المخذولة من الداخل قبل الخارج، والمخزون البشري الزاخر في كل اليمن .. مجد البسطاء والمتحضرين وكل الذين اشتدت بهم عراقة الحنين الباسل إلى اليمن المنشود و المغيب

تعز المغدورة كحارسة لشموسنا وانجمنا واقمارنا الجامعة، والموبوءة مثل كل المجانين المجذوبين بالعشق وبالقهر لا زالت- كما عهدناها- صامدة وخضراء وتغني

وبينما تواجه جيشاً مذهلاً من الشر والانحطاط والتجهيل والعبث، إلا انها ستبقى الحالمة والشفيفة والعنيدة ،بل و المدركة تماماً للمهمات الوطنية المتفوقة والأصعب