تظل الحركة القومية العربية الجامعة هدف سامي سعى لتحقيقه عظماء مروا في تاريخنا العربي الحديث منذ ستينات القرن الماضي، وحلم ظل يراود كل شرفاء وماجدات الامة.
ومع تقدم الزمن وتجارب العصر يتأكد للجميع حاجة العرب لهذا المشروع النهضوي الكبير، الذي لم يكتب لتحقيقه النحاح في محاولات سابقة جراء عدم اكتمال الادراك لهذه الحاجة الملحة للعرب حينها.
وبقدر حاجتنا لايجاد حركة عربية قومية جامعة تكون الحاجة لشخصية كاريزمية تحمل قيم العروبة واصالتها كالراحل جمال عبدالناصر، الذي ناضل طويلا في سبيل انتصار مشروعه العربي والقومي قبل ان يترجل لتنقض قوى الردة العربية على المشروع وتنال منه.
منذ رحيل ناصر سيطرت الانظمة الشمولية وقوى الاقصاء والتشطير غالبية الاقطار العربية، وسخر الاموال لتشويه فكرة الوحدة العربية والمشروع العربي الجامع لدى الاجيال المتاقبة. بل وصل الامر حد فشل التقاء القوى المؤثرة في الساحة العربية، وباتت التيارات القومية تناطح بعضها في اتجاهات متباينة. وجاءت النتائج والانعكاسات بما نعيشه اليوم من احتراب وانقسامات حادة واستبدال الهوية القومية بالطائفية والعرقية، وغيرها من المسميات التي تزيد من تمزيق الامة.
وهذا لعمري. حلم الصهيونية وقوى الاستعمار التي ربما لم تكن تتوقع ان تصل الامة الى هذا الحد من الشتات والتمزق والاقتتال الذي تعيشه اليوم في اكثر من قطر.
بدءا من العراق مرورا بسوريا ومصر وليبا وصولا الى اليمن مهد العروبة التي تشهد اقتتالا داخليا وتدخلا خارجيا في ظل غياب مشروع قومي يحكم حركة الامة ويحدد بوصلتها نحو العدو الحقيقي والابتعاد عن التخوين والاقصاء والبحث عن عوامل الجمع بدل عوامل الطرح السلبي وتوحيد الطاقات والاعتراف بكل الأخطاء وبحق كل تيار في الاسهام الإيجابي لمواجهة العدو الصهيوني ومن يقفون بنفس الخندق.
ما يجري اليوم في الاقطار العربية من اقتتال انما هو صرف الانظار الامة عن مخططات الكيان الصهيوني الذي يستمر بعبثه بفلسطين قضية العرب الاولى التي تحولت الى اخر الاهتمامات لدي الانظمة العربية.
ومؤخرا استطاع العدو الصهيوني اختراق القوى الفلسطينية وجعل خلافاتهم حول مسمى ثورة السكاكين وتباينهم حولها واختلافهم عليها.
الحقيقة المرة ان الفلسطينيين تركوا وحدهم في مواجهة غير متكافئة مع كيان غاصب مدعوم امريكيا. وهناك أزمة قومية تتفاقم من يوم لاخر ونكاد معها نفقد هويتنا العربية وقضايانا المصيرية.
من هنا علينا التسليم بالحقائق الثابتة من وجهة نظري وهي:
- المصارحة والمصالحة وقبول بعضنا في بوتقة واحدة.
- تجاوز الماضي وجروحه وإحلال حركة قومية عربية جامعة تسهم فيها كل القوى الصادقة في مواجهة الاخطار.
- تكوين اداة إعلامية في كل قطر عربي لحشد الطاقات والهمم.
- صياغة ميثاق شرف تنضوي تحته جميع القوى والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني بكل تخصصاتها .
ومن خلال هذا الإسهام البسيط من الممكن فتح مجال حوار واسع والعمل على شرف الانتصار لهذه الامة العظيمة الذي تتعرض لأعنف هزات في التاريخ الإنساني.