Home Articles Orbits منعطف الأولويات الأشد الحاحاً
منعطف الأولويات الأشد الحاحاً
فتحي أبو النصر
فتحي أبو النصر

لا الانقلاب سيستمر ولا الشرعية ستستمر أيضاً.. ستدخل البلاد منعطفاً جديداً عل مستوى الأولويات الأشد الحاحاً، أما أصحاب الهموم الطائفية والحزبية والمناطقية الضيقة فهم أكثر الخسرانين بالطبع.

أتحدث هنا من ناحية سياسية بحتة، ولتؤجلوا الأمنيات المتخيلة وأوهام الحلول الناجزة والمفصلة التي على المزاج قليلاً.

لقد كشفت الشهور الفائتة أن عقلية الحسم العسكري سقطت، فيما النتيجة الواضحة حتى اللحظة، هي أن البلاد التي كانت على كف عفريت، صارت على كفوف عفاريت يتعاركون فيما بينهم بدون أفق ولا نضج يذكر؛ ولولا حث صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على ابقاء البنك المركزي خارج التجاذبات لانهار الوضع الاقتصادي بشكل كلي، والمفترض أن صفقة الإنقاذ الصعبة ستفرض شروطها على الجميع.

ثم أن أمراض الجنوب تضخمت، والحراك أكثر الضائعين في المتاهة، بينما اللعنات تصيبه حتى من داخل الجنوب نفسه، جراء عدم استيعابه للواقع، وتضييعه لقضية الجنوب العادلة في حماقات لا تغتفر.

فلقد انكشف على سبيل المثال سطحياً وغوغائياً وهو يفتقد لأخلاقيات جوهرية بعد ان استمرأ التحريض على بسطاء الشمال، وارتهان فصائل منه لإيران، الأمر الذي لن تغفره السعودية بلا شك.

أما الانفصال فهو طامة للجنوب، وليس حلاً كما يتوهم الاغبياء والانفعاليون، ولذلك فهو مسألة مؤجلة من قبل الجميع اقليمياً ودولياً في الوقت الحال.

بالمقابل فإن داعش والقاعدة تدأبان على الانتشار وتعملان في ظل بيئة اللادولة والتدهور الامني، بينما تتقن الاضطرابات التي من صناعتهما إعادة صيغ استبداد وفوضى أشد وطأة، ما يعني أنه لابد من استراتيجية داخلية وخارجية واضحة وحثيثة لمكافحة الارهاب بلا مراوغات او تنصلات.

كذلك ستظل الحوثية تأكل نفسها لأنها مصابة بأسوأ انواع غرغرينا الخطاب الديني الاصطفائي الذي يصطدم به الغالبية من المجتمع اليمني، ولا يمتلك مشروعاً وطنياً جامعاً.

اما القبيلة فلن تغادر وعيها التاريخي كبراغماتية ومع من غلب.

وبالتأكيد يبقى لا خلاص لتعز إلا وعيها الوطني الذي سيجعلها تستمر كأيقونة وطنية- كما كانت- لتخرج بأقل الخسائر من خضم هذا الصراع المعقد والشائك، باعتبار ان وقوعها في الفخ العصبوي -غير اللائق بها على الاطلاق- سيؤجج الجميع ضدها ببساطة!

في سياق آخر يمكن القول ان تشرذم قوى المقاومة-في أكثر من منطقة-وصراعاتها الحزبية والمناطقية اضافة الى تغلغل الفساد والمحسوبية فيها؛ هو ما يضع لها حداً في توجيه الأمور من قبل الخارج الذي صار يخسر كثيراً بدون نتائج حقيقية.

والمعلوم ان للدول الكبرى حساباتها وضغوطاتها التي ستؤثر في الصراع، وبما يضمن تسوية الملعب السياسي للجميع على الأقل.

اما انشطار كتلتي الشرعية والانقلاب فهو يتوضح كل يوم أكثر، فهناك توترات بين صالح والحوثي، كما أن هناك توتراً بين فريق هادي والسعودية.

والارجح ان الصراع الفعلي في الوقت الحالي هو على ترتيب توازنات ومصالح ما بعد الحرب وبدء مرحلة السياسة.

غير أن عدم الواقعية ليس من مصلحة أحد اليوم؛ لا لهادي ولا لصالح ولا لبحاح ولا للحوثي ولا للحراك ولا لمحسن ولا للسعودية ولا للإمارات ولا حتى لإيران، فضلاً عن أن أخطاء الأحزاب لن تطاق بعد كل ما جرى.

ويتطلب الأمر من الشرعية تقوية أدائها لأن عدم وجود سلطتها -ولوفي المناطق المحررة - يقودها الى اختيارات وتنازلات صعبة لا مفر منها باختصار.!