Home Articles Orbits الاحتفال بثورة مسروقة
الاحتفال بثورة مسروقة
أشرف الريفي
أشرف الريفي

حلت علينا اليوم الأحد الذكرى الثامنة والاربعين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962 م والبلد يعيش وضعا ماساويا ، وتحدق به مخاطر جسيمة بعد أن انهك النظام الحالي أهداف الثورة وأنجز عليها .
في الذكرى الثامنة والاربعين للثورة التي قضت على نظام التوريث والاستبداد يعاني الوطن اليوم من استبداد واحتكار " العويلة "- كأسم تدليع للتوريث في اليمن - .
وفي هذه المناسبة التي يحتفي بها الشعب علينا أن نحولها إلى مناسبة لإستعادة روح الثورة المسروقة وقيم النظام الجمهوري المفقودة .
ثمة غضب كبير بالطبع يتملك مناضلي الثورة وهم يرون اليوم احتكار المراكز الرئيسية في البلد على الجيل الثاني من الاسرة الحاكمة وأقاربهم وكأن اليمن الواسع والكبير عقيم بالكفاءات والخبرات التي تدير مقاليد أمور البلد . وكان تضحيات الشهداء لم تكن سوى معبر للصوص الثورات.
كيف للاباء اليوم أن يحدثو أبنائهم عن الثورة وهم يرون كيف سرقت وانكمشت أهدافها، كيف لنا أن نتحدث عن ثورة الامن والامان ونحن نرى لغة الرصاص هي السائدة في مختلف مناطق البلد.
أي ثورة نتحدث عنها اليوم واليمنييين يتقاتلون في صعدة والجنوب ومناطق أخرى بذرائع ومسميات مختلفة وسمجة ، أين الثورة ونحن لازالنا نشاهد تجارة الرق في البلد واستبداد النظام المشائخي وتراجع مشروع التحديث والنهوض ..؟
هذا العيد تزامن مع تقارير دولية حول اليمن تقدمها بصورة سوداوية ، تؤكد فشل الثورة في تحقيق اهدافها المرجوة ... كان بالإمكان خلال ما يقارب من نصف قرن احداث ثورة كبيرة في شتى مجالات الحياة تنقل اليمن إلى مصاف الدول المتقدمة .
ما يقارب من نصف قرن على ثورة سبتمبر ونحن نرى اراضينا تتناقص مقابل توسع سعودي مستمر وسط صمت كل قوى المجتمع التي لاتلتفت لإنكماش اراضينا الملتهمة مقابل صفقات غير معلنة . فيما نحن مشغولون بحروبنا الداخلية ، وبتوسعة نزيف دمنا المسال بإستمرار.
انتفضت الثورة على الفقر ولازال الفقر اليوم هو صديق اليمنيين ، سعت لتبديد الجهل والظلام ، فانشأنا مؤسسات وهيئات للأسف تنتجه وبشهادة رسمية ، رفعت الثورة شعار القضاء على الأمراض ولأزالت الامراض تحصد أرواح اليمنيين بصورة يومية .
كانت ثورة كرامة وعزة ، واليوم تهدر كرامة اليمنيين وعزتهم في بلدهم ولدى جيرانهم ، ليصبح اليمني ملازم لشعور النقص داخل البلد وفي مهجره.
كيف لنا أن نشكو لثورتنا " السجينة " عن ثروات هائلة تهدر ولاتستغل يمتلكها بلد يحاصره الفقر والجوع والخوف.؟.. عن أي ثورة نتحدث ونحن لم نحقق أهدافها في رفع مستوى الشعب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا؟ كيف نحتفي بالثورة التي سعت لبناء جيش وطني قوي لحماية البلاد وحراسة الثورة ، ونحن نرى جيش يستعرض عضلاته على المواطنيين وابناء البلد فيما هناك اراضي يمنية لم تعد ملكا لنا .
تصوروا اننا نحتفي اليوم بالثورة في الوقت الذي نبحث فيه عن نظام جمهوري عادل يزيل الفوارق والامتيازات بين الطبقات ، وليس حكما يصنع الضغائن المناطقية والعداوات المذهبية.
كم كان المشهد مؤلما ونحن نستقبل العيد الثامن والاربعين للثورة باجتماع لاصدقاء اليمن التي اتخذت من غياب التنمية ، وسلاح القاعدة والاوضاع المنفلتة في البلد مدخلا لمناقشة اجندتها الخاصة بمبرر الانقاذ فيما الخفي ليس كذلك.
كنت اتمنى ان نحتفي بالثورة ونحن نفاخر بنهضة زراعية ضخمة أو نهضة صناعية تشرف ، كنت اتمنى انا نحتفل ونحن نفتخر بأمبراطورية الثروة السمكية المستغلة أو المعادن والثروات التي رفعت اليمن في العلالي . لا بتطهير شبوة أو أبين من مواطنيين يمنيين يقولون أنهم من القاعدة . ولا بتمديد سجن صحافي صار بين ليلة وضحاها رئيس عصابة مسلحة وناطق رسمي لتنظيم ارهابي.
كنت أتمنى أن احتفل بعيد ثورتي الثامن والاربعين وأن ألمس مردود الذهب الاسود " النفط" على حياة الناس لا أن تسرق الحكومة حياة الناس بجرع تدريجية بطريقة تخديرية مميته.
كم كانت صدمتي وأن اتلقى سؤال سائق دراجة نارية السبت الماضي لفت نظره الاعداد للاحتفال في ميدان التحرير وهو يقول لي ايش من عيد ..؟ عيد 22 مايو ..؟ كم كانت فجيعتي وأنا ارى الثورة غائبة في حياة الناس المطحونيين في البحث عن لقمة عيش ، والمحرومين من أهداف ثورة كانت تستهدف حياة كريمة لهم .
المواجع جمة ، والمعاناة مضاعفة تحتم على الجميع النضال من أجل تحقيق ثورة تستعيد ثورة اليمنيين ، وتنتصر لدماء الشهداء .