Home Articles Orbits عشرون عاما .. حبا ووهجا ونورا
عشرون عاما .. حبا ووهجا ونورا
محمد شمسان
محمد شمسان
عشرون‭ ‬عاماً‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬إصدار‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الوحدوي‮»‬‭ ‬الناصرية،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬بصدق‭ ‬ومازالت‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬‮ «‬صوت‭ ‬العروبة‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬وصوت‭ ‬اليمن‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‮»‬‭ ‬هذه‭ ‬الصحيفة‭ ‬أو‭ ‬المدرسة‭ ‬كما‭ ‬يصفها‭ ‬البعض‭) ‬وأنا‭ ‬منهم)‭ ‬ليست‭ ‬كالصحف‭ ‬أو‭ ‬كالمدارس‭ ‬الإعلامية‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬عموم‭ ‬محافظات‭ ‬الجمهورية‭ ‬اليمنية‭ ‬لما‭ ‬يميزها‭ ‬من‭ ‬أداء‭ ‬فريد‭ ‬ومتجدد‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬نظير‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الإعلامية‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬وهي‭ ‬تحتفل‭ ‬بمرور‭ ‬عقدين‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬تفعيل‭ ‬رسالتها‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬طوال‭ ‬تلك‭ ‬الأعوام‭ ‬معبرة‭ ‬عن‭ ‬هموم‭ ‬ومتطلبات‭ ‬وقضايا‭ ‬جماهير‭ ‬الشعب‭ ‬من‭ ‬البسطاء‭ ‬والفقراء‭ ‬والمظلومين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭.‬
عقدان‭ ‬من‭ ‬عمري‭ ‬وأنا‭ ‬أنهل‭ ‬واستقي‭ ‬من‭ ‬فيوضاتها‭ ‬المتعددة‭ ‬والمتنوعة‭ ‬والمتجددة‭ ‬والمشبعة‭ ‬بأفكار‭ ‬الحرية‭ ‬والاشتراكية‭ ‬والوحدة‭ ‬ودروس‭ ‬وتجارب‭ ‬المشروع‭ ‬العربي‭ ‬النهضوي‭ ‬المتمثل‭ ‬بالمشروع‭ ‬الناصري‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬زلت‭ ‬أؤمن‭ ‬بل‭ ‬وأزداد‭ ‬إيماناًِ‭ ‬بأنه‭ ‬المشروع‭ ‬الوحيد‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬الاعتبار‭ ‬للمواطن‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬سلب‭ ‬إرادته‭ ‬وعزته‭ ‬وكرامته‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القوى‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الجديدة‭ ‬وأياديها‭ ‬القابضة‭ ‬على‭ ‬زمام‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أقطار‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭.‬
عشرون‭ ‬عاماً‭ ‬كنت‭ ‬خلالها‭ ‬لا‭ ‬أطمح‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬قارئاً‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬تحمله‭ ‬من‭ ‬أخبار‭ ‬ومعلومات‭ ‬وأرقام‭ ‬وقضايا،‭ ‬وكلما‭ ‬مر‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الأعوام‭ ‬كنت‭ ‬أشعر‭ ‬بأني‭ ‬أقترب‭ ‬شيئاً‭ ‬فشيء‭ ‬وأكثر‭ ‬فأكثر‭ ‬حتى‭ ‬صرت‭ ‬جزءاً‭ ‬منها‭ ‬وصارت‭ ‬هي‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬كل‭ ‬كياني‭.‬
الوحدوي‭ ‬وخلال‭ ‬عشرين‭ ‬عاماً‭ ‬مضى،‭ ‬كانت‭ ‬بحق‭ ‬مدرسة‭ ‬الإعلام‭ ‬اليمني‭ ‬لما‭ ‬لعبته‭ ‬من‭ ‬أدوار‭ ‬في‭ ‬طرح‭ ‬ومناقشة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬منذ‭ ‬العدد‭ ‬الأول‭ ‬لها‭ ‬بعد‭ ‬إعادة‭ ‬الصدور‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1990م‭ ‬والذي‭ ‬جاء‭ ‬متزامناً‭ ‬مع‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬اليمن‭ ‬الجديد‭ ‬يمن‭ ‬الوحدة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العام‭ ‬وعن‭ ‬مسارٍ‭ ‬جديدٍ‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬التجربة‭ ‬السياسية‭ ‬اليمنية‭ ‬خلال‭ ‬الخمسين‭ ‬العام‭ ‬الماضية،‭ ‬وهو‭ ‬مسار‭ ‬التجربة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التي‭ ‬حاولت‭ ‬‮«‬الوحدوي‮»‬‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬ترسيخه‭ ‬وتثبيته،‭ ‬وحذرت‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬إفراغه‭ ‬من‭ ‬مضامينه‭ ‬الحقيقية‭ ‬كما‭ ‬حذرت‭ ‬أيضاً‭ ‬من‭ ‬الانقضاض‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬الوحدة‭ ‬اليمنية‭ ‬والانحراف‭ ‬به‭ ‬عن‭ ‬مساره‭ ‬الحقيقي‭ ‬خلال‭ ‬الأعوام‭ ‬الأولى‭ ‬لإعادة‭ ‬تحقيق‭ ‬الوحدة،‭ ‬وهي‭ ‬فترة‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الحزبين‭ ‬الحاكمين‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬المؤتمر‭ ‬الشعبي‭ ‬والحزب‭ ‬الاشتراكي‭.‬
وأشارت‭ ‬الى‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬ينتج‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬كوارث‭ ‬وأزمات‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬حصل‭ ‬بالفعل،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬إقصاء‭ ‬شركاء‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬ومنظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬شريكي‭ ‬الوحدة‭ ‬وتم‭ ‬تقسيم‭ ‬الدولة‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬بينهما،‭ ‬ثم‭ ‬بدأ‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬كل‭ ‬منهم‭ ‬يحاول‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬الآخر،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬اقصاء‭ ‬الحزب‭ ‬الاشتراكي‭ ‬بجميع‭ ‬قياداته‭ ‬وقواعده‭ ‬من‭ ‬السلطة‭ ‬وانفرد‭ ‬المؤتمر‭ ‬الشعبي‭ ‬العام‭ ‬بالسلطة‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬صيف‭ ‬94م‭ ‬مستخدماً‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بعض‭ ‬الجماعات‭ ‬الدينية،‭ ‬إضافةً‭ ‬الى‭ ‬فتح‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الملفات‭ ‬عن‭ ‬الفساد‭ ‬ونهب‭ ‬المال‭ ‬العام‭ ‬ومناقشة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الساسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬وطرح‭ ‬قضايا‭ ‬وهموم‭ ‬المواطنين‭ ‬بكل‭ ‬جرأة،‭ ‬وكانت‭ ‬لسان‭ ‬حال‭ ‬الكثيرين‭ ‬من‭ ‬المقهورين‭ ‬والمظلومين‭ ‬والمحرومين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الوطن‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يتسع‭ ‬لهم‭ ‬ولقضاياهم‭ ‬وهموهم‭.‬
لقد‭ ‬كانت‭ ‬الوحدوي‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الأعوام‭ ‬في‭ ‬طليعة‭ ‬الصحف‭ ‬اليمنية‭ ‬اتجاهاً‭ ‬نحو‭ ‬الشارع‭ ‬وأقربهن‭ ‬الى‭ ‬نبض‭ ‬الشارع‭ ‬وأكثرهن‭ ‬ملامسةً‭ ‬لهموم‭ ‬المواطنين‭ ‬وأوجاعهم‭.‬
كما‭ ‬أن‭ ‬للوحدوي‭ ‬رصيد‭ ‬يحترم‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬وتأهيل‭ ‬الكثير‭ ‬ممن‭ ‬هم‭ ‬اليوم‭ ‬يعدون‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬الرأي‭ ‬والعمل‭ ‬الصحفي،‭ ‬حيث‭ ‬مرت‭ ‬كوادر‭ ‬إعلامية‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬صفحات‭ ‬الوحدوي‭ ‬واشتهرت‭ ‬أقلام‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬كتاباتها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المدرسة‭ ‬العملاقة‭. ‬والمجال‭ ‬هنا‭ ‬غير‭ ‬متاح‭ ‬لحصر‭ ‬الإعلاميين‭ ‬والصحفيين‭ ‬الذين‭ ‬تخرجوا‭ ‬منها‭.‬
غير‭ ‬أن‭ ‬المهم‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الوحدوي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تفيض‭ ‬حباً‭ ‬ونوراً‭ ‬ووهجاً‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬شاقة‭ ‬باحثة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الافق‭ ‬المكتض‭ ‬بالزيف‭ ‬والمعوقات‭ ‬عن‭ ‬بصيص‭ ‬أمل‭ ‬في‭ ‬إحقاق‭ ‬الحق‭ ‬وإعادة‭ ‬الاعتبار‭ ‬للعدالة‭ ‬الضائعة‭ ‬والكرامة‭ ‬الإنسانية‭ ‬المفقودة‭.‬
لـ«الوحدوي‮»‬‭ ‬في‭ ‬عمرها‭ ‬العشرين‭ ‬ألف‭ ‬تحية‭ ‬وللعاملين‭ ‬والقائمين‭ ‬عليها‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التوفيق‭ ‬والنجاح،‭ ‬وإلى‭ ‬الأمام‭ ‬بعون‭ ‬الله‭ ‬وقوته‭.‬