Home Articles Dialogues علي الضالعي: الجنوبيون وحدويون بالفطرة
علي الضالعي: الجنوبيون وحدويون بالفطرة
الوحدوي نت
الوحدوي نت
أجرت صحيفة أخبار عدن حواراً مطولاً مع عضو الأمانة العامة في التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري المناضل علي عبدالله الضالعي استعرض خلاله ابرز المحطات في تاريخ ثورة 14 اكتوبر كما تطرق الى عدد من القضايا والمستجدات الراهنة على الساحة السياسية اليمنية..
( الوحدوي نت ) تعيد نشر نص اللقاء:
المناضل علي عبدالله سعيد الضالعي من مواليد مديرية جحاف بالضالع ، التحق بمسيرة الكفاح الوطني مبكراً وكان ضمن عناصر التنظيم الثوري
في جبهة التحرير إبان الكفاح ضد المحتل الإنجليزي كما شارك في الدفاع عن الثورة السبتمبرية في الجمهورية الوليدة بالشطر الشمالي .
في هذا اللقاء يكشف معلومات تاريخية لأول مرة عن تاريخ الثورة ويعرج على العديد من القضايا في الحاضر .. فإلى الحوار :

حوار / منصور زاهر

* كونك أحد أوائل مناضلي الثورة اليمنية ما هي أبرز الإرهاصات الأولى لثورة 14 أكتوبر التي عاصرتها؟
- قبل الحديث عن ثورة أكتوبر يجب الحديث عن ثورة سبتمبر التي مهدت لانطلاق ثورة أكتوبر .. فحين قامت الثورة السبتمبرية تفاعلت معها كل جماهير الشعب من صعدة إلى المهرة ومن حجة إلى حضرموت ، وتحركت معظم القبائل من جنوب الوطن من الضالع ويافع ودثينة وردفان والعواذل وشبوة صوب شمال الوطن حيث استقبل معبر الراهدة أكثر من 64 ألفاً زحفوا إلى صنعاء للمشاركة في الدفاع عن الثورة وخاضوا معارك كبيرة في حجة وصعدة ومارب ضد فلول الملكية وأعوانها .
* ومتى كانت لحظة الولادة الحقيقية لثورة أكتوبر؟
- بعد استقرار الأوضاع نسبياً في شمال الوطن وقبل عودة القبائل إلى مناطقها في جنوب الوطن عقد لقاء في دار السعادة في فبراير 1963م حضره أكثر من 100 شخصية من معظم مناطق الجنوب وشاركت فيه عدد من القوى السياسية منها حزب الشعب الاشتراكي وحزب البعث وحركة القوميين العرب وجمعية الإصلاح اليافعية والجبهة الناصرية ، والجبهة الوطنية المتحدة والعديد من رجال القبائل ، واتفق فيه الجميع على تشكيل جبهة نضالية باسم جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل .
* ومتى ترجم الاتفاق إلى خطوات عملية ؟
- عند عودة بعض القبائل إلى مناطقهم في ردفان بعد مشاركتهم الفاعلة في معارك الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر طلب أمير الضالع (شعفل) وعبر الضابط السياسي البريطاني (ميلن) الموجود في الحبيلين من الشيخ / راجح بن غالب لبوزة تسليم ما لديهم من أسلحة ، والتي عادوا بها من صنعاء ، ولكن لبوزة ومن معه من قبائل ردفان رفضوا تسليم أسلحتهم وأرسل رصاصة في ظرف إلى الأمير في الضالع والضابط السياسي البريطاني ، وهي تعني أننا لن نسلم السلاح ولن تجدوا معنا إلا الرصاص ، لكن أمير الضالع والضابط البريطاني قرروا سحب السلاح الذي بحوزة القبائل بالقوة فجهزوا قوة عسكرية إلى ردفان وحينها أعلن الثوار والقبائل المواجهة لتندلع معارك ضارية معلنة الثورة الشعبية المسلحة ، وسقط في تلك المعركة الشهيد غالب راجح لبوزة في 14 أكتوبر 1963م فاعتبر هذا اليوم يوماً لانطلاقة الثورة .
* وما دور فصائل العمل السياسي في إيقاد جدوى الشرارات الأولى لثورة أكتوبر بعد اندلاعها من قبل الثوار على سفوح ردفان؟
- حركة القوميين العرب وبعض الفصائل استغلوا الموقف وأعلنوا تشكيل الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل ، وتشكلت من سبع فصائل منها : (حركة القوميين العرب - الجبهة الوطنية المتحدة - جمعية الإصلاح اليافعية - تنظيم الضباط الأحرار - الجبهة الناصرية) وتحفظ على ذلك (حزب الشعب الاشتراكي - رابطة أبناء الجنوب العربي) .
* تلك الفصائل السياسية المتحفظة هل ظات على تحفظها ؟
- استمرار العمليات المسلحة وانتشارها في ربوع الوطن دفعاً حزب رابطة أبناء الجنوب العربي وحزب الشعب الاشتراكي والسلطان أحمد عبدالله الفضلي والسلطان جعبل بن حسين العوذلي ، الذين فرا من مؤتمر لندن إلى القاهرة ، إلى تشكيل عسكري بمسمى منظمة تحرير جنوب اليمن ، وكان ذلك في 1965م حينها بدأ المشهد السياسي والنضالي يتبلور في اسمين هما : (الجبهة القومية) و (منظمة تحرير جنوب اليمن) ومعها حاولت القيادة العربية المصرية توحيد فصائل المقاومة .
* لماذا كل هذا التشكل والتنوع السياسي في ظل قضية وطنية؟ بمعنى أدق هل كان الخلاف أيدلوجياً أم أن هناك أجندة أخرى استهدفت تمزيق الحركة الوطنية ؟
- التيار الغالب في الساحة الوطنية كلها من الشمال إلى الجنوب هو التيار العروبي الناصري حتى حركة القوميين العرب كانت تطرح نفسها بأنها تيار عروبي ناصري ، ولهذا التف كل المناضلين حولها باستثناء رابطة أبناء الجنوب وحزب الشعب الاشتراكي الذي يقوده عبدالله الأصنج الذي كانت شعبيته طاغية وبصورة عامة ليست في الجنوب فقط ، بل في اليمن كلها .
لكن وصفه للثوار في ردفان بأنهم (دراويش) ، وأن هذا تمرد قبلي فض الجماهير من حوله ليلتفوا حول الجبهة القومية إلا أن حركة القوميين العرب كتنظيم استحوذ على كافة الأمور في إطار الجبهة القومية وبدأت تتخلص من العناصر التي لم تقبل بالانضمام إلى حركة القوميين العرب ، وهذا خلق نوعاً من التململ بين المقاتلين في الميدان ، وفي نفس الوقت ونتيجة لابتعاد الجماهير عن حزب الشعب الاشتراكي اضطر أن يسلم بأسلوب الكفاح المسلح ضد المحتل وقام مع الرابطة والسلطانين الفضلي والعوذلي بتأسيس منظمة التحرير كمنظمة تؤمن بالكفاح المسلح .
* وهل استمر هذا التباين في الأجندات طويلاً؟
- بما أن مصر كانت تقدم الدعم المادي والتدريبي والسلاح للثورة فقد عملت على التقريب بين الجبهة القومية ومنظمة تحرير جنوب اليمن المحتل ، وبعد حوار طويل في تعز وصنعاء والقاهرة تم الاتفاق على دمج الفصيلين (الجبهة القومية ومنظمة التحرير) في شكل جديد أطلق عليه (جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل) في 13 يناير 1966م .
* أكان ذلك كفيلاً بطي صفحة الخلاف أو الاختلاف السياسي بين فصائل ثورة 14 أكتوبر؟
- ترتب على ذلك الدمج رفض بعض قيادات الجبهة القومية للاتفاق وفي مقدمتهم المرحوم قحطان الشعبي والشهيد فيصل عبداللطيف الشعبي وعدد من القياديين في حركة القوميين العرب لهذا الدمج.
* وما أثر ذلك على الثوار في ساحات القتال؟
- بعض المقاتلين في الميدان سواء في عدن أو في الأرياف تحفظوا على الانضمام إلى جبهة التحرير لوجود اثنين من السلاطين فيها ، وبدأت العمليات العسكرية تتقلص إلى حد ما ، حينها كلف التنظيم الناصري المرحوم علي بن علي هادي وعبدالله محمد المجعلي وعبدالله محفوظ ونجيب علي مثنى بالتواصل مع المجاميع الفدائية الموجودة في عدن والأرياف ، والتي تتحفظ على الجبهة القومية وجبهة التحرير ، ومن ثم دخلوا في حوار استمر لعدة أشهر .
وفي أغسطس 1966م تم الاتفاق بين المجاميع المقاتلة في عدن خاصة وفي الأرياف بشكل عام على تكوين (التنظيم الشعبي للقوى الثورية) كجناح عسكري مستقل ويخضع سياسياً لجبهة التحرير ، وقد تم تشكيل ثماني فرق فدائية لمواصلة القتال ضد الاحتلال ، وهذه الفرق هي :
فرقة الوحدة بقيادة علي بن علي هادي - فرقة صلاح الدين بقيادة عبدالرحمن الصريمي - فرقة المجد بقيادة محمد عبدالله الصغير - فرقة الفتح بقيادة عزب محمد فضل - فرقة النصر بقيادة خالد المفلحي - فرقة الوليد بقيادة سيف حمود الشيخ (صفوان) - فرقة النجدة بقيادة سالم يسلم الهارش - فرقة سند والرسول بقيادة محمد ناصر قدح (مختار عبدالقادر) .
ولا بد من الإشارة هنا إلى بعض الأفراد الذين لعبوا أدواراً نضالية وبطولية متميزة وكانوا رجالاً من العيار الثقيل والفريد ورغم ما قدموا تم تجاهل أدوارهم بل وأيضاً تم تجاهلهم منذ الاستقلال المجيد وحتى الآن مثل قادة الفرق الثماني والمناضلين : عبدالله محمد المجعلي - علي بن علي هادي - محمود قايد الشعب - عبدالرحمن المنصوب - صالح الحارثي - سيف محمد فضل العزيبي - عبدالله محفوظ - نجيب علي مثنى - عبدالقوي بن ناجي محمد (العربي) - محمد علي الصماتي - محمد علي مقبل (أبو جلال العبسي) - محمد عبدالرب الشعيبي - محمد عوض باعوضة - محمود المنتصر - مهدي صالح - محمد أحمد محسن أبو حميد - محمد عبادي حسن - هاشم عمر - محمد ناجي عليوة - أحمد علي حسن العسدف - قاسم سيف - عبدالله مثيني الحود - عبدالله الحدي - عبدالله ناجي حسين - علي محمد سعيد البيحاني - محسن شائف - محمد إبراهيم أحمد - علي عبدالله حسين - هادي محمد عامر - فضل ناصر مذيب - ناجي عبادي حسن - الحاج محمد حسن صالح قرنه - علي محمد نعمان - علي عبدالرب الشعيبي - علي مثيني الحود - صالح أحمد صالح الشاعري - عبدالقوي بن شاهر - فضل الطيار - علي عبدالله الكسادي - حسين عبده عبدالله- سعيد أحمد الهمداني - الشيخ محمد عسكر الهدالي - صالح علي عبدالله العريفي - عبدالله حمود صالح السنمي - محمد راجح البعلية - فضل الشاعري - علي عبيد ذي حران -محمد حمود هادي - أحمد قاسم هادي (عكارس) - عبده محمد البتول - يوسف علوي - أحمد العبد سعد - زين يحيى مبارك - علي حسين المنصوري - صالح ناصر الهمامي - أحمد ناصر الكحيلي - مهدي هادي الواحدي .
ويوجد مئات غيرهم لا تحضرني أسماؤهم ولا يتسع الحيز لحصرهم ولا أملك إلا الاعتذار لهم ولأسرهم ولكن لا بد من ذكر واحدة من القطاع النسائي وهي أنيسة أحمد هادي التي كانت تستفيد من وظيفتها كممرضة فتقوم بنقل الجرحى وأيضاً الأسلحة من مكان إلى آخر وبسيارة الإسعاف عبر نقاط التفتيش.
كما أنه لا يجوز نسيان دور القطاع الطلابي والمتمثل بالقاعدة الطلابية حيث كانوا يقومون بالدور الإعلامي وتوزيع البيانات والكتابة على الجدران ونقل الرسائل بل وأحيانا المشاركة بالعمليات الفدائية وأذكر منهم :
سلطان أحمد غانم - عصام سعيد سالم - علي عبدالله مخشف - أحمد محمد الحبيشي .
* على ذكر علي بن علي هادي ، ما حقيقة الحادث المروري الذي استهدفه بالقاهرة ؟ هل كان حادثاً مدبراً؟
- طبعاً علي بن علي هادي أحد الرجال الأوائل الذين فجروا الثورة في الضالع إلى جانب علي عنتر وصالح مصلح وعلي شائع والكثير من مناضلي الرعيل الأول للثورة .
لكن للأسف وبعد الاستقلال لم يسمح بالحديث عن مناضلي التنظيم الشعبي وجبهة التحرير وكل العمليات التي تمت في عدن والمناطق الأخرى تم نسبها بالحق والباطل إلى عناصر الجبهة القومية.
وليعذرني الأخوة في الجبهة القومية إذا لم أتحدث عنهم لأنهم قد تحدثوا عن أنفسهم وهم في السلطة أكثر من (20 عاماً) بينما المناضلون الذين كانوا في الجبهة القومية ثم انسحبوا إلى التنظيم الشعبي وجبهة التحرير تم تجاهل أدوارهم ونكرانها أمثال الشهيد محمود قائد الشعب ، عبدالرحمن المنصوب ، علي بن علي هادي وعبدالله الحدي وغيرهم.
وبالعودة إلى سؤالك عن علي بن علي هادي فقد تم تجاهل دوره النضالي المشرف نتيجة الصراع السياسي ، وقد انسحب من عدن بعد الحرب الأهلية في عام 1967م وعاد إلى صنعاء للدفاع عن صنعاء في حصار السبعين ثم اضطر للجوء إلى القاهرة وعاش هناك حتى أواخر 1985م وفي إحدى الأيام كان متوجهاً إلى الإسكندرية وبعد خروجه من القاهرة ببضعة كيلومترات اصطدمت سيارته بأحد الأعمدة.
يقال أن الحادث بفعل فاعل مدبر لكن لا أستطيع أن أؤكد أو أنفي ذلك فالقضية في علم الغيب وفي ذمة التاريخ إلا أنين أؤكد أن المستفيدين من التخلص منه النظامان في صنعاء وعدن .
* ما هو الخطر الذي كان يشكله على النظامين ؟
- نتيجة لغياب الديمقراطية في تلك المرحلة وهيمنة الرأي الأحادي سواء كان الحزب الواحد أو الفرد الواحد وأن رجلاً ثورياً وديمقراطياً ناصرياً بحجم علي بن علي هادي سيكون غير مقبول من قبل النظامين في عدن وصنعاء لأنه سيشكل خطراً جماهيرياً عليهما إذا ما سمح له بالعيش على أرض الوطن.
* هل كانت الجبهة القومية متورطة بمؤامرة مع الاستعمار البريطاني ضد التنظيم الشعبي وجبهة التحرير؟
أنا لست مع منطق المؤامرة ولا أستطيع الجزم بأن الجبهة القومية كانت متورطة في مؤامرة مع الاحتلال البريطاني ، ولكني أستطيع أن أجزم أن مصالح الجبهة القومية التقت مع مصالح بريطانيا ، فمصالح بريطانيا بأن لا تسلم الاستقلال إلى جبهة التحرير والتنظيم الشعبي ولا تريد أن تسلم السلطة لتيار سياسي يتبنى أفكار عبدالناصر ، وبالتالي سيكون الجنوب قريباً من نظام شمال الوطن مع السلال ؛ لأن بريطانيا جعلت من عبدالناصر عدوها الأول منذ العام 1956م عندما تم تأميم قناة السويس والعدوان الثلاثي على مصر ، وبالتالي لا تريد أن يتسلم السلطة تيار سياسي يكون قريباً من القاهرة وموالياً لها وبالتالي دفعت بجيش الاتحاد النظامي الذي كانت معظم قياداته ذات ولاء لبريطانيا ، بأن يعلن تأييده وولاءه للجبهة القومية وبذريعة أن الجبهة القومية ليس لها جيش نظامي، فهم مجاميع من الفدائيين ومجموعة من الأفراد غير المؤهلين وأنتم يا جيش الاتحاد عند تأييدكم لهم ستكونون أنتم الفاعلين ، لكن جبهة التحرير عندها جيش نظامي بدأ في 1966م تدريبهم في القاهرة وفي تعز وتضم مجموعة كتائب وعشرات الضباط من خريجي الكليات العسكرية وبالتالي من مصلحتكم أن تدعموا الجبهة القومية .
وأثناء المعارك في يوم (خمسة وستة وسبعة نوفمبر) 1967م حصل انقلاب 5 نوفمبر في صنعاء على الرئيس السلال ويوم 6 نوفمبر تحرك جيش التحرير من الحوبان في تعز باتجاه كرش بهدف المشاركة في القتال ضد جيش الاتحاد والجبهة القومية وعند وصول الجيش إلى كرش قامت الطائرات البريطانية بقصفهم لكي تمكن الجبهة القومية من السيطرة على عدن .
* (المحرر مقاطعاً) هذا كلام خطير .. أتعني أن نظام 5 نوفمبر مد المخابرات البريطانية بمعلومات تحرك عناصر جبهة التحرير من تعز ليتمكن من قصفها قبل أن تصل إلى عدن؟
- أنا لا أستبعد ذلك لأن 5 نوفمبر بالنسبة لي وقناعاتي السياسية كان رأس جسر عادت من خلاله القوات الملكية من المنفى إلى صنعاء .. 5 نوفمبر كان مؤامرة استهدفت التيار الثوري لثورة السادس والعشرين من سبتمبر الناصرية .
* القصف هل تم داخل أراضي الجمهورية العربية اليمنية أم داخل أراضي الجنوب المحتل؟
- تم قصف جيش التحرير وبعد أن اجتازوا الشريجة ودخولهم كرش .
ثانياً وهو الأهم ، أن بريطانيا كانت تسهل للجبهة القومية السيطرة على المواقع والمناطق فكيف سيطرت على الضالع وبدون معارك ومعسكر جيش الاتحاد والمعسكر البريطاني موجود .
وفي نفس الوقت كانت مدفعية جيش الاتحاد تقصف جبل جحاف لأن جيش التحرير والتنظيم الشعبي قد سيطر عليه وكان ذلك في يونيو 1967م .. أما في عدن فعندما لم تستطع قوات جيش الاتحاد ودباباته إخراج عناصر جبهة التحرير والتنظيم الشعبي من المنصورة والشيخ عثمان فقد تم الاستعانة بطائرات الهليوكوبتر البريطانية التي كانت تقصف بعض المواقع وفي مواقع أخرى تقوم بإنزال عدد من الأفراد على بعض العمارات الحالية التي تشرف على أكثر من مكان مع رشاشات ذات تأثير كبير مما اضطر مناضلي التنظيم الشعبي وجبهة التحرير للانسحاب إلى شمال الوطن .
* اليوم تسمع أصواتاً تطالب بفك الارتباط وأخرى تريد العودة إلى ما قبل 30 نوفمبر 1967م .. أين دوركم أنتم كمناضلين دافعتم عن الثورة كانت أسمى حلم لكم ؟ ولماذا برأيكم تراجعت قيم الوحدة لصالح قيم التشظي والانفصال وسادت ثقافة الكراهية بدلاً عن ثقافة المحبة والتآلف؟
- يا أخي كان الناس بالسليقة والطبيعة وحدويون ، ولكنهم عندما يرفعون بعض الشعارات التي تؤلمنا عندما نسمعها ، إنما يرفعونها كنوع من لفت الأنظار إلى معاناتهم التي طالت ، فالناس يحسون بالغبن والتفرقة بالمعاملة وغياب دولة القانون والمواطنة المتساوية وانتشار الرشوة والمحسوبية وتخلي الدولة عن مسئولياتها الاجتماعية وبروز بعض العناصر البلطجية والمتغطرسة التي تمارس السطو على الأراضي والهيمنة والنخيط ، كل ذلك يحدث في عدن وغيرها حيث اعتاد الناس على الدولة المدنية .
وأنا على ثقة كبيرة أن الدولة إذا حكمت العقل ولجأت إلى النظام والقانون وجعلت الناس يشعرون بالمواطنة المتساوية وتساوي بينهم بالحقوق والواجبات وحاسبت البلاطجة وأعادت ما نهبوه باعتبار أولئك الفاسدين هم الانفصاليون بالسلوك فإن الدعوات الانفصالية بالقول سوف تختفي ، فالناس دعاة وحدة عربية فكيف لا يكونون وحدويين يمنيين .
* لماذا تحملون النظام كل أخطاء المرحلة فعندما قامت الوحدة ورثت تركة مآسي وأخطاء من النظامين الشطريين السباقين أكبر من عودها الغض ، زد على ذلك ما ترتب على الموقف اليمني من أزمة حرب الخليج وما نجم عنه من كارثة اقتصادية ؟
- الأوضاع المعيشية هي جزء من المشكلة ، لكن المشكلة الأساسية هي غياب الدولة المدنية ، دولة النظام والقانون والمؤسسات وبروز دولة القبيلة والطائفة والهيمنة على كل مؤسسات الدولة ، ما دخل أزمة الخليج بتقاعد الضباط الذين لم يصلوا إلى أحد الأجلين لمجرد أنهم ينتمون إلى تلك المنطقة أو هذه المنطقة بينما هناك ضباط تجاوزوا مدة الخدمة المحددة بالقانون وأعمارهم بالسبعينات ولم يصل إليهم التقاعد ، أليس النظام هو المسئول عن مثل هذه الأمور وأمور أخرى كثيرة أم أني أنا وأمي وجدتي مسئولون عنها؟!
* مشاكل الجنوب متعددة ومعقدة يرى الكثير أن أولها التصفيات المناطقية والحزبية التي بدأت في 1966م وانتهاء بكارثة الكوارث أحداث 1986م، بالإضافة إلى مشكلة التأميم التي طالت كل شيء حتى البقر ، ومعالجتها أكثر تعقيداً ، فحتى في مصر التي كان التأميم فيها أخف ما زالت المحاكم مليئة بالقضايا المترتبة عليه ، أليس ذلك صحيحاً؟
- تلك مرحلة خلت بسلبياتها وإيجابياتها ، لقد كان لنا موقف حينها ودفعنا ثمنا ًغالياً بكل إرادة المؤمنين وشجاعة الرجال وأعدم ثمانية من مناضلي التنظيم وسجن (35) مناضلاً فترات طويلة ، وفي الشمال أيضاً أُعدم 25 مناضلاً وسجن المئات من المناضلين وكل ذلك يهون من أجل الوطن والأمة .
وليس المطلوب اليوم استجرار الماضي فقد أصبح في ذمة التاريخ فلا يجوز التفكير بأثر رجعي وإنما يجب التطلع إلى المستقبل والنضال بكل صدق وأمانة ضد الفساد والفاسدين ولصوص المال العام حفاظاً على الوحدة وصيانة لها وتمتين أسسها (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) .
* نتفق معك أننا يجب أن نطوي صفحة الماضي ، لكن لماذا تحملون النظام أخطاء الآخرين وتريدون أن يحل كل قضايا الناس بعشية وضحاها وما زال البعض يعرقل عمله من خلال الأعمال التخريبية؟
أضف لما ذكرته من الإجابة عن السؤال السابق أن هناك خلطاً بين قضية التأميم في عدن والتأميم في مصر ، في مصر لم يصادر ولم يأمم أي عقار ، التطبيق الاشتراكي في مصر طال الأرض الزراعية بموجب قانون الإصلاح الزراعي والتي تزيد عن مائة فدان وطال المصانع الكبيرة التي تزيد رأسمالها عن عشرة آلاف جنيه مصري بأسعار العملة بالستينات بالإضافة إلى تأميم المرافق العامة والهياكل الأساسية للإنتاج وبالتالي ليس هناك مجال للمقارنة .
في عدن تم تأميم المنازل وبالتالي أصبحت كل المساكن ملك الدولة عندما ذهب سالمين ومجموعته وبعد أحداث يناير 86م عادت هذه الأملاك للدولة والدولة أجرتها بعقود انتفاع .
المشكلة في المحافظات الجنوبية ليست حول قضية الإسكان والانتفاع يا أخي الذي نتكلم عنه والذي أعطى دعماً لدعاة الانفصال هي الممارسات الخاطئة عندما يأتي شخص ويستولي على نصف كيلومتر من الأرض في ساحل أبين في عدن أو عندما يأتي الضابط فلان ويستولي على أراضي في عدن أو غيرها ، وزير الدفاع الأسبق عبدالملك السياني استولى على مجموعة مزارع في منطقة جعولة في لحج وهي حق شهداء من الضالع ولحج وأحياء من الضالع ولحج وما زال مستولياً عليها إلى اليوم وتحرسها وحدات عسكرية .
الآن عبدالملك السياني عضو لجنة حوار المشترك؟!
وأنا أقول حتى إذا كان عضو لجنة حوار عن المشترك فإنه أحد العناصر الستة عشر الذين جاء فيهم تقرير هلال باصرة .. الممارسات استفزت الناس .. لماذا لا تحرك السلطة ملف هلال باصرة الذين أكدا في تقريرهما أن على الأخ الرئيس أن يختار بين الـ16 فاسداً أو الشعب بالمحافظات الجنوبية ، لماذا لا يقدم التقرير إلى مجلس النواب ويحاسب هؤلاء .. هؤلاء هم الانفصاليون الحقيقيون الذين يمارسون العنجهية والتسلط والغطرسة ، وأؤكد أنه إذا صلحت هذه الأمور سيصبح من السهل الرد على دعاة الانفصال .
أنا كوحدوي أدافع عن الوحدة لكن في مثل ممارسات كهذه مجرد أن أتحدث عن الوحدة يقال الوحدة هي أن تبسط على أرضي ، الوحدة أن تستولي على بيتي ، الوحدة أن تصادر رقمي العسكري وتعطيه لواحد من بكيل أو حاشد أو من إب أو من تعز .. هل هذه هي الوحدة ؟!
أنا شخصياً لا أستسيغ مثل هذه المفردات الانفصالية ولا أقبل بها لأني أدعو إلى وحدة عربية فما بالك بالوحدة اليمنية .
* لماذا تنكرون الخطوات التي اتخذتها السلطة لمعالجة هذه الأوضاع ومنها على سبيل المثال العسكريين العائدين من الإمارات وقيام فخامة الرئيس بمعالجة أوضاعهم الوظيفية من خلال لجنة خاصة بذلك وغيرها كثير؟
- يا أخي هذه القضايا تخترق فعندما عاد 450 من العسكريين الذين كانوا بالإمارات ووجه الأخ الرئيس بحل مشكلة هؤلاء العائدين وترتيب أوضاعهم وتم تشكيل لجنة لهذا الغرض .
إلا أن عمل هذه اللجنة تعرقل بعد أن وصل العدد إلى أكثر من ألفين شخص لأن العناصر التي أنيط بها معالجة الوضع كان معظم أعضائها من العناصر التي جاءت إلى صنعاء بعد أحداث يناير 1986م فأضافوا إلى المجموعة المحدد ترتيب أوضاعها أربعة أضعافها وتحت مبرر لماذا معالجة أوضاع هؤلاء فقط وإنما يجب معالجة أوضاع الآخرين ؛ اعني هنا أن المعالجات وخاصة أوضاع العسكريين لا تتم بشكل أمين ، أنا عندما أقرر معالجة أوضاع مجموعة معينة وأكلف لها عناصر من أطراف الصراعات السابقة فإن المماحكات تعكس نفسها فلا يتم الالتزام بأسماء المجموعة المحددة وإنما يتم إضافة عناصر من ضحايا الصراعات السابقة مثل أحداث 71 ، 78 ، 86 بل وأفراد ليس لهم علاقة بتلك الأحداث وإنما بغرض ترتيب أوضاعهم كفرصة يجب أن تستغل ويستفاد منها مما يؤدي إلى مضاعفة الأعداد وتضخيم التكاليف المالية كثيراً مما يؤدي إلى عرقلة حل مشكلة المجموعة المحددة .
إذا عدنا إلى الخلف قليلاً وموضوع الجبهة القومية وجبهة التحرير وعند مناقشة هذه الفترة التاريخية ، كان يترك إدارة الندوات لعناصر الجبهة القومية عبد ربه منصور هادي ، سالم صالح محمد ، علي أحمد ناصر السلامي ، وهم حركة قوميين عرب فيدعون للمشاركة من يعرفونهم أو يحلو لهم وإذا ما نفذ واحد أو اثنين أو ثلاثة من جبهة التحرير قامت القيامة ، فالإشكالية تجر نفسها من الماضي إلى اليوم ، وأتذكر ما قاله المرحوم فيصل بن شملان لأبناء الضالع في أحد المهرجانات (أنا أستغرب على أيش يا أصحاب الضالع تدعون إلى انفصال ، لا تدعوا للانفصال لأنه لا معاكم ثروات ولا أراضي زراعية خصبة ، معكم شوية قات وقده يابس ، أوبهو تتصوروا أنكم تراهنوا على بترول حضرموت لو قام الانفصال احنا بنعمل دولة في حضرموت ولا بتحصلوا حاجة ، مصلحتكم أن تبقوا في دولة الوحدة وتصحيح الأوضاع الخاطئة وإقامة دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية) .
عموماً هناك أناس يرددون ألفاظاً وتعبيرات لا يفقهون معناها فقد جمعتني الصدفة في جلسة قات مع أحد الأشخاص في الضالع وأثناء النقاش فاجأني بقوله أن الانفصال يختلف عن فك الارتباط وأن جمال عبدالناصر كان ضد انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة ولكنه كان مع فك الارتباط ، وعندما أبديت استغرابي وتأكيدي بأن جمال عبدالناصر لم يقل ذلك ، أخرج لي صورة لمقال كيف تصرف عبدالناصر بعد انفصال سوريا ويحتوي على مقتطفات من خطابه منه أنه لا يقبل أن يوجه السلاح العربي إلى صدر المواطن العربي ، وأنه لا يرى في القاهرة ودمشق إلا أخوة سلاح ورفاق نضال ، فقلت له أين قال عبدالناصر (فك الارتباط) مما تقول .
عموماً البعض يفهم أن فك الارتباط غير الانفصال والبعض يردد ألفاظاً لا يعي ولا يفهم معانيها .
وختاماً أقول لقد آن الأوان أن يناضل الشعب كل الشعب لتصحيح الأوضاع والقضاء على الفساد وإسقاط الفاسدين .