لم نكن متفائلين كثيراً بالحوار السياسي الذي كان بدأ قبل عدة أشهر بين القوى السياسة الفاعلة في الساحة اليمنية، لكن كانت هناك مسحة من الأمل في أن يخرج الفرقاء بتوافق يحافظ على شعرة الديمقراطية التي صرنا نفتقدها كل يوم، أما وقد اتخذ الحزب الحاكم قرار الذهاب للانتخابات التشريعية لوحده بعد خمسة أشهر من اليوم فإن الأمور تعود إلى مربع الصفر بل وإلى ما تحت الصفر .
الجميع يدرك صعوبة التوافق التام بين أحزاب كل لها برنامجه ، لكن كان هناك أملاً في أن تتغلب الأحزاب على مشاريعها الخاصة وتتجه لتحقيق مشروع الوطن الكبير ، المتمثل في إحداث استقرار سياسي الذي حتماً سيقود إلى استقرار اقتصادي واجتماعي كبير .
بالعودة إلى مربع ما تحت الصفر وبحسم الحزب الحاكم لقرار الذهاب للانتخابات التشريعية المقبلة مع بقية حلفائه تكون القطيعة السياسية قد تكرست بشكل أكبر ، والخشية أن تترجم هذه القطيعة إلى مواجهات في الشارع ، خاصة في ظل التوتر المتصاعد بين الحاكم والمعارضة .
لعل السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو هل كنا بحاجة لهذه الأجواء ؟ ، هل كنا نحتاج إلى هذه القطيعة التي تمزق نسيج المجتمع السياسي والاجتماعي ؟ ، ألم تكن هناك بدائل أخرى للحفاظ على المكاسب السياسية السابقة التي تحققت من خلال جولات الحوار السياسي؟ ، وهل كانت البلد ستصل إلى فراغ دستوري إذا سارت الحوارات السياسية بمضامينها السابقة؟.
لا أعتقد أن البلد كانت سيخسر إذ لم تجر الانتخابات ، البلد يمكن أن يخسر لو جرت فيها انتخابات في ظل انقسام حاد بين أطراف الحياة السياسية ، فإجراء انتخابات في ظروف معقدة وسيئة تحت الصفر يمكن أن تقود إلى أوضاع أسوأ مما نحن عليه اليوم .
بالإمكان تحاشي كل ذلك بالحوار والحوار وحده ، الذي استبشر به الجميع عندما بدأت حلقات الحوارات واجتماعات المسؤولين عنه بالانعقاد خلال الفترة القليلة الماضية ، حوار فتح نوافذ أمل بعودة الروح إلى الثقة المفقودة بين الأحزاب السياسية التي تعاملت بمسؤولية مع الحوار ، وإن كان الكثير يرون أن هذه الروح لن تدوم بسبب وجود الصقور الذين ظلوا طوال الفترات السابقة يعارضون أي تقارب بين القوى السياسية لانجاز حدث تأريخي كبير .
لقد آن الأوان ليغادر اليمنيون مربع التفرد بالحكم وبصناعة القرار السياسي في البلد ، وأن يقتنعوا بأهمية المشاركة الجماعية في صياغة مستقبل البلد ، بدون ذلك فإننا سنبقى بعيدين عن روح التأريخ الحديث وتتكرس ثقافة الاستئثار على كل شيء ، بل وثقافة تأميم كل شيء .
الصحوة نت