Home Articles Orbits ألغام نشطة
ألغام نشطة
فتحي أبو النصر
فتحي أبو النصر

23 مواطنا، هم الذين أعرفهم من المدنيين ضحايا جرائم الألغام الميليشياوية في تعز لوحدها كمثال.. مقاتلو الميليشيات يزرعون شبكات الألغام في المناطق التي يندحرون، أو ينسحبون منها، يزرعونها بلا حتى خرائط، ولا تعرف اين كانوا يخفون كل هذا المقدار من الإصرار الهوسي على القتل.

ثم لا أسوأ من مقاتلي الميليشيات الذين يزرعون الألغام في المناطق المدنية سيئة الحظ، جراء وقوعها بين خطوط اشتباكات مباشرة للجبهات العسكرية- أو بالقرب منها- وبالذات أثناء الانسحابات.. يزرعونها كحالة إدمانية عجيبة بالطبع، وغالبا بدون ضرورة عسكرية، كما بدون أي اكتراث إنساني، ليكون معظم ضحاياها قتلى وجرحى من الأبرياء..

وبالتأكيد فإنهم يزرعونها أحياناً من أجل إعاقة تقدم أية قوة مضادة يخشونها، ما يستدعي تحييد مساحة معينة من الأرض كي لا تشكل خطرا للإطباق عليهم، وتلك عموماً هي مهمة الألغام في الجبهات القتالية المفتوحة الواسعة الخالية من البشر ومصالحهم المعيشية وبالذات اليومية.. لكنهم يزرعونها ولايأبهون حتى بإيجاد خرائط لتلك الحقول الملغمة، ولو من أجل تدميرها ونزعها مستقبلا على أقل تقدير أخلاقي، بدلاً من أن تصبح حقولاً مجهولة مخاطرها بلاحدود..

لذلك يحدث مثلاً أن يرسلوا بعد انسحابهم من موقع ما- وقد قاموا بتلغيم محيطه سابقا- بتعزيزات قتالية جديدة لتعاود الهجوم وإستعادته، في حين يحدث حينها- وعلى نحو دراماتيكي بلاشك- أن تتفجر ذات الألغام المفاجئة، تحت أرجل مقاتليهم الذين لم يكونوا على علم بها عندما كانوا يدوسونها .!

وياللمآسي المتنوعة التي سببتها حالة الهوس اللغمية كما نعرف منذ نشوب الحرب.. فالحرب لا بد أن تنتهي مهما طالت، ولكن تبقى مخاطرها مدفونة تحت الأرض في شكل ألغام تهدد حياة الأبرياء، وتتربص بهم بكل انتقامية وبمنتهى العبث.. ما بالكم وأن كثيراً من حقول الموت والتشوه المجاني اللغمي تلك قد زرعت بلا خرائط.

أواخر العام الماضي، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية، إن "استخدام الحوثيين وحلفائها للألغام الأرضية في تعز، تسبب بالعديد من الإصابات في صفوف المدنيين ويزيد من بؤس الحرب المدمرة".

وفي تقرير لها صدر العام الماضي أيضا قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر -اليمن: "ستنتهي الحرب وتسكت المدافع يوماً ما، سيُعاد بناء ما تهدم في اليمن وسيلتئم شمل العائلات المشتتة ولكن ستبقى هناك ندوب وجروح لا يمكن ان تٌنتسى وستبقى شاهداً على الثمن الباهظ الذي دفعه المدنيون في الحرب الأخيرة.

أكثر من 6 آلاف يمني أصيبوا بإعاقات خلال السنة الأخيرة من الحرب، والكثير منهم فقدوا أطرافهم نتيجة الألغام أو الطلقات النارية أو الغارات الجوية. تلبي اللجنة الدولية احتياجات المعاقين في اليمن من خلال أربعة مراكز لإعادة التأهيل في كل من صنعاء وعدن والمكلا وتعز".

أما التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، فيؤكد أن الألغام التي زرعتها جماعة الحوثي وقوات الرئيس السابق صالح في عدد من المحافظات، تسببت في استشهاد 615 شخصاً، وإصابة 942 آخرين، خلال عامين من الحرب المتصاعدة. كما أن الألغام تسببت أيضاً في إصابة 527 شخصاً بإعاقات دائمة.

ووفقاً للتقرير، فقد استخدمت جماعة الحوثي الألغام أيضاً في تفجير 556 منشأة طبية وتعليمية ومنازل مدنيين ومقرات عمل ومقرات خاصة ومحلات تجارية ومركبات.

أما الألغام التي تم انتزاعها فقد بلغ عددها نحو 39 ألف و634 لغماً، بينها 26 ألف و755 لغماً مضاداً للأفراد، و12 ألف و879 مضاداً للدروع، فيما عملية زراعة الألغام من قبل جماعة الحوثي وقوات صالح لا تزال نشطة.

 

*نقلاً عن المصدر اونلاين