المخلافي: صدور «الوحدوي» كان خطوة متقدمة لخروج التنظيم من بوتقة السرية
الوحدوي نت
في حديث مع أول رئيس تحريرلها..
المخلافي: «
الوحدوي» تمثل سفراً مجيداً في نضال التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري والناصريين
اغلاق "الوحدوي" كان شرط النظام في صنعاء لأي حوار مع التنظيم
أكثر من سبب جعلني أطرق باب الأستاذ عبدالملك المخلافي الأمين العام السابق للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، للحديث عن وقائع محددة والإجابة عن قضايا فنية وأسئلة تفصيلية حول ظروف نشأة صحيفة «الوحدوي» في المنفى وإعادة إصدارها في فترة العلنية عقب قيام الوحدة اليمنية ليستفيد منها أي باحث مهتم بنشوء الصحافة الوطنية.
منها: أنه أول رئيس تحرير لصحيفة «الوحدوي» بعد الوحدة، وكان أحد الذين لهم علاقة مباشرة أثناء فترة إصدارها وتطورها خارج اليمن من نشرةٍ الى مجلةٍ تصدر عنها كتيبات وكتب.
ومنها: أن عدداً من قيادة التنظيم الذين أسمهوا في النشاط الإعلامي للتنظيم داخل وخارج الوطن، طلبت منهم التحدث بمناسبة مرور عشرين عاماً عن إعادة إصدار صحيفة الوحدوي الوحدوي الصادرة عن التنيظم الوحدوي الشعبي الناصري وثلاثين عاماً على تأسيسها فأحالوني على الأستاذ عبدالملك.
ومنها أيضاً: أن له علاقة وارتباط وثيق بالصحافة منذ وقتٍ مبكرٍ من حياته، واشتغل في العمل الصحفي، إضافة الى كونه سياسياً.
وأخيراً: فإن هذا اللقاء يحمل معلومات عن تاريخ نشوء وتطور صحافة التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، أحد الفصائل الرئيسية للحركة الوطنية اليمنية، لاشك سيستفيد منها أي باحث.
تالياً نص الحوار:
>
أجرى الحوار: أحمد سعيد ناصر
>
في 27 سبتمبر 1990م صدر العدد صفر من «الوحدوي» في صنعاء وباعتباركم أول رئيس تحرير لها هل يمكن أن تحدثونا عن المناخ الذي صدرت فيه، وماذا مثل صدورها آنذاك؟
- لابد من التأكيد في البداية أن «الوحدوي» أُعيد إصدارها في صنعاء ولم تصدر لأول مرة فقد صدرت أول مرة خارج اليمن في يونيو 1981م.
وعندما صدرت في صنعاء كانت «الوحدوي»، خلافاً لكل الصحف التي صدرت (آنذاك وقبلها وبعدها)، تملك رصيداً نضالياً كبيراً لما يقارب العقد من الزمن رصيد ارتبط بجهود وتضحيات وإصرار وتمسك بالمبدأ وبالمواقف.
كانت الوحدوي تمثل سفراً مجيداً في نضال التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري وفي نضال الناصريين الذين قدموا تضحيات جسيمة من أجل حقهم في حرية التعبير وحرية الكلمة.
أما المناخ الذي صدرت فيه فقد صدرت في مناخ التحولات الوطنية الكبرى، التي صنعها فجر الوحدة اليمنية العظيم واقتران الوحدة بالديمقراطية.
وفي تقديري أنه لولا الوحدة والديمقراطية لما كان من الممكن لصحيفة مثل «الوحدوي» أن تصدر في صنعاء.
> اسمح لي لولا الوحدة والديمقراطية لما صدرت كل الصحف التي صدرت بدءاً من عام 1990م وليس الوحدوي فقط؟
- هذا صحيح، ولكن في تقديري أن الوحدوي بالذات ما كان يمكن أن تصدر لولا الوحدة والديمقراطية.
> تقصد باعتبارها صحيفة حزبية؟ تتبع التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري؟
- لا، لا أقصد باعتبارها صحيفة حزبية فهي في البداية لم تصدر باسم التنظيم وإنما صدرت كصحيفة أهلية باسم صاحب الامتياز الأخ المناضل هادي محمد عامر وقد بقيت كذلك لسنوات طويلة.
وعند صدورها لم يكن قد صدر قانون للأحزاب والتنظيمات السياسية ولا صدر قانون الصحافة والمطبوعات الموحد في ظل دولة الوحدة الجمهورية اليمنية وكان القانونين الشطريين وفقاً لاتفاق تنظيم المرحلة الانتقالية لا زالا ساريين.
ما قصدته أن صحيفة تحمل إسم «الوحدوي» بالذات وتاريخها النضالي ما كان يمكن أن تصدر بهذا الإسم بكل ما يمثله، وخاصة أنها مثلت استمرارية لإصدارها الأول من حيث الإسم والقائمين عليها والجهة السياسية التي تقف وراءها، بل وحتى شعارها وبعض أبوابها وتوجهها ومواضيعها.
وأعتقد أنه لو أفترضنا أنه كان قد سمع بديمقراطية شطرية وصدر قانون شطري للأحزاب والصحافة وخاصة في صنعاء في الشطر الشمالي في الوطن سابقاً لما سمح بإعادة إصدار «الوحدوي» ربما كان يسمح بصحيفة جديدة وليس «الوحدوي» بتاريخها.
ولهذا مثل صدورها دلالةً هامةً بالنسبة للتنظيم وللناصريين والقائمين عليها ومن كان لهم صلة بها ودفعوا ثمناً لاستمرارها ولتوزيعها اعتقالات وسجون ومطاردة.. الخ. وأعتقد أن هذه الدلالة الخاصة هي أيضاً جزء من تاريخ الصحافة في بلادنا وجزء من تاريخ حرية التعبير تتميز به «الوحدوي» عن غيرها من الصحف الحزبية والأهلية.
> ولكن عند صدور الصحيفة كان التنظيم يفتتح مقره المركزي في العاصمة صنعاء ويقيم احتفالاً كبيراً شارك فيه ممثلين (للحزبين الحاكمين) المؤتمر والاشتراكي، فكيف لم يكن قد صدر قانون للأحزاب وآخر للصحافة؟
- لهذا أشرت الى التحولات العظيمة التي صنعتها الوحدة بما فيها الديمقراطية والحرية، فهذه التحولات صنعت أمر واقع فرض نفسه على الجميع وفي المقدمة الحزبين الحاكمين، ومع أننا لا ننكر فضل الحزبين الحاكمين في جعل الديمقراطية مرتبطة بالوحدة، وخاصة الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان يحكم الشطر الجنوبي من الوطن آنذاك، والذي طرح هذا الخيار على المؤتمر الشعبي، إلا أن الحقيقة والتاريخ يؤكدان أن الوحدة ما كان يمكن أن تتم بدون الديمقراطية والاعتراف بالآخر والشراكة الوطنية وأن ذلك هو خلاصة التاريخ اليمني بالمعاني التي تعنيها هذه المفردات حسب مراحل التطور التاريخي، وهي خلاصة للتجارب القريبة منذ أن قامت دولتين وطنيتين في وطن واحد في العام 1967م وفشل كل مشاريع الوحدة منذ عام 1967م أكانت مشاريع ضم وإلحاق أو مشاريع الحزب الواحد، وأعتقد دون أن يكون هذا موضوعنا الآن أن التراجع عن هذا الخيار هو سبب الأزمة التي تعيشها بلادنا حالياً.
وعودة الى الإجابة على سؤالكم بأن الوحدة خلقت بزخمها الوطني وما ترافق معها من تحول تاريخي غير مسبوق في تاريخ اليمن المعاصر وبأعتبارها ثورة ثالثة مكملة ومتوجة لثورتي سبتمبر واكتوبر والاستقلال الوطني، إنها قد خلقت واقعاً جديداً فرض على الجميع التعامل معه كلاً من موقعه، وإذا كان يحسب للحزبين الحاكمين آنذاك أنهما استجابا لهذا التحول فأعتقد أنه يحسب للقوى الوطنية والحزبية الأخرى أنها حولت هذه التوجهات والاستجابة الى أمر واقع وفي مقدمة الجميع التنظيم الوحدوي الناصري أقولها بدون ادعاء بل بتواضع وثقة، فما أن تم التوقيع على اتفاق عدن الوحدوي في 30 نوفمبر 1989م حتى أعلن التنظيم بيانه الشهير بيان إعلان الوجود في 15 ديسمبر 1989م الذي ألغى فيه كافة مسمياته المتعددة التي كان يتعامل بها في ظروف التشطير ليعلن وجوده على الساحة الوطنية كلها شمالاً وجنوباً وأنه ابتداءً من هذا التاريخ سيعمل بشكل علني واحد على امتداد الوطن وفقاً لمشروع دستور دولة الوحدة، وكان أول حزب سياسي يعلن عن وجوده الواحد في الشمال والجنوب قبل أن يقوم بذلك الحزبين الحاكمين، وخاصة الحزب الاشتراكي الذي كان موجوداً فعلاً قبل الوحدة. إذ لم يعلن عن وجوده الموحد إلا في مارس 1990م
وقد جاء إعلان التنظيم دون الاستناد لأي رخصة فقط لشرعيته التاريخية، وقد تبعته أحزاب أخرى وهو ما أدى عملياً الى إلغاء فكرة التنظيم السياسي الموحد، وتالياً أدى الى إلغاء لجنة التنظيم السياسي الموحد التي كان يترأسها كلاً من سالم صالح محمد وعبدالكريم الإرياني، وهي اللجنة التي حاولت أن تمارس عملها إلى نهاية العام 1990م، وهو ما يؤكد أن خيار التراجع عن الديمقراطية بقي مطروحاً الى ما بعد الوحدة بشهور ولكن الديمقراطية كانت قد تحولت بسبب هذه المواقف الى أمر واقع فرض نفسه على الجميع وفي المقدمة الائتلاف الحاكم.
> هذا يعني أن التنظيم فتح مقره بدون رخصة من أحد، وأقام احتفاله بدون رخصة من أحد؟
- نعم وحتى بدون وجود قانون وبعد أن حاولت لجنة التنظيم السياسي توجيه بيان تطالب الأحزاب التي كانت قد ظهرت بالمجيء إليها من أجل البحث في كيفية عمل هذه الأحزاب وفي مستقبل العمل السياسي وهو البيان الذي انتهت بعده اللجنة عندما رفض الجميع شرعيتها التي كانت قائمة قبل هذا التحول العظيم فأغلقت أبوابها نهائياً.
ومثلما كان بيان إعلان الوجود في 15 ديسمبر 89م كان افتتاح المقر في 27 سبتمبر 1990م، وبإمكانك العودة الى العدد الأول من الوحدوي الذي نشرت فيه وقائع الاحتفال، واقرأ كلمة الشهيد جارالله عمر التي اعتبر فيها يوم الاحتفال الناصري بأنه يوم الديمقراطية الحقيقي لأنه لأول مرة حزب في المعارضة يحتفل ويفتح مقر بدون ترخيص، إذ قال: إن ما قاما به منذ الوحدة كلاً من الاشتراكي والمؤتمر من افتتاح مقراتهما امتدادا لما كان قائم قبل الوحدة باعتبارهما حزبين حاكمين، أما أن يقوم بذلك حزب معارض فهو يوم الديمقراطية الحقيقي.
> هل هذا يعني أن صحيفة «الوحدوي» صدرت في 27 سبتمبر 90م في صنعاء بدون ترخيص وأنه جرى فرضها كأمر واقع كما حدث مع وجود التنظيم ومقره كما شرحت؟
- لا، بالنسبة للوحدوي كانت قد حصلت على ترخيص نهاية فبراير أو بداية مارس 1990م.
> كيف حصلت على الترخيص، وبموجب أي قانون؟
- قبيل الوحدة وفي إطار التحولات التي حدثت في الشطر الجنوبي آنذاك والتي بدأت من العام 1988م على الأقل، وتوجت باتفاق عدن الوحدوي، صدر في عدن قانون للصحافة والمطبوعات، سُمح لأول مرة منذ الاستقلال بتعددية الصحافة والسماح لصحف أهلية ومستقلة بالصدور، وقد درست قيادة التنظيم آنذاك هذا الأمر، وأقرت الحصول على ترخيص في عدن، وقد تم التقدم بطلب الترخيص وفقاً للقانون الى وزير الإعلام في عدن آنذاك الأخ الدكتور محمد أحمد جرهوم وحصلت الوحدوي على الرخصة بموجب ذلك.
> ألم تواجهكم صعوبات أو اعتراض أو عرقلة؟
- باستنثاء أمر التسمية والتأجيل في البت بالطلب حتى صدور اللائحة، جرى الأمر بشكل اعتيادي في الغالب وقانوني، وخلال المدة التي حددها القانون لتلقي الرد على الطلب، كان ملفنا مكتملاً بموجب القانون، كنا من أوائل من تقدموا بالترخيص لصحيفة مستقلة في عدن- إن لم نكن أول من تقدم- لا أستطيع أن أجزم، وكان طلب الترخيص قد تضمن الإسم «الوحدوي»، وصاحب الامتياز هادي محمد عامر، ورئيس التحرير عبدالملك عبدالجليل المخلافي، ومدير التحرير عبدالعزيز مقبل وبياناتهم التي حددها القانون.
> ولم يتم الاعتراض على شيء.
- باستثناء التسمية، لا.. لم يتم الاعتراض.
> ماذا عن التسمية التي جرى الاعتراض عليها حسب ما فهمت.. لماذا جرى الاعتراض؟ وهل لذلك ارتباط بتاريخ الوحدوي السابق؟
- لم يكن الاعتراض بسبب تاريخ الوحدوي السابق، فالوحدوي كانت منذ تأسيسها في 1981م تدخل عدن وتوزع بشكل محدود فيها، بل كان الاعتراض لأن هناك من الشخصيات الصحفية الوطنية من تقدم بطلب بنفس الإسم فقد فوجئنا، وبعد أن تلقينا موافقة مبدئية، وفي نهاية الفترة الزمنية التي من المفترض أن نحصل فيها على الترخيص فوجئنا بوزير الإعلام يطرح هذه الإشكالية، ويطلب تغيير الإسم، وكان ذلك غير مقبول بالنسبة لنا مهما كان الثمن.
> وماذا حدث؟
- قدمنا للوزير الحيثيات التي تعطينا الأحقية في هذا الإسم ومنها أعداد الوحدوي في مرحلتها السابقة، وأعتقد أن طلبنا للترخيص كان الأسبق لست متأكداً من ذلك فوافق وصدر الترخيص ولابد هنا من الإشارة بالتقدير للجهد الذي بذله الاخ المناضل الاستاذ محمد أحمد العفيف في متابعة إصدار الترخيص.
> وكيف تم إقرار الأسماء التي تم تقديمها في طلب الترخيص؟
- المستوى القيادي الأول المسؤول آنذاك هو الذي أقر الأسماء، وكان الأمر في سياق طبيعي فالأخ هادي عامر الذي قدم الترخيص باسمه كصاحب أمتياز هو أحد أبرز مناضلي التنظيم وكان قد قضى سنوات طويلة من عمره في السجون في عدن وكان متولياً مسؤولية رئيسية عن الأوضاع التنظيمية في الجنوب خلال الفترة التي سبقت الوحدة، وكان طبيعياً من الناحية التنظيمية والنضالية وحتى الشخصية أن يكون الترخيص باسمه.
وبالنسبة لي كرئيس تحرير بالإضافة الى وضعي التنظيمي فقد كان ذلك استمرار لمسؤوليتي في الوحدوي، فقد كنت رئيس تحرير الوحدوي (في إصدارها السابق) مباشرة منذ مايو 1985م عندما انتقلت للإقامة في الخارج كما كنت مشرفاً عليها قبل ذلك، منذ المؤتمر السابع (سبتمبر 1981م) بحكم مسؤولياتي التنظيمية، وقد كنت عضواً في منظمة الصحفيين اليمنيين الديمقراطيين حسبما ينص القانون واللائحة وانتخبت ضمن مندوبي المنظمة في المؤتمر التوحيدي لنقابة الصحفيين الذي انعقد في صنعاء في 9 يونيو 1990م.
والاخ عبدالعزيز مقبل مدير التحرير، كان صحفياً معروفاً وقد انظم الى التنظيم قبيل الوحدة وكان له خلفيته الصحفية والسياسية كممثل لجبهة التحرير في الجزائر.
> ثم تأخر صدور الوحدوي ستة أشهر تقريباً الى 27 سبتمبر 1990م وصدرت في صنعاء فلماذا تأخرت؟
- كنا نُعد لإصدارها لكن كما تعرف بأن التحولات الكبيرة التي حدثت أدت الى تأخير صدورها، كان التنظيم، وقيادته منشغلاً بالتحولات الوطنية والخطوات الوحدوية من ناحية، وبإعادة ترتيب أوضاعه التنظيمية بعد فترة طويلة من السرية والمطاردة وظروف التواصل بين الشطرين... الخ.
وكما تعلم، فإن اتفاق عدن الوحدوي كان ينص على أن تتم الوحدة خلال عام أي في نوفمبر 1990م، ولكن تسارع الأحداث أدت الى التعجيل بها واختصار الفترة من 30 نوفمبر الى 22 مايو.
ومع هذه التحولات التي كانت قد اتضحت بعد صدور التصريح مباشرة، فكان القرار أن يتم إصدارها في صنعاء عاصمة دولة الوحدة، وبعد أن جرى ترتيب الأوضاع التنظيمية بشكل أولي، تقرر أن تصدر الصحيفة ويفتتح المقر في نفس اليوم.
ومع ذلك أعتقد بأن «الوحدوي» كانت أول صحيفة لحزب سياسي جاء من المعارضة تصدر في صنعاء.
> أعتقد أنها صدرت قبل «الثوري»؟
- نعم صدرت «الثوري» في صنعاء بعد «الوحدوي» بفترة، حيث أتذكر أننا رحبنا في أحد أعداد «الوحدوي» بصدورها.
> في العدد (الرابع) الصادر في 16 اكتوبر 1990م؟
- أعتقد ذلك.
> والصحوة؟
- الصحوة كانت أصلاً تصدر في صنعاء كصحيفة أهلية صاحب امتيازها الأستاذ محمد عبدالله اليدومي وأعتقد أنه كان رئيس تحريرها أيضاً، وقد أستمرت في الصدور استناداً لذلك بدون انقطاع أو حاجة لإعادة إصدار أو ترخيص.
> إذن، صدرت الوحدوي في صنعاء بناءً على الترخيص الصادر في عدن بموجب قانون الصحافة والمطبوعات الصادر في عدن؟
- نعم، اتفاق إعلان الوحدة وتنظيم الفترة الانتقالية كان يسمح بذلك، وقد صدرت تراخيص كثيرة في صنعاء أيضاً بموجب القانون الصادر في صنعاء قبل الوحدة ومنها صحف صدرت بعد ذلك في عدن مثل الأيام فيما أذكر وإن كنت أعتقد أن الترخيص للوحدوي في عدن كان له دوره في منح عدد من الصحف للترخيص في صنعاء في الأشهر التي سبقت قيام دولة الوحدة، كانت «العدوى» الإيجابية تسري آنذاك، ولو كان لاستخدامها كرد فعل، ولكني أعتقد أن في مثل ذلك فليتنافس المتنافسون.
«الوحدوي» في مرحلة الخارج
> قبل أن تستكمل مرحلة صدور الوحدوي في صنعاء من مختلف الجوانب، اسمح لي أن أعود بك الى المرحلة الأولى، للوحدوي (مرحلة الخارج)، خاصة بعد الإشارات الهامة التي تضمنها حديثك السابق.
- تفضل.
> صدرت «الوحدوي» لأول مرة كما ذكرت في حديثك، وكما هو معروف ومذكور في بياناتها حالياً في يونيو 1981م في الخارج، ولكن هناك الكثير من الاسئلة إجاباتها غير معروفة للقراء والمهتمين أرجو أن تقوموا بتوضيحها للقارئ. أول هذه الأسئلة أين صدرت الوحدوي في الخارج؟
- إذا كنا سنعتبر مكان الطبع هو مكان الصدور فقد طبعت الوحدوي في أعدادها الأولى في بيروت في مطبعة (صنين)، التي كان يديرها الأستاذ علي الصميلي، وهو قيادي ناصري في حزب الاتحاد الاشتراكي العربي آنذاك. بينما كانت إدارتها المباشرة في دمشق وغير المباشرة في الداخل.
لكن الطباعة انتقلت بعد ذلك، أعتقد منذ العام 84م، الى دمشق بعد موافقة الجهات السورية على طباعتها بناءً على اتفاق مع القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، وكان ذلك يسهل صدورها وتوزيعها، خاصةً مع الظروف الأمنية الصعبة التي كان يعيشها لبنان في مرحلة الحرب الأهلية، وخاصة بعد الاجتياح الصهيوني عام 1982م.
وبسب ما واجهته صحيفة الوحدوي من محاولة لانتحال اسمها من عبدالوهاب منصور أحد القياديين السابقين الذي كان تصريح طباعتها باسمه بصفته ممثلاً للتنظيم، فقد تم إلغاء الترخيص وعودة طباعتها ابتداءً من مايو 85م الى بيروت وإلى مطبعة (صنين) تحديداً، التي كانت تقع في المنطقة المعروفة برأس بيروت وقد أغلقت الآن.
> قبل أن أسألك عن التوزيع أود أن استكمل معك الصدور كيف تم إقرار صدورها واختيار اسمها ومن هي الجهة التي اتخذت القرار؟
- جاء صدور الوحدوي بناءً على مبادرة من اللجنة السياسية في الخارج أو لجنة العلاقات الخارجية التي كانت تضم القيادات التنظيمية المقيمين في دمشق وعدن والتي كانت تضم في عضويتها الإخوة الدكتور عبدالقدوس المضواحي، محمد أحمد العفيف، عبدالوهاب منصور، محمد سيف ناجي، عبدالحميد طربوش، وقد تم اختيار اسمها من بين عدد من الأسماء المقترحة التي جرى التوافق عليها لأنها تمثل اسم وتوجه وصفة التنظيم، ومع اعتقادي الشخصي ومن متابعتي وسؤالي للإخوة الذين صنعوا المبادرة- إذ لم أكن حاضراً معهم- فإنه إذا كان من ذكرتهم جميعاً لهم إسهاماتهم، فإني أعتقد أن الأخوين محمد العفيف ومحمد سيف كان لهما جهداً خاصاً في ذلك، وتالياً، وخاصة في المتابعة والطباعة والتوزيع الأخ أحمد سالم.
> هل يعني أن إقرارها كان من قبل اللجنة السياسة في الخارج؟ وهل كان لها الصلاحية في ذلك وهي تصدر باسم التنظيم؟
- لا.. كانت المبادرة منهم لكن الإقرار تدرج من القيادة التنفيذية الى اللجنة المركزية وحتى المؤتمر الوطني العام.
> هل كان الأمر يحتاج الى أن تُقر من قبل المؤتمر الوطني العام؟ وأين انعقد هذا المؤتمر ومتى؟
- أعتقد أن انعقاد المؤتمر الوطني العام بعد فترة قصيرة من صدور «الوحدوي» هو الذي أدى الى إقرارها من قبله، خاصة مع بروز تحفظ على صدورها لدى عدد من الإخوة في القيادة التنفيذية واللجنة المركزية في الداخل.
> هل يعني أنه كان هناك خلاف حول صدورها؟ وما هو السبب؟
- لا لم يكن هناك خلاف، قلت: تحفظ.. يعود سببه الى أن هذه هي المرة الأولى التي يُصدر فيها التنظيم صحيفةً أو نشرة علنية خارجية ناطقة باسمه للتوزيع الداخلي والخارجي، من الطبيعي، باعتبارها التجربة الأولى، أن يكون هناك ملاحظات.
> وكيف جرى معالجة المسألة؟
- بالطريقة التنظيمية وفقاً للنظام الأساسي آنذاك وبالديمقراطية، صدرت «الوحدوي» في منتصف يونيو 1981م، وانعقدت اللجنة المركزية قبيل انعقاد المؤتمر الوطني العام السابع بيوم واحد وباعتبارها الهيئة التنظيمية الأعلى من القيادة التنفيذية، فإن من كان له رأي طرح رأيه في اللجنة المركزية، وكان قد صدر من الوحدوي عددين أو ثلاثة ربما، بما فيها العدد صفر، وقد صادقت اللجنة المركزية بالأغلبية على قرار إصدار الوحدوي، ثم طُرح الأمر مجدداً على المؤتمر الوطني العام السابع الذي انعقد في الفترة من 24 الى 26 سبتمبر 1981م بمدينة الجوبة بمحافظة مأرب في منزل الأخ المناضل علي عبدربه القاضي، وقد صادق المؤتمر على صدور الوحدوي، وبذلك فإن شرعية الوحدوي استمرت منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم من أعلى هيئة في التنظيم (المؤتمر الوطني العام).
> هل كنت حاضراً اجتماعات اللجنة المركزية والمؤتمر السابع؟
- لم أحضر اجتماعات اللجنة المركزية لأني لم أكن عضواً فيها آنذاك، وإن كنت قد تابعت أعمالها باعتبارها عُقدت في نفس مكان انعقاد المؤتمر الذي حضرته - أي المؤتمر الوطني العام السابع- باعتباري المسؤول الأول لفرع الشهيد مثنى، وهي التسمية التي كانت تطلق على فرع محافظتي تعز وإب، كما كنت مندوباً للمؤتمر الوطني العام، وأظن أنني ومعي زملائى الشباب (آنذاك) مندوبي الفروع قمنا بالدور الأكبر في حصول قرار الموافقة على استمرار صدور الوحدوي على أغلبية كبيرة في المؤتمر، بالإضافة الى حضور عدد من الإخوة من الخارج للمشاركة في المؤتمر وفي مقدمتهم الأخ محمد العفيف والأخ محمد سيف.
> هل صدرت «الوحدوي» باسم التنظيم؟
- كان التنظيم آنذاك يعمل بتسميات (علنية) مختلفة، أشار لها جميعاً بيان إعلان الوجود الذي ذكرته سابقاً الصادر في 15 ديسمبر 1989م، كان يستخدم هذه التسميات لأسباب أمنية، حيث كانت تتعدد التسميات في وقت واحد أو تتغير من وقت الى آخر، وأحياناً لما فرضه التشطير من ظروف فمثلاً عمل في الشطر الجنوبي باسم التنظيم الشعبي للقوى الثورية وقبل وبعد حركة 15 اكتوبر 1978م وحتى بيان إعلان الوجود عمل باسم جبهة 13 يونيو للقوى الشعبية في الشمال، ولهذا صدرت الوحدوي باسم (جبهة 13 يونيو للقوى الشعبية).
> من المعروف أن التنظيم الناصري ولد موحداً شمالاً وجنوباً وبقي كذلك.. فهل يعني ذلك أن صدور الوحدوي باسم جبهة 13 يونيو إنها صدرت كمعارضة للنظام في الشمال أو فيما كان يعرف باسم ج. ع. ي؟
- كما قلت ظروف التشطير وتكتيكات التنظيم في التعامل مع الأنظمة الشطرية وواقع التشطير قد فرض تعدد التسميات وتغير التكتيكات تبعاً للمرحلة، وهذا الموضوع يحتاج الى حديث آخر وخاصة ما يتصل بما كان يعرف بالأغطية أو التنظيم الأصل والتنظيم الغطاء والتسميات... الخ. لكن التنظيم الأصل بقي موحداً.
وفيما يتصل بالوحدوي صدرت في البداية ولبضعة أعداد باسم (جبهة 13 يونيو للقوى الشعبية في ج. ع. ي)، وكان ذلك فيما اعتقد أحد شروط أو متطلبات دخولها الى الشطر الجنوبي، ولكن ذلك كان محل انتقاد داخل التنظيم، فتم استبدال ذلك باسم (جبهة 13 يونيو للقوى الشعبية اليمنية) ليعطيها طابعاً يمنياً بدلاً من التحديد الشطري (ج. ع. ي)، وتالياً وتنفيذاً لقرار المؤتمر الوطني العام السابع فيما يتصل بالتسمية العلنية أصبحت الوحدوي تصدر عن التنظيم الوحدوي الناصري- جبهة 13 يونيو للقوى الشعبية اليمنية).
وقد يرى البعض أن ذلك لا يحمل دلالات وأن تمريره كان سهلاً، وهذا غير صحيح. وللتوضيح فنحن نتذكر أن البيانات الصادرة عن لقاء قيادتي الشطرين كان يذاع في الشمال مثلاً وقد حُذف من إسم الحزب الاشتراكي بقية التسمية (اليمني) لأن النظام في الشمال لا يعترف بالتسمية التي تعطي إيحاء بالامتداد الوطني للحزب الاشتراكي، وكذا كان الأمر بالنسبة للنظام في الجنوب الذي كان يعترف بالمعارضة في ج. ع. ي. ولا يعترف بحق الامتداد الوطني، ولهذا فإن هذا التغيير الذي تضمنته تسمية الجهة التي تصدر «الوحدوي» كان وراءه إصرار من التنظيم على صفته وشموليته الوطنية والحصول على نوع من الاعتراف الواقعي من موقع التعاون والعلاقة مع الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم في الجنوب، رغم أن ذلك لم يكن سهلاً ولا هيناً في ظروف التشطير والشمولية، خاصة أن الوحدوي كانت تدخل الى عدن بشكل رسمي.
> هذا يدفعنا الى سؤال مؤجل.. كيف كانت توزع الوحدوي؟ وهل كانت توزع في عدن؟
- صحيح إنه كان يسمح بدخولها عدن بشكل رسمي، والكميات الأساسية لتوزيعها كانت تأتي من دمشق أو بيروت الى عدن عبر المطار، ولكن لم يكن يسمح بتوزيعها جماهيرياً في عدن. كان يسمح بتوزيعها على السفارات ومكاتب حركات التحرر والأحزاب المعتمدة في عدن، وقيادة الحزب والدولة، ولكن هذا التوزيع توسع مع الزمن وشمل بعد ذلك عدد كبير من السياسيين من قيادات الحزب الاشتراكي اليمني، كما كان يتم توزيعها سراً على أعضاء التنظيم في الجنوب الذي كان ينشط آنذاك بشكل بالغ السرية.
وكان يسمح للتنظيم عبر مكتب جبهة 13 يونيو في عدن بأن يقوم بنقلها الى الشمال عبر الطرق المتعددة التي كان يستخدمها التنظيم.
> هل يعني هذا أن الوحدوي كانت تدخل الى الشمال عن طريق الجنوب وليس من أي طريق آخر، خاصة أني سمعت أنها كانت تأتي عن طريق ميناء الحديدة؟
- كما قلت بأن الجنوب كان هو الممر الأساسي لوصول «الوحدوي» الى الشمال، ولم تستخدم وسيلة أخرى لوصولها الى التنظيم في الشمال بشكل جماعي لأنه لم يكن بحاجة لها، أما بشكل فردي فقد كان بعض الأشخاص القادمين من فروع الخارج يغامرون باصطحاب بعض النسخ المحدودة، كما انه كان يجري توزيع الوحدوي عبر البريد من بيروت الى عدد من العناوين للسفارات ومسؤولين في الدولة وشخصيات في صنعاء، ولكن بالتأكيد ليس لأعضاء التنظيم.
> كيف كانت تصل الى الشمال؟
- كما قلت عبر ما كان يعرف بالأطراف بين الشطرين، كان للتنظيم طرق اتصال منتظمة وثابتة ورسل ومواعيد، رغم أنه كان يواجه صعوبات ومطاردات واعتقالات، ولم يكن الأمر هيناً كما قد يبدو، وكان التواصل يتطلب جهوداً وتضحيات بذلها عدد كبير من المناضلين الذين يستحقون التحية والتقدير.
> أين كان يتم هذا التواصل تحديداً؟
- ليس مكاناً محدداً، بل حسب الظروف الأمنية كان التواصل يتم عبر طور الباحة - المفاليس- المقاطرة، ومناطق أخرى في محافظة تعز، وأحياناً عبر مأرب وأخرى عبر قعطبة وجبن... الخ. ولم يكن التواصل بهدف نقل «الوحدوي» ولكن عبر هذه الأطراف كانت قيادات التنظيم تنتقل من الشمال الى الخارج عبر عدن، كما أن قيادة التنظيم في الخارج والجنوب يشاركون في المؤتمرات العامة واجتماعات اللجنة المركزية في الشمال بتنقلهم من الجنوب الى الشمال.
> إذن، كيف كان يتم توزيع «الوحدوي» في الشمال؟
- كانت توزع سرياً للأعضاء، وأحياناً لبعض المناصرين والشخصيات، بالتأكيد لم تكن توزع بصورة علنية، بل من كان يضبط ومعه الوحدوي أو يقوم بتوزيعها يتم اعتقاله.. هنا أتحدث بدرجة رئيسية عن المدن الرئيسية صنعاء، تعز، الحديدة، إب أما في بعض المناطق مثل مأرب فقد كانت توزع بشكل واسع وقد اعتقل خلال فترة صدور الوحدوي العديد من المناضلين بتهمة توزيع الوحدوي أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر وليعذرني البقية الأخوين علي محمد الكوري، وعبدالله نعمان محمد المحامي نائب نقيب المحامين حالياً.
> ألم تكن توزع في أماكن أخرى غير الشمال والجنوب؟
- كانت توزع لفروع التنظيم في الخارج وكانت آنذاك فروع متعددة وكبيرة (طلابية، أو عمالية) أبرزها فرع أمريكا، فرع بريطانيا، فرع الكويت، فرع مصر، فرع سوريا، فرع باكستان، فرع ليبيا، وحيث تواجد أعضاء للتنظيم، وحسب ظروف كل بلد بعضها بالبريد وبعضها عبر الرسل والزائرين كما كانت توزع للأحزاب وحركات التحرر في لبنان وسوريا وليبيا.
> ما هو الشكل الذي كانت تصدر به الوحدوي في هذه المرحلة والقَطع الذي كانت تصدر به؟
- كانت الوحدوي تصدر كنشرة ذات قَطع صغير وصدرت في البداية 8 صفحات ثم ارتفعت إلى 12 صفحة في العدد الثاني عشر، ثم استمرت 16 صفحة من العدد الثالث عشر. وبعد عام 85م تحولت الى مجلة ذات غلاف متعدد الألوان مثلها مثل أي مجلة.
> ماذا كانت تنشر؟ وهل كان لها أبواب ثابتة؟
- كانت تنشر أخبار عامة يمنية وعربية وكذا بيانات التنظيم ومواقفه وأنشطة قيادته في الخارج ودراسات وتحليلات ومواد فكرية ومقالات بمواد مختصرة تتناسب مع حجمها، وكانت لها بعض الأبواب الثابتة مثل: الافتتاحية، الخالدون، حتى لا ننسى، بالحرف الساخن، منكم وإليكم، للوحدوي رأي، لنا كلمة، على محطة الوطن، ومن القلب.. وتطور التبويب وتنوع وفقاً للفترة الزمنية التي تمتد من 81 الى 90م، وخاصة في مرحلة المجلة.
> هل كانت تنشر أسماء هيئة تحريرها؟ وهل تُنشر المواد باسم كتابها؟
- لا لم تكن الصحيفة تنشر هيئة تحريرها أو محرريها وكتابها.. الأسماء الوحيدة التي كانت تُنشر هي الأسماء والصفات للقيادة المعلنة في الخارج للجبهة، وإن كانت في مرحلة «المجلة» قد نشرت بعض المواضيع بأسماء حقيقة أو مستعارة.
> قلت أن إصدار الوحدوي كان التجربة الاولى للنشر بالنسبة للتنظيم، هل يعني أن التنظيم لم يكن له قبل ذلك وسائل نشر أخرى؟
- كان للتنظيم وسائل نشر أخرى منذ تأسيسه حسب علمي، ولأنني لست مؤهلاً للإجابة الكاملة عن هذا السؤال إلا في الفترات التي تلت انتمائي للتنظيم عام 74م ويمكنكم سؤال عدد من القيادات التنظيمية التي رافقت التأسيس، أطال الله في أعمارهم، ولكن هذه الإصدارات كانت جميعهاً إصدارات سرية وداخلية وللأعضاء فقط ومحدودة التداول، بمعنى أن العضو لا يحتفظ بها.
وأذكر منها نشرتي «الوحدة»، و«26 سبتمبر» اللتان استمرتا في الصدور طوال فترة السرية كما صدر عدد كبير من النشرات على مستوى الفروع والمديريات بعد حركة 15 اكتوبر 1978م وفروع التنظيم في الخارج ومنها صحيفة 26 سبتمبر التي كانت تصدر باسم أنصار التنظيم في الولايات المتحدة وتوزع علناً وهي تحتاج جميعاً الى توثيق.
ولكن الوحدوي كانت أول إصدار علني باسم التنظيم توزع وتطبع علناً ومطروحة للتداول العام.
وإن كنت شخصياً وجدت في أرشيف مجلة القومي العربي في بيروت في بداية الثمانينيات نشرة مطبوعة باسم التنظيم الشعبي للقوى الثورية الوحدوية، وهو أحد التسميات التي عمل بها التنظيم في بداية السبعينيات صادر عام 1973م فيما أتذكر مطبوعة في مطبعة، وهي من أربع صفحات، وكانت تتحدث عن الإعدامات التي تمت في الجنوب للشهداء الناصريين أحمد العبد سعد ورفاقه ولم أجدها بعد ذلك بسبب ظروف الحرب في لبنان، وإغلاق «القومي العربي» ولم أجد من يفيدني هل صدر عدد واحد منها أم أكثر ولماذا؟ ولا زالت أتمنى من الإخوة من قيادة التنظيم القدامى من يقرأ هذا أن يقول ما يعرفه.
وفي الفترة الأخيرة أخبرني الأخ محمد العفيف أنه كلف مع الشهيد سالم السقاف بالذهاب الى لبنان، وأنهم هناك طبعوا كتيب عن التنظيم الشعبي للقوى الثورية الوحدوية، وربما يكون صدور هذه النشرة ضمن هذا النشاط.
وعلى كل حال، كل ذلك بحاجة الى جهد الباحثين، وخاصةً من أعضاء التنظيم والى اهتمام ممن عايشوا تاريخ التنظيم وخاصة خلال السنوات 66م الى 77م.
والى الآن، فإن الوحدوي تعتبر هي الإصدار العلني الأول باسم التنظيم أو أيٍ من مسمياته، وهي الإصدار الوحيد الذي استمر منتظماً لثلاثة عقود أكان في مرحلة السرية أو العلنية في الإصدار الأول في الخارج أو الإصدار الثاني في صنعاء.
> ألم يصدر أي إصدار صحفي آخر في فترة العمل السري بشكل علني وليس كنشرة داخلية؟
- لا، صدرت في دمشق نشرة علنية جديدة باسم البديل أظن أن ذلك في عام 87م، فبعد تَحَول الوحدوي الى مجلة شهرية أصبح التنظيم بحاجة الى نشرة إخبارية يمكن طباعتها بسهولة وتكون إخبارية، وقد صدرت (البديل) لهذا الغرض، وقد توقفت عام 1990م.
> ماذا عن صحيفة مأرب؟
- حديثي في السابق كان عن «الوحدوي»، والصحافة التي أصدرها التنظيم باسمه أكانت داخلية أم علنية، ومع تطرقي لإصدارات صحفية متعددة، حسب متطلبات الإجابة على أسئلتك، إلا أن حديثي ليس هدفه تناول شامل للصحافة الناصرية ولا للصحفيين الناصريين.
واعتقد أن تاريخ الصحافة الناصرية بمعناه العام وليس بالمعنى الذي أشرت اليه، يحتاج الى بحث وجهد وتوثيق لمن لديه الاهتمام، كما يحتاج الى سؤال عدد كبير من القيادات الناصرية الصحفية والتنظيمية، وأتمنى أن تهتموا في «الوحدوي» بذلك.
والصحافة اليمنية الناصرية تمتد من وجهة نظري إلى ما قبل تأسيس التنظيم، وتشمل صحف تبنت الخط الناصري أو عبرت عنه، وعن التيار الناصري العريق، أو صدرت عن تكوينات نقابية وطلابية ومدنية مختلفة، أسسها التنظيم أو كان يتولى قيادتها ومنها مجلة «اليمن» الصادرة في القاهرة عن رابطة طلاب اليمن «شمالاً وجنوباً» وسكرتارية الروابط الطلابية «مصر، الكويت، الجزائر».
ويأتي في مقدمة الصحافة الناصرية صحيفة «مأرب» التي صدرت في تعز في السبعينيات ثم توقفت، وكان صاحب امتيازها ورئيس تحريرها الأستاذ والمناضل والصحفي الكبير الأستاذ هاشم علي عابد، ولا شك أنها كانت تمثل التعبير عن الناصرية والناصريين والتنظيم الناصري الذي كان آنذاك سرياً.
وتعبيرها هذا لم يكن نابع فقط مما تنشره من مواد تعبر عن هويتها الناصرية، ولكن من كون صاحبها ورئيس تحريرها أحد أبرز مؤسسي التنظيم، وأحد أبرز قياداته والمسؤول الأول عن فرعه الأكبر فرع الشهيد المجعلي حينها «يضم محافظتي تعز وإب».
ولا شك أن ذلك خلق رابطاً بين التنظيم والصحيفة يمكن سؤال الأستاذ هاشم عنه.
وفي تقديري إنها كانت صحيفة ناصرية أهلية ولا ينطبق عليها التوصيف الذي أشرنا اليه بالنسبة لـ«الوحدوي» فيما يتصل بعلاقتها التنظيمية، وأتمنى أن لا يبخل علينا أستاذنا الكبير هاشم علي عابد بما يعرفه في هذا الموضوع، خاصةً مع ما أدته صحيفة «مأرب» من دورٍ كبيرٍ وما شكلته من مدرسة في الصحافة تعلَّم منها ومن صاحبها كثيرون، أنا واحدٌ منهم، وما تحمله من رصيد نضالي في سبيل الوطن وحرية الكلمة والتصدي للمعتقلات التي تعرض لها طاقمها، ورئيس تحريرها، وكان آخرها عند زيارة جعفر نميري الرئيس السوداني لمدينة تعز عام 77م، إذ راجت شائعة بأن الناصريين سيغتالون النميري أو سيفشلون الزيارة، رداً على انحراف النميري واعتقاله للناصريين في السودان، حسبما روجت الشائعة والتقارير الأمنية. ويكفي أن نذكر من طاقمها الشهيد ناصر محمد اليافعي والشهيد علي ناصر الردفاني اللذان قدما حياتهما ثمناً لقناعاتهما الوحدوية والوطنية.
أما بالنسبة للصحفيين الناصريين فهم كُثر، سأكتفي بالإضافة الى من ذكرت بذكر الشهداء وأبرز من انتقل الى رحمة الله وهم: الشهيد الصحفي أحمد العبد سعد- مدير تحرير صحيفة 14 اكتوبر، الذي أُعدم في عدن في 10 اكتوبر 1973م في ظل النظام الشمولي ثمناً لقناعاته الناصرية، والشهيد الصحفي الكاتب الأديب علي محمد السنباني، الذي أُعدم في صنعاء في 5 نوفمبر 1978م مع شهداء 15 اكتوبر، والأستاذ المرحوم محمد الزُبيدي الذي ترأس تحرير صحيفة الثورة في صنعاء، والأستاذ المرحوم الصحفي مطهر حسان، والشهيد أحمد سعيد الحاج مدير تلفزيون عدن، الذي اغتيل بحادث سيارة بعد خروجه من السجن الذي مكث فيه أكثر من عامين، مع المعتقلين الناصريين الذين أُعدم مجموعة منهم في 10 اكتوبر 73م في عدن.
> لماذا لم يعاد إصدار صحيفة «مأرب» حتى كصحيفة أهلية، خاصةً أن الأحزاب الأخرى أصدرت صحفاً أهلية إلى جانب صحافتها الحزبية؟
- أنا مثلك بحاجة الى سماع الجواب من الأستاذ هاشم، وإن كنت أتذكر أنني سمعت منه- إن لم تخني الذاكرة- في أحد المرات جواب على حماسي وآخرين لصدور مأرب من جديد، وهو أن مأرب أدت دورها في مرحلتها وأننا الآن في مرحلة جديدة.
وعلى كل حال فالأستاذ هاشم علي عابد- أطال الله في عمره- أدى دوره ولا زال في صحافة التنظيم من خلال صحيفة الوحدوي التي أعطاها جهده وخبرته واهتمامه منذ إعادة إصدارها في صنعاء في 27 سبتمبر 1990م وحتى الآن، فقد كان ضمن أول هيئة تحرير «غير معلنة» مسؤولة عن «الوحدوي» عند صدورها ومعه الأخ المناضل الفقيد المرحوم أحمد طربوش، كما عمل مستشاراً للتحرير منذ ذلك الحين ولازال، وعضواً في مجلس إدارة الوحدوي حتى اليوم كما تعرف.
وقد استفاد منه ومن خبرته جميع من عمل في «الوحدوي» من رؤساء التحرير والصحفيين وأنا في مقدمتهم، وكانت كتاباته في الأعداد الأولى للوحدوي رصيد لاينسى من رصيدها، ولازال الجميع يتطلع الى قلمه وكتاباته، وأعتقد أن «الشيبه»، وهو الاسم الذي أطلقه عليه زملاؤه منذ أن كان شاباً إيماناً بحكمته وأبوته حتى لمن هم في مثل سنه، لا زال يعطي للأجيال الجديدة من العاملين في الوحدوي كما من سبقهم خبرته وحكمته وروحه الأبوية التي تضفي على العمل في الصحيفة طابعاً مميزاً وتُبقي الصحيفة في طريقها الصحيح.
> لا زال لدي عدد من الأسئلة عن «الوحدوي» وصحافة التنظيم في مرحلة العمل السري حتى قيام الوحدة عام 1990م، قبل العودة مجدداً إلى إعادة إصدار الوحدوي في صنعاء، أرجو أن تسمح لي بها ويتسع لها وقتك، لكي تكتمل الصورة ونستفيد من المعلومات التي لديك، والتي تنشر لأول مرة حسب علمي؟
- تفضل وإن كنت أعتقد أن المقابلة قد طالت وتطرقت الى مواضيع مختلفة وكنت أعتقد أنها ستتطرق إلى مواضيع محددة حول بدايات «الوحدوي» في الذكرى العشرين لإعادة إصدارها في صنعاء، وأرى أنها تشعبت الى العمل الإعلامي للتنظيم، وليس لصحيفة الوحدوي فقط.
> أرجو أن تعذرني، فقد جئت إليك ولديَّ عدد كبير من الأسئلة حول «الوحدوي» بمرحلتي نشاط التنظيم السرية والعلنية، استقيتها من أسئلة كنت أسمعها من باحثين يزورون الوحدوي، ومن الزملاء الصحفيين، ومن أصدقاء للوحدوي، وحتى من أعضاء في التنظيم، وخاصة الشباب ولا زال لدي العديد منها لأني أريد من هذه المقابلة أن تكون شاملة وتجيب عن كل الأسئلة، وقد وجدت من حديثك الشيق فرصة لإضافة أسئلة أخرى حول مواضيع ذات صلة، خاصةً أن تاريخ التنظيم الناصري مع أنه تاريخ حافل مازال مجهولاً لأعضائه قبل الرأي العام، إنها فرصة لتوثيق جزء من هذا التاريخ.
- حسناً، وإن كنت أرى أن تهتموا أنتم في «الوحدوي» خاصة بالتوثيق لتاريخ التنظيم في مختلف المجالات، وأن لا تكون المناسبة فقط هي التي حركتكم، وأتمنى مثلي مثل غيري من أعضاء التنظيم أن نرى مقابلات موسعة حول مختلف جوانب تاريخ التنظيم مع القيادات المتعاقبة من لازال أحياء منهم -أطال الله أعمارهم- فقد فقدنا الكثير بالاستشهاد والوفاة، وخاصة لفترة التأسيس والستينيات والسبعينيات والثمانينيات.
صدور «الوحدوي» أزعج السلطة
> إن شاء الله، نعود الى أسئلتنا، ماذا مثَّل صدور «الوحدوي» في الخارج بالنسبة للتنظيم وأصدقائه، وبالنسبة للسلطة، وخاصة السلطة في الشمال؟
- كان صدور «الوحدوي» مرحلة تحول بالنسبة للعمل السياسي والإعلامي للتنظيم الناصري، جسدت الانتقال من مرحلة إلى مرحلة، كان التنظيم الناصري يعمل بسرية كاملة منذ تأسيسه في 25 ديسمبر 1965م، حتى أن قوى كثيرة فوجئت في أعقاب حركة 15 اكتوبر 1978م بوجود تنظيم بهذه القوة والاتساع، كانت الصورة التي يعتقدها كثيرون - رغم الحضور الكبير للناصريين في كل مكان وكل نشاط- أن الناصريين هم تيار سياسي عريض وليسوا جماعة منظمة، وهي صورة لعب التنظيم دوراً كبيراً في ترسيخها حفاظاً على سريته.
كانت المواقف التي يصدرها الناصريون -مثلما أذكر- تؤكد الانطباع بأنهم تيار وليسوا تنظيماً، على سبيل المثال كانت المواقف تصدر باسم «الوحدويون المستقلون» أو «الناصريون المستقلون» أو «التيار القومي» وأحياناً «المستقلون» أو تصدر بإسم الكيانات التي يسيطرون عليها مثل رابطة طلاب اليمن «شمالاً وجنوباً» في مصر، وتؤكد المواقف على صفة الاستقلالية عن الكيانات الحزبية مثل «الطلاب المستقلون في الجامعة» أو «العمال المستقلون» أو «تيار المستقلين» بين المغتربين. وكان النظام الأساسي للتنظيم ينص في مادته الأولى أن التنظيم سري الاسم، سري الحركة، وكانت الأغطية التنظيمية والأسماء المتعددة تلعب دوراً في هذا التمويه.
حتى قيام حركة 15 اكتوبر، حيث أعلن التنظيم عن اسم جبهة 13 يونيو للقوى الشعبية اليمنية، ولاحقاً بعد المؤتمر العام السابع للتنظيم إضافة الوحدوي الناصري، ونص في النظام الداخلي للجبهة بأنه تنظيم علني الاسم سري الحركة، وإن كان التنظيم الأصل (الطليعة العربية) منذ التأسيس حتى عام 74م، و(الطلائع الوحدوية اليمنية) منذ 74 الى 1990م قد بقي على نص المادة الأولى من نظامه الأساسي التي أشرت إليها (سري الاسم /سري الحركة).
ومن ثم فإن صدور «الوحدوي» كان خطوة متقدمة في الخروج من بوتقة السرية التامة التي فرضها التنظيم على نفسه، ويرتبط الأمر كما قلت بحركة 15 اكتوبر وآثارها، وهي النقلة الأبرز في تاريخ التنظيم الذي أكد مجدداً تعميد وجوده بالدم وبالشهادة بعد إعدامات الشهداء في عدن في اكتوبر 73م، وهو ما يحتاج الى تقييم بما أحدثته في تاريخ التنظيم.
> لكنك أشرت قبل ذلك إلى معلومات لديك حول نشرة وكتيب عن التنظيم الشعبي للقوى الثورية تعود إلى العام 1973م؟
- هذا صحيح، وهو لا ينفي كلامي بل يؤكده، ذلك أن التنظيم استند في النشاط الإعلامي والسياسي العلني في تلك الفترة على تسمية لتنظيم علني عمل الناصريون على تأسيسه والعمل في إطاره وشارك ببسالة في الكفاح المسلح في الجنوب هو (التنظيم الشعبي للقوى الثورية) وإبقائه كإطار لنشاطاته في المحافظات الجنوبية، وفي مرحلة لاحقة أضاف للتسمية الوحدوية فأصبح «التنظيم الشعبي للقوى الثورية الوحدوية» لأسباب كثيرة، ومنها لإظهار هويته كإطار ناصري علني، حيث شارك آخرون في كفاح التنظيم الشعبي ليسوا من الناصريين، وقد استخدم هذا الإسم في ما أعرف كإطار عام للتنظيم في الشمال والجنوب معاً ضمن الأغطية التي استخدمها، حتى بدأت مرحلة أخرى لإطار علني جديد هو الجبهة كما أشرت.
> هل كانت الجبهة تضم غير ناصريين وقريبين من التنظيم؟
- لا، الأغطية مجرد مسميات بلا هيكل حقيقي، وهيكلها يقتصر فقط على المستوى القاعدي الأول الوحدات الأساسية، وبعدها يتم الترقي في هيكل التنظيم من خلال ضم من يثبت صلاحيته إلى التنظيم الأصل، وحتى الأسماء المعلنة للقيادت هي قيادات في التنظيم الأصل أسندت لها هذه المهمات، بمعنى أن الأمين العام للجبهة ليس هو الأمين العام للتنظيم، وقد يكون عضواً في القيادة أو في اللجنة المركزية ومسؤولاً عن العلاقات الخارجية.
> إذا كان صدور «الوحدوي» في يونيو 81م مثَّل هذه النقلة بالنسبة للعمل الإعلامي والسياسي للتنظيم، ماذا مثَّلته لأصدقائه وللسلطة حينها؟
- بالنسبة لأصدقاء ومناصري التنظيم مثَّلت حلقة تواصل وإعلام بأنشطة التنظيم ومواقفه، أما بالنسبة للسلطة فقد كان رد فعلها حاداً، لقد وجدت في «الوحدوي» صوتاً يَقضُّ مضاجعها، فعملت على محاولة إسكات هذا الصوت بكل الوسائل.
> لماذا؟
- كانت السلطة تخاف الكلمة الحرة، تطارد الكلمة بكل وسيلة، تطارد البيانات، والمنشورات، والآلة الكاتبة، والاستنسل، وكانت للكلمة في ذلك الوقت دور كبير ربما لم يعد لها الآن بعد أن فقدت السلطة إحساسها بمعنى الكلمة، وأصبحت تؤمن بمقولة «قل ما تشاء وأنا أفعل ما أشاء»، وقد يكون تقييمها خاطئ لمعنى الكلمة الآن، فهي ربما كانت آنذاك تخاف من تأثير مباشر للكلمة، وهي ربما ترى اليوم بأنه رغم كل ما يقال فإنها أتقنت التضليل، وأن ذلك لم يزحزح من وضعها ولكنها تتجاهل بأن الكلمة الحرة سيكون لها الأثر الأكبر في خيار الشعب وموقفه في النضال السلمي والديمقراطي للتغيير.
> وماذا عملت السلطة؟
- الكثير، منذ العام 82م والسلطة تطرح في كل حوارٍ وتواصلٍ إيقاف صحيفة الوحدوي، وتضعه شرطاً لكل حوار ولكل تطبيع، وشهدت تلك الفترة اعتقالات متعددة على هذه الخلفية، كما حاولت طرح ذلك مع الأطراف السياسية التي كانت تعتقد أنها تساعد على صدور الوحدوي.
> وماذا كان رد التنظيم؟
- كان التنظيم يطرح أن ذلك حقه طالما وهو محروم من حق إصدار صحيفة في صنعاء، ومنذ العام 82م- على ما أتذكر- كانت السلطة في الشمال قد سمحت بصدور صحيفة «الأمل» التي رأس تحريرها الاستاذ الصحفي سعيد علي الجناحي كمعبرة عن الجبهة الوطنية الديمقراطية، أو حوشي، أو فرع الاشتراكي في الشمال، كما سمحت بصدور صحيفة للإخوان المسلمين هي «الصحوة».
وقد رأينا أن من حقنا، على الأقل، أن يكون لنا صوتنا في الداخل حتى نوقف النشر في الخارج أسوةً بالقوى الأخرى.
> ماذا كان رد النظام على طلب التنظيم؟
- في المرحلة الأولى اعتقد النظام أنه سيجد من داخل التنظيم من يلبي مطالبه وشروطه، وخلال الأعوام 1982 وحتى 1985م واجه التنظيم سنوات صعبة، في هذه المرحلة برزت ظاهرة الجندي، ثم ياسين عبده سعيد، كانت مطالب أو «شروط النظام» إغلاق «الوحدوي» وأي نشاط سياسي وإعلامي خارجي، بل وفصل القيادات في الخارج إذا لم تعود الى الداخل، ولما ووجهت مطالبه بالرفض من القيادة في الداخل، التي صمدت بدأت عملية الاعتقالات المتكررة والمتعاقبة لقيادات التنظيم.
> كنت منهم؟
- نعم، وقد اعتقلت أكثر من مرة كان آخرها نهاية 84م وحتى بداية 85م، وبعدها انتقلت إلى الخارج بعد أن استحال بقائي ونشاطي في الداخل، وأذكر ممن اعتقلوا أكثر من مرة الأخ النائب عبدالله المقطري، والمرحوم عبده عبدالله قاسم، وقيادات عديدة، وخاصة في فرع الشهيد «سيف قاسم» الذي كان يضم أمانة العاصمة، ومحافظة صنعاء، وكذا فرع تعز ومنهم الإخوة أحمد العبيدي، وعبدالله نعمان، وعلي الكوري والمرحوم عبدالرحمن العزعزي وآخرين.
> هذا عن المرحلة الأولى من 82 حتى 85م، فماذا عن المرحلة الثانية؟
- قبل هذه المرحلة، وبعد حوار مع النظام انتهى الى الفشل بسبب تصعيده لضغوطه لتنفيذ «شروطه» بشأن النشاط السياسي والإعلامي للتنظيم في الخارج، خاصةً مع ما وفرته ظاهرة الجندي من انكشاف للتنظيم وتشكيلاته أمام النظام وحملة الاعتقالات، أصدر ياسين عبده سعيد بياناً في القاهرة باسم التنظيم الأصل «الطلائع الوحدوية اليمنية» وهي المرة الأولى التي يظهر فيها اسم التنظيم، وتضمن البيان حل التنظيم، وحل جبهة 13 يونيو للقوى الشعبية، وإنهاء أي نشاط للتنظيم تنظيمي أو سياسي أو إعلامي، بعد أن وجد رفضاً لمطالب النظام من القيادة في صنعاء ومن القياديين في عدن وفي الخارج، ولكن هذا البيان لم يترك أي أثر، فقد كذَّبه التنظيم في الداخل والخارج، وفَصل ياسين عبده سعيد، ولما لم تجدِ الضغوط أو الاستقطابات وبقي التنظيم وقيادته متمسكين برأيهم لجأ النظام لتوسيط عناصر قيادية سابقة في التنظيم، كان بعضها قد ترك النشاط، وخاصةً من الذين لا زال لهم بعض المواقع في الدولة من أجل عودة العناصر المفصولة، والتي وظفها ضد التنظيم إلى مواقع قيادية، مقابل تخفيف الضغوط على التنظيم ووقف المطاردات والاعتقالات، وإجراء مصالحة معه مع تنفيذ مطالبه، وبعد فشل هذه المحاولة وتمسك قيادة التنظيم بموقفها بعدم القبول بهذه الضغوط والشروط، وتمسكه بحوار متكافيء يوصل إلى نتائج متكافئة واحترام استقلاله وإرادته، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، واستقطاب بعض عناصره للعمل ضده وتنصيبها في مواقع لم يعد لهم علاقة بها أو بالتنظيم، بعد هذا لجأ إلى الحوار مع قيادة التنظيم التي جرى كشفها أمامه مباشرةً لكن هذا الحوار فشل هو الآخر فلجأ إلى الاعتقالات، التي تمت في نوفمبر من العام 1984م.
وكان التنظيم قد اكتسب عوامل قوة جديدة، من خلال إعادة ترتيب أوضاعه التنظيمية بعد أن أقرت اللجنة المركزية في دورتها، التي عقدت في أغسطس 1984م بتشكيل قيادة جديدة سميت «القيادة التنفيذية المؤقتة» من خارج اللجنة المركزية ووفر ضمانات سرية تشكيلها وتحويل اللجنة المركزية المنتخبة من المؤتمر السابع، التي كانت قد انكشفت بالكامل إلى لجنة سياسية تتولى العمل السياسي في الداخل والخارج والحوار، وتتولى القيادة المؤقتة العمل التنظيمي وإعادة ترتيب الأوضاع وصولاً الى عقد المؤتمر الوطني العام.
ومع ذلك لم تتوقف محاولات النظام للضغط في هذه المرحلة، وكانت ذروة المرحلة الأولى في مايو 1985م عندما عقد «الجندي» اجتماعاً في صنعاء 15 مايو 1985م سماه مؤتمراً للتنظيم أعلن فيه عن قيادة جديدة برئاسته، وفصل قيادات التنظيم المعلنة في الداخل والخارج، وإنهاء النشاط السياسي والإعلامي الخارجي وتسمية نفسه الحزب الناصري الوحدوي.
وفي نفس التوقيت أعلن عبدالوهاب منصور المقيم في دمشق، الذي كان عضواً في اللجنة المركزية ومكلفاً بمهمة الأمين العام المساعد لجبهة 13 يونيو عن تنفيذ نفس مطالب النظام من خلال تنصيب نفسه أميناً عاماً للجبهة وفصل القيادات المتواجدة في الخارج وفي مقدمتهم الأخ الدكتور عبدالقدوس المضواحي الأمين العام للجبهة، الذي كان قد انتقل إلى بريطانيا للدراسة، والإخوة محمد العفيف، وعبدالغني ثابت، ومحمد سيف ناجي، وانضم له اثنان من المقيمين في الخارج، والذين كانوا من مسؤولي «الوحدوي» وهم عبدالحميد طربوش وجمال عبدالرحمن.
وأصدر «الوحدوي» باسم الجبهة لفترة، وفيما بعد أعطى لنفسه تسمية الحركة الشعبية الناصرية التي انتهت ومن كانوا وراءها عام 1990م بعد أن كُشفت وفضحت أهدافهم وانتهى مبرر وجودها، وبعد أن حقق أصحابها أهدافهم الذاتية، على أن هذه الظواهر وأسبابها وأهدافها وتفاصيلها ليست مجالاً لحديثنا وإنما جاء ذكرها في سياق ما له صلة بحوارنا المتصل بـ«الوحدوي» والنشاط السياسي والإعلامي للتنظيم.
> إذن، انتهت بإعلانات باسم التنظيم، وانتحال اسمه، وإعلانات بتوقيف «الوحدوي» وإصدار نسخة مشابهة لها، وتنفيذ مطالب النظام من قبل «الجندي» و«منصور»، فماذا كان موقف التنظيم؟!
- كما قلت كانت هذه ذروة المحاولات لضرب التنظيم وإنهاء وجوده، وقد واجهها التنظيم برفضها وإعادة ترتيب أوضاعه كما أشرت، ومنها أنه في مايو 85م وفي أعقاب ما أشرت إليه أعاد تشكيل لجنة العلاقات الخارجية وتوليت رئاستها، كما أعلن عن قيادة جديدة لجبهة 13 يونيو على النحو التالي: د. عبدالقدوس المضواحي، أميناً عاماً، عبدالملك المخلافي أميناً عاماً مساعداً، عبدالغني ثابت عضواً وأميناً للإعلام والثقافة، محمد أحمد العفيف عضواً وأميناً للعلاقات الخارجية، ومحمد سيف ناجي عضواً وناطقاً رسمياً للجبهة، وقد بقي هذا التشكيل لقيادة الجبهة ولجنة العلاقات الخارجية للتنظيم حتى صدور بيان إعلان الوجود وإلغاء الجبهة.
وتم فصل عبدالوهاب منصور وعبدالحميد طربوش وجمال عبدالرحمن، و قامت الجبهة بإلغاء تصريح طباعة «الوحدوي» في دمشق الذي كان باسم منصور، وبموجبه أصدر إصداره المنتحل لصفة «الوحدوي» لعدد واحد في مايو 85م، كما أشرت سابقاً.
أما «الوحدوي»، فرغم هذه الإعلانات والانتحال فلم تتوقف أبداً حتى لعدد واحد فقد واصل التنظيم إصدارها دون انقطاع، وشهدت الفترة اللاحقة تطوراً نوعياً وكمياً في النشاط السياسي والإعلامي بما في ذلك تطور «الوحدوي» من حيث الشكل والمضمون وعدد الصفحات، وتحولها الى مجلة، كما صدرت العديد من الكتب والملصقات، كما صدرت نشرة «البديل».
> نعود إلى ما أسميته المرحلة الثانية بعد مايو 85م، ماذا عنها؟!
- بعد فشل كل هذه المحاولات وابتداءً من عام 86م بدأ النظام الاستجابة لحوار واتفاق متكافئ وإبداء استعداد للنظر في مطالب التنظيم حيث، وسط القيادة في الجماهيرية الليبية والقيادة السورية، كما أن وفداً زائراً لسوريا لحضور اجتماع اللجنة اليمنية السورية المشتركة برئاسة رئيس الوزراء آنذاك عبدالعزيز عبدالغني وكان معه الدكتور عبدالكريم الإرياني وزير الخارجية التقى قيادة الجبهة لهذا الغرض، وكانت قضية «الوحدوي» والنشاط السياسي والإعلامي في الخارج محوراً أساسياً في ذلك.
> هل يمكن أن توضح لنا أكثر عن هذا الموضوع؟
- بدأ هذا التوجه بتوسيط القيادة في الجماهيرية، إذ اتصل الإخوة في ليبيا بقيادة الجبهة ووجهوا لنا الدعوة لزيارة ليبيا، وقالوا إن الأخ الرئيس علي عبدالله صالح سيزور الجماهيرية -في أعقاب العدوان الأمريكي عليها- وأن الاتفاق أن يُعقد لقاءً بينه وبين قيادة الجبهة للمصالحة والعودة الى صنعاء بوساطة وحضور القيادة الليبية، وقد توجه وفد قيادة الجبهة فعلاً إلى طرابلس المكون من الإخوة الذين أشرت إليهم سابقاً -باسثتناء الدكتور عبدالقدوس المضواحي الأمين العام للجبهة، الذي كان قد عاد الى صنعاء- برئاسة الأمين العام المساعد، وعضوية أمين الإعلام وأمين العلاقات الخارجية والناطق الرسمي، وقد أقرت مجموعة من المطالب للتنظيم من النظام أشير إلى أهمها وهي:
الكشف عن مكان دفن شهداء 15 اكتوبر 78م وتسليم جثامينهم إلى أسرهم لإعادة دفنهم وتعويض أسرهم تعويضاً عادلاً، والكف عن المطاردات والملاحقات لأعضاء التنظيم، وإعادة المفصولين من أعمالهم إليها وتعويضهم عن الفصل، وإعادة الذين أبعدوا من أعمالهم إلى العمل، والترخيص لصحيفة «الوحدوي» للصدور في صنعاء أسوةً بالقوى الأخرى، وغيرها من المطالب.
ووصل الرئيس علي عبدالله صالح إلى «سرت»، وكانت زيارته تحضى باهتمام باعتبارها تأتي في أعقاب العدوان الأمريكي، وبقي وفد التنظيم في طرابلس، وفوجئنا بمغادرة الرئيس «سرت» بعد زيارة قصيرة دون أن يتم اللقاء الذي أبلغنا به الإخوة الليبيين.
> هذا يعني أنه انتهى الموضوع عند هذا الحد؟
- لا، زارنا في مقر إقامتنا ممثل للقيادة في الجماهيرية، وهو شخصية قيادية مهمة آنذاك، وأبلغنا أنه تم الاتفاق بين الأخ الرئيس علي عبدالله صالح والأخ القائد معمر القذافي على عودتنا الى صنعاء، وأن هناك طائرة خاصة يمكن أن تنقلنا مع أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة وأن الرئيس موافق على كل مطالبنا وفوض الأخ القائد معمر القذافي بذلك، وقال له بالنص: «إذا كانوا أصحابك فهم أصحابي، وإذا كنت تثق بهم فأنا أثق بهم، وأنا موافق وأنت مفوض من قبلي بكل شيء»، وطلب منا أن نفوض الأخ القائد كما فوضه الرئيس علي، حد قوله.
لكننا طلبنا اللقاء مع الأخ القائد معمر القذافي لسماع ما دار من حوار بينه وبين الأخ الرئيس، وما تم الاتفاق عليه وإبلاغه بوجهة نظرنا، وقد تمسكنا بذلك رغم إبلاغنا من أن ما ينقله هو كلام رسمي ومسؤول... الخ، وانتهت الزيارة عند ذلك.
وفي مايو 86م، تم إبلاغنا في دمشق أن هناك موعد تم ترتيبه للقائي مع الأخ القائد معمر القذافي، وفعلاً تم اللقاء وكان شهر مايو آنذاك يصادف شهر رمضان وتم اللقاء بين العصر والمغرب، وقد استمر اللقاء فترة طويلة دار فيه حديثاً مطولاً ليس هنا مجال ذكره.
المهم أننا أشرنا إلى أهمية البدء بخطوات عملية لتنفيذ مطالبنا بما في ذلك التصريح «للوحدوي» وتعزيز الثقة حتى تتم العودة، وأبلغناه أن الأخ الرئيس علي عبدالله صالح يمكن أن يتصل بالقيادة في الداخل وعلى رأسهم الأخ الدكتور عبدالقدوس المضواحي، الذي كان قد عاد إلى صنعاء كما قلت، وعندما تبلغنا القيادة بأن خطوات قد تمت لتعزيز الثقة سنقوم بالخطوات المطلوبة منا.
ولكن رغم التواصل المستمر لم يتم شيء على الأرض، ولم تتوفر أجواء ثقة وخطوات تسمح بأن يقوم التنظيم بشيء من قبله.
ورحم الله المناضل الكبير الشهيد صلاح خلف «أبو إياد»، الذي كنت قد أطلعته على الموضوع أثناء لقائنا في الفندق الذي أقمنا فيه معاً في طرابلس، عندما وجدته خارجاً من خيمة الأخ العقيد قبل دخولي إليها كرر لي رأيه بأن موقفنا صحيحاً ومطالبنا مشروعة، وأبدى استعداده للوساطة مع الرئيس صالح كما قال فشكرته ورجوته ألا يفعل.
> وهل استمرت الوساطات؟!
- نعم، كما قلت كان هناك وساطة من القيادة السورية وأخرى عبر اللقاء الذي تم مع الوفد الرسمي الزائر لسورية فيما أذكر عام 88م، الذي أشرت إليه وكلها تعطي نفس الوعود ولكن الوضع بقي كما هو عليه، وبعد عودة الوفد الذي أشرت إليه تم في المطار تفتيش واحتجاز المناضل محمد سعيد ظافر مدير مكتب رئيس الوزراء حينها لمجرد التواصل معه ضمن الوفد، رغم أنه جرى التواصل مع جميع من في الوفد.
ولم يكن هذا يعزز الثقة، ورغم بقاء التواصل سمة لهذه المرحلة بما فيها تكرار الوساطة الليبية فلم يحدث شيئاً حتى مجيء اتفاق عدن الوحدوي، وبعدها كنا أمام مرحلة مختلفة كلياً كما أشرت في بداية حوارنا.
وأعتقد أن تكثيف تغيير أسلوب النظام من الضغط إلى الحوار والوعود يعود أولاً الى ما أشرت اليه من فشل كل محاولات التصفية والاحتواء، وثانياً إن النظام كان يهدف الى ضرب العلاقة بين التنظيم والحزب الاشتراكي لعزل الحزب في أعقاب أحداث 13 يناير 86م، التي أدت الى انقسام عميق في الحزب والدولة.
وهي علاقة تطورت خلال هذه الفترة بشكل إيجابي، واعتقد أنها صبت في إطار المشروع الوطني الوحدوي الديمقراطي، خاصةً ما شهده الحزب من تحولات عميقة في هذا الجانب، على أن ذلك حديث آخر ليس هنا وقته أو مجاله.
> نكمل فترة السرية بسؤالين ختاميين حول من تولى المسؤولية في «الوحدوي» خلال مراحلها المختلفة، والثاني حول الإصدارات والكتب والكتيبات التي صدرت خلال هذه الفترة.
- فيما يتعلق بالسؤال الأول، فقد ذكرت لك بعضاً ممن كانوا على صلة «بالوحدوي» عند تأسيسها، وأكمل معك الصورة ابتداءً من بعد المؤتمر الوطني العام السابع- وإقراره لصدور الوحدوي- إذ انتخب المؤتمر لجنة مركزية، وانتخبت اللجنة المركزية الأخ عبدالغني ثابت أميناً عاماً للتنظيم، والأخ محمد العفيف أميناً عاماً مساعداً، وكانت هذه هي المرة الأولى التي ينتخب فيها الأمين العام ومساعده من قبل اللجنة المركزية، حيث كان يتم انتخابهما من قبل المؤتمر نفسه منذ تأسيس التنظيم، وذلك بعد أن عدَّل المؤتمر النظام الأساسي، وقد انتخبت عضواًً في القيادة التنفيذية، وأميناً لأمانة التثقيف والتدريب والإعلام ، وقد أقرت القيادة في شهر اكتوبر 81م أن تكون «الوحدوي» تحت مسؤوليتها، فأقرت تعييني رئيساً للتحرير، والأخ عبدالحميد طربوش مديراً للتحرير مسؤولاً مباشراً عنها في الخارج، وكما شُكلت هيئة التحرير برئاستي في صنعاء وعضوية الإخوة حسن العديني، محمد شاهر، جمال عبدالرحمن الدبعي، فيما أذكر، تكون مسؤولة عن «الوحدوي» وكل النشر التنظيمي الداخلي، ولكن هذه الهيئة لم تعمر طويلاً وللظروف التي واجهها الأخ جمال الدبعي تم نقله الى دمشق للعمل في «الوحدوي».
وفي يوليو 1982 تم انتخابي أميناً عاماً للتنظيم، وأصبح الأخ الدكتور عبدالوهاب غالب أميناً للتثقيف والإعلام ومسؤولاً عن «الوحدوي» والنشر التنظيمي، وبقيت مشرفاً على «الوحدوي».
وحتى مايو 1985م وحسبما ذكرت، وبعد انتقالي الى دمشق توليت رئاسة تحرير «الوحدوي» مباشرةً، وكان الأخ محمد سيف ناجي مديراً للتحرير وهو الوضع الذي استمر حتى توقف «الوحدوي» في الخارج وصدورها الثاني في صنعاء.
وما يتبقى هنا أن النشر التنظيمي الداخلي مثل نشرة «الوحدة»، و«26سبتمبر»، و«13 يونيو» وغيرها، استمر خلال هذه الفترة رغم الصعوبات التي أشرت إليها، وقد تطلب ذلك، من طبع وتوزيع... الخ، جهوداً وتضحياتٍ جمَّة، ولابد من الإشارة الى نضال الموقع التنظيمي المسمى «سقطرة» آنذاك، وهو موقع منطقة نهم وعلى رأس الجميع الأخ المناضل حاتم أبو حاتم عضو القيادة التنفيذية للتنظيم في تلك الفترة، ومعه عدد من المناضلين في المنطقة، وخاصةً من آل أبوحاتم، حيث وفروا أماكن آمنة لطباعة كل النشرات التنظيمية، حيث كانت «نهم» مركزاً أساسياً بالإضافة الى مراكز أخرى في مدينة تعز ومأرب ومناطق الأحكوم والأثاور والقبيطة.
> وسؤالي الثاني حول إصدار مطبوعات الوحدوي؟
- كما قلت بعد 78م وبدء النشاط العلني السياسي والإعلامي خارج اليمن، بدأ التنظيم إصدار بعض الكتيبات والملصقات والمطويات للتعريف بالتنظيم، حيث أصدر كتيب بـ«البرنامج السياسي للجبهة»، وكتيب «قضية وموقف 1» الذي تضمن البيانات والمواقف الصادرة عن التنظيم، كما أصدر مطوية تُعرف به، وعدد من الملصقات، ولكن بدءًا من مايو 85م توسعت هذه الإصدارا ت وتكثفت، وتقرر أن تصدر جميعاً باسم «مطبوعات الوحدوي»، حيث صدر في تلك الفترة عن «مطبوعات الوحدوي»:
-1 قضية وموقف .
-2 وقضية وموقف (3)،
3- غطت مواقف وبيانات التنظيم ومقابلات قياداته خلال تلك الفترة، وكانت هناك مادة معدة لـ «قضية وموقف 4»، ولم تصدر بسبب انتهاء هذه المرحلة.
-3 «الخالدون»، وكانت تجميع لما ينشر في عمود الخالدون في صحيفة الوحدوي الذي تشرفت بكتابته منذ البداية خلال هذه الفترة عن شهداء التنظيم وقياداته البارزة التي رحلت.
-4 كتاب شهداء حركة 15 اكتوبر، وقد كتب مادته الأساسية الأخ المناضل عبدالغني ثابت.
-5 كتاب حركة 13 يونيو التصحيحية، للأخ محمد أحمد العفيف.
-6 كتب «مشروع دستور دولة الوحدة».
-7 كتب «نحو جبهة وحدة وطنية عريضة».
وكان هناك جهداً جماعياً للجنة العلاقات الخارجية من أجل ذلك.
وكان هناك مشاريع لعدد من الكتب عن تاريخ التنظيم وحركة 15 اكتوبر، ولكن كل ذلك توقف بعد انتهاء لجنة العلاقات الخارجية، وبدء مرحلة التعددية.
كما صدرت عدد من الملصقات والصور، واعتقد أن تجربة التنظيم في الملصقات والصور وتوزيعها كانت تجربة متميزة قياساً بالفترة.