بسم الله الرحمن الرحيم
ورقة بعنوان:
على طريق بناء الكتلة التاريخية للتغيير..
اللجنة التحضيرية للحوار الوطني
أبرز مظاهر التطور في تجربة اللقاء المشترك
قدمت إلى ندوة اللقاء المشترك المنعقدة في العاصمة صنعاء
خلال الفترة 29-30 ديسمبر 2010
محمد يحيى الصبري
الناطق باسم اللجنة التحضيرية للحوار الوطني
مقدمه:
تشهد بلادنا من عام 2007م تحولات متسارعه في الأحداث أرهقت المتابعين والمهتمين من كافة الأطياف والتوجهات في الداخل والخارج حتى أصبحت اليمن عام 2010م ملف متداول مثير للقلق والصداع والخوف لدى صناع القرار في عدد كبير من العواصم الاقليميه والدولية.
والطبيعي أن حريق اليمن كفيل بان يستنفر طاقات وهمم وجهود أبناءه قبل غيرهم للبحث عن أدوات إطفاء كبيره ومخارج طوارئ جيده تحفظ كيان الدولة ولأبنائها حقهم في العيش بكرامه واستقرار مثل بقية شعوب الدنيا وان لايكون حكم الخوف والفساد والتسلط والتخلف كأنه قدرا مفروض على أبناء هذا البلد.
هذه ألورقه محاوله ومغامرة في نفس الوقت توضح وتعرض ما قام به تكتل أحزاب اللقاء المشترك في سياق الجهد والاستنفار المبكرة منذ العام 2007م ولازال مستمر في سبيل مواجهة ألازمه ألوطنيه و من خلال بناء أطار وطني مهمته البحث عن مخارج أمنه و أدوات ممكنه وقادرة على وقف تداعيات ألازمه التي أصبحت كالإعصار تعصف بالبلاد...
وهي تحاول في سياق العرض و بقدر المساحة المتاحة المرور على بعض الاسئله المطروحة حول العلاقة ألقائمه بين المشترك واللجنة ألتحضيريه للحوار الوطني وما يبدو للبعض أنهما أصبحا إما طرفين في ألعمليه ألسياسيه ألوطنيه أو أن احدهما سيأكل الأخر ولو لم تكن الانطباعات المحمولة معها تساعد السلطة وأجهزتها على ترويج الأكاذيب لما استحقت جهد التعريج عليها.
وتفترض ألورقه أيضا أن هناك أراء لأشخاص محترمون لديهم نقص حاد في المعلومات وتصورات لآخرين مصدرها مواقع الاختلاف مع السلطة وهم ليسو في موقع ألمعارضه لها، وهناك من يشدهم ما هو فوري من الإحداث وغريب ومثير للغرائز المكبوتة والعواطف الانسانيه ألطبيعيه في لحظات الخوف والاحتقان وكلها يمكن الرد عليها بمجرد الاتفاق على مفهوم موحد للحديث عن اللجنة ألتحضيريه للحوار الوطني وتوضيح مسار ظهورها ومجال نشاطها.
أن مفهومنا في هذه ألورقه للجنة ألتحضيريه كإطار مؤسسي نراها: امتداد لتجربة اللقاء المشترك وابرز مظاهر تطور أداءه الحزبي والسياسي خلال العامين المنصرمين، وهي تتفق مع مفهوم ألكتله ألتاريخيه المتأصلة في مشروع المشترك والمنوط بها مهمة قيادة التغير الوطني الآمن في ضل ازمه وطنيه معقده غير مسبوقة وفشلا متكررا في حلها عبر الأدوات الأخر.
وليس بالضرورة أن تتناول ألورقه كل ماله علاقة باستراتجيات العمل من خلال هذا الإطار أو ألكتله إنما المهم سيكون إبراز جوهر ألعمليه ألسياسيه ألشرعيه والدستورية التي انطلق منها العمل و في سياق من العلم والمعرفة بقوانين التغير والعمل السياسي الذي يقوم على تنفيذ مهمتين تاريخيتين في حياة أي مجتمع وهما إنتاج "فكرة الاغلبيه وقوة وقدرة الاغلبيه"
وبلا شك أن هناك أساليب وطرق متعددة أمام إي باحث أو مهتم - ونؤكد على باحث ومهتم وليس عابر سبيل أو أداه دعائية في خدمة مصالح ضيقه لاتستطيع الإفصاح عن ذاتها- تمكنه من الحكم على ما أنجزته اللجنة ألتحضيريه وتقيم علاقتها مع تكتل المشترك حتى الوقت الراهن.
وفي ورقتنا هذه اخترنا طريق البحث عن السياق الزمني للإحداث في بلادنا والوظيفة ألوطنيه التي قامت بها أحزاب اللقاء المشترك من اجل فرض الصراع السياسي السلمي في جوهر العملية ألسياسيه والحوار الوطني الشامل كطريق للخروج بالوطن من أزمته ألمعروفه وذالك من خلال تناول التحولات والقضايا ألتاليه:
أولا:بوادر الاضطرابات العامة وفشل الحوار مع السلطة والمؤتمر.
ثانيا:دعوة المشترك للحوار الشامل والتمهيد له بالتشاور الوطني
ثالثا:إعلان الدعوة ألوطنيه للحوار ورسائل المشاريع ألسياسيه الأخرى
رابعا:الحوار الوطني مطلب الإجماع الوطني والإقليمي والدولي .
أولا:بوادر الاضطراب العام وفشل الحوار مع السلطة والمؤتمر
بدأت المظاهر ألمعبره عن الاحتقان العام بعد الانتخابات على شكل حنق في الخطاب السياسي للسلطة من المشترك ومرشحها للرئاسة المهندس فيصل بن شملان وامتد إلى التجربة ألديمقراطيه ذاتها ثم أصبح متحمسا يشجع ويروج لبدائل سياسيه غير سلميه و صراعات على السلطة مسرحها العنف ولغتها المدافع بدلا عن مسرح الانتخابات ولغة بطائق الاقتراع.
وأصبح الحوار السياسي الداخلي غريبا ومع العواصم الخليجية والدولية حول الشئون الداخلية اليمنية حصان الرهان والارتهان من اجل المساعدات والقروض الخارجية من مؤتمر لندن ( نوفمبر 2006م) وحتى اليوم وكأن اليمن والشعب اليمني جزاء من تلك البلدان والحكومة قسم شرطه لدى حكومات تلك الدول....
أمام ذلك اختارت أحزاب اللقاء المشترك ميداناً أخر للعمل تمثل بالعمل وحماية التجربة الديمقراطية والضغط من أجل إصلاح منظومة الانتخابات ورفضت العنف بكل أشكاله وأنواعه كخيار من أجل الوصول الى السلطة وسعت إلى حوار سياسي مع الحزب الحاكم حول قضايا الإصلاحات السياسية والوطنية.
وعلى ضوء هاذين المسارين انقسمت بنية السياسة في البلاد إلى طرفين السلطة تسعى جاهدة للمحافظة على بقاءها من دون أن تدفع أي ثمن بل ومتجاهلة شروط البقاء من دون شرعية انجاز ودون اكتراث بما قد يترتب على هذا السعي ذي الوجهة التدميريه للبلاد .
بل أنها جعلت من هذه الرغبة شكلاً من أشكال الدفع بالأحداث الأمنية والاجتماعية إلى مستوى الاضطرابات ألعامه والمراهنة على الخوف ففرضت على المعارضة اتجاهات إجبارية منها توسيع دائرة ألمقاومه ألمجتمعيه وتحويل العمل السياسي إلى فرض عين على كل اليمنيين وعلى حساب وظائفها ألسياسيه في الظروف ألطبيعيه .
ا-بوادر ومظاهر الاضطرابات ألعامه :
اختارت السلطة تجديد أزمة الحرب في صعده في فبراير2007م وجعلتها في واجهة المشهد السياسي الوطني بعد الانتخابات الرئاسية مكرسة لغة صراع على السلطة في اليمن اعتقد الكثيرون أن اليمنيون قد تجاوزها عام2006م أو أنهم قد قرروا ذالك.
لكن استمرار الحرب حتى يونيو2007م وتوسع جغرافيتها وخسائرها من الأرواح والموارد المادية والمعنوية جاءت بتطور أخر في مسار نسختها الخامسة وقفها عبر وساطة قطرية وفتح المجال واسعا أمام التدخل الإقليمي والدولي المكشوف والعاري من كل ستر.
بعض المواقف التي كانت تدعو وتمارس الضغط على اللقاء المشترك كي يقف إلى جانب الدولة تجاهلت عمدا هذه الحقائق وغضت الطرف عن المطالب الوطنية التي لاترى بأن ما يجري في صعده حرب بين( دولة ومتمردين) لان وقائع الحرب وتجددها ووقفها خمس مرات بأساليب غير معهودة في أدارة النزعات ألمسلحه لم تكن تعبر عن هذه الحقيقية.
وبمعنى أخر فان السلطة لم تكن تقوم بأكثر من ممارسات للعنف ضد مواطنيها بعيداً عن المؤسسات والقوانين والتقاليد وشروط إدارة الأزمة ولأغراض غير وطنيه داخليه وإقليميه تكشفت تباعا [1].
مع ذالك كان غريبا أيضا أن يتم تجاهل أن اللقاء المشترك قد شارك السلطة كل اللجان التي شكلتها أثناء حروبها في صعده وبعد كل إعلان لوقف الحرب ومنها اللجنة المشكلة بموجب اتفاق الوساطة ألقطريه في يونيو 2007م ،والتي تم استبدالها من السلطة بلجنة أخرى بعد خمسه أشهر من الجهود الشاقة لمنع تجدد الحرب وبطريقه أكدت الأغراض المشبوه مما يجري في حروب صعده.
وفي 22 يونيو وردا على وثيقة قضايا وضوابط وضمانات الحوار عمدت جهات في السلطة إلى التعبير عن رفضها للوثيقة فاستدعت بعض مريديها إلى التعبير عن رفضهم وما جاء فيها بشان قيام ألدوله بإزالة اثارحرب 94والصراعات ألسياسيه في عمليه مالوفه للهروب من استحقاق الحوار إلى خلق أزمة مع الجنوب.
لكن الأوضاع انفجرت بالأحداث واتخذت مظهراً من الاضطراب الاجتماعي الواسع وخرج أبناء المحافظات الجنوبية عن صمتهم تجاه ما عانوه من سياسة إقصاء وإبعاد وتهميش منذ حرب 94م وقد و فرت مظاهر الفساد وغياب حكم القانون و نهب الأراضي والمؤسسات العامة والخاصة وممارسات القهر والتمييز البيئة الخصبة لظهور الحراك السلمي في هذه المحافظات ومده بالمشروعية ألدستوريه والوطنية.
ربما تفاجأت السلطة بسخونة الحراك الجنوبي وتوسعه في أحداث يوليو وأغسطس وسبتمبر وأكتوبر لكنها اتجهت نحو ممارسة إنكار وجود مشكلات في هذه المحافظات بدلا من البحث عن حلول و إلى خطاب متشنج واجه حدة المطالب والتظلمات في الجنوب بحدة في التخوين الوطني .
ثم عمدت إلى المعالجات الأمنية واختراق المسيرات والمظاهرات بأفراد وشعارات انفصاليه وذالك كي تدعم خطابها الاصطفائي الذي يرفع عنها مسؤوليتها في إنتاج ألازمه ويدعم عملية التضليل وتعبئة الرأي العام باتجاه مواجهة مؤامرة الانفصال كما كانت تزعم أنها تواجه مؤامرة ألملكيه في حروب صعده الست غير عابئة بمخاطر الأكاذيب التي كانت تتخلى عنها عند إعلانها وقف كل حرب وباتصال تلفوني [2].
ووجدت نفسها في النصف الأخير من العام 2007 عاجزة عن التعاطي الوطني مع ما شاهدته المحافظات اليمنية من مظاهرات واحتجاجات و اعتصامات أبرزت إلى الواجهة القضية ألجنوبيه وعدالتها رغم كل محاولات تشويهها .
وعلى نفس منهج الخداع و الهروب الذي مورس في حروب صعده ارتفعت حدة الخطاب الرسمي يدعو المشترك إلى أن يصطف وراء مواجهة الدولة مع ( بعض الخارجين عن القانون في بعض المديريات في بعض المحافظات الجنوبية ) [3]فيما الأحداث تشير إلى أن الجنوب بكامله يعيش ثورة شعبية اجتماعية مشروعه.
أما مشهد الاضطراب الوطني الثالث فقد ظهر يحمل في طياته هذه المرة بذور أزمة تدخل عسكري وأمني إقليمي ودولي واسع في الحرب مع (جماعة القاعدة) والتي لم تكن إحدى جوانبها الرئيسية سوى امتداد لخيار تكريس أدوات العنف التي تتحكم ببنية السياسة الداخلية والخارجية في مجتمع سياسي يمني مقطوع الرأس .
وبدلاً من أن تصبح هذه القضية المعقدة هماً وطنياً ذهبت السلطة إلى توظيفها تارة بطلب مساعدات نقدية وعينيه من اجل الحرب ضد القاعدة و ممارسة الابتزاز السياسي والامنى للداخل والخارج تارة أخرى.
وفي عام 2007م انكشف تكتيك التلاعب بهذا الملف بظهور عدم الرضا الأمريكي على جهود الحكومة اليمنية، وإفراج السلطات عن جمال البدوي وجابر البناء وهم من كبار المطلوبين لواشنطن في أكتوبر ثم قرار واشنطن إلغاء انعقاد مؤتمر وزراء خارجية الدول ألثمان الذي سعت الحكومة لانعقاده في صنعاء في ديسمبر،واعتبرته فرصه لتحسين صورة اليمن في الخارج والقول أن اليمن دوله أمنه ومستقره!!.
إلا أن صورة أخرى لبلادنا في استراتيجيات الصراع الدولي وموقعها الجغرافي ووضعها عام 2007م وهي على مشارف الاضطراب ومحيط إقليمي أكثر اضطرابا استدعت بالضرورة من بعض الدول اتخاذ إجراءات أمنيه وعسكريه وقائية للمستقبل وتامين المصالح الحيوية ألدوليه المتزاحمة في هذه ألمنطقه.
وكنتيجة طبيعيه لانشغال السلطة في بلادنا بتامين نفسها كما سبق تركت الجنوب مكشوفا من الأمن والسياسة وأعلنت اليمن جغرافيا مفتوحة لتنظيم القاعدة كما سبقت الإشارة، لذلك صعدت حكومتي بريطانيا والولايات المتحدة في أطار الحلف الأطلسي من الاهتمام بإعمال القرصنة ألبحريه التي ظهرت فجئه في خليج عدن والبحر العربي ولكنها متزامنة بل وتاليه للاحتجاج السلمي في الجنوب.
واتخذت الأحداث مسارا متسارعا انتهى في زمن وجيز إلى صدور ثمان قرارات من مجلس الأمن الدولي من يوم 6 أكتوبر وحتى 12ديسمبر2007م أباحت لدول حلف الأطلسي والعالم حق التواجد العسكري في خليج عدن و مياه وأراضي الدول المشاطئه لملاحقة القراصنة وحماية ألملاحه ألدوليه في باب المندب التي أصبحت في الظاهر في وضع مكشوف ومهدد.
أخيرا تبخرت واجبات السلطة والمؤتمر ألدستوريه حين تم القفز على البرنامج الانتخابي الرئايسى والمحلي في مواجهة الفساد والفقر والبطالة و الإختلالات ألسياسيه والأمنية فتدهورت الخدمات العامة كالتعليم والصحة والكهرباء أكثر مما كانت عليه قبل الانتخابات ، وتجسدت أزمة الفشل في خطاب رسمي مأزوم تجاهل كل خطابات ألشرعيه والأغلبية و ظهر الرئيس يدعو المشترك إلى تسلم الحكومة متحرر ومتحلل في خطاب غفراني و بدائي من أي واجب سياسي وذلك جوهر ما يجرى حتى اليوم.
أصبح برنامج الحكومة الرئيسي هو برنامج التضليل والدعاية والتذرع بموقف المشترك والأزمة الاقتصادية العالمية فأصبح الخطاب مفلسا فوق كونه مأزوما لأنه لايشير من قريب أو بعيد لسياسات حكومة حزب الأغلبية ألبرلمانيه المسئولة عن الفشل في أدارة ألدوله والشأن ألاقتصادي والأمني وهي فقط تعبئ الرأي العام في خدمة استمرار الفشل .
ب:الحوار بين المشترك والمؤتمر الشعبي
كان مؤملا من الحوار الحزبي والسياسي الذي جرى بين اللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي العام في نهاية مارس واستمر حتى التوقيع على وثيقة قضايا وضوابط وضمانات الحوار في 16 يونيو 2007م الدفع نحو عملا سياسيا وطنيا لمواجهة أزمة اضطرابات ألعامه التي بدت ملامحها في الأفق مكشوفة للجميع كما سبق من خلال الاتفاق على برنامج للإصلاحات الوطنية الشاملة .
وقد احتوت وثيقة يونيو على عدة قضايا توفق الطرفين لأول مره في تحديدها والتوقيع عليها شملت(الإصلاحات الدستورية والانتخابية والاقتصادية والحقوقية ومعالجة أثار حرب 94 والصراعات السياسية) وارتفعت آمال اليمنيين وحضي التوقيع بتأيد كل الفعاليات ألوطنيه وانعكست أثاره ايجابيا على موقف أحزاب المشترك من حرب صعده. [4]
إلا أن السلطة كانت تضمر حوارات من نوع أخر حول قضايا أخرى مع أطراف أخرى و خارجية في المقام الاؤل يخدم أهدافها و رغباتها في ألمحافظه على إبقاء الوضع الراهن بشكل معين و حلول أو معالجات لاتضر بها أذا اقتضى الأمر واستدعت الضرورة..
استدعت رغبة الرئيس في زيارة واشنطن والحوار مع أدارة بوش موافقته على انطلاق الحوار مع المشترك وأثرت نتائج الزيارة التي تمت مطلع مايو2007م على نتائج الحوار بشكل كبير وعلى موضوعاته وأطرافه المرغوبين والمرفوضين
. بعد الزيارة التي لم تثمر نصرا في أدراج حرب صعده في أطار حرب أمريكا على الإرهاب دخلت قطر وسيطا مع جماعة الحوثي وقال الرئيس "أن قطر تتوسط بطلب من طهران " [5]لكن الوساطة أياً كان الطرف الذي يقف وراءها فتحت الباب نحو أقلمت وتدويل الأزمات اليمنية والأخطر رفع وتيرة الصراع مع الرياض والتي أصبحت بدورها تحتاج إلى حوار مع السلطة من اجل الدعم المالي للحرب وأستمرارها.
ومن حق أي متابع أن يستنج أن الحوار مع المشترك لم يكن سوى تكتيك في خدمة دبلوماسية الرئيس وهو يبحث عن حلول للمشكلات ألوطنيه في العواصم ألغربيه من مؤتمر المانحين نوفبر2006م ثم زيارة واشنطن مايو 2007م وما قاد أليه سير السلطة في هذا الطريق حتى اليوم من مؤتمرات واجتماعات شرط أن لايتحول الاستنتاج إلا محاكمه للمشترك والتستر على انحرافات السلطة وتجاوزها لأخلاقيات الحور ومسؤوليات المتحاورين ألوطنيه.
وقد تكون أحاديث (المساعدات، والقروض, والمنح،وبدل السفر) منصة مناسبة لمؤيدي هذا الطريق يبررون حضور الرئيس بدلا عن رئيس الحكومة وينزعون عن ألدوله متطلبات أدارة علاقاتها الخارجية ومشورتهم - إن كان لهم مشورة- إن الحوار مع ألمعارضه سيخصم من قوة السلطة فيما الخارج سيقدم المال الذي يديمها ويدعم توريثها: لكنها أقاويل لا تستطيع إقناعنا أن المانحين جمعيات خيريه وحكومات للرفق بالحيوان. .
ذالك كان الوجه الاؤل للحوار البديل أما الوجه الثاني فقد ظهر في سبتمبر 2007م حين رتبت السلطة بطريقه لا تخلو من الغرابة [6] إعلان عن مبادرة من عشر نقاط ركزت إجمالاً على إصلاحات جزئية وإصلاحات دعائية منها اقتراح تشكيل لجنة ألانتخابات من القضاة على الرغم أن الدستور ينص على استقلال السلطة القضائية عن الهام الإدارية خارج مسرح القضاء وكوته للنساء يصعب تطبيقها من دون القائمة النسبية...وكانت ملامحها أجمالا استجابة واضحة لمطالب الإصلاحات الخارجية.
وقد تم الاحتفاء بهذه ألمبارده على طريقة( غابه كلابها ذيابه نزلين في الناس هم) ولم يتنبه كثيرون إلى جديدها الحقيقي المتمثل بالإعلان عن وجود أزمة ثقة بين الرئيس و قيادة المؤتمر التي وقعت اتفاق يونيو، وكراهية شديدة للعمل السياسي في أطار النظام الدستوري المكون من الحزب الحاكم و ألمعارضه....
رفضت أحزاب المشترك هذا التكتيك وصعدت من فعاليتها ألجماهيريه في عدد من المحافظاتً بهدف مقاومة خيارات الارتهان والتنصل من الاتفاقات وقاطعت اجتماع إعلان ماسمي (مبادرة الرئيس) و تمسكت بوثيقة قضايا وضوابط وضمانات الحوار التي تم التوقيع عليها وقالت أن الرئيس لم يأتي بشيء جديد سوى التنصل مما تم التوقيع عليه مع قيادة المؤتمر الشعبي لعام.
مع ذالك بذلت جهود من اجل ألعوده إلى الحوار على ماتم التوقيع عليه وفي أكتوبر 2007م ناقشت قيادة اللقاء المشترك مع السلطة وثيقة قضايا الحوار مرة أخرى والموعد النهائي للحوار حول الإصلاحات السياسية والانتخابية.
وتم التوقيع على محضر عدن [7] في 11 نوفمبر 2007م إلا أن المفاجئة كانت بعد أسبوع مرسوم رئاسي يشكل لجنة الانتخابات من القضاة وموجه لمجلس النواب وأمين عام المؤتمر الشعبي يترأس اجتماعات الفريق الفني الأمر الذي أفشل الحوار الحزبي للمرة الثانية مع سبق الإصرار والترصد..
و في مستطاع اى مراقب إدراك مخاطر هذا الفشل بالنظر إلى ماكانت تشهده البلاد من أحداث خطيرة تغطي جغرافية اليمن من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب وتفضيل السلطة المنافع والفوائد ألسياسيه المؤقتة مما يجرى، وتحرض الشعب والمعارضة على خيارات أكثر تجسيما أو البحث عن لغة إنسانيه خاصة بالصم والبكم.
تلك صورة مختصره للأوضاع العامة و ألسياسيه التي إحاطة بتكتل أحزاب اللقاء ألمشتركه واستند إليها المجلس الأعلى نهاية العام 2007م وهو يعلن فشل الحوار مع السلطة و يناقش الدعوة لحوار وطني شامل حول الأزمة الوطنية التي تشهدها البلاد .
ثانيا: دعوة المشترك للحوار و التشاور الوطني
حملت دعوة المشترك للحوار الوطني التي أطلقها بداية عام 2008 وضوحا في رؤية مصدر ألازمه في البلاد المتمثلة بسلوك السلطة وسياساتها وطابعا حزبيا يحتاج إلى التائيد والمساندة الاجتماعية كي تكتسب الدعوة مشروعيتها وتكتمل أركانها في استنهاض كافة قوى المجتمع.
البيان الصادر عن المجلس الأعلى قال أن "الحوار السياسي مع الحاكم وصل إلى طريق مسدود وأن السلطة قد أفشلت كل المحاولات والجهود على طاولة الحوار وخارجها ولذلك "فأن أحزاب اللقاء المشترك تعلن وقف الحوار السياسي بعد أن تم استنفاذ كل المحاولات" .
شخص البيان وضع البلاد وأعترف أن الأزمة الوطنية أصبحت من التعقيد والخطورة لا يستطيع معها أي طرف في المؤتمر أو المعارضة لوحده التعاطي أو الإدعاء أنه يمتلك حلول ومعالجات لها.
ونحو عملية الانسداد في أفق الحوار السياسي ومن إدراك لخطورة إغلاق طرق العمل من خلال النظام السياسي الشرعي وما سيترتب عل سلوك التنصل من الاتفاقات الموقع عليها من أزمة ثقة حادة كان اتجاه المشترك في بيانه "ألعوده إلى قوى المجتمع ومكوناته بهدف إجراء حوار وطني بديل يستطيع عبره أبناء اليمن مواجهة الأزمة واتخاذ القرارات ألوطنيه بشأنها".
وكان هذا هو الخيار الأنسب من الناحيتين ألدستوريه والسياسية والأفضل من الخيارات الأخرى التي بدأت تفرض نفسها على الأرض من خلال العنف والدعوات الجهوية والمناطقية والعائلية خيارات تصنع مستقبلاً لأصحابها لكنه ليس المستقبل الذي يبحث عنه اليمنيون ويتفق مع تاريخهم وتضحياتهم.
لذلك شكلت دعوة المشترك للحوار الوطني نقله نوعيه في أداءه السياسي ووظيفته الدستورية من نواحي عده فقد أضافت مكونات المشترك إلى واجباتها ألحزبيه المتمثلة بتصعيد النضال السلمي والدفاع عن الانتخابات التي جرى الإصرار على مصادرتها واجبا وطني فرضته ضرورات مواجهة ألازمه ألوطنيه فاختارت عملا أوسع وأهداف سياسيه اكبر . .
وبرؤية عامة للأحداث اللاحقة يتأكد أن المشترك كان ينظر نحو المستقبل الذي سيصبح مجموعة من المخاطر فوق الأزمات لا يستطيع اليمنيون التعاطي معه أن لم يكونوا قادرين على رؤيته من خلال تجسيد شراكه مسؤله في تشخيص الوضع الراهن وتحديد المستقبل الذي يتطلعون نحوه.
وقد قامت أحزاب ألمعارضه بدورها في استلهام تطلعات اليمنيين ومخاوفهم في هذه الفترة بداية ببذل جهد مع الحاكم ثم بدور التحذير من ما هو قادم وثالثا بدعوته كل ذي مصلحه ورأي حزبا ًكان أو منظمة،أو جهة أو فرد أن يقوم بواجبه ومسئوليته تجاه وطنه ولا تزال هذه الدعوة قائمه حتى اليوم.
التشاور الوطني على طريق الحوار الشامل .
حمل المشترك على عاتقه الترتيب للخطوات التالية ومنها السير باتجاه التشاور على طريق الحوار وبهدف أن يتحدد بعد ذلك برنامج العمل الوطني الذي من شانه في المقام الأول منع انفراد قسم أو طرف أو عائله بتحديد مستقبل اليمن ألدوله والنظام السياسي انطلاق من ألازمه أو ظروف افتعال الأزمات .
وفي اللقاء السنوي الثالث لقيادة فروع المشترك في المحافظات الذي انعقد في العاصمة صنعاء في مايو 2008م تم إقرار دعوة المشترك للتشاور الوطني كمرحلة تمهيدية للحوار وقد احتوت الدعوة تحت عنوان( دعوة التشاور الوطني الأبعاد والدلالات) جاء فيها أن أحزاب اللقاء المشترك تدعو أبناء اليمن إلى التشاور حول ما تشهده البلاد من أزمات سياسية وأمنية واقتصادية أصبحت تقتضي الوقوف عليها واتخاذ قرار بشأنها ونقل الاهتمام بها من الإطار الحزبي إلى الإطار الوطني العام.
و تشكلت اللجنة العليا للتشاور الوطني من 40 قياديا وناشطا سياسيا يمثلون أحزاب اللقاء المشترك وفي يوليو تشكلت اللجان الفرعية 40فى كل محافظه وفي أغسطس انطلقت عملية التشاور حاملة مجموعة من المهام الوطنية الغير مسبوقة في العمل السياسي وعبر أطار تنظيمي مناسب.
وتم توزيع مهام التشاور الوطني على مراحل:
الأولى تم فيها عملية حصر القوى والفعاليات والشخصيات المؤثرة في العمل السياسي الوطني و تم فرزها في تسع فئات هي( الأحزاب والقوى والتنظيمات السياسية، الخطباء والدعاة، المناضلين، والشخصيات العامة، قادة الرأي ومنظمات المجتمع المدني، التجار والمغتربين، المرأة والشباب).
وفي هذه المرحلة تم تحديد ما يقارب 35 ألف شخصية وطنية تمثل هذه الفئات والفاعلين الاجتماعيين الذين يجب أن تصل إليهم دعوة التشاور وقد تم العمل بنفس التقسيم والآليات على مستوى المحافظات الأمر الذي وفر لأحزاب اللقاء المشترك حصيلة من المعرفة بتفاصيل خارطة القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة خارج أحزابها والتي يجب أن تصل إليها دعوة التشاور الوطني.
وفي المرحلة الثانية مهام التواصل التي تمت في نوفمبر وديسمبر تم التركيز على ممثلين للجماعات السياسة (الأحزاب وجماعة الحوثي والشخصيات ألمعارضه في الخارج وممثلي فعاليات الحراك السلمي في المحافظات ألجنوبيه) وممثلو(الفئات ألاجتماعيه) الأخرى المستهدفة للتواصل السياسي وذالك من خلال آليات الاتصال الفردي والثنائي والمؤسسي واللقاءات ألعامه والمهرجانات والندوات وحلقات النقاش والمراسلات.
واستطاعت اللجنة العليا للتشاور على الصعيد المركزي وفروعها أن تبلغ دعوة التشاور إلى أكبر قدر من المستهدفين تجاوز عددهم ما يزيد على 35 ألف شخصية وطنية وأثمرت هذه ألعمليه نقاشات مستفيضة لدعوة المشترك للتشاور والقضايا الواردة فيها والحصول على الآراء والمقترحات بشأن السبل والطرق الخاصة بمعالجة الأزمة الوطنية والإطار المؤسسي لذلك.
قال البعض أن عملية الاتصال قامت بها القيادات المركزية والفرعية من أحزاب اللقاء المشترك وهذا صحيح ولكنها كانت شريكه في نفس الوقت مع قيادات وطنية مستقلة وممثلي لمنظمات المجتمع المدني،ولم تكن مشاركة القيادات الحزبية في هذه المرحلة عملاً ينتقص من قيمة التشاور وإنما على العكس من ذلك تجددت في دماء الأحزاب وفعالياتها المهام التي كانت قد تراجعت عن تأديتها منذ فترة وهي مهام ذات صله بتفعيل النقاش العام حول القضايا الوطنية خارج مؤسساتها الحزبية.
وفي يناير وفبراير من عام 2009م تعززت عملية التواصل الغير مباشر من خلال إقامة حلقة النقاش الوطنية الموسعة والعلنية حول القضايا الواردة في دعوة التشاور الوطني حيث نظمت اللجنة العليا للتشاور الوطني ما يزيد على 15 ندوة بهدف تعزيز دائرة النقاش العام كان موضوعها(أزمة السلطة والنظام السياسي، ومظاهر الأزمة الوطنية المتمثلة بالقضية الجنوبية ،حرب صعده ،الحريات والحقوق العامة ،الأزمة الاقتصادية ،أزمة القضاء والتعليم والشباب والخدمات وحرية الرأي ومنظمات المجتمع المدني والتعليم الجامعي، والمرأة.)،
وقدمت قيادة أحزاب اللقاء المشترك في هذه الفعاليات تصورها لهذه الأزمات ومصادرها وأسبابها بهدف إجراء نقاش وطني حولها والحصول على رأي المجتمع وممثليه وفعاليته المختلفة وقد تجاوز عدد اللذين شاركوا في هذه الفعاليات ما يزيد على 2000 شخصية وطنية يمثلون كل الفئات والقطاعات من مختلف شرائح ومكونات المجتمع.
لذالك شكلت مرحلة التشاور الوطني عملية متطورة في تجربة أداء تكتل المشترك وعملية اتصال سياسي غير مسبوقة في تاريخ العملية السياسية الحزبية والوطنية شارك فيها عشرات الاالاف من اليمنيين ووصل العلم والمعرفة بها إلى غالبيتهم الأمر الذي جعل من هذه ألعمليه أحد المفاهيم والعناوين السياسية الرئيسية في اليمن وذلك خلال فترة امتدت من مايو 2008 وحتى مايو 2009.
وبسبب ذلك التفاعل الجماهيري مع جهود قيادة المسثرك ولجنة التشاور تحققت أهداف التحضير على طريق مؤتمر التشاور الوطني وذلك من خلال إنجاز مهام الحصر والتواصل المركزي والفرعي للفاعلين السياسيين، والتعريف بالقضايا ألسياسيه ،والحصول على الآراء والأفكار والتصورات من المجتمع واختيار ممثلين لملتقى التشاور من كل الفعاليات والفئات والأطراف التي قبلت المشاركة في الملتقى وذلك بهدف واضح ومحدد إطلاق الدعوة الوطنية للحوار.
وقد اكتسب التشاور أهميته السياسية والإستراتيجية من كونه قد نفذ وسط مناخ وطني مليء بالأزمات والتعقيدات التي راهن البعض عليها في إفشال التشاور كما حاولت السلطة من طرفها استغلال ظروف الأزمة والعمل على تعطيل هذا الجهد الوطني الذي جرى تحت شعار الوحدة والديمقراطية مره بالتواصل السياسي مع قيادة المشترك وأخرى بإجراء تشاور مُناظر" رمزي وأدارى" [8].
وافقت السلطة والمؤتمر الشعبي العام على استمرار التواصل السياسي مع المشترك بشان قانون الانتخابات لكنها بعد سبعه أشهر انقلبت على ما وافقت عليه والسير في إجراء الانتخابات البرلمانية منفردة غير مكترثة بالنصوص ألدستوريه وتداعيات ألازمه والاجراءت ألقانونيه الصحيحة من أغسطس 2008م وحتى الانتهاء من علمية القيد والتسجيل .
إلا أن هذا المسار التخريبي للوظيفة ألوطنيه للانتخابات ألنيابيه توقف بعد عمل سلمي واسع ومظاهرات قادتها أحزاب المشترك في كل اليمن ضد هذا المسار وإهدار نفقات وفساد بالمليارات تكبدتها خزينة المال العام، وقد سقط في هذه المظاهرات والمسيرات قتلى وجرحى واعتقالات طالة المئات من أنصار وأعضاء اللقاء المشترك.
وبالتزامن مع بدء الفعاليات الوطنية المفتوحة للتشاور دعا الرئيس مطلع يناير2009م قيادة اللقاء المشترك إلى الموافقة على مناقشة تأجيل الانتخابات تحت مسمى (تعليق الجرس)؟ والبدء بحوار حول الإصلاحات.
وعقدت عدة اجتماعات مع قيادة المؤتمر الشعبي الذين كلفهم الرئيس أفضت إلى التوقيع على اتفاق فبراير 2009م الذي نص على تأجيل الانتخابات مدة عامين وأربعة قضايا للحوار:" تهيئة المناخات ألسياسيه إصلاح النظام السياسي والنظام الانتخابي وقانون الانتخابات واللجنة العليا للانتخابات".
كما تم الاتفاق على تحويل اتفاق فبراير بصيغته الدستورية في 23 فبراير وأتخذ البرلمان الإجراءات اللازمة لإخراج الاتفاق إلى حيز التنفيذ وتوقفت عملية التحضير للانتخابات وأصبحت شرعية السلطة والبرلمان مرتبطة وقائمه على تنفيذ اتفاق فبراير وشرعية الحوار والتوافق الوطني . .
ولأسباب ربما تعود إلى ضعف في الوعي السياسي أو قصور في معرفة واجبات المعارضة ألسياسيه اعتبرت قيادة المؤثر الشعبي العام أن اتفاق فبراير يلزم المشترك التوقف عن استكمال مهام التشاور الوطني وكان ذالك مطلب غريب يدعو ألمعارضه إلى التخلي عن مصداقيتها فيما تعمل وتقول وبرامجها وأنشطتها ألسياسيه والوطنية .
ثالثا: إعلان الدعوة ألوطنيه للحوار ورسائل المشاريع الأخرى
استمرت أنشطت التحضير لانعقاد ملتقى التشاور الوطني بعد اتفاق فبراير وتم ضمان مشاركة مايربو على 2500 شخصية يمثلون الفئات و الفعاليات و المحافظات وإطراف ألازمه ألسياسيه وبذالك اكتملت ( مرحلة التمهيد للحوار الوطني) وراءت قيادة اللقاء المشترك في عملها تطابقا مع البند الأول والثاني من اتفاق فبراير2009م وقد قصدت أثناء التفاوض على نصوص الاتفاق مع قيادة المؤتمر ضمان عدم التعارض مع أنشطة المشترك.
.ولم تكن مصادفة أن اللحظة الزمنية التي أنعقد فيها ملتقى التشاور الوطني 20-21 مايو 2009م كانت لحظه فاصله في مسار العملية السياسية الوطنية انبعثت فيها مكنونات وبواطن أزمة اليمن وأمال وتطلعات شعبه للخروج منها وارتسمت في نفس الوقت ملامح المستقبل أمام الجميع للاختيار والمفاضلة بين من يسعون نحو التغير الوطني ومن يحافظون على الوضع الراهن من يريدون ألعوده إلى الماضي.
وقد حملت فعاليات ملتقى التشاور وشعاره وجلساته ونتائجه عنواناً يمثل غالبية اليمنيين وحضورا في الافتتاح باعث على الأمل في قدرتهم على الاجتماع من اجل استنهاض الهمم والدفاع عن المشروع الوطني الذي قامت من اجله ألثوره والوحدة.
كانت لحظة تزاحمت فيها الخيارات والسبل دفعة واحدة في يوم واحد وذكرى واحدة وهي ذكرى قيام الوحدة اليمنية بما لها من دلالات رمزيه واستراتجيه تشير إلى مجرى عملية مصادره مستقبل اليمنيين وإجهاض مشروع نهضتهم طوال 19عاما من قيام الوحدة ،ومن خلال ما هو معروض في سوق الأزمة من مطالب في مقدمتها مطلب الحوار الوطني الشامل.
أما المطلب الثاني فكان معروضا (رموز وخطاب) في ميدان السبعين وفي مكان ليس بعيدا عن انعقاد ملتقى التشاور الوطني وخطابه تمثل باحتفال السلطة بيوم الوحدة ولوحدها ومن دون شركاء وبالعرض العسكري لكافة أنواع الأسلحة الدفاعية والهجومية عرض ترسانة المفروض أنها ملك للدولة وفي خدمة آمنها وسيادتها واستقرارها وليست في خدمة السلطة.
ولان سماء وارض اليمن في لحظة العرض كانت تشهد كل أنواع التدخل والاختراق الأجنبي باعتراف الجميع ، وان شركاء الوحدة مبعدون ومشردون في المنافي ودول الاغتراب في خطابات الجميع ،والأوضاع في عدن والمحافظات ألجنوبيه تشهد مواجهات عنف غير مسبوقة تحت سمع وبصر وعلم الجميع: فمن الطبيعي أن يحمل العرض الرسمي للجيش والسلاح رسالة لليمنيين تقول أن الوضع الراهن سيبقى با القوة والعنف وبالقسر والإجبار المادي للمعارضين..
العرض الثالث جاء من المنفي من نائب الرئيس علي سالم البيض الشريك الرئيسي في قيام دولة الوحدة والإعلان عن ميلاد مشروعها النهضوي السلمي ألديمقراطي صبيحة يوم 21مايو1990م يدعو إلى فك الارتباط بين الشمال والجنوب بعد مرور19عام على قيام دولة الوحدة؟؟.
ولو لم تكن الأحداث والأوضاع في المحافظات الجنوبية قد وصلت إلى درجة من السوء والخطورة بفعل سياسات السلطة وخطابها المأزوم أن تجد هذه الدعوة إلى الماضي صدى وتأثير في سوق الأزمة الوطنية ومساراتها المستقبلية.
تلك هي الخيارات التي عرضت أمام اليمنيين علناً في لحظه زمنيه واحده وفي مقدورهم أن يفاضلوا بينها وبمعني أخرى أكثر وضوح كانت لحظة أطلقت فيها شرارة الصراع الجديد بين مشروعين إجمالا هما المشروع الوطني الكبير مع مشاريع صغيره وماعدا ذالك تفاصيل وشروح جانبيه لهذا الصراع.
وقد حضت أحزاب المشترك بالاهتمام الذي تستحقه وهي تنتصر لمرحلة فاصله تؤسس لوعي سياسي صحيح و لعمليه سياسيه طبيعيه واضحة متحررة من الانحرافات والأوهام وتدشن مرحله أخرى تنتقل باليمنيين إلى ماهو أهم واكبر إلى تحديد مسار وميدان التسوية ألوطنيه التاريخية عبر الحوار الشامل بين كل أطراف ألازمة ومكونات المجتمع.
رابعاً : الحوار الشامل خيار التغيير الوطني السلمي
نصت دعوة الحوار الوطني التي صدرت في ختام ملتقى التشاور عن واقع التوافق بين أعضاء الملتقى في عدة محاور أبرزت الدعوة مظاهر ألازمه ألوطنيه ودور السلطة في إنتاجها وعجز النظام السياسي لدولة الوحدة في ذكرى ميلادها ال19 عن مواجهتها، وقد حددت الدعوة أفق المستقبل وخاتمة الحوار الوطني بالوصول إلى تأسيس عقد اجتماعي جديد يعيد بناء ألدوله على قواعد مختلفة ويحفظها من التآكل والتفكك والاندثار.
كما شكل ملتقى التشاور الوطني إطارا تنظيميا ملائما يتحمل مسؤولية الانتقال بدعوته ألوطنيه للحوار من الإعلان إلى حيز التنفيذ إطارا جسد الوعي بالمسؤولية السياسية وبان مستقبل الشعب والوطن في لحظة ألازمه والمحنه لا تقرره الأمنيات والرغبات وحسن النوايا وإنما تصنعه الاراده الانسانيه الملتزمة بالتنظيم والتخطيط وتحديد المسؤوليات.
وتكون هذا الإطار من اللجنة التحضيرية للحوار الوطني التي ضمت 90 شخصية وتوسعت بعد ذالك إلى 125 يمثلون الفعاليات ألسياسيه الوطنية ألمشاركه في الملتقى وأخرى مسانده تمثل المكونات ألاجتماعيه ألفاعله في السياسة ومنسق لكل محافظه وذلك في أطار من الوعي بالمهام المترتبة على الدعوة ألوطنيه للحوار في مقدمتها استنهاض الوعي الرافض للعنف الذي بدأت مظاهره تتفشى في الوعي الاجتماعي واعتباره الأداة الوحيدة في مواجه الاستبداد والتسلط.
و يوضح التمثيل الشامل والنوعي الذي تم على ضوئها اختيار هذه اللجنة بما يحقق أهدافها دلالات مهمة في تجربة القبول بالأخر فلا يكاد التمثيل الحزبي يتجاوز 50% وفيما قد يرى البعض أن عدد من الخمسين الأخرى ليست خافية ميولهم السياسية على احد لكن تلك الميول لا تذكر أن أصحابها ليسوا موظفين مع أحزابهم.
وهناك شواهد كثيرة تشير إلى المناخات الصحية التي أوجدها تكتل المشترك مروراً بالانتخابات الرئاسية وحتى ملتقى التشاور الوطني أبرزت قدر عالي من المرونة والتكيف في التجربة ألحزبيه من زاوية القبول باالاخر والواجبات ألسياسيه في أوضاع الأزمة والإصرار على توسيع التحالفات..
ونعتقد أن الطريقة المثلى لتقييم تجربة اللجنة التحضيرية للحوار الوطني حتى الآن كإطار مؤسسي جديد دفعت أحزاب اللقاء المشترك نحو ظهوره وتشكيله لابد وأن يتجاوز الانطباعية والدعاية المضادة إلى المهمة التي أنيطت باللجنة وفي مقدمتها التمسك بثقافة الحوار أمام الترويج لثقافة العنف،وسلوك القبول بالأخر في مواجهة الإقصاء والإبعاد والوصول إلى تغيير وطني آمن ينقذ الدولة من الانهيار ويعيد بناءها على أسس جديدة بشراكة كل أبناء اليمن.
وسيكون من السخف تجاهل تأثير الوزن السياسي والوطني والحزبي لقيادة اللجنة التحضيرية وما قاموا به من جهوداً يعرف الجميع مدى النتائج الجيدة التي ترتبت عنها وستظل قيادة اللجنة التحضيرية برئاستها وأمانتها العامة ولجانها المتفرعة نموذجاً للعملية السياسية الجديدة التي لا تزال تحتاج إلى التروي في إصدار الأحكام عليها ذلك أن الضرورة الوطنية تقتضي التركيز على ماذا نعمل وليس من يعمل كون هذا التركيز هو معبر الخلاص من أزمة الحكم في اليمن [9]. وبنظرة فاحصة وموضوعية إلى المهام التي أنجزتها اللجنة التحضيرية للحوار الوطني كأحد أبرز مظاهر التطور في تجربة تكتل أحزاب اللقاء المشترك بجهود كل مكوناتها أن تنتقل وخلال فترة وجيزة استطاعت ومن دون مبالغه أن تدفع بمطلب الحوار إلى أن يصبح خيار إجماع وطني وإقليمي ودولي.
وما أنجزته اللجنة حتى اليوم يكاد يشكل أطار وحيد لكل أبناء اليمن للعمل ولسير قدما نحو الخروج من مأزق جمود الوضع الراهن وتداعياته ألخطره كما انه ليس في مقدور أي طرف تجاوز هذا الإطار خلال المرحلة القادمة كونه قد تحقق من خلال الجهود التالية:
أولاً: منذ تشكيل اللجنة ألتحضيريه وحتى اليوم و خطابها وانشتطها تستهدف الإعلاء من قيمة الحوار الوطني، والمحافظة على هذه القيمة ولا تزال تعلي منها وهذه المهمة لا يستطيع أحداً أن ينكرها بالنظر إلى القيم التي تُعلمها أطراف الأزمة الأخرى لأتباعها في السلطة وخارجها، وتنتشر في صعده و مأرب وشبوة وأبين ولحج وحضرموت والجوف وعمران والضالع وصنعاء تعاليم وقيم مهما قيل عن الأسباب التي أدت إلى تطرف بعضها مقابل تطرف السلطة فأنها في الأخير تكرس قيم وتؤسس لوقائع منذ ثلاثة أعوام لا تستقيم مع القيم الوطنية سواء قيم التغيير الوطني أو وسائله أو جغرافيته.
ثانياً: قادة اللجنة التحضيرية من خلال أطرها الداخلية ومؤسساتها وهيئاتها مهمتين هامتين وحيويتين ذات صلة بالحوار رسخت فيها قيم الديمقراطية والشفافية والعلنية والمسئولية وخلال الفترة من يونيو وحتى 7 سبتمبر2009 من نفس العام أربعة أشهر قامت بعمل تجربة داخلية للحوار الوطني وفي نفس الوقت انتهت بنجاح في هذا المعمل المصغر إلى مشروع( وثيقة الإنقاذ) التي تعد من أهم الوثائق السياسية والوطنية إن لم تكن الوثيقة الوحيدة حتى اليوم التي تعاطت مع أزمة البلاد وتعقيداتها بذلك الشمول والوضوح تؤسس لبناء عقد اجتماعي جديد وتقدم لليمنيين فرصة للنقاش على أرضية صلبة وجيدة يندر أن أمتلكة القوى ألسياسيه مثيلاً لها .
ثالثاً : وصلت اللجنة التحضيرية إلى إطراف الأزمة تنفيذاً لما جاء في مشروع وثيقة الإنقاذ من آليات حواريه وشهد عام 2010م التوقيع على عدة اتفاقات ومحاضر مع جماعة الحوثيين في صعده15مارس و12ديسمبرنصت على الانضمام إلى اللجنة التحضيرية والحوار الوطني ومحضر اتفاق مع المعارضة في الخارج في 13يونيو من نفس العام تؤكد على مضامين وثيقة الإنقاذ وبرنامج موحد للسير نحو الإنقاذ والتغير.
وفي دورة اجتماعها ( دورة رائد التغير المهندس فيصل بن شملان) أعلنت اللجنة ألتحضيريه في جلسة عامه صباح يوم الثاني من يونيو 2006م انضمام الحركة ألوطنيه للتغير، ومجلس التضامن الوطني، و30شخصيه وطنية بارزة تضم وزراء سابقين وقاده سياسيين وأعضاء في البرلمان والشورى من كافة الاتجاهات السياسية إلى عضويتها ومكوناتها وهي أضافه عبرت عن التطور في الأداء والإنجاز جاءت بمناسبة مرور عام على تشكيل اللجنة لكنها في نفس الوقت استنفرت السلطة وثقافة الخوف من التغيير.
كان أتفاق فبراير 2009م قد قدم ضمان مبكر أن تكون السلطة والحزب الحاكم جزاء من عملية السير نحو حوار وطني شامل و نص البند الأول والثاني على الشراكة في التحضير للحوار الذي تسعى إليه اللجنة وقد تم النص على ذلك في وثيقة الإنقاذ الوطني ولم يكن هناك ما يستدعى الغضب والحنق سوى النجاح الذي أحرزته اللجنة في مهامها وعجزت عنه السلطة منذ بداية ألازمه.
رابعاً: شكل التوقيع على محضر 17 يوليو مع السلطة وما رتبه من إطار مؤسسي أخر تمثل بلجنة المائتين تحولاً في سياق التأكيد على أن مسار الحوار الوطني الشامل مع كل الأطراف كخيار نحو التغيير لم يعد برنامجا للمعارضة كما كان يدعي البعض ولا رغبه في تصعيد الصراع مع السلطة كما ادعي الانهزاميون وإنما خيار الضرورة ألوطنيه بعد انهزام الخيارات الأخرى.
واذا كانت السلطة قد استهدفت من القبول بالتوقيع على المحضر إفساد ما عمله المشترك وإفساد النجاح الذي حققته اللجنة التحضيرية للحوار الوطني وقد تحقق لها بعض ماتريده على حساب ما يريده اليمنيون إلا أن محضر 17 يوليو مهما كانت النتائج ألراهنه شكل دعماً إضافياً وإنجازاً يحسب للجنة التحضيرية للحوار وجهود المشترك وحجة على السلطة وحكماً شاملاً إنها ضد الحوار و أنها مصدر الأزمة وجذرها كما جاء في وثيقة الإنقاذ .
نخلص إلى التأكيد أن خيار الحوار الوطني من اجل الإنقاذ أصبح مسار تتوفر له اليوم فرص النجاح من الإطراف والقيادات المسئولة والمجربة و المناخ السياسي الداخلي والخارجي المؤيد والمشروع الملائم والفكرة ألجامعه وأصبح التحدي معلوما بالسلطة ومواليدها الصغيرة من أعمال وأفكار تخريبية لهذا المسار وما قد تؤدي إليه تعقيدات ألازمه من أحداث تعيق خطواته أو تبطئ منها.
أن اللجنة ألتحضيريه بعد أكثر من عام ونصف على تشكيلها وجهودها استطاعت في ظروف معقده معلومة للجميع أن تخلق من ألازمه فرصة سياسية سانحة مطلوب اغتنامه يقابلها خطر يعرض نفسه فارضا نتائج غير مرغوبة إذا تقاعس وتخاذل كل ذي مصلحه في إنقاذ دوله هشة.
مناقشه ختامية:
أعلنت السلطة والحزب الحاكم الانسحاب من التحضير للحوار الشامل والسير بانفراد نحو الاستيلاء على الانتخابات في اليوم التالي لازمة الطرود المشبوهة 29 أكتوبر2010م وهو توقيت يؤكد مرة أخرى صلة قرابة ورحم بين السلطة وملف الإرهاب وتداعياته وهذا هو التحدي الأول الذي يفرض نفسه أمام رغبة الإجماع الوطني.
وفي نفس الوقت فأن عواصم العالم الفاعلة المهتمة بالأزمة اليمنية ستفرض خلال المستقبل القريب خياراتها عبر الرياض ولندن وواشنطن حيث أن هذه العواصم لن تقبل الانتظار واختيار موقف الفرجة من بلد تزحف منه التهديدات الأمنية نحو النفط والملاحة الدولية شمالاً وجنوباً وما يدور في أروقة هذه العواصم وما كشفته مؤخراً وثائق ويكليكس تشير إلى تحدي ثاني أمام المشروع الوطني وجهود اليمنيين لإنقاذ بلادهم وفرض مطالبهم وخياراتهم.
إلا أننا لا نستطيع أن نتجاهل أن كل البيانات والمواقف التي صدرت مع نهاية هذا العام الخارجية قبل الداخلية تؤكد على مسار الحوار الوطني وضرورته وحتميته ما يعني أن اليمن أمام فرصة تاريخية فيما يخص الانتقال بالأزمة الوطنية من حيز التشخيص والبحث عن إجماع حول الدعوة للحوار إلى حيز السير بالحوار الوطني نحو غايته المنشودة.
وإذا لم تستجب السلطة لهذا النداء فان حق الأحزاب والتنظيمات السياسية أصيل في روح الدستور ونصه أن ترفع الشعار المعبرة عن تعارضها مع عقيدة السلطة في الحكم و إدارة البلاد وليس مخالفتها كما يروج البعض طلبا للسلامة.
والحق الثاني أن تسعى نحو تشكيل الأطر الوطنية القادرة على حمل شعاراتها وتحقيق برامجها ورؤاها وقد حملت اللجنة التحضيرية للحوار الوطني على عاتقها تنفيذ مهمة وطنية في ظروف أزمة مستحكمة ومعقدة لم تعد الأطر الحزبية قادرة على التعاطي معها وهو لا يعني الإعلان عن تخلي الأحزاب عن مهامها كما يزعم البعض تضليل وجهالة فاللقاء المشترك سيضل يشكل أهم مكونات هذه اللجنة وقلبها النابض بالفعالية السياسية .
وفي الختام نجدد الدعوة لكل أبناء الوطن وقواه الحية استغلال ألفرصه ألسياسيه السانحة ودعم جهود اللجنة التحضيرية للحوار الوطني الشامل قبل فوات الأوان وارتفاع تكاليف الصمت والحلول المتأخرة وهي دعوه سياسية وليست موقفا أخلاقياً وتكتيك مؤقت سرعان ما سيتراجع فالتشابه في الظواهر السياسية في اليمن على مدى الأعوام الثلاثة الماضية لا تعني تشابه الوقائع السياسية التي خلقت على الأرض فارضة نفسها خلال هذه الفترة.