Home Articles Orbits اكتوبر ثورة لا تهدأ :ذاكرة لا تشيخ ومبادئ لاتموت
اكتوبر ثورة لا تهدأ :ذاكرة لا تشيخ ومبادئ لاتموت
نبيل الجوباني
نبيل الجوباني

ونحن نحتفي اليوم ومعنا شعبنا اليمني والعربي بأمجاد نضالاته في الحرية والكرامة والاستقلال ، فعلى الصعيد الوطني نحتفي بالعيد ال56 لثورة ال 14 من أكتوبر المجيدة ضد أعتى قوى الاستعمار والذي جثم على صدر شعبنا اليمني 129 عاما " ؛ فإننا نحتفي و بفخر واعتزاز على الصعيد القومي بذكرى حرب أكتوبر المجيدة السادسة والأربعين والانتصار العظيم ضد إسرائيل .

ومع كل مشاعر الفخر والاعتداد والوطنية بهكذا مواقف وبطولات ومآثر خالدة سطرتها قوى النضال والوطنية وطنيا " وقوميا " فإننا في اليمن وفي أكتوبر تحديدا " نستحضر ذكرى اليمتين أولاهما ذكرى اغتيال القائد الشهيد / إبراهيم الحمدي واخية عبدالله ورفيقيه علي قناف رهرة وعبدالله الشمسي في الحادي عشر من أكتوبر 1977 م .

وثانيهما ذكرى استشهاد كوكبة من قيادات التنظيم الناصري في الخامس عشر من أكتوبر 1978 م .

وهما الحدثان الأكثر ايلاما والافدح مصابا " في ذاكرة ووعي شعبنا اليمني ونحن الناصريين جزء أصيل من نسيجه الجمعي سياسيا" واجتماعيا" .

وكل الأحداث السابقة تدفع نحو استكمال مشاريع الثورة والدولة ، وتحقيق الأهداف الوطنية والقومية ، ونحن في وضع يستدعي منا اليوم ومن كل القوى التقدمية المؤمنة بقضاياها الوطنية نضالا " ثوريا " دؤوبا " لتحقيق آمال وتطلعات شعبنا اليمني والتي لن تكون إلا بمزيد من التلاحم والتظافر والثبات والانتصار للثورة وأهدافها ولكل التضحيات التي قدمها شعبنا اليمني وقواه الحية .

ومن مثل هكذا هدف جاءت حركة 15 أكتوبر البطلة لتصحح مسار الثورة السبتمبرية ، وتستعيد الدولة المخطوفة ومشروعها الوطني الخلاق الذي اغتيل هو الآخر باعتيال القائد الشهيد / إبراهيم محمد الحمدي ، وهو ما استهدفته القوى الرجعية المنقلبة على نظام حركة 13 يونيو التصحيحية وقائدها .

كانت حركة الخامس عشر من أكتوبر 1978م حركة ثورية ناصرية منظمة هدفت

إلى التغيير الثوري ضد قوى الردة والانقلاب والفساد و الرجغية والاستبداد .

و قد كانت الحركة الأولى من نوعها ناصريا" وثوربا " بعد رحيل القائد المعلم / جمال عبدالناصر ، وكانت الثانية للتنظيم الناصري بعد حركة( الجبري ) في أبريل عام 1969م ضد سلطة انقلاب 5 نوفمبر 1967 م .

وكلا الحركتين هدفت إلى تصحيح مسار الثورة السبتمبرية ، وكلاهما أيضا " فشلتا ودفع تنظيمنا الناصري ثمنا " باهضا " لخياراته الثورية وانحيازاته الوطنية اعداما " وأحكاما " مؤبدة و اعتقالا " وتسريحا "وتنكيلا " في الأولى والثانية .

و بين حركة ( الجبري ) 1969م و حركة الخامس عشر من أكتوبر 1978م في الشمال تلقى التنظيم الناصري الضربة الثالثة في الأعوام 1971 م ، 1972 م ، 1973 م و 1975م اعتقلت فيها كثير من قيادات التنظيم ، واخفي بعضها ، واعدم آخرون في شطرنا الجنوبي سابقاً .

غير أن ألضربة التي كانت مؤلمة وقاسية بكل تفاصيلها وأبعادها كانت ماتعرضت له حركة 15 أكتوبر 1978 م من أعمال تصفية وتعذيب وإخفاء واعدام طالت الصف الأول والثاني والثالث من قيادات تنظيمنا الناصري .

يقول القائد الشهيد / عيسى محمد سيف :

( لقد عقدنا العزم على إحداث التغيير الثوري لواقعنا الوطني وصولاً إلى تجسيد طموحات قوى شعبنا العامل على هدى أهداف ثورة 26 سبتمبر المجيدة مهما كلفنا ذلك من تضحيات جسام .

إننا سنضحي بأرواحنا من أجل الشعب ، ولن نضحي بأرواح الشعب من أجل أرواحنا ) .

لقد كان واعيا " بما يقول ، مؤمنا " بما يعتقد ، و عالما " بما يريد ، واضح الخط وواثق الخطى .

صدق الله فصدقه ، فكان واحدا " من أغلى وأشجع واخلص وأصدق الرجال الذين جادت بهم هذه الأرض الطيبة ، و يفخر به ورفاقه تنظيمنا الناصري أبد الدهر .

كان القائد الشهيد / عيسى محمد سيف ورفاقه الأبطال - مدنيين وعسكريين - أصحاب مشروع وطني حقيقي ، وكانوا واعين بالتاريخ .

كانت حركة الخامس عشر من أكتوبر 1978م الذي قادها تنظيمنا الناصري ممثلا" بطلائعه الوحدوية اليمنية من مختلف القطاعات الشعبية حركة تغيير ثورية سلمية لم يكتب لها النجاح ، وقد استشرفت المستقبل واستهدفت إعادة الوجة المشرق والوضاح لثورة شعبنا اليمني ، ووضع حد لكل أشكال العبث ومظاهر التدخل والفوضى والهيمنة للرجعية السعودية في شؤون البلاد ، فجاءت الحركة ( على هدى مبادئ وأهداف ثورة 26 سبتمبر 1962م العظيمة دفاعا ' عنها وانتصارا" لها ) .

وقد أثبت الزمن صوابية الموقف لحركة التغيير الناصرية كحركة ثورية حقيقية واعية ومسؤولة أثبتت انحيازها للشعب ولمشروع الثورة والدولة معا " ، وتعبيرا " أصيلا " عن الضمير الشعبي في انحيازاتها وخياراتها ؛

لذلك استقبل أبطالها الموت بشجاعة الفرسان وبثبات الموقنين المؤمنين بعدالة نضالهم وقضيتهم الوطنية .

يقول الأستاذ /عبدالله البردوني

عن حركة 15 اكتوبر 1978 الناصرية :

( كان لتلك الحركة رغم فشلها مزايا مرموقه ؛ لأن رجالها المقبوض عليهم حازوا اعجاب الشعب بقوة براهينهم في المحاكمة ، وبثباتهم امام كل تهمة , وبخروجهم الى الاعدام كذاهبين الى زفاف ، وباستقبال الاعدام بقلوب الرجال ، خرجوا من السجن الى المحكمة حاملين أكفانهم , وقد اثبت استشهادهم ورباطة قلوبهم على مكانتهم الوطنية ) .

أعدم على إثر هذه الحركة الجسورة 21 من القيادات الناصرية على دفعتين ، وشملت الدفعة الأولى الشهداء الأبطال التي تم اعدامهم في 27 أكتوبر 1978م :

الشهيد عبدالله الرازقي، والشهيد حسين منصر، والشهيد أحمد مطهر مطير، والشهيد قاسم منصر إسماعيل، والشهيد محسن فلاح، والشهيد عبدالعزيز رسام، والشهيد مهيوب العرفي، والشهيد محمد مبخوت الفليحي، والشهيد عبدالواسع الأشعري ، وعددهم تسعة وكلهم من العسكريين .

والدفعة الثانية ومثلت القيادات المدنية وعددها اثني عشر شهيدا " ، وهم قيادات الصف الأول والثاني وقد تم اعدامهم في الخامس من نوفمبر !!

وفي اختيار ( الخامس ) من نوفمبر دلالة في سياقات التاريخ و الأحداث وصراعات الوجود الثورية واللاثورية ومشاريع الدولة واللادولة ،

وكان الشهداء على النحو التالي :

الشهيد / عيسى محمدسيف .

الشهيد /سالم محمد السقاف .

الشهيد / عبدالسلام محمد مقبل .

الشهيد / محمد أحمد إبراهيم .

الشهيد/ أحمد سيف حميد .

الشهيد/ علي محمد السنباني .

الشهيد / ناصر محمد ناصر اليافعي .

الشهيد / محمد محسن الحجاجي .

الشهيد / عبدالكريم ناصر المحويتي .

الشهيد / مانع سعيد التام .

الشهيد /علي صالح حسين ناجي الردفاني .

الشهيد / حسين عبدالباري أحمد الأديمي .

وقدمت دفعة أخرى ( ثالثة ) مكونه من 14 شخصا " للمحاكمة إلأ أنه لم يصدر بحقهم حكم الإعدام .

بالإضافة إلى آلاف المعتقلين في كل المحافظات ، والذين امتلأت بهم السجون والمعتقلات ، و لاقوا من التعذيب والتنكيل والوحشية ماتقشعر من هوله الأبدان .

وما هانوا ولا وهنوا ، وظلت أعناقهم مشرئبة تعانق السماء بكبرياء وشموخ وعزة .

حقائق للتاريخ .

حين قامت حركة 13 يونيو التصحيحية عام 1974 م وقفت كل القوى السياسية والتقدمية تحديدا " منها موقفا " سلبيا " ، بل وأصدرت كافة القوى التقدمية في شمال الوطن بيانات مناهضة لها ولقائدها الشهيد / إبراهيم الحمدي إلى حد وصف الحركة التصحيحية ( بالحركة الرجعية ) !!

وقد أصدر الحزب الديمقراطي الثوري في 15 يونيو 1974 م _ أي بعد يومين من قيامها _ بيانا "ضدها .

ووحده التنظيم الوحدوي الناصري من رحب بهذه الحركة التصحيحية وقياداتها مقدما " برنامجا " وطنيا " عمليا "' لقيادة الحركة عبر نقاطه العشر عبر رابطة طلاب اليمن شمالا " وجنوبا " بالقاهرة في العيد الثاني عشر لثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1974 م ، والتي قال فيها تنظيمنا :

( إننا مع نضال شعبنا الوطني بكل قواه المخلصة من أجل الثورة واستمرارها ، ومن أجل الجمهورية وانتصارها بقيادة المقدم / إبراهيم الحمدي ، الذي يتطلع اليه شعبنا اليمني الآن بأن ينتصر لآلامه وطموحاته وآماله ،

وإننا نقف نحن طلاب القاهرة معه كجزء من شعبنا اليمني ، وهو يناضل من أجل تحقيق النقاط العشر التي تحدد موقفنا من الحدث ، ونقف معه بعد ذلك ضد أي محاولات لا تمكنه من الاستمرار في هذا الطريق الوطني وانتصاره الأكيد ) .

وقد التزم الشهيد / إبراهيم الحمدي بذلك والزم حكومته بها ، وقد التزم الناصريون بوفاءهم للقائد الشهيد ولمبادئ الحركة التصحيحية ولموقفهم الواضح والمنحاز لجموع الشعب ، وقدموا أرواحهم رخيصة من أجل الوطن الأرض والإنسان .

كان الشهيد / الحمدي مدركاً بكل القوى السياسية والوطنية المتواجدة في الساحة اليمنية والتي أدار معها حواراته ، فوجد أن بعضها لايمتلك مشروعا " وطنيا " لإدارة البلاد ، والبعض الآخر لديه مشاريعه الضيقة والصغيرة :

( قبلية ومذهبية ومناطقية ) ، ووجد في الناصريين ضالته فهم من يمتلكون المشروع الوطني الواضح والمعبر عن طموحات وآمال شعبنا اليمني إلى جانب أنهم قوى شابة واعية ومؤهله .

ووجد الناصريون فيه الشخصية الوطنية الواعية والمسؤولة ؛ ليس منذ قيام حركة 13 يونيو 1974 م التصحيحية ولكن من قبل ذلك بكثير وتتضح من خلال زيارة القائد الشهيد لرابطة طلاب اليمن بالقاهرة قبل قيام الحركة ، وتصريحاته لهم بأن هناك في داخل البلد من يشاطرونكم الهم والقضية ، ويتوحدون معكم في تحمل المسؤوليات .

وتتضح أيضاً في برنامج التصحيح المالي والإداري الذي قدمه في العام 1971 م باسم القوات المسلحة .

وتتجلى النقطة الثالثة بقيام حركة 13 يونيو التصحيحية بانقلاب ابيض لم ترق فيه قطرة دم واحدة ضد سلطة انقلاب 5 نوفمبر الرجعية تصحيحا " لمسار الثورة السبتمبرية التي انقلبت عليها في 5 نوفمبر 1967 م ، والتي كان الناصريون قد ناهصوها قبلا " بحركة الجبري في ابريل 1969م م .

لقد كان الوعي بالآخر بين الناصريين وقيادة حركة 13 يونيو التصحيحية أن أحدث تقاربا فكريا واستئناسا " ببعضهم البعض .

كل ذلك وغيره جعل الناصريين الوحيدين الذين يقفون معه وحركته التصحيحية بوضوح وحذر معا " في النقاط العشر لرابطة طلاب اليمن بالقاهرة .

وهذه العلاقة المتنامية بين حركة 13 يونيو التصحيحية والتنظيم الناصري خلقت تقاربا على مستوى العلاقات التي تكللت بالتنسيب أو الانضمام للتنظيم الناصري في 15 أبريل 1976م ، ومشاركة الرئيس القائد الشهيد/ إبراهيم الحمدي في مؤتمر التنظيم الوطني العام الخامس في الحديدة في يونيو 1977م ،

والذي أصبح فيه الحمدي عضوا "في القيادة التنفيذية للتنظيم .

وهنا يجدر بنا الإشارة إلى نقطتين هامتين :

النقطة الأولى / أنها التجربة الأولى في التاريخ السياسي أن يتم استقطاب رئيس دولة إلى حزب سري غير معلن .

وهي تجربة فريدة تستحق التأمل و تستحق الاحتفاء والبحث والدراسة أيضا ".

النقطة الثانية / تتمثل في زمن انعقاد المؤتمر العام الخامس للتنظيم الناصري الذي تقرر انعقاده في الحديدة ، والذي استمر لمدة أربعة أيام كان الشهيد/ الحمدي متواجدا" في المحافظة - أو اللواء كما كانت التسمية حينها -

ليست مصادفة في ذلك ؛ فقد تقررت زياراته للحديدة لحضور مؤتمر التنظيم الوطني العام الخامس ، والذي تقرر أن تستضيفه هذه المدينة ، وقد تم التنسيق مع الشهيد / إبراهيم الحمدي لزيارتها ، وحضور فعاليات المؤتمر الوطني العام الخامس للتنظيم فيها .

وفي هذا السياق هناك كثير من التفاصيل التي الايتسع المقام هنا لذكرها على أن نستعرضها في دراسة قادمة بإذن الله تعالى .

حركة 15 أكتوبر 1978م التي نفذتها الطلائع الثورية الوحدوية كانت تدرك انها تصنع للمواقف تاريخا " وللبطولة أسفارا " وللأمة أمجادا " في زمن تراخت فيها الههم ، وتراجعت فيها القوى ، وشاخت باكرا " وقبل أوانها

خطى ثائريها أسفا ،

وهو ما استثنته حركة 15 أكتوبر الناصرية بانتفاضتها تلك ، وهذا أحد مميزات الناصرية انها تتقدم حين يفر أو يتوارى الجميع في محكات لا تقبل المخاتلة وإنصاف المواقف والحلول ، فلا رمادية في المواقف ولا مراوغة ولا تبرير ؛ فإما أن تدخل في كل الحساب أو أن تخرج من كل الحساب كفلسفة ناصرية تاجزة وعيا " وفكرا " ومسلكا '" .

وثانيا" : ما أكدته حركة 15 أكتوبر على ( أن طريق النضال مخاطر ، وان طريق النصر لتضحيات ) كما قالها القائد الشهيد / عيسى محمد سيف ، وهو ماجسدته الحركة بخيارها الواعي والوطني المسؤول .

وثالث دلالات الحركة انها جسدت واحدية الموقف ووحدوية القرار في تنفيذ الحركة التصحيحية التي اتخذته باكرا عقب اغتيال الشهيد / الحمدي وأخيه ورفيقيه قناف زهرة والشمسي .

واحدية الموقف التنظيمي الذي اتخذته القيادة التنفيذية للتنظيم الوحدوي الناصري

كذلك القرار الذي اتخذته قبل أربع سنوات في مساندة ودعم حركة 13 يونيو 1974 م ، حين خذلت كل القوى السياسية حركة 13 يونيو التصحيحية ، وشكل التنظيم الناصري سبقا في الموقفين . وأثبت حسن قراءته وتقديره للموقف وللأحداث وللمسؤوليات التاريخية والوطنية وهو ما أكدت صوابيته الأيام والأحداث المتعاقبة .

وأما وحدوية القرار فقد تجسد في الموقف و في تحمل المسؤولية واالابتدار لمواجهتها ، و تمثل في رسم تلك الصورة الوحدوية التي جسدها اسما " ووسما " ورسما " ووشما " .

وقد كانت قيادات الحركة التي تصدرت لاستعادة مسار الثورة واستكمال مشروع الدولة اليمنية الحديثة التي أرسى مداميكها القائد الشهيد / إبراهيم الحمدي واختطفتها قوى الرجعية باغتيال المشروع الوطني وصاحبة معا " . مجسدة للهوية الوحدوية وللارض اليمنية وتراثها الوطني ، ولا عجب في ذلك فتنظيمنا الناصري نشأ وحدويا على صعيد الفكرة والبنية التنظيمية في شمال اليمن وجنوبه .

وقد رأينا القائد الشهيد / سالم محمد السقاف آب حضرموت والرجل الثاني في التنظيم الناصري ، ورأينا ابن الضالع الشهيد /محمد محسن الحجاحي ،

ورأينا أبناء لحج الشهيد / علي صالح حسين ناجي الردفاني ،

والشهيد / ناصر محمد ناصر اليافعي .

وهم يتمثلون المسؤولية والحرص ونداءات الواجب وانتصار للمشروع الوطني الوحدوي الكبير ، وقدموا أرواحهم رخيصة من أجل الوطن الكبير .

وقف القائد الشهيد / عيسى محمد سيف أمام المحكمة والمدعي العام وأمام شاشة التلفزيون ويقول وبثبات ويقين وفداء :

( انا المسؤل عن هذا الحدث الثوري واتحمل المسؤلية كاملة واعرف بان حكمكم المسبق قد اتخذ باراقة دمائنا ولكننا نحمد الله اننا لم نرق قطرة دم واحدة في انتفاضتنا الثورية الهادفة لاعدة الوجه المشرق لثورة سبتمبر المجيدة )

ويقف الشهيد / سالم محمد السقاف لينفي مسؤولية عيسى واخوة نضاله ويقول :

بل انا المسؤل عن هذا الحدث الثوري .

وعندما قال القاضي ( غالب عبدالله راجح )

للشهيد / عبدالسلام مقبل من حقك ان تطلب العفو لانك وزير !!

رد عليه الشهيد / عبدالسلام بثبات منكرا" على القاضي سؤاله بقوله :

لن اطلب العفو فمصيري مرتبط بمصير اخواني وزملائي المناضلين لأننا نؤمن بقوله الله تعالى :

( قل لن يصيبنا الآ ماكتبه الله لنا ) .

وتجسدت شجاعتهم وصلابتهم وقوة ايمانهم في تلك اللحظات العصبية والرهيبة عندما نطق القاضي بالحكم عليهم بالإعدام ؛

فاذا بهم يستقبلون ذلك الحكم بالتصفيق والهتاف والعناق ،

( وكانهم ذاهبون الى حفل عرس أو زفاف ، وليس الى ساحة اعدام ) .

كانت هذه المحكمة الشكلية للمدنيين فقط .

اما العسكريين فقد تمت عملية اعدامهم بدون محاكمة !

(ومن الاهمية بمكان ان تشير هنا الى ان ال21 شهيدا الذين اعدموا فقال سنة 1978م في اكتوبر ( العسكريبن ) و في نوفمبر ( المدنيين ) كانوا يجسدون وحدة التراب اليمني باعتبار ان التنظيم الناصري كان هو التنظيم الوحيد في الساحة اليمنية الذي رفض الامر الواقع بتقسيم اليمن ولم يسلم به وظل تنظيما واحدا طوال مرحلة التشطير وخير دليل لتاكيد ذلك ان شهدائه ال 21 كانوا من صنعاء وحضرموت وتعز والضالع وذمار ولحج واب وابين والمحويت كون الهيكل التنظيمي كان هيكلا واحدا وهو نفس الامر الذي حدث في عدن عندما اعدم النظام 8 مناضلين ناصريين في اكتوبر 1973 فقد كانوا من الجنوب ومن الشمال ) .

رابعا " / أن قرار الحركة لم يكن قرارا" مرنجلا" أو انفعاليا " وإنما قرارا "مدروسا " واعيا " ، و لم يكن خاطئا " ولم نندم على اتخاذه .

إن الضربات التي لاتميتنا كتيار وفكرة تقوينا وهو ماحدث فقد التأمت القيادة التنظيمية بعد إعدامات قياداتنا المدنية والعسكرية ، وأعادت استكمال مشروع نضالها المستمر .

تعرض التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري لأعتى هجمة شرسة في تاريخه الممتد لنصف قرن من الزمن حاولت أن تستأصل شأفته وتجهز عليه عقب فشل انتفاضته البطلة في 15 أكتوبر 1978م ، والتي ترتب عليها اعدام قيادت الصف الأول فيه من المدنيين والعسكريين بعد محاكمات صورية تكالبت فيها قوى الطغيان والعمالة والارتزاق عليه .

كما تآمرت على تجربته الفريدة التي قدمها إبان حكم القائد الشهيد/ إبراهيم الحمدي أو ( محمد الأمين - الاسم الكودي للقائد الشهيد ) عضو القيادة التنفيذية للتنظيم الناصري .

والتي أطلق عليها كثير من الباحثين والمؤرخين بالجمهورية الثالثة التي أعادت لثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة روحها وألقها الثوريين ، وسميت تلك الفترة بالعصر الذهبي لليمن .

تكالبت قوى محلية وإقليمية ودولية لوأد هذا المشروع ، والاجهاز على تلك التجربة ورجالاتها وصناعها الأبطال .

وحاولت قوى العمالة والارتزاق أن تنال من التنظيم الناصري وقياداته بإعدام رتل من القيادات من خيرة ما أنجبت الأرض اليمنية ، وزجت بالمئات من شباب التنظيم في المعتقلات والسجون ، وأرتهم من الوحشية والقمع والتنكيل مالا يخطر على قلب بشر .

وخرج التنظيم من هذه المحنة بعزيمة اقوى وبإصرار أشد على استكمال مشروع الثورة وبناء الدولة ، وبتحد على مواصلة المشوار .

هل قد حدث في تاريخ الفاشستيات أن حاكمت وبشكل صوري و أعدمت قيادات تنظيم سياسي بالكامل وفي أسرع محاكمة عرفها التاريخ ؟؟

محنة لم يسبق لأي تنظيم سياسي - غير التنظيم الوحدوي الناصري - في اليمن أن مني بها ، أو في المنطقة العربية عموما " ، أو في العالم أجمع أن تجتث وتصفى قيادات تنظيم سياسي كاملة لأنها حاولت ان تنتصر لمشروع الوطن والوطنية بانقلاب سلمي أبيض لم ترق فيه قطرة دم واحدة ، وفي أسرع محاكمات صورية في تاريخ الفاشيات كلها التي تمت محاكمة معارضيها وبشكل صوري .

خامسا " / فوق ذلك كله تم إعدامهم ، وإخفاء جثامينهم عن ذويهم واهليهم بل وأماكن دفن رفاتهم !!

وحتى يومنا هذا وبعد واحد وأربعين عاما " من إعدامهم لم تزل أسر الشهداء تجهل أماكن دفنهم !! في تحدي سافر لكل المواثيق والقوانين وحقوق الإنسان .

في سابقة لم يعرف لها التاريخ مثالا " من قبل ،

وحتى بعد رحيل النظام السابق كنا نعول على أن تتم انفراجه في هذا الموضوع على الأقل لاسيما وأن أقطاب نظامه وشركاءه فيه الحكم قد تحرروا من قبضته وهيمنته وسطوته ولكن للأسف يبدو أن شركاءه فى الحكم هم أيضا شركاءه في الجريمة !!

ومع ذلك خرج التنظيم معافا " واكثر صلابة ولم تكسره هذه المؤامرات .

 

* نص الورقة التي قدمت في الندوة السياسية

بفرع التنظيم بتعز بهذه المناسبة.