Home Articles Orbits أكتوبر الانتصار و التضحيات 2
أكتوبر الانتصار و التضحيات 2
د. علي مهيوب العسلي
د. علي مهيوب العسلي

التضحيات عند الشعوب الحية لا يمكن أن تتوقف، ويأتي في مقدمة المضحي بأموالهم وارواحهم طلائع الشعوب المستنيرين المدركين لإمكانات الشعوب وتطلعاتهم، والعارفين العالمين بانتهازية أنظمة الحكم التي توظف وتستغل تلك الامكانات والتطلعات للإثراء على حساب الغالبية العظمى و لصالح "قلة قليلة حاكمة ومتنفذة"، وهي بالأساس جاءت إلى كرسي الحكم الكثير منها عبر الانقلابات، وليس عبر صناديق الاقتراع، وإن نظمت انتخابات تحت رأيتها فهي شكلية ومزورة ..؛ ولذلك فتستمر الشعوب الحرة الحية بالنضال لإزاحتهم وتغييرهم...!؛
في هذا المقال سنُذكِّر بحدثين اجراميين استهدفا المشروع الوطني العربي القومي في اليمن..
_الحدث الأول : _ في أكتوبر العظيم هذا الذى سُقنا بعض إنجازاته في الجزء الأول من المقال ...نعم! لقد حاول العملاء الأقزام إطفاء جذوة الثورة الوطنية التحررية العروبية (القومية) ، عندما أقدموا على اغتيال القائد الرمز الشهيد "إبراهيم محمد الحمدي" و الشهيد عبد الله الحمدي واخفاء عدد كبير ممن كانوا في الدائرة القريبة من الرئيس، وفي الطليعة منهم "علي قناف زهرة" (رفيق درب الرئيس الحمدي والذي اخفي ليلة 11 أكتوبر1977،عقب الاغتيال، وإلى اليوم لا يزال مصيره مجهولا)، وتم في نفس الليلة اخفاء "عبد الله الشمسي" (الذي كان سكرتيرا للرئيس الحمدي) ..؛ المجرمون باغتيالهم للرئيس الحمدي، حاولوا بذلك اغتيال ميلاد الوحدة في العام1977 ، فتأجل تحقيقها إلى 22 مايو 1990.. نعم! تم اغتيال الرئيس الحمدي في الحادي عشر من أكتوبر 1977، أي قبل يومين من زيارته للشطر الجنوبي لإعلان الوحدة اليمنية.. بئس ما فعلوا وعار وشنار يلحقهم أحياءً كانوا أو امواتاً...!؛
_ أما الحدث الثاني البطولي: _ فكان في 15اكتوبر 1978، إذ انطلقت انتفاضة 15 أكتوبر من قبل كوكبة من الطلائع الناصرية، الذين نفذوا حركة ثورية سلمية لاقتلاع من انقلب واغتال الشهيد الحمدي، ذلكم النظام الذي جاءت ثورة الحادي عشر من فبراير لتؤكد على صوابية الفعل الثوري الذي قام به أولئك الرجال الأبطال، الأوائل العظام من الناصريين، حيث كانت انتفاضتهم المبكرة ضد نظام صالح الشرارة التي رسخت في وجدان الضمير الوطني ضرورة إسقاط النظام الديكتاتوري الفردي المستبد الذي حاول توريث الحكم تحت عباءة النظام الجمهوري.. إن ذلكم الفعل الثوري الذي قام به قيادة الصف الأول والثاني للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري والذين بشهادة اعدائهم كانوا أحسن الناس خُلقاً وثقافةً ونزاهةً يرحمهم الله.. شباب طلائعيون مثقفون متطلعون للتغيير، وليمن جديد يناضل أبنائه في سبيل "الحرية والاشتراكية والوحدة".. شباب محبون لوطنهم وعروبتهم، وأوفياء لدماء قادتهم وشهدائهم..؛ قاموا بحركة الخامس عشر من أكتوبر محاولين أن يعيدوا الوضع إلى ما كان عليه أثناء قيادة الشهيد ابراهيم لحركة 13 يونيو التصحيحية، لكن القوى الظلامية أحبطت حركتهم، فكانت النتيجة " أن حاولت قوى العمالة والارتزاق أن تنال من التنظيم الناصري وقياداته فتم إعدام رتلا " من القيادات من خيرة ما أنجبت الأرض اليمنية، وزجت بالمئات من شباب التنظيم في المعتقلات والسجون، وأرتهم من الوحشية والقمع والتنكيل مالا يخطر على بال بشر، وللآسف بعضا ممن شاركوا في ذلك هم قيادات رفيعة في الاحزاب التي هي مناصرة للشرعية الآن ، ولا يزالون يرفضون الاعتذار عن تلك المرحلة .! نعم! لقد أعدم نظام صالح معظم قيادة الصف الأول، والعديد من قيادات الصف الثاني من التنظيم الناصري، على إثر حركة 15 أكتوبر الجسورة؛ فتم إعدام 21 من القيادات الناصرية على دفعتين، وشملت الدفعة الأولى الشهداء الأبطال التي تم اعدامهم في 27 أكتوبر 1978 وهم:" عبد الله الرازقي، حسين منصر، أحمد مطهر مطير، قاسم منصر إسماعيل، محسن فلاح، عبد العزيز رسام، مهيوب العرفي، محمد مبخوت الفليحي، وعبد الواسع الأشعري".. أما الدفعة الثانية فتمثلت في القيادات المدنية وعددها اثني عشر شهيدا "، وهم قيادات الصف الأول و بعض الثاني، وقد تم اعدامهم في الخامس من نوفمبر 1978، والشهداء هم على النحو الآتي : " عيسى محمد سيف(الأمين العام للتنظيم )، محمد السقاف (الأمين العام المساعد )، عبدالسلام محمد مقبل (وزير الشؤون الاجتماعية والعمل)، محمد أحمد إبراهيم، أحمد سيف حميد، علي محمد السنباني، ناصر محمد ناصر اليافعي، محمد محسن الحجاجي ،عبدالكريم ناصر المحويتي، مانع سعيد التام، علي صالح حسين ناجي الردفاني، وحسين عبدالباري أحمد الأديمي "..
ما أوردناه سابقاً ليس بالجديد، وإنما نحن نحاول التذكير بهم وببطولاتهم ليس إلا..؛ فالنظام السابق بعد أن قتل بعضهم، واخفى أخرين قسرياً بالمئات، وحاول محو آثارهم، واخفاء قبورهم _بعد اعدامهم_، ولذلك لابد بعد كل التضحيات الجسام في السنوات الأخيرة منذ 11 فبراير 2011 وتبدل المتغيرات والمعطيات والحاكمون، وجب ولزم انصاف من كانوا أول من تتحركوا وضحوا في سبيل أحداث لتغير ...!؛
.. الجديد حقاً هو ما ارغب بطرحه بصفتي الشخصية، والذي أتمنى أن يلتقطه المعنيون بالأمر، وخاصة ممن تورطوا وشاركوا في تلك الحقبة الصالحية بالتعذيب أو بالإخفاء؛ واليوم هم في صف مغاير، و صاروا في مقدمة صفوف الشرعية، أو أولئك الذين يمتلكون من المعلومات عما جرى في تلك الحقبة المظلمة، فالواجب عليهم بحق التحالف العريض والواسع للشرعية أن يوضحوا للناس الحقائق كما حصلت.. أرجو في هذا الوقت الذي تعمل الشرعية فيما بينها على رص الصفوف، والمحاولة الحثيثة لتجاوز الماضي وجروحاته(فالماضي الذي لم يكن مشرفاً لكثير من القوى والأشخاص) ، اقول بما اننا جميعا نسعى وندعو لرص الصفوف وتوحيد القوى والمواقف لمواجهة انقلاب الحوثي و إنهائه، وبما أن الشرعية قد قبلت الجلوس وتفاوضت ووقعت اتفاق ستوكهولم لبناء الثقة مع المنقلبين؛ فالأولى والأجدى والأسلم أن تبنى الثقة فيما بين انصار الشرعية ،فيعتذر من اشترك في تلك الحقبة المظلمة، وذلك ليس بكثير؟!؛ خصوصا وأنهم اليوم قد وصلوا إلى نفس قناعة الأوائل الناصريين في مسألة التغيير ،وينبغي على من لديه علم وهو في صف الشرعية، واظن ان هناك من لديه كامل المعلومات عن الذين حوكموا واعدموا أو اخفوا؛ فما عليهم إلا فقط ان يدلوا بالمعلومات التي أرهقت أسر الضحايا ومحبي الشهداء، وهم يتطلعون لليوم الذي تحدد فيه أماكن الدفن كي تتم زيارتهم وقراءة الفاتحة على أرواحهم الطاهرة ، فقد تحملت الأسر تغييب أماكن دفنهم اثنان واربعين سنة ..الا تكفي؟! اتمنى عليهم عمل هذا الشيء البسيط لخلق جو من الثقة فيما بين الشرعية ،وهو فعل استباقي قد يلجأ إليه الحوثي الانتهازي قريبا، بحكم استيلائه على الوثائق السرية لنظام صالح ولا يزال لحد اللحظة مُخفيها ومتكتم عن البوح بما في جعبته؛ فقبل أن يصحى ضمير الحوثي الذي استولى على كل وثائق النظام السابق، ولم يبين أين تم دفن جثث الشهداء الناصرين؟؛ وأين المخفين قسرا؟ ، فقد رأيناه بدأ بإظهار ما يملك من الوثائق ويوظفها بما يخدم اجندته، وليس بما يخدم الشعب واسر المظلومين (من حكم صالح) ، فقد أدعت مؤخرا قناة المسيرة الحوثية ان نظام صالح كان مطبعاً مع الكيان الصهيوني؛ فمتى سيزاح الستار عن الناصريين الرجال المؤمنين ؟؛ويكشف الملف الكامل عما جرى للناصريين الذين أعدموا وأين تم دفنهم، أو عن الذين اخفوا وما هو مصيرهم؟ أو عن الذين عذبوا حتى ماتوا في سجون صالح؟!؟؟!؛ فهل سيبادر أحد من أنصار الشرعية ويدل أسر الضحايا بأماكن دفنهم ...؟!؛ أم سننتظر صحوة ضمير الحوثي الانتهازي الآن؛ كي ينشر ما لديه من وثائق نحكي الفعل الإجرامي لنظام "صالح" عن الكواكب الناصريين الأبطال ؟؟!؛.. أختم.. الله كم انت عظيم يا أكتوبر بانتصاراتك وبتضحيات أعز الرجال وأشجعهم وأثقفهم؛ من كانوا يحملون جذوة الثورة، ويملكون رؤية للبناء والتطوير والتنمية، ويدركون مخاطر الأنظمة الديكتاتورية ويناضلون على طريق تحقيق الحرية والاشتراكية والوحدة..