رنا غانم: وجود المرأة على طاولة المفاوضات استحقاق لنصف المجتمع
الوحدوي نت
لها رؤيتها الخاصة في السياسة، ونشاطها المستمر في قضايا النساء والمجتمع المدني، ما جعلها أقرب للناس وأكثر ملامسة لمعاناتهم، كانت صوت المواطن في إستكهولم، حيث يتحدث الجميع عن التقاسم فيما تتبنى هي وجهة نظر الشارع، من الشخصيات السياسية الإستثنائية التي حضيت بحضور حزبي وسياسي كبير في اليمن، لتتقلد بجدارة أمين عام مساعد أحد أهم الأحزاب السياسية في البلد، وتمارس العمل السياسي والنسوي في آن واحد.
في حديثها مع الزميلة مايا العبسي لبرنامج النساء والسلام وقفت على عدد من النقاط الهامة المتعلقة بالمفاوضات وجولاتها المختلفة، كما تطرقت لدور النساء في السلام وما تتعرض له المرأة السياسية من تنمر وهجوم.
تاليا تسجيل كامل للحلقة:
رنا أحمد غانم سياسية ومفاوضة وحقوقية، امرأة نموذج ومن أهم الشخصيات التي حققت حضور يحتذى به وكسبت تقدير وإحترام الجميع.
عضوة الوفد الرسمي لمحادثات السلام اليمنية في اجتماعات السويد وجنيف، وعضوة الفريق الإستشاري لوفد الحكومة في مباحثات الكويت.
الأمين العام المساعد للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري ومسؤولة ملف العلاقات الخارجية فيه.
نائبة رئيس فريق بنا الدولة، وعضوة الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
عضوة شبكة التضامن النسوي، وعضوة في شبكة أصوات السلام النسوية و عدد من التكتلات والتحالفات النسوية والحقوقية، ولها عدد من الدراسات والأبحاث أخرها بحث حول"العنف ضد النساء في السياسية" بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة.
من مواليد محافظة تعز، متزوجة من الناشط المعروف نبيل عبدالحفيظ ماجد، وأم لـ مهيب ومنيب وهوينا.
القناة: المرأة الوحيدة في الوفود الرسمية لمفاوضات السلام في استكهولم، هل كان لطرحك قبول أو اهتمام؟
رنا غانم: دعيني أولا أقول: أنا كنت المرأة الوحيدة في مشاورات استكهولم، ولكنا كنا في الكويت أكثر من امرأة. كان هناك امرأتان في الوفد الحكومي، وحينها أيضا المؤتمر الشعبي العام كان لا يزال متحالفا مع الحوثيين، وكانت الأستاذة فائقة السيد ممثلة عن المؤتمر الشعبي العام، وكنت أنا في الكويت ضمن الفريق الاستشاري، ونعتبر تمثيل المرأة في استكهولم تراجعاً عن التمثيل في الكويت، والذي كان متراجعاً في الأساس عن مخرجات الحوار. أما بالنسبة لرأيي أعتقد أن الرأي الجيد والرأي المبني على معلومة والرأي المناسب لا بد أن يحظى باحترام، سواء كان من امرأة أو أي عضو من أعضاء الوفد. لا أستطيع أن أقول إنه كان هناك -لباطن سؤالك- تمييز ضدي كامرأة في الوفد على الإطلاق. نلت احترام الأخوة المشاركين من الكويت، وحتى في مشاورات استكهولم، وكان الرأي رأيا جماعيا معتمدا على النقاش. كل شخص في الوفد كان يحظى باهتمام الجميع بما فيهم أنا، بعيداً عن التمييز لأني المرأة الوحيدة في المفاوضات.
القناة: سواء في استكهولم أو غيرها، هل تعتقدين أن المرأة تأخذ حقها من التمثيل بالنسب أو العدد الذي يطرح عليها؟
رنا غانم: كما قلت لك حدث للأسف. كانت النساء قد حققن طفرة في واقع الحياة السياسية، وإن لم تكن طفرة بما هو مأمول. شاركت النساء في مؤتمر الحوار الوطني بنسبة 30%، وكان هذا استحقاقا للدور الذي لعبته النساء في ثورة 11 فبراير 2011م، وانعكس هذا على تمثيل النساء في لجنة صياغة الدستور، ولأول مرة تشترك النساء في صياغة مسودة الدستور اليمني، واستطاعت النساء اللائي كُن في لجنة صياغة الدستور أن يسطرن أيضا حقوق النساء، ويدسترن أيضا لحقوق النساء داخل الدستور اليمني. ما حدث بعد ذلك هو تراجع. كان هناك تراجع لتمثيل النساء أولا في لجنة الأقاليم، وبعد ذلك حدث انهيار تمثيل النساء خطوة بعد خطوة، حتى وصلنا إلى الحكومة الأخيرة بصفر من تمثيل النساء! فهذا التمثيل غير مرضي وغير عادل ولا يستند حتى على المرجعيات التي تدعي الحكومة الشرعية أنها تتمسك بها. فالنساء ضمن المرجعيات ومخرجات الحوار الوطني، ويجب أن يُمثلن بما لا يقل عن 30% بناء على المرجعيات التي تستند عليها سواء في المرحلة القادمة أو أي تمثيل أو أي مفاوضات.
القناة: إذن في ذلك الوقت الذي تراجع فيه وجود المرأة اليمنية على طاولة المفاوضات أو ربما حضورها وتمثيلها في المناقشات والحوارات المختلفة، كيف وصلت رنا غانم إلى طاولة المفاوضات؟ وماذا أضاف أيضا حضورها من وجهة نظرك؟
رنا غانم: كيف وصلت إلى طاولة المفاوضات؟ أنا ثلاثين سنة في التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري. توليت مناصب قيادية مختلفة في التنظيم الناصري في اليمن. مثلت التنظيم في عدد من الفعاليات سواء الداخلية أو الخارجية. كنت عضوة في مؤتمر الحوار الوطني ونائبة لرئيس فريق بناء الدولة، عضوة في الهيئة الوطنية للرقابة على مخرجات الوطني، وأيضا كنت من ضمن وفد التنظيم الذي شارك في مؤتمر الرياض، وهو آخر الفعاليات السياسية التي حدثت على مستوى اليمن. أعتقد هذا التاريخ السياسي كافٍ، إضافة إلى كوني أمين عام مساعد في التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري للشؤون الخارجية.
القناة: أعتقد المرأة الوحيدة.
رنا غانم: تم اختياري، وطبعا هناك نساء لهن من التاريخ النضالي ما يفوقني بمراحل، ولكن تم اختياري ممثلة للتنظيم الوحدوي والتنظيم. ورُحب بهذا الاختيار، ومن هنا مثلت في طاولة المشاورات.
القناة: تحدثنا عن المفاوضات نجد أنها تصل إلى مرحلة معينة ثم تتوقف.. ما هو سبب فشل هذه المفاوضات بالرغم مما نراه من حرصٍ دولي على إنجاحها؟
رنا غانم: دعينا نقول فشلت المفاوضات لأسباب عدة. هناك عوامل تتعلق بالآلية التي تسير عليها المفاوضات.
هناك عوامل داخلية تتعلق بالأطراف التي تتفاوض، وهناك عوامل إقليمية ودولية. دعينا نبدأ بالعملية التي تسير عليها المفاوضات.
أرجع مثلا إلى الكويت التي أراها محطة مهمة بالنسبة للمفاوضات. الحلول كانت توضع في الكويت حلول شاملة وكاملة. هناك رغبة حقيقة ووعود دولية بأن نخرج في اليمن باتفاق سلام شامل حتى من حيث الوقت. أتاحت الكويت تقريبا تسعين يوما. ظلت الأطراف تتحاور، الدعم الصحي والكبير من دولة الكويت في سبيل إنجاح هذه المشاورات وأيضا الآلية التي كانت فيها، تم لقاء الوفود مباشرة، كان التفاوض يتم بين الوفود بشكل مباشر، وليس عبر الوسيط كما حدث في استكهولم. في استكهولم كنا نتشاور مع مكتب المبعوث، وهم ينقلون الرسالة إلى مكتب الحوثيين، ويأتي إلينا ليطرح لنا ما يمكن أن نقبله، فآلية اللقاء المباشر بين الوفود أعتقد أنها مهمة جدا. التعامل مع قضية السلام بدون أي تجزئة.
في استكهولم كانت الحكومة اليمنية -وكلنا نعرف- على بعد أربعة أو خمسة كيلو مترات من ميناء الحديدة، لولا تهديد الحوثيين بتفجير الميناء والمجتمع الدولي كان يخشى أنه سيتم تفجير الميناء، حيث ستدخل اليمن مأساة إنسانية جديدة إذا ما تم تفجير الميناء. كان هناك حرص دولي فقط على تأمين الميناء، وبالتالي اختلفت استراتيجية النظر إلى هذه المفاوضات، فأقول: إذا ذهبنا إلى مفاوضات، فيجب التفكير في مفاوضات شاملة ويجب أن يكون اللقاء مباشرا، ويجب أن تتاح الفرصة والوقت الكافي لمناقشة كل القضايا. هذا بشكل بسيط، وهناك عوامل كثيرة بالنسبة لهيكلية المفاوضات.
أيضا أضع نقطة مهمة، وهي تمثيل المكونات السياسية بحيث أن كل مكون يأتي بمرشحه إلى داخل هذه المفاوضات، تمثيل النساء، تمثيل المجتمع المدني. لا يجب أن يقتصر التمثيل على طرفي النزاع. أمور كثيرة تتعلق بهيكلية المفاوضات تؤدي إلى فشلها في الاخير.
التعقيد الثاني أعتقد أن الحرب ولدت الكثير من أمراء الحرب والمتربّحين من كل الأطراف، ومن أطراف خارج الأطراف الموجودة أصلا في النزاع. هناك متربحون من أطراف النزاع وأيضا من خارجه. كلما طال أمد الحرب، تغوّلت هذه الأطراف وصعُب حلحلتها. دائما يدافعون عن مصالحهم، وبالتالي يشكلون عقبة كبيرة أمام أي حلحلة. موضوع السلام وإلى الآن لم نلمس نية حقيقية لدى الأطراف اليمنية بالجلوس على طاولة المشاورات، ناهيك عن التعنت الذي يبديه الحوثيين كلما حاولنا أن نصل إلى اتفاق معين. هم يأخذوها (المفاوضات) فقط لكسب مزيد من الوقت، ترتيب أوراق على الأرض، غير آبهين لا بقرارات دولية، ولا يهمهم أي مسألة تتعلق بالجانب الدولي، الضغوط التي تمارس على الحكومة لكونها تمثل الدولة لا تمارس على الحوثيين، وهذا أنا لمسته مباشرة عندما كنا في استكهولم وفي الكويت، دائما ما يُقال أنتم الدولة التي تقدم التنازلات، وأنتم الذين تفهمون أيش يعني مجتمع دولي، بينما هذه مليشيا منفلتة يصعب التأثير عليها، رغم أنه في الأخير الضغط على إيران هو ضغط على الحوثيين وصراعهم داخل اليمن.
أعود أيضا الى التعقيدات البينية بين دول الإقليم وبين التحالف الإقليمي الداعم للشرعية انعكس سلبا على مسيرة السلام في اليمن، المصالح الدولية والملف الأمريكي الإيراني، كل هذه العوامل الدولية والإقليمية والمحلية لا بد أنها لعبت دوراً في عدم حلحلة النزاع وتحقيق السلام.
القناة: أستاذة رنا إذا تحدثنا عن الغرف المغلقة على سبيل المثال، التي تتم فيها المشاورات والاستشارات وغيرها، ما الذي تخفيه عن الرأي العام، ما الذي لا يستطيع المواطن اليمني معرفته عما يدور في إطارها؟
رنا غانم: من خلال تواجدي أجد أنه تمارس ضغوط، مثلا كنا في استكهولم، وكما قلت لكِ هناك ضغوط كبيرة من المجتمع الدولي. هناك كان ما يعرض على رئيس الوفد ونائبه الخرائط فيما يتعلق بميناء الحديدة وكيف سيكون الانسحابات، نوع من التطمينات التي يعطيها المجتمع الدولي، مثلا في استكهولم كفريق كنا كلنا معترضين على هذا الاتفاق، وكنا نراه اتفاقا مبهما.
ظلت الضغوط تمارس حتى الفجر. أتذكر أننا أنه في يوم التوقيع والإعلان عن اتفاق استكهولم لم ننم حتى الخامسة فجرا، والجميع منتظر. ضغوط تمارس من هنا، ضغوط تمارس من هناك، ولكن في الأخير كله يظهر في الإعلام وبالذات اليوم.
نحن اليوم في عالم مفتوح، كل صغيرة وكبيرة نجدها. لم يعد شيء يُخفى حتى لو اختفى، فهو يختفي لأيام ويظهر للعلن، وقد لا تظهر ما هي الوعود التي قدمت مثلا، ولكن الاتفاقات بشكل عام تظهر للعلن ويطلع عليها الصغير والكبير.
القناة: من خلال هذه المفاوضات كنت أكثر من يتحدث بشفافية للإعلام، حدثينا عن ذلك؟
رنا غانم:هذا إطراء قد لا استحقه. أعتقد أنا وزملائي في استكهولم وحتى في الكويت كنا نظهر للإعلام ونحاول أن نطرح ما نستطيعه. لم يكن هناك ما يستدعي ما نخفيه، فمثلا في استكهولم لم أكن أنا الوحيدة من كان يتكلم بشفافية. أنا حريصة دائما على أن أطرح الأمور بشفافية ووضوح. أيضا أعتقد أن زملائي الذين كانوا معي في الوفد كانوا يظهرون للإعلام، وكنت أستمع إليهم وكانوا يطرحون بوضوح ومنتهى القوة والشفافية. أعتقد هذا تحيز أنثوي وأنا أشكرك.
القناة: عن دور النساء في العملية السياسية وصناعة السلام، ما الذي تحتاجه المرأة اليمنية للعمل بشكل أفضل في الجانب السياسي وعملية بناء السلام؟
رنا غانم: أعتقد أن المرأة اليمنية يجب أن تكون في البداية حاضرة في طاولة المفاوضات في الطاولة الرسمية في المسار الأول للمشاروات السياسية، لأنه من دون حضور المرأة في هذه الطاولة هي ستغيب عن ذهنية المتفاوضين وذهنية أطراف الصراع الموجودة على الطاولة، فوجود المرأة في طاولة المشاورات له أهمية قصوى لأنه أولا هذا استحقاق، فالمرأة اليمنية نصف المجتمع، ولا يعني أن المرأة لم تحمل السلاح فلذلك تُغيب عن طاولة المفاوضات. المرأة عانت، وكلنا نعرف المعاناة التي تحملتها المرأة اليمنية والأعباء المضاعفة التي وقعت على كاهلها بسبب الحرب. وبالتالي وجودها في طاولة المفاوضات استحقاق لحقها كامرأة. أيضا في المسار الثاني المرأة موجودة وتعمل في المجتمع المدني، وأعتقد أن المرأة اليمنية نشطة جدا في المجتمع المدني، وتقدم صور رائعة، وتحتاج أيضا أن تكون في المجتمعات المحلية كذلك. هناك أدوار كبيرة تقوم بها النساء على مستوى المحليات، وسمعنا عن أفكار ومشاريع وتضحيات قدمتها المرأة اليمنية، وهي تحاول أن تنقل الغذاء مثلا، أو المعونات الإنسانية إلى الأماكن المشتعلة، وتوجد أيضا مبادرات محلية كثيرة وكن النساء يصعدن إلى الجبال في أوقات الليل والفجر. كما شاركت المرأة أيضاً في حفظ الأمن، في مأرب، في المكلا وتعز، وكما ذكرت شاركت أيضا في حفظ الأمن داخل القرى والمحافظات المختلفة، فأقصد أن المرأة اليمنية بحاجة إلى ربط هذه المسارات كلها ببعض، كيف نربط بين المسارات التي تنشط وتناضل المرأة اليمنية فيها إلى أن تصل للمسار الأول وتضغط النساء بشكل أكبر لنيل مزيد من الحقوق وأن لا تفرط بما كُن قد صنعنه النساء اليمنيات من إنجازات في مخرجات الحوار أو مسودة الدستور اليمني تحديدا. تحتاج النساء أيضا لأن يكن متابعات أولا بأول لما يدور في العملية السياسية، دعيني هنا أذكر مثالا، وأنا عضوة في شبكة التضامن النسوي عندما جاء الإعلان المشترك الذي تقدم به مكتب جريفتث لم يوزع الإعلان حتى على الأحزاب السياسية بينما كانت هذه الشبكة (شبكة التضامن النسوي) قد وفرت الإعلان المشترك، وبالتالي النساء لا بد أن يكن قادرات على الحصول على المعلومة ومناقشتها وطرح الأفكار مثلهن مثل السياسيين، والذين يديرون الحوار ونقاشاتهم في الأماكن المغلقة. إذ لا بد أن تقتحم النساء هذه الأماكن المغلقة وأن يكن موجودات بفعالية وقوة.
القناة: جيد ومن هنا نتحدث عن أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية من وجهة نظرك؟
رنا غانم: مهم جدا أن تشارك المرأة، وأعتقد أيضا أن مشاركة النساء في الأحزاب السياسية مهمة جدا، ودعيني أسال، كيف نمارس سياسة دون أن تنخرط النساء في العمل الحزبي؟ مهم جدا انخراط النساء في الأحزاب السياسية، وأعتقد أنه أحد العوامل الهامة لإشراك فاعل للنساء، وأن يُدخلن إلى الأحزاب السياسية لا كأرقام فقط، بل يجب على النساء أن يناضلن داخل هذه الأحزاب وأن يصلن إلى مستويات قيادية عليا تمكنهن من رسم سياسة هذا الحزب، وتمثيل هذا الحزب، وأن يكوِّن صوتاً للحزب السياسي وللأحزاب السياسية في اليمن.
القناة: لكن، هل كل الأحزاب تتيح الفرصة للنساء خصوصا النساء الجيدات والمتميزات...؟
رنا غانم: دعيني أقول لك بصراحة، لا يوجد.. مثلا من يصل إلى السلطة وبالذات من الرجال يرون أن لهم تاريخا نضاليا سواء في البلد أو داخل أحزابهم. من الصعوبة بمكان أن يأتي مثلا رجل ويتنازل لك عن مقعده، إلا إذا كان هذا الرجل لديه إيمان حقيقي بالدور الذي تمثله المرأة، ليست لأنها امرأة بل لأنها نصف المجتمع لإيمانه بالشراكة بأن المجتمع لا يمكن أن يسير برجل عرجاء، وجود النساء في مواقع صنع القرار يعني أن هذا المجتمع سوي، يعني أن هذا مجتمع يسير بقدمين ويرى بعينين ويعمل بكلتا يديه، فمن الصعوبة أن تجدي رجلا يمنيا أو حتى شرقيا لديه هذا الإيمان العميق بالمدنية، وأنه لا يمكن أن تكون دولة مدنية وأن تكون ديمقراطية إلا بمشاركة حقيقية فاعلة للنساء. ومن هنا نقول أيضا إنه تحتاج النساء إلى النضال لانتزاع هذه الحقوق داخل الأحزاب بمزيد من الإصرار والمواصلة والاستمرار، وإن تأتِ متأخرة أفضل من أن لا تأتي. والمرأة اليمنية مثل ما نعرف هي امرأة قوية ومرنة، وهي قادرة أن تستوعب الظروف الاجتماعية والتقاليد والحياة السياسية والاجتماعية والثقافية الموجودة في اليمن، وقادرة على أن تتكيف مع هذه الظروف جميعها وأن تظهر بشكل لائق وبشكل قوي يلبي طموحات اليمنيات. ما عليها هنا إلا النضال، ودعيني أقول إن أحد بوابات النضال هي من الأحزاب وإن ضعفت هذه الأحزاب في هذه المرحلة، وإن رأينا الأحزاب مهلهلة فهي انعكاس لواقع ما نعيشه اليوم في المجتمع اليمني من تشرذم حتى على مستوى الأسرة، فالحرب أتت على الأخضر واليابس وبما في ذلك واقع الأحزاب، ولكن في الأخير الأحزاب هي البوابات الحقيقية لممارسة السياسة في اليمن. فما علينا إلا تقويتها كما سنعمل بإذن الله إذا ما حققنا سلاماً، على لملمة المجتمع وإعادة بنائه. يجب أن تكون إحدى الوسائل والأساليب هي بناء هذه الأحزاب ولملمتها؛ لأنه بدون الأحزاب ستتقوى القبيلة والطائفة والعشيرة والمذهب. هذه الأشياء التي تقوى (في غياب الأحزاب)، وكلها تكون ضد مدنية الدولة وديمقراطيتها والعكس يحدث عندما تقوى الأحزاب السياسية.
القناة: يتضح من هذا الحديث الأهمية الكبرى للمشاركة السياسية من قبل المرأة، تعقيب على المحور الأول الذي تحدثنا فيه عن دورك وشهادتك عن المفاوضات، ما الذي أضافته رنا غانم في هذه المفاوضات أو بمشاركتها فيها؟
رنا غانم: دعيني أقول كوني المرأة الوحيدة في مشاورات استكهولم، للأمانة حظيت بدعم كبير من النساء، النساء العاملات في مختلف المجالات العاملة في السلام، سواء نساء التوافق ونساء التضامن، النساء العاملات في المجتمع اليمني بشكل عام، الفريق الاستشاري وبنفس الوقت كنت أشعر أني أمثل نصف المجتمع اليمني، لا أمثل التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري في هذه المفاوضات. كنت أشعر أن هناك جيشا جرارا ورائي من النساء داعم ومؤيد. وللأمانة كن يعملن على إمدادي بالأفكار. كنت أشعر بهذا التواصل وبهذا الدعم المباشر والمعنوي بشكل كبير. هذا بحد ذاته أعطاني دفعة كبيرة. كنت أشعر أن دوري هنا قوي. أنا أمثل نصف المجتمع اليمني، أمثل المرأة اليمنية ولا أمثل التنظيم (الناصري) فقط. شعرت أنني مصدر قوة رغم أنني كنت الوحيدة، وأحيانا عندما يكون تمثيل المرأة ضعيف تشعرين بالأقلية وتشعرين بالضعف، لكن الدعم الذي لقيته من النساء من مختلف المكونات ومن التواصل الذي كان بيننا، التنسيق حتى بعد المشاورات. كنت حريصة في كل الفعاليات التي دُعيت إليها أن أنقل للنساء اليمنيات، ما الذي حصل بالضبط وكيف سارت المشاورات، ورؤيتي وتحليلي لما دار في الكويت وما دار في استكهولم، وكنت أطرح المعلومات بمنتهى المصداقية والشفافية، حريصة على أن تستوعب النساء الناشطات في عملية السلام وكأنهن حاضرات معي على الطاولة. هذا دور مهم قد لا يكون مباشرا في المفاوضات لكنه كان يعكس للنساء اليمنيات، ولا أشك أيضا أنه إذا كانت المشاورات أخذت وقتها ونجحت فالنساء عادة ما تحمل الجانب الإنساني وجانب المعاناة.
ذهبت إلى استكهولم وكلي أمل بأننا نستطيع أن نحل (قضية) رواتب الموظفين، فك الحصار عن تعز، فتح مطار صنعاء، كل هذه الأمور التي تراعي الجانب الإنساني ومعاناة الناس كأنها ملفات حملتها على ظهري. تمنيت لو استطعنا أن نحلحل هذه الملفات مقابل ما حدث في ميناء الحديدة، ولكن للأسف كل هذه المحاولات فشلت إلى الآن.
القناة: لا بد للأمل أن يستمر .
النساء وخصوصا المختصات في الحديث عن ملف السياسة اليمنية، عندما يتحدثن عن هذه الملفات السياسية اليمنية يتعرضن للهجوم، ما السبب في ذلك؟
رنا غانم: نحن اليمنيين بشكل عام - وليست النساء فقط- لا تزال ثقافة قبول الآخر المختلف، كيفية التعامل مع الآخر المختلف، بعيدة شوية رغم أننا كنا ديمقراطية ناشئة، ولدينا تعددية، لكن الآخر المختلف دائما مرفوض، من يختلف معي فهو ضدي، فما بالك وهذا المختلف امرأة، وما بالك ونحن نأتي من مجتمع تقليدي جدا. نحن كمجتمع يمني يمكن نكون في آخر السلم من شعوب العالم كلها. نحن مثلا المجتمع اليمني فيما يتعلق بالفجوة الجندرية، الفجوة ما بين الجنسين الذكور والإناث نحن في آخر السلم تماما، آخر دولة في الفجوة الجندرية هي اليمن. فما بالك عندما تأتي المرأة وتتحدث بالسياسة. دائما شعوب العالم الثالث والمجتمع الشرقي لا يزال يرى مجتمع السياسة أو الحديث في السياسة حكرا على الرجال. يمكن المرأة أن تكون طبيبة، مدرسة، تعمل في وظيفة معينة، بالكاد يقبلوها في العمل السياسي وكأنه حكر على الرجال، ومن هنا يأتي الهجوم على النساء، أولا أنت مختلفة، مختلفة في الرأي، وبالتالي تُهاجمين ولا يسندك إلا من كان رأيه معك، والشيء الثاني تُهاجمين لأنك امرأة. هناك من سيقول هذه تروح تطبخ... لا نزال (عالقين) في مسألة الأدوار بين النساء والرجال، وما الذي يحق للنساء. الإيمان بالمساواة الحقيقية وأننا كلنا شركاء في هذا الوطن وكلنا من حقنا أن نعمل على بنائه ورسم سياسته ورسم منهجه القادم، وهذا يحتاج نضال لا يزال طويلا.
القناة: من وجهة نظرك أستاذة رنا بعد كل هذه المصاعب أو المعوقات التي تواجه المرأة اليمنية في عملية السلام وبالذات في المجال السياسي، كيف يمكن التعامل مع هكذا حملات وتشهير من قبل بعض أفراد المجتمع؟
رنا غانم: دعيني أقول لك: أنا عملت دراسة حول العنف الموجه ضد النساء في السياسة، يعني المرأة تقول رأيها السياسي في العنف الذي تواجهه المرأة، ورأيت أشياء أذهلتني. أنا بنت اليمن وأنا بنت السياسة ومن قلب المجتمع اليمني، لكني صُعقت بحجم التنمر الذي تواجهه كثير من النساء اليمنيات، ليس الحزبيات فقط وإنما حتى المستقلات نتيجة آرائهن السياسية. فوجئت الآن في وسائل التواصل الاجتماعي في الفيسبوك، هناك حالات من التنمر الرهيبة التي واجهت النساء. دعيني أقول لك كيف واجهت النساء هذا العنف. كثير من النساء في البداية حصلت لهن مثل الصدمة، بالذات من يعانين من تنمر شديد داخل وسائل التواصل الاجتماعي، ناهيك عما رأيناه من تنمر في سجن النساء من تعذيب النساء نتيجة المواقف السياسية. كانت تحدث للنساء مثل الصدمة في البداية تنكفئ، أنها تتماسك، كانت النساء التي تحظى بدعم أسري من الزوج، من الأب ومن المقربين تتلملم بسرعة وتعود إلى العمل وتواصل بقوة وأهلها وقفوا معها، تقول أستاذة كبيرة: حذفت ألف شخص من حسابها في تويتر، لكن لما يكون معك داعم في الأسرة تتماسكين وتشعرين بالقوة.. وللأمانة. وقفت مرة أخرى مع أن العنف الموجه اليها كبير، فمما يتضح أحيانا من الوقوف (أنا أين؟ هل أنا صح؟ هل أنا غلط؟) حتى يشككوك في موقفك نفسه، ولا يتم التعامل مع موقفك أنه موقف سياسي قد يصيب وقد يخطئ مثلك مثل أي سياسي في البلد. البلد كلها راحت في ستين داهية نتيجة مواقف سياسية. ماذا سيحصل لموقف تعلنينه في الفيسبوك أو تويتر، تخيلي معظم النساء عُدن وبقوة. وإذا ستسألينني ما الذي يجب أن تعمله النساء؟ الاستمرار، القافلة تسير، ومن ينبح ينبح! لا بد إذا آمنت بشيء أن تواصلي حتى النهاية، لا تهتمي. اهتمي بكل نقد إيجابي، اهتمي بمن ينتقد رأيك لا من ينتقد شخصك. في الأخير الناس تطور من آرائها وتوسع من مداركها. قد يتغير رأيك يوما في نقطة معينة كانت غائبة عنك. أعتقد أن التعامل بالثقة والتعامل بإصرار والإيمان بما يقوم به الشخص هو كفيل أن يجعله يواجه هذا التنمر، وهذا الإسفاف وهذا العنف.. طالما لا توجد لدينا دولة (قانون) نستطيع (فيها) أن نرفع دعاوى في المحاكم لنأخذ الحق بالطرق القانونية.
القناة: كانت هذه وجهة نظرك حول ردة فعل المرأة وكيف التعامل مع مثل هذه الحملات، من وجهة نظرك أيضا حول المرأة اليمنية كيف تستطيع إيجاد سلام شامل ومستدام؟
رنا غانم: إيجاد سلام شامل ومستدام، أولاً اليوم وبهذا الوضع القائم أن نتحدث عن مشاورات سلام أو اتفاقية سلام ومربع الشرعية لا يزال بهذا الضعف والتفكك من صراعات بينية داخله وفي ظل عدم تنفيذ اتفاق الرياض أعتقد أنه سيظل حجر عثرة في المشاورات. كيف يمكن أن نعقد مشاورات وما زال هذا الطرف مفكك. يجب أن يثبت طرف الشرعية ويحل إشكالياته ويقدم نموذج على الأرض وينفذ اتفاق الرياض حتى يتماسك هذا المربع. عندما نأتي إلى مشاورات سلام يجب أن نفكر بتمثيل كل الأطراف اليمنية، لأنه من الخطورة بمكان إذا مُثلت فقط أطراف النزاع في اليمن، لن تُراعى إلا مصالح أطرافها، وستكون أي مشاورات مجرد إسفين أو تهدئة معينة للحرب ولحدوث سلسلة قادمة من الحروب. عندما نأتي إلى مشاورات سلام يجب أن تُمثل كل الأطراف في هذه الطاولة، يجب أن تراعى مصالح كل الأطراف اليمنية، والمكونات السياسية يجب أن تقدم من يمثلها في هذه الطاولة، يجب أن يُمثلن النساء، يجب أن يُمثل الشباب، لا يعني أن النساء والمجتمع المدني لم يحملوا السلاح وبالتالي لا يحضرون. هذا مستقبل البلد، وكل شيء تشرذم في المجتمع بكل معنى الكلمة، تشرذم أخلاقيا وسياسيا، فإعادة بنائه ولملمته حتى لا نكون صومال جديدة نستمر أكثر من ربع قرن في الصراع، يجب أن تأتي كل الأطراف ونحاول أن نراعي مصالح كل الأطراف في طاولة الحوار، وعندما نناقش قضية السلام لا يجب تجزئة قضايا السلام، لا يجب أن نناقش قضية دون أخرى يجب أن نتعامل مع قضية السلام بشكل كامل وأخذها قضية متكاملة، نناقش مسألة الجيش والأمن والجانب العسكري والأمني كأهم ملف. بحيث لا نعود مرة أخرى لعملية سياسية والسلاح بيد طرف معين، أو بيد مليشيا أي كانت هذه المليشيا، وبالتالي تكون أي حكومة تحت رحمة السلاح، يجب أن يكون السلاح خالصا للدولة، يجب أن نفكر كيف نبني جيشاً وطنيا قويا ولاؤه أولا للدولة، انظري الآن مصر مثلا ما حدث فيها، الذي أنقذ الدولة من أن تدخل في صراع هو حيادية الجيش، فالجيش عندما رأى أن الأمور ستفلت اضطر أن يمسك البلد. بغض النظر عما حصل. ولسنا في صدد تقييم الجيش المصري، ولكن وجود جيش قوي يحمي المكتسبات الوطنية والجمهورية، تربى على عقيدة وطنية وليست على عقيدة تابعة لهذا الطرف أو ذاك الطرف، يكون ولاؤه للوطن. هذا كله يجب أن يُطرح في اتفاقية السلام، إذا استطعنا أن نضمن آلية صحيحة للمشاورات المباشرة ونضمن تمثيل الأطراف وتأتي الأطراف بنوايا حقيقية لبناء السلام أعتقد وقتها سنستطيع الحلحلة. اليوم يأتي هذا الطرف أو ذاك وليس في نيته أصلا أن يتم تحقيق السلام ويوما بعد يوما، والشعب الذي قتلته المعاناة سواء من الحرب والصراع أو البحث عن الماء والبحث عن الغذاء والكهرباء والتعليم وكل مقومات الحياة البسيطة يعيش كل يوم في مشقة وعذاب شديد.
القناة: ننتقل إلى المحور الثالث وهو سيناريوهات العمل المدني والمجتمعي لخدمة عملية بناء السلام في اليمن! مرحبا بك من جديد أستاذة رنا، كأحزاب لماذا بعدت القيادة عن القواعد في الميدان خلال المرحلة الحالية؟
رنا غانم أنا تطرقت لهذا السؤال قليلاً في حديثي السابق، ما حدث في اليمن هو زلزلة عاتية في المستوى الاجتماعي والسياسي. البلد تزلزت كلها. الحرب فككت كل شيء. اليوم التواصل ما بين قيادات الأحزاب أصبح صعبا. صحيح أنه عندنا انترنت، ولكن عندك اختراق للوسائل هذه، أصبح من الصعوبة بمكان، عندك عضو من أعضائك في منطقة سيطرة الحوثيين مثلا، والآخر في مناطق سيطرة المجلس الانتقالي، يعني أعضاؤك مشتتين في عموم الجمهورية، وبالتالي حتى التواصل أصبح صعب، حتى بينهم. دائما ما أقول إذا انتهت هذه الحرب، وبإذن الله تنتهي قريبا والأحزاب لا تزال متماسكة فهذا إنجاز. أنا أتوقع أن كثيرا من الأحزاب -وبدأنا نلاحظه- تشرذمت حتى على مستوى القيادات في هذه الحرب، الأحزاب التي سوف تستطيع أن تخرج من هذه الحرب متماسكة أعتقد أنها ستكون حققت انتصارا على صعيدها الداخلي، أصبحتِ تحاولي أن تحافظي على الأمن. اليوم مثلا نحن كتنظيم ناصري عقدنا اجتماعيين مباشرين للأمانة العامة من بعد الحرب وهذا يعتبر إنجازا. فلا يوجد حزب سياسي عقد اجتماعات مباشرة لقيادته العليا. من الصعب أن تعقدي مثلا اجتماع لجنة مركزية، أن تجمعي الأعضاء من مختلف المحافظات، كيف سيعود إلى منطقته بعد أن يكون قد حضر. أقصد أن الواقع السياسي صعب، واقع الحرب صعب ويجب أن نراعي هذه الإشكاليات، الأحزاب ليست بمعزل عن الواقع ومجرياته وما يحدث. الأحزاب تواجه إشكاليات كبيرة جدا، وهذا ليس تبريرا، وإنما هذا هو الواقع، ويجب حتى عندما نقيم المسألة نراعي هذا الجانب.
القناة: كيف نستطيع أن نرفع معاناة النساء في المجتمع المحلي إلى طاولة الحوار؟
رنا غانم: أرى أن مكتب المبعوث الآن يعمل حوارات في المسار الثالث على مستوى المحليات، وعلى المسار الثاني، مستوى المجتمع المدني. يجب أن ننسق لعملية السلام، وبالأخص على مكتب المبعوث أن يعمل قناة لإيصال هذا الحوار المجتمعي، مثلا كان في مؤتمر الحوار الوطني كنا نحن في فرق الحوار الوطني، وكان هناك بوابة إعلامية للمشاركة المجتمعية، وكان هناك نزول ميداني، وكنا نتلقى الآراء من المجتمع ونفرز الأفكار ونرى ما هي الأفكار التي أتت من المجتمع. أعتقد أنه على المنسق في عملية السلام وأعني هنا مكتب المبعوث أن يعمل هذا التواصل ما بين المسار الثالث الذي هو على الأرض، وهناك كما قلت مبادرات كثيرة وجيدة وكيف تُرفع إلى المستوى الثاني ومنها إلى المستوى الثالث بحيث يكون هناك ترابط ونقل بين ما يحدث في الواقع وبين ما يحدث على طاولة المشاورات.
القناة: القضية اليمنية ليست القضية الوحيدة، لماذا القضية اليمنية لم تحظ بذلك الاهتمام الدولي، ما هو السبب من وجهة نظرك؟
انظري.. في الأخير المجتمع الدولي وإن قال قضية حقوق الإنسان، بالأخير هي دول تبحث عن مصالحها، ما مصلحته اليوم من الملف اليمني وما مصلحته اليوم من الملف السوري، الملف الليبي. الآن القضية الليبية تنال اهتماما أكبر بسبب الثروات الموجودة داخل ليبيا. بالأخير كلٌ يراعي مصالحة، ونرى اليوم ارتباط القضية اليمنية ارتباطا كبيرا بالملف الإيراني في المحادثات الإيرانية الأمريكية. أنا لا أعتقد أن الملف اليمني يحظى بالاهتمام، ولكن المجتمع الدولي لا ينظر إلى القضية اليمنية كونها قضية سياسية، ولكنه ينظر لها كقضية إنسانية، وهذا الذي يؤخر الحل. ما يحدث في اليمن ليس بحرب أهلية، هي حرب سياسية بامتياز، هي حرب على مراكز السلطة بامتياز. وليست طائفية. المجتمع الدولي يهمه الممرات المائية مثل ميناء الحديدة وطالما المياه مؤمنة فلا يزال ينظر للقضية اليمنية من ناحية المجاعة والجوع والمأساة الإنسانية، ويا ليت أنهم قدموا في الجانب الإنساني ما يساعد بالفعل المجتمع اليمني، في تخفيف حدة الفقر، أو مثلاً دعموا العملة، وهذه إشكالية في النظر للملف اليمني، أن اليمن تصدرت القنوات الإعلامية بهذه الصورة، أعتقد قبل الحرب لا أحد يعرف اليمن، أما اليوم فقد عرف العالم اليمن، وكنا نتمنى أنها تعرف في غير الحرب، ولكن اليمن تصدرت كل القنوات الإعلامية، وهي تتحدث عن المجاعة في اليمن، تتحدث عن الوضع الإنساني في اليمن، مثل ما قلت لك الإشكالية النظرة إلى القضية اليمنية، كيف يُنظر إلى ما يحدث في اليمن، أعتقد أنه هنا المشكلة. وكذلك في بداية الحرب السورية. سوريا هددت العالم بمسألة اللجوء. اليمنيين لم يذهبوا إلى أوروبا بهذه الأعداد الكبيرة التي ذهب بها السوريون كلاجئين، هذا أيضا فارق، الكثير منا نحن اليمنيين جاؤوا للقاهرة، ولا نزال في القاهرة منتظرين غدا وبعده، لم نقدم على لجوء، قليل من اليمنيين الذين ذهبوا كلاجئين. إنما الكل حاول أنه يفتح له مصدر رزق وينتظر حتى تصلح بلاده ويعود مرة أخرى لبلاده. اليمني لا يزال يتذكر بلده ويرى الأشياء البسيطة نعيما كبيرا وينتظر متى سيعود إلى وطنه. اليمنيون لم يذهبوا لاجئين ليستريحوا في البلدان المختلفة. فنحن لا نزال ننتظر، وهذه مشاعر كثير من اليمنيين، وهم منتظرون أن يتحقق السلام. يا جماعة كفاية حرب، تعبنا جميعاً، وليس المواطن فقط الذي بالداخل. أعتقد أن المواطن الذي بالداخل أصبح في سجن كبير. كل اليمنين في سجن كبير يعانون من الفقر ومن الجوع، وشظف العيش ويجاهدون في كل شيء، حتى في الماء الذي يشربونه، والمواطن الذي بالخارج استطاع أن يخلق مصدر دخل، إلا أنه يظل يشعر أنه شجرة جذورها غير مغروسة بالأرض، ليس ثابتا وأبسط ريح يمكن أن تقتلعه. هذا أعتقد إحساس أي مواطن.
أخيرة أستاذة رنا تقييمك لأداء المنظمات الدولية والمجتمع الدولي في دعم حضور المرأة اليمنية على الطاولة السياسية؟
رنا غانم: كما قلت في مؤتمر الحوار الوطني وما قبل مؤتمر الحوار الوطني عندما أتذكر المبعوث جمال بن عمر كناشطات ذهبنا إلى مكتب المبعوث والتقينا به وتحدثنا معه حول تمثيل المرأة. ضغط جمال بن عمر بأنه لا بد أن يكون هناك تمثيل نسوي وبنسبة 30%، فالنساء اليمنيات وجدت هذا الدعم من المنظمات ومن مكتب المبعوث وأيضا الاستحقاق الذي صنعته اليمنيات، بمشاركتهن في الثورة اليمنية، فنلن هذا الاستحقاق. اليوم المنظمات الدولية كأنها لا تستخدم هذه الضغوطات، ودعيني هنا أعني مكتب المبعوث الأممي، مكتب المبعوث هو الذي يقرر كم عدد المفاوضين الذين سيذهبون إلى طاولة المشاورات. لماذا لا يقول مثلا اثنا عشر رجلا وأربع نساء، هكذا يصمم وإذا لم تأتِ النساء ستظل هذه المقاعد فاضية، ويدعمه بذلك المجتمع الدولي الذي ينادي بحقوق الإنسان وحقوق المرأة والمساواة، لأن قضية المرأة في الأخير هي قضية إنسانية ومسؤولية العالم كله، وليس مسؤولية اليمنيين واليمنيات. النضال النسوي نضال الفئات المستضعفة بالعالم هو نضال عالمي، فيجب أن يحظى بهذا الدعم. لا أظن أن المنظمات الدولية أو مكتب المبعوث مارسوا الضغوط كما يجب في رسم طاولة المشاورات. وأعتقد أن ممارسة الكثير من الضغوطات الحقيقية ستمثل النساء بشكل كبير.
القناة: كلمة أخيرة لك في هذا اللقاء؟
رنا غانم: أولا أتمنى أن يحل السلام في اليمن، وأن نستطيع أن نلملم شتات المجتمع اليمني الذي تمزق في كل مكان وكل بيت، ثانيا أشكرك مايا وأشكر معدَة البرنامج الأستاذة وداد البدوي الحائزة على جائزة أطوار بهجت. ووداد في الأخير مناضلة عن حقوق النساء، وأعتقد أن إيجادها لمثل هذا البرنامج، ومحاولتها إبراز دور النساء في عملية السلام هو جزء من هذا النضال الذي تقوم به. أشكر المخرج والمصورين والطاقم الموجود على هذا العمل، وبالتأكيد هذا كله إضافة لرصيد المرأة اليمنية بحيث أنه يوثق للنساء اليمنيات ويحاول أن يبرز هذا الدور، فأنتم في الأخير مع النساء اليمنيات في كل مكان. شكرا لكم.
القناة: شكرا لك ولجميع القياديات المستضافات في برنامج النساء والسلام.
نقلا عن موقع عدن الغد