Home Articles Orbits لا حل في اليمن دون تغيير شامل
لا حل في اليمن دون تغيير شامل
ياسر الزعاترة
ياسر الزعاترة
 لا حاجة للكثير من المجاملات واللف والدوران، فما تقوله المعارضة اليمنية صحيح إلى حد كبير، والأزمات المتوالية التي يعيشها اليمن هي توابع لأزمة واحدة هي أزمة الحكم؛ حكم الحزب الواحد، والرئيس المتحكم في كل شيء، تماماً كما هو حال مصر، تونس، وليبيا، وسواها من الدول التي تعيش أشكالاً مختلفة من الفشل والأزمات.
ينطبق ذلك على أزمة الجنوب، وأزمة صعدة، بل وأزمات الشمال الذي يعيش البؤس والفشل بكل تجلياته، حيث تصنف اليمن واحدة من أكثر الدول فساداً في العالم، وهي أزمات لا حل لها إلا بتغيير منظومة الحكم برمتها، ومن يعتقد أن قصة الإصلاح، إصلاح النظام ممكنة فهو واهم إلى حد كبير.
لقد آن أن تعترف قوى المعارضة في الشارع العربي، وعلى رأسها القوى الإسلامية أن الأنظمة العربية قد استوعبت تماماً موجة الديمقراطية، بل وحولتها إلى جسر لتكريس الأوضاع القائمة، وأن أي إصلاح لم يعد ممكنا ضمن مظلة الاحتكام إلى عملية انتخابية مبرمجة من الألف إلى الياء.
إن نسب الأصوات التي تحصل عليها الأحزاب الحاكمة في الانتخابات، ومعها الرؤساء الذي يتربعون على عرشها لا يمكن أن تعكس حقيقة الواقع بحال، لأنها تشير إلى أن تلك الأحزاب قد رفعت سوية البلاد والعباد على نحو لم تفعله أية حكومة في العالم، فيما الحقيقة عكس ذلك تماماً.
إنها ديمقراطية مبرمجة آن أن تعترف قوى المعارضة أن لا مجال للتغيير من داخل منظومتها، لأن أقصى ما يمكن أن تحلم في هذا الإطار هو زيادة حصتها في البرلمان، وربما مشاركةً في الحكومة تتحدد نسبتها بناء على الأزمة التي يعيشها الحزب الحاكم، وما أن تنجلي حتى يعود الوضع إلى ما كان عليه، مع العلم أن أية مشاركة مهما كانت لن تصل بالمعارضة حد الشراكة الحقيقية في السلطة، والتي تختلف عن مجرد المشاركة في الحكومة، وقديما أطلق عبدالوهاب الآنسي الذي كان نائب رئيس الوزراء في اليمن في حكومة الوحدة عن التجمع اليمني للإصلاح مقولته الشهيرة ''شاركنا في الحكومة ولم نشارك في السلطة''.
في ضوء هذا الوضع القائم من الطبيعي أن يرحّل النظام اليمني أزماته إلى الخارج؛ إلى إيران أو سواها، مع العلم أن ثبوت شيء كهذا ولو بنسبة محدودة في حالة الحوثيين الذين تشتم من حركتهم رائحة المذهبية المتشددة التي قد تجد بعض الدعم الإيراني، لا ينسحب بحال على حراك الجنوب الذي لا يمكن تفسيره بغير الظلم والتمييز، كما لا ينطبق بحال على حراك قوى المعارضة في الشمال التي لا ترى غير نظام فاسد يتحكم بالسلطة والثروة ويقود البلاد من فشل إلى آخر.
والحق أن وضع الأزمة في صعدة يستحق بعض المعالجة من طرف قوى المعارضة حتى لو فشل النظام نفسه، والسبب هو نذر المذهبية التي تطل برأسها من تفاصيل تلك الأزمة، وهي أزمة لم يعرف لها اليمن مثيلا منذ زمن طويل، إذ أن التعايش بين الزيود والشوافع كان ولا يزال في أفضل حال، ومن الضروري الحيلولة من دون تفجر أزمة على مثل هذه الخلفية، (لا يتغير الموقف إذا كان الحوثيون اثني عشرية وليسو زيودا كما يقال)، لاسيما أن الحشد المذهبي متوافر بكثرة في المنطقة، تحركه دوافع سياسية أكثر منها دينية.
في ضوء ذلك كله، لا مجال أمام قوى المعارضة في اليمن غير رفع شعار التغيير الشامل، وليس مجرد الإصلاح الشكلي الذي لن يؤدي إلى نتيجة عملية في ظل بلد يعيش الأجواء القبلية ويلعب الحزب الحاكم على تناقضاته بشكل واضح. والإصلاح الشامل لا يعني العنف كما قد يتبادر إلى الذهن، بل النضال السلمي الذي تتعدد أدواته وثبتت فاعليته في عدد من الدول في أوروبا الشرقية وسواها.