Home Articles Orbits التعامل السعودي إزاء اليمن .. التاريخ يعيد نفسه
التعامل السعودي إزاء اليمن .. التاريخ يعيد نفسه
عمر الضبياني
عمر الضبياني

  منذ بدايات ظهور دولة آل سعود في الجزيرة العربية عانى اليمن ومازال يعاني من تدخلاتها السلبية في الشأن الداخلي اليمني ووقوفها موقف المعادي لأي مشروع حضاري نهضوي في اليمن ، وما هذه الحرب الشعواء التي يشنها أمراء آل سعود ضد خير اليمن إلا حلقة من حلقات الصراع العربي ضد الاستعمار الغربي ، فمنذ بدايات القرن العشرين والأمة العربية تصارع بكل ما أوتيت من قوة ضد المشروع الرجعي الاستعماري الغربي الذي زرع هذه الأسرة في الجزء الأغنى من العالم العربي مستغلا القدرة المالية لهذه الأقطار في محاربة الأمة وتكريس التخلف والرجعية والإستسلام للغرب الاستعماري حين فشل مشروعة الاستعماري العسكري .

فكلنا d تذكر اعتراف الملك سعود للزعيم الخالد جمال عبدالناصر بأنة من مول فصل الإقليم الشرقي عن الإقليم الغربي في الجمهورية العربية المتحد ة في أول وحده عربية في العصر الحديث بشيكاته المفتوحة والتي كان من ضمنها شيك بـ 60.000.000 دولار لعبد الحميد السراج والذي بدورة سلمه للزعيم جمال عبدالناصر .

 

 في اليمن يظهر جليا مدى عمق الصراع وحجم المؤامرة التي تحاك ضد الأمة ، فمنذ قيام دولة آل سعود في بدايات القرن العشرين وهي تحيك المؤامرات ضد اليمن منذ ما قبل إجهاضها أول ثورة عربية في العصر الحديث ثورة اليمن عام 1948م ، ثم محاربتها لأي فكر ثوري في اليمن حتى وصلت اليمن الى ثورة 1962م التي انتصرت فيها الإرادة اليمنية الثائرة بدعم سخي من الزعيم الخالد جمال عبدالناصر الذي وقف بكل ثقله الى جانب الثورة اليمنية وبذلك هزم مشروع العمالة العربية ، لكنها _ أي الجارة الكبرى _ لم تقف عند حدود هزيمتها في ثورة 1962م بل غرزت أنيابها السامة مرات ومرات لتدمير الحلم اليمني بدولة مدنية حديثة ، ذلك الحلم الذي بدأ بتحقيقه الشهيد إبراهيم الحمدي بحركة 13 من يونيو التصحيحية و الذي مثل نقلة نوعية لبناء الدولة اليمنية الحديثة دولة النظام والقانون والوحدة التي طالما حلم بها اليمنيون ، دمرته باغتيالها الشهيد إبراهيم الحمدي واغتيال مشروعة بفرض نظام عميل تابع لها يضمن عدم وجود دولة ديمقراطية حرة نزيهة في هذه الزاوية من العالم العربي وبالأخص في الجزيرة العربية والتي حتما ستكون ملهمة لكل الشعوب العربية والخليجية خاصة في ظل عالم متغير يتوق الى الديمقراطيات والحرية والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص والتوزيع العادل للثروات وهو مالا يمكن أن يقبل به الغرب الاستعماري في العالم العربي .

واليوم وفي ظل ثورة التكنولوجيا والمعلومات نجد أن التاريخ يعيد نفسه بأساليب وحيل مختلفة ، فكلنا نعلم أن المبادرة الخليجية ما هي إلا مؤامرة على الشعب اليمني وثورته تقدم بها حكام نجد والحجاز بإسم دول الخليج التابعة سياسياً لهم وما الإصرار اليوم على تنفيذها بالرغم من عدم توافر أرضية مناسبة لنجاحها برفضها من قبل الشباب الثائر ورحيل الطرف الأهم فيها _ الرئيس _ إلا إمعانا في ضرب خيارات الشعب اليمني بمحاولة فرض نظام تابع عميل لهذه الأسرة كما كان نظام علي عبدالله صالح بل وأكثر منه ربما .

وأكثر من ذلك تتكتم هذه الدولة على مصير صالح وحالته الصحية ككرت تستخدمه لضرب الروح المعنوية للشعب اليمني وفرض أجندة ضد المعارضة والثورة وإرغام الشباب الثائر للقبول بهذه المؤامرة "المبادرة " ، وفي الداخل يمارس فلول النظام بضوء أخضر من هذه الأسرة كل أنواع العقاب الجماعي على الشعب اليمني من قطع للكهرباء والغاز والمواد التموينية واللعب بكرت القاعدة لتركيع الشعب اليمني.

 إذن مخطئ من يظن أن تأخير الانتقال إلى المرحلة الانتقالية سببه تعنت بقايا النظام ؛ فهذه البقايا ما هي الا تابع عميل مأمور من حكام نجد والحجاز ، فكما قال المرحوم البردوني :

أمير النفـط نحـن يـداك نـحـن أحــد أنيـابـك

ونحـن القـادة العطشـى إلـى فضـلات أكـوابـك

ومسئولون في ( صنعاء )وفراشـون فــي بـابـك

ومـن دمنـا علـى دمنـا تموقـع جيـش إرهابـك

إذن فالصراع اليوم بين الشعب اليمني ودولة آل سعود ومن خلفهم الغرب الاستعماري الذي منحهم الضوء الأخضر. 

لكن الشعب اليمني اليوم على قدر المسئولية وسيفرض خياراته على أرضه ؛ لأنة بكل موقف سلبي تتخذه الجارة العميلة يزداد اليمنيون فهما ووعيا وإدراكا لحجم المؤامرة التي تحاك ضدهم ، هذا الوعي الذي صنع ثورة شهد لها العالم من أقصاه الى أقصاه وحقق بها معادلة مستحيلة التحقيق ففي المجتمع القبلي المتعصب المدجج بالسلاح وبمعدل أمية عالي وفي ظل العنف المضاد صرخ الشعب اليمني الحكيم المؤمن بعدالة قضيته معلنا سلمية الثورة التي هزت أركان حكام المنطقة مستفيدا في ذلك من كل التجارب السابقة التي أنتجت لدية وعياً سياسيا كبيراً أذهل العالم ؛ لذلك نحن نثق في ثوارنا بمختلف أطيافهم و مشاربهم ابتداءً بثوار الساحات الذين فجروا الثورة وفرضوها على كل القادة في البلاد مضحين من أجلها بالدماء والأموال وكل غالي ونفيس والذين صمدوا في الساحات كل هذه الأشهر صابرين مرابطين واضعين نصب أعينهم حلم الشعب بدولة مدنية حديثة رغم كل العنف والبلطجة والإرهاب الذي مورس عليهم ، نثق فيهم وفي القادة السياسيين والعسكريين وزعماء القبائل ورجال الدين والدولة لعلمنا بمدى قدرتهم على الإنتقال بالبلاد من حالة الفراغ الدستوري الحالية الى المرحلة الإنتقالية بما يضمن بناء دولة المؤسسات والقانون الدولة المدنية الحديثة التي ستكون أفضل جزاء لحكام نجد والحجاز ، ولكن يبقى أن يعلم الجميع أن الشعب اليمني شعب الإيمان والحكمة هذا الشعب النبيل الذي يسمو فوق جراحاته ليحيى الجميع حياة طيبة كريمة له ذاكرة لا تنسى فكل موقف يُتخذ اليوم سيكون في الغد القريب في الميزان والعدالة هي من ستحكم ، عليكم جميعا أن تعلموا بأن التضحيات الكبيرة ودماء الشهداء وأنات الجرحى وآهات الثكالى والأيتام سيدفع ثمنها حكام نجد والحجاز وأذنابهم وسيكون الثمن غالياً ، وأن هذه التضحيات لن تزيد الشعب الا إصراراً على بلوغ الحلم المنشود .