Home Articles Orbits تلك الرقصة التي لا يجيدها سواه!!
تلك الرقصة التي لا يجيدها سواه!!
موسى مجرد
موسى مجرد
زهاء خمسة أشهر مضت منذ أنطلقت ثورة الشعب اليمني المباركة وفي كل يوم وكل جمعة تمر من كل أسبوع يضاف إلى سجل إنجازاتها الثورية إنجاز أخر ... حيث تحتشد مئات الألاف من الجماهيرلتصل حتى الملايين في مختلف محافظات الجمهورية تحت راية شعار جديد تدفعها الأرادة الثورية النبيلة , يتجدد فيها الأمــل ويعاد نبض الحلم في قلوبنا المكلومة ليسري ماء الحياة في عروق الثورة من جديد , ويؤكد الشعب مجدداً ألتزامهُ وتظامنهُ وحزنهُ على شهداء الثورة الأبرار كما يجدد فيه الشباب العهد على الوفاء والبقاء حتى النصر والحسم الكامل .
  على الطرف الأخر وتحت ظلال هذه الغيوم البركانية الثورية التي تهب على سهول الوطن وجباله والتي تذر رماد غضبها فوق تلك الرؤوس المنكسة الخانعة زور وبهتان أمام هدير الوطن الثائر حيث لا زلنا نراهم يتقاطرون زرافات وجماعات إلى ميدان السبعين في العاصمة صنعاء في مظاهرات مضاده للثورة مدعومين أمنياً ولوجستياً من قبل النظام مفروضين على أنفسهم بعد أن باعوا نفوسهم الضعيفة وضمائرهم الميتة بثمنٍ بخس أُختيروا وبأنتقائية عالية ، محددي الأوصاف والمعايير يأتون بهم من كافة أنحاء محافظات الجمهورية من أجل أن يرفعوا راية الولاء لشرعيتهم المدفونة وينادون بالبطولة لزعيمهم المُفدى يهتفون ويرددون بأسمهُ وكأن في أذانهم وقرا يهبونهُ الحياة دون أنفسهم وهم الأشبه بالأموات وهو القابع هُناك رهين القصاص السّماوي العادل على فراش الموت ( اللهم لا شماتة في قضاء الله وقدره ) . 
باعوا الولاء والحُب للوطن تلك المحبة الألهية التي زرعها الله فيهم وغرسها في غرائز نفوسهم البشرية وأستبدلوها بحب عاثر لعلي عبدالله صالح وبالولاء لبقاء نظامهُ المستبد الفاسد ......
هذا السقوط المؤسف والمخجل على السواء ممن يسمون أنفسهم بأنصار الشرعية الدستورية سيظل عالق في الذاكرة اليمنية الحديثة أبد الدهر وسيدون قلم التاريخ بمداد الخزي والعار أفعال أولئك المأجورين البقية الباقية ممن نستطيع أن نسميهم برعاع القوم وشذاذ الآفاق وإلى جانبهم تلك الأقلام المأجورة التي تديرها بقية أبواق النظام وزبانيتهُ ممن يخشون ضياع الوجاهة منهم والنفوذ .. 
جميع ما ذُكرت من أولئك الناس صار المرء يحتار اليوم في تفسير أفعالهم وكيفية فهم مشاعرهم وتفسير قراءتهم للشرعية الدستورية حيث وصل الحال بهم أن حب الوطن والحفاظ عليه يعني لديهم هو مواصلة دق طبول التمجيد الزائفة ورفع اليافطات التي تحمل تلك الشعارات الجوفاء وبالمغامرة والمزايدة في دعم بقاء نظام علي صالح غير مدركين بعد أن الشعب اليمني اليوم من رحم معاناتة قد ولد وأكتشف نفسهُ من جديد حيث بداء يّفتح دفاتر التاريخ ويقراء للعالم أجمع صفحات بطولاته الحقيقية , الحضارية الآصيلة المخزونة في ذاكرة الأنسانية منذ الآزل عبرت عنها تلك الملايين الغفيره التي ثارت في كل أرجاء الوطن قاطبة ضد الظلم والأستبداد داعيةً إلى التغيير السلمي لكنهم دون باقي الشعب ظلوا على شاكلة أفعالهم التي سأمتها حبات رمال الوطن الطاهرة التي يدوسونها تحت أقدامهم المتسخة بوحل الزيف والباطل وبالأدعاءات بالوطنية الكاذبة ... 
  ولكوني أحد أبناء هذا الوطن يهمهُ متابعة حقيقة ما يجري حاولت قدر الأمكان تخطي الحيرة من أفعال أولئك المرتزقة والولوج إلى لب السؤال وهو :
 ـ لمــاذا هؤلاء الناس بالذات حريصون على بقاء الزعيم وإبن الزعيم على رأس السلطة ؟
ـ هل يحق لهؤلاء الناس أن يدعون البطولة لهم ولزعيمهم ؟ وهل حقاً علي عبدالله صالح زعيم بطل كما يدعون ؟؟ ...
 لم أجد أي عناء يذكر في الأجابة على هكذا سؤال ؟ :
فمنذ أدركت الوعي وأنا أسمع ( البطولة أو البطل ) كلمة تتردد دوماً عند ذكر أسم الشعب أو الجماهير في هذه المحافظة أو تلك وفي معظم الخطابات السياسية الرسمية وغير الرسمية وكثيراً ما تظل هذه الكلمة هى الأبرز على مسامعنا حتى صرنا نسأل أنفسنا هل فعلاً نحن شعب بطل دون باقي الشعوب الأخرى ؟؟؟ وهل يجب علينا أن نفكر ولو قليلاً بهذا المصطلح الذي ما فتئ يلصقهُ / علي عبدالله صالح بشعبهِ بين الحين والأخر وبين كل مناسبةٍ وأخرى من دون وعي أو إدراك للبقية من حوله ...
 
أجزم قطعاً ـ أنها ظلت محاولةٍ جادة منهُ لأبعاد الشعب اليمني بكل مكوناتة الفكرية والسياسية عن الحالة المأساوية التي يعيشها الناس طيلة سنينٍ وعقود أيام حكمه البائس . وفي حقيقة الأمر أنهُ حين تقرن كلمة البطولة في كل الخطابات وحين يكتب عنها الكثير من المقالات التي تكتب على صفحات الجرائد الصفراء دون تبصر وتفنيد هل هذه الكلمة حقــــاً ؟؟ أم باطلاً ؟؟ أم مدحاً وتزلف ؟؟ أو حين نشاهد ذلك على شاشات قنواتهم العقيمة التي كثيراً ما تكرر بث أوبريتات النفاق والتدليس في مدح أبو أحمد قائدهم البطل مع كثير من الكلمات المشحونة بالعاطفة والبعيدة كل البعد عن الحقيقة والواقع حتى أصبحنا مقتنعين أنها ليست سوى لازمة من لوازم الخطاب الدعائي لبقية أزلام النظام يستخدمونها متى ما أرادوا وكيفما شأوا ؟؟...
   دون أن يسأل أحد منهم نفسه ولو بوخزة ضمير من أين جأوا هؤلاء الناس لزعيمهم بالبطولة والشعب اليمني لم يزل يمتلئ بطوابير الشحاتين وأرتال الفقراء والمعوزين في كل جولة وفي كل ركن طريق !! أليس من المعيب المزري أن يتحدثوا عن الخير والرخاء والحكومة لا تزل تعتمد على المعونات من الدول المانحة الأجنبية ؟ كيف لهم أن يقفوا بوجه ثورة التغيير القائمة ووطننا لا يزل يعد من بلدان الخراب والفقر يعيش أكثر من نصف أهلهُ تحت خط الفقر المدقع ولم تزل الأكواخ والعشش تملاء الجنوب والشمال والشرق والغرب , لم تزل معظم طرقات مُدنهُ متربةٍ ومظلمة لا تصلها أبسط مستلزمات الحياة الضرورية من ماء وكهرباء ... وغيرها , حتى الأرياف لا زالت تفتقر الى ما تفتقر لهُ بلدان أفريقيا الغارقة في مجاهيل الأستواء . من أين أتوا بالبطولة لزعيمهم !! والشعب اليمني قد أعياهُ اللهاث والركض خلف الطوابير من أجل الحصول على قنينة غـــاز يطبخ بها طعام أطفاله ليسد رمق جوعهم .. كيف لهم أن يدعوا كل ذلك والأمية لا زالت تنخر عظامهم والجهل يبرقعهم والخوف ينام إلى جانبهم كل مساء وهم لا يستغنون عن بطولتهم يوماً واحداً...
   أليس منكم أيها المطبلون والمزمرون ممن يستلم المساعدات الغذائية التي تنقش فوق أكياسها عبارة ( مساعدة مملكة الخير هبة خادم الحرمين الشريفين الى الشعب اليمني ) دون أن يذكروا كلمة البطل إمعاناً منهم في إذلالنا وجرح مشاعركم التي ما عادت تشعر بشئ !! عليكم أن تسألوا زعيمكم وأركان نظامه لماذا .. ؟؟ تستلم المساعدات الغذائية وخيرات اليمن ووارداته توزع بين الحروب للمؤسسات الأمنية وشراء صفقات الأسلحة بمليارات الدولارات والهبات والرشاوى التي وصلت الى أقصى الأرض ولم تصل الى فم الجياع من اليمنيين دون وخزة ضمير على بلادنا المسروقة دائماً من أعدائها ومن حكامها على الدوام ....
 
عن أي وطن وعن أي زعيم تتحدثون ؟ عن أي منجزات وبأي بطولات تشمخون ألم تصدمكم رؤية أطفال الشوارع وهم خلفكم يركضون عل واحد منكم يرق قلبه ويشتري لهم قطعة خبز أو علبة كبريت يرجونكم بحرارة أن تفعلوا وحين تقع العين على نظرات البؤس والجوع والحرمان التي تنطق بحسرةٍ وآلم من على وجوههم تلوذ خجلا ًوراء كلماتهم التي تنم عن عوز وإحساسٍ بالمسؤلية قبل آوانها وأنتم ممن يسعون ويدوسون على طفولتهم البريئة بوقوفكم بجانب نظام حرموا وتشردوا في زمانه وفي ظل دولته . أليس من حق هؤلاء اللعب والدراسة وهم لا زالوا في عمر الورود غير ذلك مخجل ومزري وعار على وطنٍ لا يوفر لأطفاله حياة كريمة ومحترمة تحميهم من ذل السؤال وذل العمل المبكر وطن يسرق طفولتهم ويستلبها ويعرضهم لكل أنواع الأستغلال ... 
 
خلاصة القول .... إن سبب ما آل إليه حال هؤلاء الناس هو العهر السياسي الذي ظل يمارس في شعبنا منذ ما ينيف على ثلاثة وثلاثون عام من قبل رئيس ظل يجيد الرقص على رؤوس الثعابين كان قد قالها يوماً تلك الرقصة التي لا يجيدها سواه هى التي جعلت من اليمن وطن الجوع والفقر والتخلف والحرمان وطن تباع فيه العقول وتؤجر عقول القائمين عليه لتستعبد عقل الفرد وتستغلهُ من أجل رفاهيتها وأفقارنا .. وطن أنتشر فيه فساد القلب وفساد العقل وفساد الضمير .. وطن الأنسان فيه الثمن الأبخس تستخدم فيه عمليات الغسل الجماعي للعقل وتتبنى غسلهُ من مبادئ الحق والعدل والقانون والحرية والأختيار وتحولها الى عمليات الطاعة والولاء والأستسلام ، تستلب ما فيها من نقاء وحب وكرامة وتحولها الى دجل ونفاق ومحسوبيات ونفوذ وتبعيات . وطناً أُغرق في الفرقة والتشرذم والأقتتال .. وزرعت فيه كل أنواع الكراهية والحقد في مختلف الوجوه وتنفذهُ موتاً في حق كل معارض ومغاير .. وطناً غسلت فيه من العيون قدرتها على قراءة ورؤية الجمال والتمتع به وصناعتهُ والتفنن به وتحولها الى صناعة البشاعة وتغرس فيها لونٍ واحد هو لون علي عبدالله صالح الذي يميل للسواد ويتقلب بين الرمادي والترابي حسب فصول العهر السياسي لديه  .


موسى مجرد
كاتب يمني / أمريكا
[email protected]